النتائج 1 إلى 9 من 9

الموضوع: قصة عجيبـــة لتوأمين..!!

  1. #1
    الصورة الرمزية العنود
    Title
    نبض جديــد
    تاريخ التسجيل
    06- 2003
    المشاركات
    24

    قصة عجيبـــة لتوأمين..!!

    بدت أختي شاحبة الوجه نحيلة الجسم.. ولكنها كعادتها تقرأ القرآن الكريم..
    تبحث عنها تجدها في مصلاها.. راكعة ساجدة رافعة يديها إلى السماء..هكذا في الصباح وفي المساء وفي جوف الليل لا تقتر ولا تمل..
    كنت أحرص على قراءة المجلات الفنية والكب ذات الطابع القصصي.. أشاهد الفيديو بكثرة لدرجة أنني عرفت به.. ومن أكثر من شيء عرف به.. لا أؤدّي واجباتي كاملة ولست منضبطة في صلواتي..
    بعد أن أغلقت جهاز الفيديو وقد شاهدت أفلاماً متنوعة لمدة ثلاث ساعات متواصلة.. هاهو الآذان يرتفع من المسجد المجاور..
    عدت إلى فراشي..
    تناديني من مصلاها.. نعم ماذا تريدين يا نورة؟
    قالت لي بنبرة حادة: لا تنامي قبل أن تصلي الفجر..
    أوه.. بقي ساعة على آذان الفجر وما سمعتيه هو الآذان الأول..
    بنبرتها الحنونة- هكذا هي حتى قبل أن يصيبها المرض الخبيث وتسقط طريحة الفراش.. نادتني.. تعالي يا هناء بجانبي..
    لا أستطيع إطلاقاً رد طلبها.. تشعر بصفائها وصدقها.. لا شك طائعاً ستلبي..
    ماذا تريدين..؟
    اجلسي..
    ها قد جلست ماذا لديك..
    بصوت عذب رخيم: ( كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة) ..
    سكتت برهة .. ثم سألتني..
    ألم تؤمني بالموت؟
    بلى مؤمنة..
    ألم ت}مني بأنك ستحاسبين على كل صغيرة وكبيرة..
    بلى.. ولكن الله غفور رحيم.. والعمر طويل..
    يا أختي.. ألا تخافين من الموت وبغتته..
    انظري هند أصغر منك وتوفيت في حادث سيارة.. وفلانة.. وفلانة.. وفلانة..
    الموت لا يعرف العمر.ز وليس مقياساً له..
    أجبتها بصوت الخائف حيث مصلاها المظلم..
    إنني أخاف من الظلام وأخفتيني من الموت.. كيف أنام الآن.. كنت أظن أنك وافقت للسفر معنا هذه الإجازة..
    فجأة.. تحشرج صوتها واهتز قلبي..
    لعلي هذه السنة أسافر سفراً بعيدا.. إلى مكان آخر.. ربما يا هناء.. الأعمار بيد الله.. وانفجرت بالبكاء..
    تفكرت في مرضها الخبيث وأن الأطباء أخبروا أبي سرّاً أن المرض ربما لن يمهلها طويلاً.. ولكن من أخبرها بذلك.. أم أنها تتوقع هذا الشيء..
    مالك تفكرين؟ جاءني صوتها القوي هذه المرة..؟
    هل تعتقدين أني أقول هذا لأني مريضة؟
    كلا.. ربما أكون أطول عمراً من الأصحاء..
    وأنت إلى متى ستعيشين.. ربما عشرون سنة.. ربما أربعون.. ثم ماذا.. لمعت يدها في الظلام ثم هزتها بقوة..
    لا فرق بيننا كلنا سنرحل وسنغادر هذه الدنيا إما إلى جنة وإما إلى نار.. ألم تسمعي قول الله ( فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز ) ؟
    تصبحين على خير..
    هرولت مسرعة وصوتها يطرق أذني.. هداك الله.. لاتنسي الصلاة..
    الثامنة صباحاً..
    أسمع طرقاً على الباب.. هذا ليس موعد استيقاظي.. بكاء.. وأصوات.. يا إلهي.. ماذا جرى..
    لقد تردت حالة نورة.. وذهب بها أبي إلى المستشفى.. إنا لله وإنا إليه راجعون..
    لا سفر هذه السنة..مكتوب عليّ البقاء هذه السنة في بيتنا.
    بعد انتظار طويل..
    عند الساعة الواحدة ظهراً.. هاتفنا أبي من لمستشفى.. تستطيعون زيارتها الآن هيا بسرعة..
    أخبرتني أمي أن حديث أبي غير مطمئن وأن صوته متغير..
