تحظى الدورات الأولمبيةالحديثة بجماهيرية لا مثيل لها بين شعوب العالم أجمع. ووصفها ” كوبرتان” بأنها مهرجان عالمي للشباب. يلتقي فيه شباب العالم في منافسات شريفة تسود فيها الروح الأولمبية، وتجمعهم مائدة واحدة يطلق عليها القريةالأولمبية، فيتنافسون ويتصادقون على الرغم من اختلافهم في اللغة والبيئة مما يدل على أن العالم يستطيع العيش في سلام ومحبة، وأن الخير في النفوس البشرية أقوى من الشر. ويقام المهرجان الأولمبي مرة كل أربع سنوات، وتتجه إليه الأنظار من كل حدب وصوب من شتى أنحاءالمعمورة. ويقول المتطرفون في أحلامهم الوردية، إن أكثر هذه الأحلام جموحاً يتصاعد إلى حد تحقيق “الوحدة العالمية” بين أبناء آدم بعد تخطي أصعب الموانع، وهي “القومية” والتعصب الشديد لها.
وكان “كوبرتان” يعتقد بأن الدورات الأولمبية يمكنها أن تفرزالسلام العالمي بين شعوب المعمورة. فتسري المحبة والألفة في قلوبهم، وينسون الأحقاد والكراهية التي زرعتها الحروب.
وتعتبر الدورات الأولمبية أهم المسابقات الرياضية العالمية على الإطلاق، فهي الأهم، والأكبر، والأعم، قديماً وحديثاً،انبثقت منها العديد من البطولات العالمية، مثل بطولة كأس العالم لكرة القدم عام 1930م، وبطولة العالم لألعاب القوى عام 1983م.
واستمرت فترة التوقف للدورات الأولمبية نحو 1502عام.إلى أن ظهر النبيل الفرنسي ” كوبرتان” الذي قاده علم التاريخ الذي تخصص فيه، بجانب التربيةالبدنية وعلم النفس إلى عشق التراث الأولمبي، وما يحمله من معانٍ إنسانية وأهدافٍ نبيلة، فدفعه ذلك العشق للنهوض بالدورات الأولمبية من جديد، فظل يكافح ويناضل إلى أن حالفه الحظ في المؤتمر الحاسم للدورات الأولمبيةعام 1894م
وسلَّط في هذا الموضع الأضواء على الدورات الأولمبيةالحديثة. وكذلك المحاولات التي سبقت البارون الفرنسي كوبرتان لإقامة دورات أولمبية في أثينا مهد الدورات الأولمبية القديمة، وإلحاح الفكرة الأولمبية وسيطرتها على البارون وجهاده من أجل النهوض بها من جديد. والمؤتمر الحاسم للدورات الأولمبية وتأسيس أول لجنة أولمبية دولية حديثة، وأول لجنة للإشراف على دورة أثينا أولى الدورات الأولمبيةالحديثة، والعقبات الاقتصادية التي واجهت الدورة الأولى والتغلب عليها عن طريق التبرعات، ومحاولة ملك اليونان “جورج الأول”، تثبيت الدورات الأولمبية في أثينا عاصمة اليونان بإيعاز من أثرياء اليونان وأصدقاء ” زاباس”، الذين ساهموا في تكاليف الدورةالأولمبية، وإصرار البارون على جعلها عالمية.