اذا اقبل




كان صلى الله عليه وسلم إذا أقبل رمضان يقول: "أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرُ بَرَكَةٍ، فِيهِ خَيْرٌ يَغْشَاكُمُ اللهُ فَيُنْزِلُ الرَّحْمَةَ وَيَحُطُّ فِيهَا الْخَطَايَا وَيُسْتَحَبُّ فِيهَا الدَّعْوَةُ يَنْظُرُ اللهُ إِلَى تَنَافُسِكُمْ وَيُبَاهِيكُمْ بِمَلَائِكَةٍ فَأَرُوا اللهَ مِنْ أَنْفُسَكُمْ خَيْرًا فَإِنَّ الشَّقِيَّ كُلَّ الشَّقِيِّ مَنْ حُرِمَ فِيهِ رَحْمَةَ الله" (حديث صحيح)



حين يحل شهر رمضان المبارك يظهر المسلمون على حقيقتهم فهو امتحان واختبار لإيمان المؤمنين ويقين الصادقين وصدق العاملين للإسلام



وقد تحدَّث العلماء والفقهاء ورجال الدعوة الإسلامية في هذه الجوانب وأفاضوا فيها فهو مرآة عملية تكشف عن الحقائق وتظهر الغث من السمين



شهر رمضان ابتلاء لنا ودليل على مدى إيماننا وصدقنا مع أنفسنا ويظهر به مدى استجابتنا وانشراح صدورنا وفرحتنا بهذه المنحة الربانية التي أعطاها الله لنا وهو يكشف عن مدى إيماننا الحقيقي بالغيب وصدق الله العظيم حين يقول في سورة البقرة: (ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاة وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالآخرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (5) (البقرة)))



أيها المسلمون



لقد هانت وذلت حياة يحجب المرء فيها عن ربه (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ) (الأنفال: من الآية 42 )



أيها المسلمون: هذا ميدان السباق هذا ميدان الفلاح ثلاثون يومًا بلياليها ماذا أنتم صانعون فيها؟


هل ستجلسون أمام التلفاز وتحصون المسلسلات وتخرجون من رمضان كما دخلتم إليه أم أنكم ستقبلون على ربكم إقبال العبد على مولاه الراجي لرحمته والمحتاج إليه الذي يقف ببابه ويطرقه ويديم الطرق ويبكي ويطيل البكاء فهو ساجد قائم وهو خائف من ربه وجِلٌ بين يديه دموع الندم على ما مضى من الذنوب؟


لقد قال ربنا العلي القدير: (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً (93) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً (94) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً (95) (مريم)))



دع اللاهين والغافلين والضائعين في غيِّهم سادرين واغتنم أنت هذه الفرصة التي أتاحها الحق تبارك وتعالى لك ماذا يملك لك الناس في الدنيا والآخرة؟ وماذا يقدمون ويؤخرون؟


لا يملكون شيئًا



أُذكر دائمًا أن الله مطلعٌ عليك وناظرٌ إليك وهو يعلم السر وأخفى وأنه فتح لك الباب لتؤوب إليه وتعود إليه فأنت في الليل عابد ساجد قائم وفي النهار صائم صامت إلا من ذكر الله ومن تلاوة قرآنه.


ربما لا يعود رمضان بالنسبة لك أبدًا وقد تفارق الدنيا وتصبح من أهل الآخرة وكان رسولنا صلى الله عليه وسلم إذا جاء رمضان استيقظ وشد المئزر واجتهد في العبادة وأيقظ أهله



أين نحن من هذه الفيوضات الربانية؟



لماذا غابت عن بعضنا؟



لماذا نسيناها وتجاهلناها؟



إن أعداء الإسلام أعداء البشرية قد تسابقوا في هذا الزمن في سبيل أن ينسى المسلمون رسالتهم وأن يقعدوا عن تلبية نداء ربهم وأن يسلكوا طريقًا بعيدًا عن طريق المهتدين وأن يكون هذا البعض صورة مزرية في تركهم الحق وجريهم وراء التفاهات وقعودهم عن القربات



أين القرآن في رمضان؟


هل المصحف في يديك؟


هل توضأت وتطهرت قبل أن تقترب منه؟


وهل استقبلت القبلة خاشعًا عابدًا تتلو القرآن وتذكر أمجادنا وماضينا وحاضرنا وما صرنا إليه؟


وهل اهتممت بإخوانك؟



الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "مَنْ لَمْ يَهْتَمَّ بِأَمْرِ الْمُسْلِمِينَ فَلَيْسَ مِنْهُمْ



إن لنا سلاحًا لا يَفَلُّ أبدًا ولا تنال منه الأيام والليالي وسلاحنا هو الحق الذي قامت عليه السموات والأرض والحق تبارك وتعالى يقول: (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ) (الأنبياء: من الآية 18 ))