    عباءتي في يدي.. أين السائق.. ركبنا على عجل.. أين الطريق الذي كنت اذهب لأتمشى مع السائق فيه يبدو قصيراً.. ماله اليوم طويل.. وطويل جداً.. أين الزحام المحبب إلى نفسي كي التفت يمنة ويسرة.. زحام أصبح قاتلاً ومملاً..
    أمي بجواري تدعو لها.. إنها بنت صالحة ومطيعة لم أرها تضيع وقتها أبداً..
    دلفنا من الباب الخارجي للمستشفى..
    هذا مريض يتأوه.. وهذا مصاب بحادث سيارة.. وثالث عيناه غائرتان.. لا تدري هل هو من اهل الدنيا أم من أهل الآخرة..
    منظر عجيب لم أره من قبل..
    صعدنا درجات السلم بسرعة..
    إنها في غرفة العناية المركزة.. وسآخذكم إليها.. ثم واصلت الممرضة إنها بنت طيبة وطمأنت امي أنها في تحسن بعد الغيبوبة التي حصلت لها..ممنوع الدخول لأكثر من شخص واحد..
    هذه هي غرفة العناية المركزة..
    وسط زحام الأطباء وعبر النافذة الصغيرة التي في باب الغرفة أرى عيني أختي نورة تنظر إلي و أمي واقفة بجوارها.. بعد دقيقتين خرجت أمي التي لم تستطع إخفاء دموعها..
    سمحوا لي بالدخول والسلام عليها بشرط أن لا أتحدث معها كثيراً.. دقيقتين كافية لك..
    كيف حالك يا نورة..؟
    لقد كنت بخير مساء البارحة .. ماذا جرى لك..؟
    أجابتني بعد أن ضغطت على يدي: وأنا الآن ولله الحمد بخير..
    والحمد لله ولكن يدك باردة..
    كنت جالسة على حافة السرير ولامست ساقها.. أبعدته عني.. آسفة إذا ضايقتك.. كلا ولكني تفكرت في قول الله تعالى: ( والتفت الساق بالساق إلى ربك يومئذ المساق ) عليك يا هناء بالدعاء لي فربما استقبل عن قريب أول أيام الآخرة..
    سفري بعيد وزادي قليل..
    سقطت دمعة من عيني بعد أن سمعت ما قالت وبكيت.. لم أعي أين أنا..
    استمرت عيناي في البكاء.. أصبح أبي خائفاً عليّ أكثر من نورة.. لم يتعودوا هذا البكاء والانطواء في غرفتي..
    • مع غروب شمس ذلك اليوم الحزين..
    ساد صمت طويل في بيتنا..
    دخلت عليّ ابنة خالتي.. ابنة عمتي..
    أحداث سريعة..
    كثر القادمون.. اختلطت الأصوات.. شيء واحد عرفته ..
    نورة ماتت.
    لم أعد أميز من جاء.. ولا اعرف ماذا قالوا..
    يا الله.. أين أنا وماذا يجري.. عجزت حتى عن البكاء.. فيما بعد أخبروني أن أبي أخذ بيدي لوداع أختي الوداع الأخير.. وأني قبلتها.. لم أعد أتذكر إلا شيئاً واحداً.. حين نظرت إليها مسجاه.. على فراش الموت.. تذكرت قولها ( والتفت الساق بالساق ) عرفت حقيقة أن ( إلى ربك يومئذ المساق )
    لم أعرف أنني عدت إلى مصلاها إلا تلك الليلة..
    وحينها تذكرت من قاسمتني رحم أمي فنحن توأمين.. تذكرت من شاركتني همومي.. تذكرت من نفّست عني كربتي.. من دعت لي بالهداية.. من ذرفت دموعها ليالي طويلة.. وهي تحدثني عن الموت والحساب.. الله المستعان..
    هذه أول ليلة لها في قربها.. اللهم ارحمها ونور لها قبرها.. هذا هو مصحفها.. وهذه سجادتها.. وهذا.. وهذا.. بل وهذا هو الفستان الوردي الذي قالت لي سأخبئه لزواجي..
    تذكرتها وبكيت على أيامي الضائعة.. وبكيت بكاء متواصلاً ..
    ودعوت الله أن يرحمني ويتوب عليّ ويعفو عني.. دعوت الله أن يثبتها في قبرها كما كانت تحب أن تدعو..
    * فجأة سألت نفسي ماذا لو كانت الميتة أنا؟ ما مصيري..؟
    لم أبحث عن الإجابة من الخوف الذي أصابني .. وبكيت بحرقة..
    الله أكبر .. الله أكبر.. ها هو آذان الفجر قد ارتفع.. ولكن ما أعذبه هذه المرة..
    أحسست بطمأنينة وراحة وأنا أردد ما يقوله المؤذن.. لفلفت ردائي وقمت واقفة أصلي صلاة الفجر.. صليت صلاة مودع.. كما صلتها أختي من قبل وكانت آخر صلاة لها..
    إذا أصبحت لا تنتظر المساء..
    وإذا أمسيت لا تنتظر الصباح...

