سورة آل عمران تفسير ابن كثير الآية 120
إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌۭ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌۭ يَفْرَحُواْ بِهَا ۖ وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْـًٔا ۗ إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌۭ ﴿١٢٠﴾

سورة آل عمران تفسير ابن كثير

قَالَ تَعَالَى " إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَة تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَة يَفْرَحُوا بِهَا " وَهَذِهِ الْحَال دَالَّة عَلَى شِدَّة الْعَدَاوَة مِنْهُمْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَهُوَ أَنَّهُ إِذَا أَصَابَ الْمُؤْمِنِينَ خَصْب وَنَصْر وَتَأْيِيد وَكَثُرُوا وَعَزَّ أَنْصَارهمْ سَاءَ ذَلِكَ الْمُنَافِقِينَ وَإِنْ أَصَابَ الْمُسْلِمِينَ سَنَة أَيْ جَدْب أَوْ أُدِيلَ عَلَيْهِمْ الْأَعْدَاء لِمَا لِلَّهِ تَعَالَى فِي ذَلِكَ مِنْ الْحِكْمَة كَمَا جَرَى يَوْم أُحُد - فَرِحَ الْمُنَافِقُونَ بِذَلِكَ قَالَ اللَّه تَعَالَى مُخَاطِبًا الْمُؤْمِنِينَ : " وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرّكُمْ كَيْدهمْ شَيْئًا " الْآيَة يُرْشِدهُمْ تَعَالَى إِلَى السَّلَامَة مِنْ شَرّ الْأَشْرَار وَكَيْد الْفُجَّار بِاسْتِعْمَالِ الصَّبْر وَالتَّقْوَى وَالتَّوَكُّل عَلَى اللَّه الَّذِي هُوَ مُحِيط بِأَعْدَائِهِمْ فَلَا حَوْل وَلَا قُوَّة لَهُمْ إِلَّا بِهِ وَهُوَ الَّذِي مَا شَاءَ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ وَلَا يَقَع فِي الْوُجُود شَيْء إِلَّا بِتَقْدِيرِهِ وَمَشِيئَته وَمَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْهِ كَفَاهُ . ثُمَّ شَرَعَ تَعَالَى فِي ذِكْر قِصَّة أُحُد وَمَا كَانَ فِيهَا مِنْ الِاخْتِبَار لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ وَالتَّمْيِيز بَيْن الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَبَيَان الصَّابِرِينَ فَقَالَ تَعَالَى .