    انتهت القصة.. فالله الله بالتوبة الصادقة.. والعودة إلى الله..
    فوالله لن يخيبنا الله ما دمنا إلتجــأنا إليه وطـرقنا إليه..

    هذه القصة من كتاب ( الزمن القادم ) للأخ الفاضل: عبد الملك القاسم


    وتقبلوا تحياتي،،

  2. #2
    الصورة الرمزية الإمبراطور
    Title
    عضو شرف
    تاريخ التسجيل
    06- 2002
    المشاركات
    2,395

    Re: قصة عجيبـــة لتوأمين..!!

    أسأل الله الهدايه ,,,,,,

    العنود ....
    أختيار موفق ..... وإلى الامام

    تحياتي

  3. #3
    الصورة الرمزية عاشق السمراء
    Title
    "رجل عادي جدا"
    تاريخ التسجيل
    05- 2002
    المشاركات
    21,307

    Re: قصة عجيبـــة لتوأمين..!!

    جميلة بكل ما فيها من احداث هذه القصة ......!!


    رحم الله نورة ورحم الله جميع المسلمين والمسلمات .. !!



    شكرا لك العنود على هالقصة المعبرة والتي تحدثت عن ان الموت قدرنا ويجب الاستعداد له .. !!

  4. #4
    الصورة الرمزية العنود
    Title
    نبض جديــد
    تاريخ التسجيل
    06- 2003
    المشاركات
    24
    الامبراطور عاشق السمراء مشكووووورين على الرد وجزاكم الله الف خير

  5. #5
    الصورة الرمزية سأظل أحبك
    Title
    نبض مبــدع
    تاريخ التسجيل
    05- 2002
    المشاركات
    1,723
    فعلا قصة تؤخذ منها العبرة ..

    شكرا لك .. العنود !!

  6. #6
    الصورة الرمزية العنود
    Title
    نبض جديــد
    تاريخ التسجيل
    06- 2003
    المشاركات
    24
    land of sorrow
    لا شكر على واجب

  7. #7
    فعلا اختيار موفق في نقلك لنا هذه القصة عنود .. بس اتمنى فعلا ان نقراء قصة قد خرجت من عقلك بتوقيع من قلمك .. شكرا لك للمرة الثانية

  8. #8
    الصورة الرمزية حـــور
    Title
    نبض كاتـــب
    تاريخ التسجيل
    04- 2003
    المشاركات
    1,040
    مشكوره على هذه القصه الرئعه اختي

  9. #9
    الصورة الرمزية لؤلؤه الشرق
    Title
    نبض كاتب
    تاريخ التسجيل
    10- 2002
    العمر
    40
    المشاركات
    548
    شكرا عزيزتي العنود على القصه المؤثرة
    واسأل الله سبحانه وتعالى ان يثبت قلوبنا على الايمان

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML