صفحة 4 من 6 الأولىالأولى ... 23456 الأخيرةالأخيرة
النتائج 31 إلى 40 من 51

الموضوع: الآحاديث الآربعين النوويه _ مع الشرح والفوائد بإذن الله

  1. #31
    الصورة الرمزية حبيبها انا قبلك
    Title
    نبض نشيـط
    تاريخ التسجيل
    05- 2011
    المشاركات
    478

    رد: الآحاديث الآربعين النوويه _ مع الشرح والفوائد بإذن الله

    الحـــديث " التـاسع والعشرون "



    (عَن مُعَاذ بن جَبَلٍ رضي الله عنه قَالَ: قُلتُ يَا رَسُولَ الله أَخبِرنِي بِعَمَلٍٍ يُدخِلُني الجَنَّةَ وَيُبَاعدني منٍ النار قَالَ:
    (لَقَدْ سَأَلْتَ عَنْ عَظِيْمٍ وَإِنَّهُ لَيَسِيْرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ: تَعْبُدُ اللهَ لاَتُشْرِكُ بِهِ شَيْئَا، وَتُقِيْمُ الصَّلاة، وَتُؤتِي الزَّكَاة، وَتَصُومُ رَمَضَانَ، وَتَحُجُّ البَيْتَ.
    ثُمَّ قَالَ: أَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى أَبْوَابِ الخَيْرِ:
    الصَّوْمُ جُنَّةٌ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الخَطِيْئَةَ كَمَا يُطْفِئُ المَاءُ النَّارَ، وَصَلاةُ الرَّجُلِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ ثُمَّ تَلا :

    (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ) حَتَّى بَلَغَ: (يَعْلَمُونْ)
    [السجدة:16-17]
    ثُمَّ قَالَ: أَلا أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الأَمْرِ وَعَمُودِهِ وَذِرْوَةِ سَنَامِهِ ؟
    قُلْتُ: بَلَى يَارَسُولَ اللهِ،
    قَالَ: رَأْسُ الأَمْرِ الإِسْلامُ وَعَمُودُهُ الصَّلاةُ وَذروَةُ سَنَامِهِ الجِهَادُ
    ثُمَّ قَالَ: أَلا أُخبِرُكَ بِملاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ ؟
    قُلْتُ:بَلَى يَارَسُولَ اللهِ.
    فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ وَقَالَ: كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا.
    قُلْتُ يَانَبِيَّ اللهِ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ ؟
    فَقَالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَامُعَاذُ. وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ
    أَو قَالَ: عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلسِنَتِهِمْ) . )

    رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.




    معنى الحديث :

    يمثّل لنا هذا الحديث هِمَمُ الصحابة العالية رضي الله عنهم وأرضاهم ،
    فلم يقل الصحابي هنا : أخبرني بعمل أكسب فيه العشرة عشرين أو ثلاثين أو ما أشبه بذلك ،
    بل قال: " أَخبِرنِي بِعَمَلٍٍ يُدخِلُني الجَنَّةَ وَيُبَاعدني من النارَ ... "أي يكون سبباً لدخول الجنة والبعد عن النار .

    فقال النبي صلى الله عليه وسلملَقَد سَأَلتَ عَنْ عَظيمٍ: أي والله عظيم، هذه هي الحياة،
    أن تدخل الجنة وتبتعد عن النار، هذا هو الفوز والفلاح، قال الله عزّ وجل:
    ( فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ) (آل عمران: الآية185)
    ولهذا وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بأنه عظيم، ولكن الحمد لله،،،

    وَإِنهُ ليَسيرٌ عَلى مِنْ يَسرَهُ اللهُ عَلَيه : - اللهم يسره علينا يا رب العالمين -
    وصدق النبي صلى الله عليه وسلم فإن الدين الإسلامي مبني على اليسر،
    قال الله تعالىيُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ )(البقرة: الآية185)
    ومبني على السمح قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه وهو يبعثهم إلى الجهات:
    "يَسِّروا ولا تُعَسِّروا، بَشِّروا وَلاَ تُنَفِّروا"، "فَإِنَمَا بُعِثتُم مُيَسِّرين وَلَم تُبعَثوا مُعَسِّرين"
    وقال صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ هذا الدينُ يُسر، وَلَن يُشَاد الدينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ"
    فهو يسير لكن لمن يسره الله عليه، ثم شرح ذلك فقال:




    تَعبُدَ اللهَ: بمعنى تتذلل له بالعبادة حباً وتعظيماً، مأخوذ من قولهم:
    طريق معبد أي ممهد ومهيأ للسير عليه، لا تعبد الله وأنت تعتقد أن
    لك الفضل على الله، فتكون كمن قال الله فيهم
    (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ)(الحجرات: الآية17)

    هذا وهم لم يمنوا على الله تعالى، بل على الرسول صلى الله عليه وسلم فقط،
    اعبد الله تعالى تذللاً له ومحبة وتعظيماً، فبالمحبة تفعل الطاعات، وبالتعظيم تترك المعاصي.

    لا تُشرِك بِهِ شيئاً: أي شي يكون حتى الأنبياء، بل الأنبياء ما جاؤوا إلا لمحاربة الشرك،
    فلا تشرك به شيئاً لا ملكاً مقرباً،ولا نبياً مرسلاً، والعبادة لها شروط نذكرها إن شاء الله في الفوائد.

    قال: وَتُقيم الصَلاةَ، وَتُؤتي الزكَاةَ، وَتَصوم رَمَضَانَ،وَتَحُج البَيتَ:هذه أركان الإسلام الخمسة ، وقد مرت في الأحاديث السابقة .


    ثم قال: أَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى أَبوَابِ الخَيرِ: أبواب أي مسائل،
    وأبواب تستعمل في الباب الذي يفتح للداخل والخارج،وتستعمل في المسائل، ومن هذا قول العلماء في مؤلفاتهم:
    هذا الباب في كذا وكذا. وقول المحدثين: لا يصح في هذا الباب شيء،
    أي لا يصح في هذه المسألة شيء.

    فقوله: " أَبوَابِ الخَيرِ" أي مسائل الخير، ويجوز أن يكون
    المراد به الباب المعروف الذي يكون منه الدخول والخروج.

    "أَلا أَدُلُّكَ عَلَى أَبوَابِ الخَيرِ" والجواب: بلى، لكن حذف للعلم به،
    لأنه لابد أن يكون الجواب بلى.

    قال: الصَّومُ جنةٌ:أي مانع يمنع صاحبه في الدنيا ويمنع صاحبه في الآخرة.

    أما في الدنيا فإنه يمنع صاحبه من تناول الشهوات الممنوعة في الصوم،
    ولهذا يُنهى الصائم أن يقابل من اعتدى عليه بمثل ما اعتدى عليه،
    حتى إنه إذا سابه أحد أو شاتمه يقول: إني صائم.

    وأما في الآخرة فهو جُنَّةٌ من النار، يقيك من النار يوم القيامة.

    والصوم: التعبد لله تعالى بالإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.

    وَالصَّدَقَة تُطفِىء الخَطيئَة كَمَا يُطفِىء المَاءُ النَّارَ:الصدقة مطلقا
    ً سواء الزكاة الواجبة أو التطوع،و سواء كانت قليلة أو كثيرة.

    تُطفِىء الخَطيئَة :أي خطيئة بني آدم، وهي المعاصي.

    كَمَا يُطفِىء المَاءُ النَّارَ :والماء يطفىء النار بدون تردد،
    فشبه النبي صلى الله عليه وسلم الأمر المعنوي بالأمر الحسي.

    وَصَلاةُ الرّجُل في جَوفِ اللَّيلِ:هذه معطوفة على قوله "الصدقة"
    أي وصلاة الرجل في جوف الليل تطفىء الخطيئة، وجوف الليل وسطه كجوف الإنسان.

    ثم تلا صلى الله عليه وسلم :
    (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ *
    فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ* ) [السجدة:16-17]

    تلا أي قرأ (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ) هذا في وصف المؤمنين،
    أي أنهم لا ينامون (يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً) إن ذكروا ذنوبهم خافوا،
    وإن ذكروا فضل الله طمعوا، فهم بين الخوف و الرجاء،
    (وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ) ( من ) هنا إما أن تكون للتبعيض والمعنى ينفقون بعضها،
    أوتكون للبيان،والمعنى ينفقون مما رزقهم الله عزّ وجل قليلاً كان أو كثيراً
    (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (السجدة:17) ،
    استشهد النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الآية على فضيلة قيام الليل،

    ثم قال: أَلاَ أُخبِرُكَ بِرَأَسِ الأَمرِ،وَعَمودِهِ،وذِروَةِ سِنَامِهِ :ثلاثة أشياء:

    قُلتُ: بَلَى يَا رَسُولَ الله، قَالَ: رَأَسُ الأَمرِ الإِسلام :أمر الإنسان الذي من أجله خُلِقَ،
    رأسه الإسلام ، أي أن يسلم لله تعالى ظاهراً وباطناً بقلبه وجوارحه.

    وَعَمودِهِ الصلاة: أي عمود الإسلام الصلوات ،والمراد بها الصلوات الخمس،
    وعمود الخيمة ما تقوم عليه، وإذا أزيل سقطت.

    وَذِروَةِ سِنَامِهِ الجِهَاد في سَبيلِ الله:ذكر الجهاد أنه ذروة السنام،لأن الذروة أعلى شيء ،
    وبالجهاد يعلو الإسلام ، فجعله ذروة سنام الأمر، قال الله تعالى:
    (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (آل عمران:139)

    وقال عزّ وجل: (فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ) (محمد:35)

    وقوله: الجهاد يعني في سبيل الله عزّ وجل والجهاد في سبيل الله
    بينه النبي صلى الله عليه وسلم أتم بيان، فقد سئل عن الرجل يقاتل حمية،
    ويقاتل شجاعة، ويقاتل ليرى مكانه، أي ذلك في سبيل الله؟
    فقال: "مَن قَاتَلَ لِتَكونَ كَلِمَةُ اللهِ هي العُليَا فَهوَ في سَبيلِ اللهِ"
    فهو لم يجب عن الثلاثة التي سئل عنها بل ذكر عبارة عامة،
    فقال:"مَن قَاتَلَ لِتَكونَ كَلِمَةُاللهِ هي العُليَا فَهوَ في سَبيلِ اللهِ"

    و الجهاد له مفهومان : مفهوم خاص هو بذل الجهد في قتال الكفار ومفهوم عام هو
    بذل الجهد في طاعة الله عز وجل وترك معصيته .

    ثم قال: أَلاَ أُخبِرُكَ بِمَلاك ذَلكَ كُله: ملاك الشيء ما يملك به، والمعنى ما تملك به كل هذا .

    قُلتُ:بَلَى يَا رَسُول الله، قَالَ: فَأَخذ بِلِسانِهِ وَقَالَ: كُفَّ عَليكَ هَذا
    أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بلسان نفسه وقال: "كُفَّ عَليكَ هَذا"
    أي لاتطلقه في القيل والقال، وقد تقدم قوله:
    "مَنْ كَانَ يُؤمِنُ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ فَليَقُل خَيرَاً أَو ليَصمُت" فلا تتكلم إلا بخير.

    قُلتُ: يَا نَبيَّ الله وَإِنَّا لَمؤاخِذونَ بِما نَتَكَلّم بِه: الجملة خبرية لكنها استفهامية
    والمعنى:أإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ يعني أن معاذاً رضي الله عنه تعجب
    كيف يؤاخذ الإنسان بما يتكلم به.

    فقال النبي صلى الله عليه وسلم حثاً على أن يفهم: ثَكِلَتكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذ أي فقدتك،
    وهذه الكلمة يقولها العرب للإغراء والحث،ولا يقصدون بها المعنى الظاهر،
    وهو أن تفقده أمه، لكن المقصود بها الحث والإغراء.

    وقال بعض العلماء: إن هذه الجملة على تقدير شرط والمعنى:
    ثكلتك أمك يا معاذ إن لم تكف لسانك، ولكن المعنى الأول أوضح وأظهر،
    وأنها تدل على الإغراء والحث ، ولهذا خاطبه بالنداء فقال : يا معاذ.

    وَهَل يَكُبُّ النَّاسَ في النارِ عَلى وجُوهِهم، أَو قَالَ: عَلَى منَاخِرهِم

    هذا شك من الراوي إِلا حَصائدُ أَلسِنَتِهم أي ما يحصدون بألسنتهم من الأقوال.

    لما قال هذا الكلام اقتنع معاذ رضي الله عنه وعرف أن ملاك الأمر كف اللسان،
    لأن اللسان قد يقول الشرك، وقد يقول الكفر، وقد يقول الفحشاء، فهو ليس له حد.


  2. #32
    الصورة الرمزية حبيبها انا قبلك
    Title
    نبض نشيـط
    تاريخ التسجيل
    05- 2011
    المشاركات
    478

    رد: الآحاديث الآربعين النوويه _ مع الشرح والفوائد بإذن الله

    من فــــوائــــد الحديــــث :

    1- حرص الصحابة رضي الله عنهم على العلم، ولهذا يكثر منهم سؤال
    النبي صلى الله عليه وسلم عن العلم .

    ولكن هل سؤالهم رضي الله عنهم لمجرد أن يعلموا بالحكم، أولأجل أن يطبقوه؟

    الجواب: الثاني، عكس ما يفعله بعض الناس اليوم ،حيث يسأل ليعرف الحكم فقط،
    ثم هو بالخيار إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل، وهذا غلط،بل اجعل غايتك من العلم
    العمل به دون الاطلاع على أقوال الناس.

    ولهذا تجد بعض الناس يسأل هذا العالم وبعد أن يعرف ما عنده، يذهب يسأل عالماً
    آخراً وثالثاً ورابعاً، لأنه لايريد العمل بالعلم،بل يريد الاطلاع فقط، وهذا غلط،
    لا تسأل عن العلم إلا لهدف واحد وهو العمل

    2- علو همة معاذ بن جبل رضي الله عنه حيث لم يسأل عن أمور الدنيا،
    بل عن أمور الآخرة،حيث قال: "أَخْبِرنِي عَنْ عَمَلٍ يُدخِلُني الجَنَّةَ ويُبَاعِدُنِي مِنَ النَّار"
    وجدير به رضي الله عنه أن يكون بهذه المنزلة العالية،
    لأنه أحد فقهاء الصحابة رضي الله عنهم، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه إلى
    اليمن داعياً ومفتياً وحاكماً، فهو رضي الله عنه من أفقه الصحابة.

    3 - إثبات الجنة والنار، والإيمان بهما أحد أركان الإيمان الستة كما سبق.

    4 - أن العمل يدخل الجنة ويباعد عن النار، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقره على هذا.

    5 - أن هذا السؤال الذي صدر من معاذ رضي الله عنه سؤال عظيم،
    لأنه في الحقيقة هو سر الحياة والوجود، فكل موجود في هذه الدنيا
    من بني آدم أو من الجنّ غايته إما الجنة وإما النار،
    فلذلك كان هذا السؤال عظيماً.

    6 - أن هذا وإن كان عظيماً فهو يسير على من يسره الله عليه.

    7 - أنه ينبغي للإنسان أن يسأل الله تعالى التيسير، أن ييسر أموره في دينه ودنياه،
    لأن من لم ييسر الله عليه فإنه يصعب عليه كل شيء.

    8 - ذكر أركان الإسلام الخمسة، في قوله: "تَعْبُدَ اللهَ لاتُشرِكْ بهِ شَيئاً، وَتُقِيْمَ الصّلاةَ،
    وَتُؤتِي الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ البَيْتَ" ولم يذكر الرسالة،
    لأن عبادة الله تتضمن الرسالة، إذ لايمكن أن يعبد الإنسان ربه إلا بما شرع نبيه.

    9 - أن أغلى المهمّات وأعلى الواجبات عبادة الله وحده لاشريك له، أي التوحيد.

    10- فضل النبي صلى الله عليه وسلم في التعليم حيث يأتي بما لم يتحمله
    السؤال لقوله: "أَلا أَدُلُّكَ عَلَى أَبْوَابِ الخَيْرِ" وهذا من عادته أنه إذا دعت الحاجة
    إلى ذكر شيء يضاف إلى الجواب أضافه،

    11 - أن الصوم جُنّة، وسبق معناها في الشرح، وبناء على هذا فمن لم يكن
    صومه جُنّة له فإنه ناقص، ولهذا يحرم على الإنسان تناول المعاصي في حال الصوم.

    ولكن هل المعاصي تبطل الصوم أو لا؟

    فالجواب: إن كان هذا المحرم خاصاً بالصوم أفسد الصوم، وإن كان عاماً لم يفسده.

    مثال الأول: يحرم على الصائم الأكل والشرب، فلو أكل أو شرب فسد صومه،
    كما يحرم على الصائم وغيره الغيبة وهي "ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَه"
    فلو اغتاب الصائم أحداً تحرم غيبته لم يفسد صومه،لأن هذا النهي لايختص بالصوم.

    هذه القاعدة عند جمهور أهل العلم، وقال بعض أهل العلم: إذا أتى الصائم بما يحرم
    ولو على سبيل العموم فسد صومه، واستدل بقول النبي صلى الله عليه وسلم:
    "مَنْ لَمْ يَدَعْ قَولَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ وَالجَهْلَ فَلَيْسَ للهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ"
    لكن ما ذهب إليه الجمهور أصحّ، والحديث إنما أراد النبي صلى الله عليه وسلم به
    أن يبين الحكمة من الصوم،لا أن يبين فساد الصوم بقول الزور والعمل بالزور والجهل.

    12- أن الصدقة تطفئ الخطيئة، ففيه الحث على الصدقة فإذا كثرت خطاياك فأكثر
    من الصدقة فإنها تطفئ الخطيئة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:
    "كُلُّ امْرِئٍ فِي ظِلِّ صَدَقَتِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ" وقال النبي صلى الله عليه وسلم:
    "سبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ فِي ظلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ: إمَامٌ عَادِلٌ،.. إلى أَنْ قَالَ:
    وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لاتَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِيْنُهُ"

    13- أن الخطيئة فيها شيء من الحرارة لأنه يعذب عليها الإنسان بالنار،
    والماء فيه شيء من البرودة، ولهذا شبه النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بالماء يطفىء النار.

    14 - حسن تعليم النبي صلى الله عليه وسلم، وما أكثر ما يمر علينا حسن تعليمه صلوات
    الله وسلامه عليه، لأن حسن تعليمه من تمام تبليغه وذلك بقياس الأشياء المعنوية على
    الأشياء الحسية،كما في قوله: "تُطْفِئُ الخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ المَاءُ النَّارَ".

    15 - الحث على صلاة الليل، وبيان أنها تطفئ الخطايا كما يطفئ الماء النار.

    16- استدلال النبي صلى الله عليه وسلم بالقرآن مع أن القرآن أنزل عليه،
    لكن القرآن يستدل به لأن كلام الله تعالى مقنع لكل أحد، ولهذا تلا هذه الآية:
    (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ)(السجدة: الآية16)

    17 - فضيلة أولئك القوم الذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع، لأنهم يشتغلون بالصلاة
    يدعون ربهم خوفاً وطمعاً، وليس الذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع في اللهو واللغو
    والحرام، فإن هؤلاء بقاؤهم ساهرين إما مكروه، وإما محرّم حسب مايشتغلون به.

    18- ومن فوائد الآية التي استشهد بها النبي صلى الله عليه وسلم:
    أنه ينبغي للإنسان أن يكون عند دعوة الله عزّ وجل خائفاً راجياً، لقوله:
    (يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً)(السجدة: الآية16)

    والمراد دعاء العبادة ودعاء المسألة، فأنت إذا عبدت الله كن خائفاً راجياً،
    تخاف أن لايقبل منك،كما قال الله عزّ وجل: (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ )(المؤمنون: الآية60)
    أي خائفة أن لا يقبل منها، ولكن أحسن الظن بالله.

    وأيضاً: كن راجياً ربك عزّ وجل حتى تسير إلى الله بين الخوف والرجاء.

    وهذه مسألة اختلف فيها أرباب السلوك: هل الأولى أن يغلب الإنسان جانب الرجاء،
    أو الأولى أن يغلب جانب الخوف، أو يجعلهما سواء؟

    فقال الإمام أحمد - رحمه الله-: ينبغي أن يكون خوفه ورجاؤه واحداً، فأيهما غلب هلك صاحبه.

    وقال بعض أهل العلم: ينبغي عند الموت أن يغلب جانب الرجاء،
    وفي حال الصحة يغلب جانب الخوف، قال: لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
    "لايَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلاَّ وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ باللهِ"
    أما في حال الصحة فيغلب جانب الخوف لأجل أن يحمله خوفه على الاستقامة.

    وقال بعض أهل العلم: في حال فعل الطاعة يغلب جانب الرجاء، وفي حال الهمّ
    بالمعصية يغلب جانب الخوف، وهذا حسن.

    ووجه الأول أنه في حال الطاعة يغلب جانب الرجاء هو أنه يقول: إن الذي منَّ
    عليَّ بهذه الطاعة سيمنُّ عليَّ بقبولها، فيجعل منّة الله تعالى عليه بها دليلاً
    على منّة الله تعالى عليه بقبولها، ويغلب جانب الرجاء،
    ويقول: قمت بما أمرت به وأرجو من الله الثواب.

    أما إذا همّ بالمعصية فيغلب جانب الخوف لئلا يقع في المعصية،
    وهذا القول من حيث المعنى أحسن الأقوال، لكن مع ذلك لانحكم به
    على كل فرد، إذ قد يعرض للإنسان حالات يغلب فيها الرجاء وحالات
    يغلب فيها الخوف، لكن نحن نتكلم عن الخوف والرجاء من حيث هما،
    لا باعتبار كل واحد من الناس .

    19 - ومن فوائد الحديث في ضمن الآية: فضيلة الإنفاق مما رزق الله العبد، لقوله:
    ( وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ)(السجدة: من الآية16).

    وهل المراد الرزق الطيب أو مطلق الرزق؟

    الآية مطلقة، ولكن من اكتسب مالاً محرّماً، أو أنفق مالاً محرّماً فلا مدح له،
    كمن سرق مالاً ثم ذهب يتصدق به، فلا يستقيم. أو تصدق بخنزير فلا يستقيم.
    وعلى هذا يكون المراد بالرزق في الآية الرزق الطيب.

    20- ومن فوائد الحديث: أن رأس الأمر - أي أمر الدنيا والآخرة- الإسلام.
    والإسلام هوما بعث به النبي صلى الله عليه وسلم ،
    إذ بعد بعثته لا إسلام إلا ما كان على شريعته، وعلى هذا فلو سألك سائل:
    هل اليهود مسلمون؟ هل النصارى مسلمون؟

    فالجواب: أن اليهود في حال قيام شريعة التوراة إذا اتبعوها فهم مسلمون
    ، وكذلك النصارى في حال قيام الإنجيل إذا اتبعوه فهم مسلمون،
    ولهذا في القرآن الكريم ذكر الإسلام لهؤلاء وهؤلاء.
    وأما بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم فإن كل من كفر به ليس بمسلم حتى لو قال:أني أسلمت.

    21 - أن الصلاة عمود الدين، والعمود لا يستقيم البناء إلا به.

    22 - أن الجهاد ذروة سنام الإسلام، والذروة هو الشيء العالي، لأنه إذا
    استقام الجهاد فمقتضاه أن المسلمين تكون كلمتهم هي العليا، وهذا ذروة السنام.

    ولكن يقيد هذا الإطلاق بما إذا كان الجهاد في سبيل الله عزّ وجل يتعيّن؛
    لأن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الرجل يقاتل حمية - أي حمية لقومه وعصبية -
    ويقاتل شجاعة - أي لأنه شجاع، والشجاع يحب القتال، ويقاتل ليرى مكانه،
    وفي لفظ: ويقاتل رياءً،أيُّ ذلك في سبيل الله؟
    فعدل النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا كله وقال:
    "مَنْ قَاتَل لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ هِيَ العُليَا فَهُوَ فِي سَبِيْلِ اللهِ" هذا الميزان.

    ولذلك نجد الذين قاتلوا حميّة ممن ينتسبون للإسلام لم ينجحوا، ولن ينجحوا،
    فماذا حصل من قتال العرب لليهود؟ حصل الفشل، وحصلت الهزيمة
    لأنهم لايقاتلون لتكون كلمة الله هي العليا، بل يقاتلون: للقومية العربية،

    هذه القومية حصل بسببها من المفاسد بأن دخل فيهم النصارى واليهود العرب
    مادام مناط الحكم هو العروبة، كما دخل فيهم الشيوعيون وغيرهم إذا كانوا عرباً،
    ولايعقل أن يهودياً أو نصرانياً أو شيوعياً يقاتل لحماية الإسلام.

    وخرج الملايين من المسلمين من غير العرب وصار في نفوسهم شيء وقالوا:
    لماذا تخرجوننا من القتال؟ ولهذا صارت الهزيمة والفشل الذي ليس
    بعده استرداد للعزة والعلو، وإلا قد يكون هزيمة يبتلي الله بها كما حصل
    في أحد ولكن استردّ المسلمون عزهم وعلوّهم.

    أما نحن فلن نزال في أرجوحة،كان الناس في عنفوان العروبة - كما يقولون-
    عندهم ثلاث لاءات يسمّونها اللاءات الثلاث: لاصلح، لاسلام، ولا استسلام.
    والآن اليهود جائوا بخمس لاءات،والعرب الآن يلهثون وراءهم يطلبون الصلح،
    ولكنه ليس بحاصل إلا على ثروات العرب، وربما دمائهم أيضاً.

    فالمهم: أن الجهاد المحمود المفروض على ا لمسلمين هو: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا.

  3. #33
    الصورة الرمزية حبيبها انا قبلك
    Title
    نبض نشيـط
    تاريخ التسجيل
    05- 2011
    المشاركات
    478

    رد: الآحاديث الآربعين النوويه _ مع الشرح والفوائد بإذن الله

    23- أن ملاك هذا كله كف اللسان، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أَلا أُخْبِرُكَ بِملاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ"

    24 - خطورة اللسان، فاللسان من أخطر ما يكون، فإن الإنسان ربما يتكلم بالكلمة من
    غضب الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في النار كذا وكذا،سنوات، وهو لم يلق لها بالاً،
    يتكلم بكلمة الكفر لا يلقي لها بالاً فيكفر ويرتد - والعياذ بالله -.

    والغيبة الآن ملأت المجالس إلا ماشاء الله، وهي من آفات اللسان.

    والكذب من آفات اللسان، والسبّ مقابلة وجهاً لوجه من آفات اللسان،
    والنميمة من آفات اللسان، فإذا حفظ الإنسان لسانه حفظه الله عزّ وجل،
    ولهذا جاء في الحديث: "مَنْ يَضْمَنُ لِي مَابَيْنَ لَحْيَيْهِ وفَخِذَيْهِ أَضمَنُ لَهُ الجَنَّةَ"
    أي من كفَّ عن الزنا وعن القول المحرّم فإنه يدخل الجنة.

    25 - التعليم بالقول وبالفعل، لقوله: "أَخَذَ بِلِسَانِهِ وَقَالَ: كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا"
    ولم يقل: كفّ عليك لسانك، بل أخذ بلسانه وقال: كفّ عليك هذا، لأنه إذا
    حصل الفعل رأت العين وانطبعت الصورة في القلب بحيث لاينسى،
    والمسموع ينسى لكن المرئي لاينسى،بل يبقى في صفحة الذهن إلى ماشاء الله عزّ وجل.

    ولهذا كان الصحابة رضي الله عنهم أحياناً يعلمون الناس بالفعل،
    ومن ذلك لما سئل أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه عن وضوء
    النبي صلى الله عليه وسلم ، دعا بماء وتوضّأ أمام الناس، حتى يفقهوا ذلك بالفعل.

    26- أن الصحابة رضي الله عنهم لايبقون في نفوسهم إشكالاً ولاقلقاً،
    بل يسألون عنه حتى ينكشف الأمر، قال معاذ رضي الله عنه:
    "وإنَّا لمؤاخذون بما نتكلّم به؟" وهذا إشكال يرد، لأن الإنسان إذا كان مؤاخذاً
    بما يتكلّم به فما أكثر المؤاخذة لكثرة الكلام فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم.

    ومن هنا نأخذ فائدة عظيمة وهي:أن ما لم يسأل عنه الصحابة رضي الله عنهم
    ولم يرد في الكتاب والسنة من مسائل الاعتقاد فالواجب الكفّ عنها،
    فإذا سألك إنسان عن شيء في الاعتقاد،سواء في أسماء الله، أو صفات الله
    أو أفعال الله، أو في اليوم الآخر أو غيره ولم يسأل عنه الصحابة فقل
    له:هذا بدعة، لو كان خيراً لسبقونا إليه لأنهم - والله - أحرص منا على العلم،
    وأشد منا خشية لله تعالى

  4. #34
    الصورة الرمزية حبيبها انا قبلك
    Title
    نبض نشيـط
    تاريخ التسجيل
    05- 2011
    المشاركات
    478

    رد: الآحاديث الآربعين النوويه _ مع الشرح والفوائد بإذن الله


    27 - جواز إطلاق القول الذي لايقصد وإنما يدرج على اللسان، لقوله:
    "ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَامُعَاذُ" هذه الكلمة دعاء، لكنها تجري على الألسن لقصد الحث لا للدعاء،
    وهي موافقة للقاعدة الشرعية،وهي أن الله تعالى لا يؤاخذ باللغو كما قال الله تعالى:
    (لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ)(المائدة: الآية89)
    وفي الآية الأخرى: (لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ)(البقرة: الآية225)
    وعلى هذا فما يجري على اللسان من الأيمان لا يؤاخذ به الإنسان،
    فمثلاً: دائماً يقول لك صاحبك: هل ستذهب إلى فلان؟ فتقول: لا والله لن أذهب إليه،
    ثم تذهب، فلا كفارة عليك، لأن هذا جرى على اللسان بلا قصد،
    فما لايعقد عليه القلب فإنه ليس بشيء،ولا يؤاخذ به الإنسان.

    28 - أن أهل النار - والعياذ بالله - قد يكبون في النار على وجوههم،
    لقوله: "وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّار عَلَى وُجُوهِهِم أوقال: عَلَى مَنَاخِرِهِم"
    وهذا اختلاف لفظ والمعنى واحد،لأن المنخر في الوجه، واسمع قول الله عزّ وجل:
    (أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ)(الزمر: الآية24) العادة أن الإنسان يتقي العذاب بيده،
    لكن أهل النار - أجارنا الله منها بمنّه وكرمه - لا يستطيعون،
    تلفح وجوههم النار،يتقي بوجهه سوء العذاب

    وهذا دليل على كمال الإهانة، لأن الوجه محل الإكرام، فإذا أهين إلى هذا الحد
    فهذا غاية ما يكون من الذلّ، قال الله تعالى:
    (وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ )(الشورى: الآية45)

    29 - الحذر من إطلاق اللسان، وقد مرّ علينا في الأحاديث السابقة
    "مَنْ كَان يُؤمِنُ باللهِ وَاليَومِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيرَاً أَو لِيَصْمُتْ"
    والله لو سرنا على هذا لسلمنا من أشياء كثيرة، وما أكثر ما يقول
    الإنسان شيئاً ثم يندم في الحال، لكن الكلمة إذاخرجت فهي
    كالرصاصة تخرج من البندق، لايمكن ردّها،
    لكن مادامت في قلبك يمكنك أن تتحكّم فيها.

    30- تحرّي مانقل في الحديث من أقوال رسول الله حيث قال:
    "عَلَى وُجُوهِهِم أو مَنَاخِرِهِم" وهذا يدلّ على الأمانة التامّة في نقل الأحاديث. ولله الحمد

  5. #35
    الصورة الرمزية حبيبها انا قبلك
    Title
    نبض نشيـط
    تاريخ التسجيل
    05- 2011
    المشاركات
    478

    رد: الآحاديث الآربعين النوويه _ مع الشرح والفوائد بإذن الله


    الحـــديث " الثلاثين "



    (
    عَنْ أَبِيْ ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيِّ جُرثُومِ بنِ نَاشِرٍ رضي الله عنه عَن رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

    (إِنَّ اللهَ فَرَضَ فَرَائِضَ فَلا تُضَيِّعُوهَا، وَحَدَّ حُدُودَاً فَلا تَعْتَدُوهَا وَحَرَّمَ أَشْيَاءَ فَلا تَنْتَهِكُوهَا، وَسَكَتَ عَنْ أَشْيَاءَ رَحْمَةً لَكُمْ غَيْرَ نِسْيَانٍ فَلا تَبْحَثُوا عَنْهَا
    )

    حديث حسن رواه الدارقطني وغيره.




    مـعنى الحـــديــث :

    فَرَضَ:أي أوجب قطعاً، لأنه من الفرض وهو القطع ،
    يعني ألزم بالعمل بها.

    فَرَائِضَ : الفرائض مثل الصلوات الخمس، والزكاة، والصيام،والحج،وبر الوالدين،
    وصلة الأرحام، ومالا يحصى.

    فَلا تُضَيِّعُوهَا:أي تهملوها فتضيع ، بل حافظوا عليها.

    وَحَدَّ حُدودَاً فَلا تَعتَدوها :الحد في اللغة المنع، ومنه الحد بين الأراضي
    لمنعه من دخول أحد الجارين على الآخر، وفي الاصطلاح قيل:إن المراد
    بالحدود الواجبات والمحرمات.

    فالواجبات حدود لا تُتعدى، والمحرمات حدود لا تقرب.

    وقال بعضهم: المراد بالحدود العقوبات الشرعية كعقوبة الزنا،
    وعقوبة السرقة وما أشبه ذلك.

    ولكن الصواب الأول،أن المراد بالحدود في الحديث محارم الله عزّ وجل
    الواجبات والمحرمات، لكن الواجب نقول:لا تعتده أي لاتتجاوزه، والمحرم
    نقول: لا تقربه، هكذا في القرآن الكريم لما ذكر الله تعالى تحريم الأكل
    والشرب على الصائم قال: (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا )(البقرة: الآية229)
    ولما ذكر العدة وما يجب فيها قال: (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقرَبُوهَا )[البقرة:187].

    وَحَرَّمَ أَشيَاء فَلا تَنتَهِكوهَا:
    أي فلا تفعلوها، مثل :الزنا، وشرب الخمر،
    والقذف، وأشياء كثيرة لا تحصى.

    وَسَكَتَ عَنْ أَشيَاء رَحمَةً لَكُمْ غَيرَ نسيَان فَلا تَبحَثوا عَنهَا:
    سكت عن أشياء أي لم يحرمها ولم يفرضها.
    قال: سكت بمعنى لم يقل فيها شيئاً ، ولا أوجبها ولا حرمها.

    وقوله: "غَيْرَ نسيَان"
    أي أنه عزّ وجل لم يتركها ناسياً ( وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً)(مريم: الآية64)
    ولكن رحمة بالخلق حتى لا يضيق عليهم.

    "فَلا تَبحَثوا عَنهَا"
    أي لا تسألوا عنها .

    هذا الحديث هو في رسم الحدود ، فالمرء عندما يريد أن يشتري مثلاً منزلاً
    يجب أن يعرف ما الذي له وما الذي عليه وما هي حدود هذا المنزل
    حتى لا يتعدى على غيره ،،،

    و الله - سبحانه وتعالى - عندما خلقنا في هذه الدنيا خلقنا لمهمة عظيمة ،
    هي مهمة التكليف المجملة بعبادة الله - عزّ وجلّ -
    ولهذه العبادة حدود نميز من خلالها ما الذي نفعله ومالذي لا نفعله أو نتركه أو لا نتركه وهكذا ...
    وهي مبينة لنا هنا في هذا الحديث في حدود أربعة :


    * فرئض لا نضيعها *

    * حدود لا نعتديها *

    * محرمات لا ننتهكها *

    * أشياء مسكوت عنها لا نبحث عنها *





    من فــــوائــــد الحديــــث :


    1- إثبات أن الأمر لله عزّ وجل وحده، فهو الذي يفرض،وهو الذي يوجب،
    وهو الذي يحرم، فالأمر بيده، لا أحد يستطيع أن يوجب مالم يوجبه الله،
    أو يحرم مالم يحرمه الله،لقوله: "إِنَّ اللهَ فَرَضَ فَرَائض" ...وقَالَ: "وَحَرمَ أَشيَاء"

    فإن قال قائل: هل الفرض والواجب بمعنى واحد، أو الفرض غير الواجب؟

    فالجواب:أما من حيث التأثيم بترك ذلك فهما واحد.

    وأما من حيث الوصف:هل هذا فرض أو واجب؟
    فقد اختلف العلماء- رحمهم الله- في هذا ، فقال بعضهم:

    الفرض ما كان دليله قطعياً، والواجب ما كان دليله ظنياً.

    وقال آخرون: الفرض ما ثبت بالقرآن، والواجب ما ثبت بالسنة.

    وكلا القولين ضعيف، والصواب: أن الفرض والواجب بمعنى واحد،
    ولكن إذا تأكد صار فريضة، وإذا كان دون ذلك فهو واجب،
    هذا هو القول الراجح في هذه المسألة .

    2 - أن الدين الإسلامي ينقسم إلى فرائض ومحرمات.

    3 - وجوب المحافظة على فرائض الله عزّ وجل، مأخوذ من النهي
    عن إضاعتها، فإن مفهومه وجوب المحافظة عليها.

    4- أن الله عزّ وجل حد حدوداً، بمعنى أنه جعل الواجب بيناً والحرام بيناً:
    كالحد الفاصل بين أراضي الناس، وقد سبق في حديث النعمان بن بشير
    رضي الله عنهما أن الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات.

    5 - تحريم تعدي حدود الله، لقوله: "فَلاَ تَعتَدوهَا".

    6 - أنه لا يجوز تجاوز الحد في العقوبات،فالزاني مثلاً إذا زنا وكان بكراً
    فإنه يجلد مائة جلدة ويغرّب عاماً، ولا يجوز أن نزيد على مائة جلدة،
    ونقول يجلد مائة وخمسين مثلاً، فإن هذا محرم.

    فإن قال قائل: إذا اقتصرنا على مائة جلدة ربما يكثر الزنا، وإذا زدنا يقل؟

    فالجواب:أأنتم أعلم أم الله؟ وما دام الله عزّ وجل فرض مائة جلدة فلا نتجاوزها،
    بالاضافة إلى تغريب عام على خلاف بين العلماء في ذلك، هل يغرب أو لا،
    فالتغريب ثبت بالسنة، والخلاف بين العلماء على ذلك معروف.

    7 - وصف الله عزّ وجل بالسكوت، هذا من تمام كماله عزّ وجل،
    أنه إذا شاء تكلم وإذا شاء لم يتكلم.

    8 - أنه يحرم على الإنسان أن ينتهك محارم الله عزّ وجل، لقوله: "حَرَّمَ أَشيَاء فَلا تَنتَهِكُوهَا".

    وطرق التحريم كثيرة، منها: النهي، ومنها: التصريح بالتحريم،ومنها: ذكر العقوبة على الفعل،
    ولإثبات التحريم طرق.

    9 - أن ما سكت الله عنه فلم يفرضه، ولم يحده، ولم ينه عنه فهو الحلال،
    لكن هذا في غير العبادات،فالعبادات قد حرم الله عزّ وجل أن يشرع أحد الناس عبادة لم يأذن بها الله عزّ وجل،
    فتدخل في قوله: "حَرَّمَ أَشيَاء فَلاَ تَنتَهِكُوهَا".

    ولهذا نقول:إن من ابتدع في دين الله ما ليس منه من عقيدة أو قول أو عمل فقد
    انتهك حرمات الله، ولا يقال هذا مما سكت الله عزّ وجل عنه، لأن الأصل في
    العبادات المنع حتى يقوم دليل عليها،وغير ذلك الأصل فيه الإباحة، فما سُكِتَ عنه فهو مباح.

    وحينئذ نذكر مسألة يكثر السؤال عنها،ربما نعرف حكمها من هذا الحديث:
    يسأل بعض الناس ولاسيما النساء:هل يجوز للإنسان أن يزيل شعر الساق، أو شعر الذراع أو لا يجوز؟

    فالجواب: الشعور ثلاثة أقسام:

    الأول : ما نهي عن إزالته.

    الثاني : ما أمر بإزالته.

    الثالث: ما سكت عنه.

    فأما ما أمر بإزالته فمعروف:كالعانة والإبط للرجال والنساء والشارب بالنسبة للرجال ،
    فهذا مأمور بإزالته، لكن الشارب لا يؤمر بإزالته نهائياً كالحلق مثلاً، حتى إن الإمام
    مالك- رحمه الله - قال: ينبغي أن يؤدب من حلق شاربه،لأن الحديث أحفوا الشوَارب

    والثاني: ما نهي عن إزالته كشعر اللحية بالنسبة للرجال،
    فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإعفائها وقال: خَالِفُوا المَجوسَ خَالِفُوا المُشرِكينَ

    وشعر الحاجبين بالنسبة للنساء لقوله صلّى الله عليه وسلّم : ( لعن الله النامصة والمتنمصة)
    وخص المرأة لأنها هي التي تفعله غالباً للتجمل ، وإلا فلو صنعه الرجال لكان ملعوناً كما تلعن المرأة والعياذ بالله
    وإن كان بغير نتف كالقص أو بالحلق فإن بعض أهل العلم يرون أنه كالنتف لأنه تغيير لخلق الله ،
    فلا فرق بين أن يكون نتفاً أو يكون قصاً أو حلقاً وهذا أحوط بلا ريب ، فعلى المرء أن يتجنب ذلك سواء كان رجلاً أو امرأة.

    القسم الثالث: بقية الشعور التي ليس فيها أمر ولا نهي، فقال بعض الناس:
    إن أخذها حرام،لقول الله تعالى عن إبليس:
    (وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ)
    (النساء: الآية119)
    هذا يستثنى منه ما أمر بإزالته كالختان وما أشبه ذلك.

    قالوا: وهذا مغير لخلق الله، بينما كان ساقه فيه الشعر أو ذراعه فيه الشعر أصبح الآن ليس فيه شعر.

    ولاشك أن هذا القول والاستدلال وجيه، لكن إذا رأينا أن النبي صلى الله عليه وسلم
    قسم الأشياء إلى ثلاثة أقسام قلنا: هذا مما سكت عنه، لأنه لو كان ينهى عنه لألحق
    بما نهي عنه، وهذه قرينة تمنع أن يكون هذا من باب تغيير خلق الله عزّ وجل
    أو يقال: هو من التغيير المباح.

    والذي نرى في هذه المسالة : أن الشعر يبقى ولا يحلق ولا يقص، اللهم إلا إذا كثر
    بالنسبة للنساء حتى شوه الخلقة،فالمرأة محتاجة إلى الجمال والتجمل، فلا بأس.

    وأما الرجال فيقال: كلما كثر الشعر دلّ ذلك على قوة الرجل.

    10 - أنه لا ينبغي البحث عما سكت الله تعالى عنه ورسوله .

    وهل هذا النهي في عهد الرسالة ، أم إلى الآن ؟

    في هذا قولان للعلماء منهم من قال: هذا خاص في عهد الرسالة، لأن ذلك عهد نزول الوحي،
    فقد يسأل الإنسان عن شيء لم يُحرم فيحرم من أجله، أو عن شيء لم يجب فيوجب من أجله،
    كما سأل الأقرع بن حابس النبي صلى الله عليه وسلم حين قال النبي صلى الله عليه وسلم:
    "إِنَّ اللهَ فَرَضَ عَلَيكُم الحَجَّ" فقام الأقرع وقال:يا رسول الله أفي كل عام؟ وهذا سؤال في غير محله،
    اللهم إلا إذا كان الأقرع بن حابس أراد أن يزيل الوهم الذي قد يعلق في أفهام بعض الناس،
    فالله أعلم بنيته، لكن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
    "لَو قُلتُ نَعَم لَوَجَبَت وَمَا استَطَعتُم، الحَجَّ مَرَةً فَمَا زَادَ فَهُوَ تَطَوع" ،
    من أعظم الناس جرماً من يسأل عن شيء لم يحرم فيحرم من أجل مسألته،
    أو لم يوجب فيوجب من أجل مسألته.

    أما بعد عهد الرسالة فلا بأس أن يبحث الإنسان.

    ولكن الصواب في هذه المسالة أن النهي حتى بعد عهد الرسالة
    إلا أنه إذا كان المراد بالبحث الاتساع في العلم كما يفعله طلبة العلم،
    فهذا لا بأس به، لأن طالب العلم ينبغي أن يعرف كل مسألة يحتمل وقوعها
    حتى يعرف الجواب، وأما إذا لم يكن كذلك فلا يبحث، بل يمشي على ما كان عليه الناس.

    ومن ذلك: البحث عن اللحوم وعن الأجبان وعما يرد إلى البلاد من بلاد الكفار فلا تبحث،
    ولا تقل: هل هذا حلال أو حرام؟ ولهذا قال ابن عمر رضي الله عنهما لما سئل عن اللحم
    في السوق، ما كان من لحم في سوقنا فسوف نشتريه ولا نسأل.

    كذلك أيضاً لا نبحث عن مسائل الغيب ونتعمق فيها، ولا نبحث في صفات الله عزّ وجل
    عن كيفيتها، لأن هذا من التعمق، ولا نأتي بمعضلات المسائل التي فيها: أرأيت إن كان كذا،
    ولو كان كذا، ولو كان كذا كما يوجد من بعض طلبة العلم الآن، يوجد أناس يفرضون
    مسائل ليست واقعة ولن تقع فيما يظهر، ومع ذلك يسألون ، وهم ليسوا في مكان البحث،
    بل يسألون سؤالاً عاماً، فهذا لا ينبغي.

    ومن ذلك أيضاً :ما كان الناس قد عاشوا عليه لا تبحث عنه إلا إذا علمت أنه حرام،
    فيجب بيان الحكم .

    من ذلك : الذين قالوا:إن أذان الجمعة الثاني الذي زاده عثمان رضي الله عنه هذا بدعة لا يجوز،
    فنقول لهم: أين الدليل؟ ثم يأتي إنسان آخر،ويقول : ليس بين أذان الجمعة الأول والثاني إلا دقائق،
    فنقول له: من الذي قال لك ابحث عن هذا؟ فالناس من أزمنة كثيرة تتوالى عليهم العلماء والأذان
    الأول يكون قبل الثاني بخمس وأربعين دقيقة أو ستين دقيقة،
    والناس يمشون على هذا، فلا تبحث، دع الناس على ما هم عليه.

    ثم لو فرض أنه ثبت أن بين الأذان الثاني والأول في زمن عثمان رضي الله عنه
    خمس أو عشر دقائق، فالوقت اختلف الآن، كانت المدينة صغيرة أقل من قرية
    من قرانا اليوم، أما اليوم فتباعدت الأقطار حيث يحتاج الإنسان أن يأتي من
    أقصى المدينة إلى المسجد إلى وقت، فليقدم الأذان الأول بحيث يتأهب الناس ويحضرون.

    أشياء كثيرة من هذا النوع،ولكن هذا الحديث ميزان "فلا تَبحَثُوا عَنهَا".

    11 - إثبات رحمة الله عزّ وجل في شرعه، لقوله: "رَحمَةً بِكُم" وكل الشرع رحمة،
    لأن جزاءه أكثر بكثير من العمل،فالحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى
    أضعاف كثيرة، ومع ذلك فالله عزّ وجل خفف عن العباد ،
    وسكت عن أشياء كثيرة لم يمنعهم منها ولم يلزمهم بها.

    12 - انتفاء النسيان عن الله عزّ وجل، لقوله "غَيرَ نسيَان" وقد جاء ذلك في
    القرآن الكريم،فقال الله عزّ وجل:
    (وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً)
    [
    مريم: 64]
    وقال موسى
    عليه الصلاة والسلام لفرعون لما سأله ما بال القرون الأولى:
    (قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى)
    (طـه: 52)

    فإن قال قائل: ما الجواب عن قول الله تعالى:
    (نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ)
    (التوبة: الآية67)
    فأثبت لنفسه النسيان؟

    فالجواب:أن المراد:النسيان هنا نسيان الترك، يعني تركوا الله فتركهم.
    فهؤلاء تعمدوا الشرك وترك الواجب، ولم يفعلوا ذلك نسياناً. إذاً:
    (نَسُوا اللَّهَ)
    [التوبة:67]
    أي تركوا دين الله
    (فَنَسِيَهُمْ)
    أي فتركهم.

    أما النسيان الذي هو الذهول عن شيء معلوم فهذا لا يمكن أن يوصف الله عزّ وجل به،
    بل يوصف به الإنسان،لأن الإنسان ينسى، ومع ذلك لا يؤاخذ بالنسيان لأنه وقع بغير اختيار.

    14 - حسن بيان النبي صلى الله عليه وسلم حيث ساق الحديث بهذا التقسيم الواضح البين والله أعلم.


  6. #36
    الصورة الرمزية حبيبها انا قبلك
    Title
    نبض نشيـط
    تاريخ التسجيل
    05- 2011
    المشاركات
    478

    رد: الآحاديث الآربعين النوويه _ مع الشرح والفوائد بإذن الله

    الحـــديث " الحادي والثلاثون "



    (عَنْ أَبي العَباس سَعدِ بنِ سَهلٍ السَّاعِدي رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النبي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:
    يَا رَسُول الله: دُلَّني عَلَى عَمَلٍ إِذَا عَمَلتُهُ أَحَبَّني اللهُ، وَأَحبَّني النَاسُ ؟
    فَقَالَ:
    (ازهَد في الدُّنيَا يُحِبَّكَ اللهُ ، وازهَد فيمَا عِندَ النَّاسِ يُحِبَّكَ النَّاسُ
    )


    حديث حسن رواه ابن ماجة وغيره بأسانيد حسنة..




    مـعنى الحـــديــث :


    قوله "جَاءَ رَجُلٌ" لم يعين اسمه، ومثل هذا لا حاجة إليه،
    ولاينبغي أن نتكلف بإضاعة الوقت في معرفة هذا الرجل،
    وهذا يأتي في أحاديث كثيرة، إلا إذا كان يترتب على معرفته
    بعينه اختلاف الحكم فلابد من معرفته.

    وقوله: "دُلني عَلَى عَمَلٍ إِذَا عَملتُهُ أَحَبَّني الله،وَأَحبَّني النَّاس"
    هذا الرجل طلب حاجتين عظيمتين، أولهما محبة الله عزّ وجل والثانية محبة الناس.

    فدله النبي صلى الله عليه وسلم على عمل معين محدد،
    فقال: "ازهَد في الدُّنيَا" والزهد في الدنيا الرغبة عنها،
    وأن لا يتناول الإنسان منها إلا ما ينفعه في الآخرة،
    وهو أعلى من الورع، لأن الورع: ترك ما يضر من أمور الدنيا ،
    والزهد: ترك مالا ينفع في الآخرة، وترك ما لا ينفع أعلى من ترك ما يضر،
    لأنه يدخل في الزهد الطبقة الوسطى التي ليس فيها ضرر ولا نفع،
    فالزهد يتجنب مالا نفع فيه، وأما الوَرَع فيفعل ما أبيح له،لكن يترك ما يضره.

    وقوله: "يُحِبكَ الله" هو بالجزم على أنه جواب : ازهَد

    والدنيا: هي هذه الدار التي نحن فيها، وسميت بذلك لوجهين:

    الوجه الأول: دنيا في الزمن.

    الوجه الثاني: دنيا في المرتبة.

    فهي دنيا في الزمن لأنها قبل الآخرة، ودنيا في المرتبة لأنها دون الآخرة بكثير جداً،
    قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لَمَوضِعُ سوطِ أَحَدِكُم في الجَنَّةِ خَيرٌ مِنَ الدُّنيَا وَمَا فيهَا"
    وقال النبي صلى الله عليه وسلم "ركعَتَا الفَجرِ خَيرٌ مِنَ الدُّنيَا وَمَا فيهَا" إذاً الدنيا ليست بشيء.

    ولذلك لا تكاد تجد أنه يمر عليك شهر أو شهران أو أكثر إلا وقد أصبت
    بالسرور ثم أعقبه حزن، وما أصدق وصف الدنيا في قول الشاعر:

    فيوم علينا ويوم لنا ويوم نساء ويوم نسر


    وهذه الغاية محبة الله - جلّ جلاله – بلا شك من أعظم الغايات؛ لأنه إذا أحبك
    الله أحبك الناس، وإذا أحبك الله دخلت الجنة، وإذا أحبك الله - سبحانه وتعالى – نلت
    سعادة الدارين ( الدنيا و الآخرة،) ولذلك جاء في الدعاء ( اللهم أعني على حبك وكل عمل يقربني إلى حبك )
    فمحبة الله - سبحانه وتعالى - مطلب عظيم ،

    والمقصود بمحبة الناس محبة الصالحين وإن أحب الإنسانَ من غير الصالحين لا مانع ؛
    لأن الإنسان المحبوب يحبه الصالح ويحبه غير الصالح،
    لكن لماذا محبة الناس تعتبر هدف ؟ لأنها دليل على محبة الله ودليل على رضا الله
    والدليل على ذلك ما جاء في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم – حينما كان مرة من المرات جالساً
    مع أصحابه فمرت جنازة فأثنوا عليها خيراً، فقال النبي: - صلى الله عليه وسلم – ( هي في الجنة ) .

    ومرت جنازة أخرى فأثنوا عليها شراً قال: ( هي في النار ) فسألوا النبي – صلى الله
    عليه وسلم – عن ذلك فقال: ( أنتم شهود الله في أرضه ) يعني أثنيتم عليه خيراً فهذا دليل
    على ثناء الله له، والآخر أثنيتم عليه شراً فهذا دليل على بغض الله له- أو كما جاءعن النبي صلى الله عليه وسلم .

    إذاً: نلخص هذه المسألة أن محبة الله - عزّ وجلّ – هدف يسعى له الإنسان ،ومحبة
    الناس هي هدف لأنها دليل على محبة الله - عزّ وجلّ – لكن إذا تعارضت مع محبة الله
    فلا شك في أننا نقدم ما يرضى الله - سبحانه وتعالى – وما يحبه الله على ما يحبه
    الناس.

    ما الطريق الموصل إلى محبة الله !!
    إن الطرق كثيرة وبين لنا النبي صلى الله عليه وسلم المجمل فقال :
    ( ازهد في الدنيا يحبك الله ) يعني أعرض عن الدنيا .

    ولكن هل الإعراض عن الدنيا هنا أن نموت أو نقتل أنفسنا !!
    طبعا لا إنما الإعراض يكون عن الإندماج الكلي في الشهوات والملذات ونسيان أمر الله سبحانه وتعالى
    وليس المقصود بالزهد في الدنيا أن نجلس في مكان مظلم أو مكان بعيد عن الناس
    ولا نأكل ولا نشرب ؛ لأنه آت من الدنيا ولا نتمتع بطيباتها ولا نتمتع بأرزاق الله سبحانه وتعالى فيها ،
    وليس المقصود أن نموت و نعرض عن الدنيا لننتقل إلى الآخرة !،
    فالنبي صلى الله عليه وسلم هو أزهد الناس في الدنيا ولم يعرض عن الدنيا كلياً أكل من طيباتها ولبس
    من الملابس الحسنة وتمتع بالنساء وقال - صلى الله عليه وسلم :
    ( حبب إليّ من دنياكم النساء والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة ) .

    إنما المقصد هنا : أن لا نسترسل مع هذه الدنيا فتلهينا عن المطالب العليا في الآخرة .
    فلا يكون هدفنا الوصول إلى أعلى المناصب أوالإنشغال بتجميع الثروة
    أوالتزود من هذه الدنيا بأمور أكثر مما أحتاج بكثير جداً فتكون هي شغلي الشاغل،

    فالزاهد الذي لبس متوسط اللباس وتعامل بالنظافة ولم يجعل الدنيا هدفه
    وجعل الآخرة والفوز فيها هو هدفه الرئيسي وشغله الشاغل ومع ذلك تمتّع بالطيبات التي أحلها الله عزّ وجلّ له .

    ومن خلال هذا نعلم أن من علامات الزهد العمل بما فرضه الله سبحانه وتعالى على الإنسان والعمل بما
    استطاع من النوافل والمُستحبات وكذلك ترك ما حرم الله سبحانه وتعالى
    و ترك ما يشغل عن الله سبحانه وتعالى وعن الفوز بالدار الآخرة .
    و السعي لزيادة الرصيد في الآخرة عند الله سبحانه وتعالى .

    ويُقال لطالب الزهد في الدنيا ، أنّه لا بد من الزهد في فضول الأموال والجاه جميعاً، حتى يكمل الزهد في حظوظ النفس،


    الأولى ‏:‏ أن لا يفرح بموجود، ولا يحزن بمفقود، كما قال تعالى
    ‏{‏لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم‏}‏
    ‏[‏الحديد ‏:‏ 23‏]‏
    وهذا علامة الزهد في المال‏.‏

    الثاني‏:‏ أن يستوي عنده ذامه ومادحه، وهذه علامة الزهد في الجاه‏.‏

    الثالث‏:‏ أن يكون أنسه بالله، والغالب على قلبه حلاوة الطاعة‏.‏فأما محبة الدنيا ومحبة الله تعالى،
    فهما في القلب كالماء والهواء في القدح، إذا دخل الماء خرج الهواء، فلا يجتمعان‏.

    وقال يحيى بن معاذ‏:‏ الدنيا كالعروس، ومن يطلبها ماشطتها (الماشطة : التي تحس المشط وحرفتها ومعناها هنا ‏:‏ تزينها‏)
    و‏الزاهد يسخم ‏(يقال‏:‏ سخم الله وجهه‏:‏ أي سوده من السخمة وهى السواد‏.‏‏)وجهها، وينتف شعرها، ويخرق ثوبها،
    والعارف مشتغل بالله تعالى عنها‏.‏




    قوله: "وازهَد فيمَا عِندَ النَاس يُحِبكَ النَّاس" أي لا تتطلع لما في أيديهم،
    ارغب عما في أيدي الناس يحبك الناس،
    وهذا يتضمن ترك سؤال الناس أي أن لا تسأل الناس شيئاً،
    لأنك إذا سألت أثقلت عليهم، وكنت دانياً سافلاً بالنسبة لهم،
    فإن اليد العليا المعطية خير من اليد السفلى الآخذة.



    من فــــوائــــد الحديــــث :

    1- علو همم الصحابة رضي الله عنهم، فلا تكاد تجد أسئلتهم إلا لما فيه خير في الدنيا
    أو الآخرة أو فيهما جميعاً.

    وهنا السؤال : هل الصحابة رضي الله عنهم إذا سألوا مثل هذا السؤال يريدون
    أن يطلعوا فقط، أو يريدون أن يطلعوا ويعملوا؟

    الجواب:الثاني،بخلاف كثير من الناس اليوم-نسأل الله أن لايجعلنا منهم- يسألون
    ليطلعوا على الحكم فقط لا ليعملوا به،ولذلك تجدهم يسألون عالماً ثم عالماً ثم
    عالماً حتى يستقروا على فتوى العالم التي توافق أهواءهم،
    ومع ذلك قد يستقبلونها بنشاط وقد يستقبلونها بفتور.

    2 - إثبات محبة الله عزّ وجل،أي أن الله تعالى يحب محبة حقيقية.

    ولكن هل هي كمحبتنا للشيء؟

    الجواب:لا، حتى محبة الله لنا ليست كمحبتنا لله، بل هي أعلى وأعظم،
    وإذا كنا الآن نشعر بأن أسباب المحبة متنوعة،وأن المحبة تتبع تلك
    الأسباب وتتكيف بكيفيتها فكيف بمحبة الخالق؟!! لا يمكن إدراكها.


    3 - أن الإنسان لا حرج عليه أن يطلب محبة الناس،أي أن يحبوه،
    سواء كانوا مسلمين أو كفاراً حتى نقول:لا حرج عليه أن يطلب محبة
    الكفار له، لأن الله عزّ وجل قال:
    ( لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ )
    (الممتحنة: الآية8)

    ومن المعلوم أنه إذا برهم بالهدايا أو الصدقات فسوف يحبونه،
    أو عدل فيهم فسوف يحبونه،والمحذور أن تحبهم أنت،
    ولهذا جاء في الحديث وإن كان ضعيفاً أن النبي صلى الله عليه وسلم
    إذا أقبل على البلد قال: "اللَّهمَّ حَبِّبْنَا إِلَى أَهْلِهَا،وَحبَب صَالِحي أَهْلِهَا إِلَينَا" ،
    فلما أراد المحبة الصادرة منه قال: "صَالِحي أَهْلِهَا"
    ولما أراد المحبة الصادرة من الناس قال: حَبِّبنَا إِلَى أَهْلِهَا مطلقاً.

    4 - فضيلة الزهد في الدنيا، ومعنى الزهد: أن يترك مالا ينفعه في الآخرة.

    وليس الزهد أنه لا يلبس الثياب الجميلة، ولا يركب السيارات الفخمة،
    وإنما يتقشف ويأكل الخبز بلا إدام وما أشبه ذلك، ولكن يتمتع بما أنعم الله عليه،
    لأن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده، وإذا تمتع بالملاذ على هذا الوجه
    صار نافعاً له في الآخرة،ولهذا لا تغتر بتقشف الرجل ولبسه رديء الثياب،
    فربَّ حية تحت القش،ولكن عليك بعمله وأحواله.

    5 - أن الزهد مرتبته أعلى من الورع، لأن الورع ترك ما يضر ،
    والزهد ترك ما لا ينفع في الآخرة.

    6 - أن الزهد من أسباب محبة الله عزّ وجل لقوله "ازهَد في الدنيَا يُحِبكَ اللهُ"
    ومن أسباب محبة الله للعبد وهو أعظم الأسباب: اتباع النبي صلى الله عليه وسلم
    لقوله تعالى: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ)
    (آل عمران: 31)

    7 -الحث والترغيب في الزهد فيما عند الناس، لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعله
    سبباً لمحبة الناس لك، وهذا يشمل أن لا تسأل الناس شيئاً،
    وأن لاتتطلع وتعرِّض بأنك تريد كذا.

    مثال الأول:أن ترى مع شخص من الناس ما يعجبك من قلم أوساعة،
    وتقول يا فلان : هذه ساعة طيبة،ألا تهديها عليَّ، فإن الهدية تذهب السخيمة،
    وتهادوا تحابوا، وأتى بالمواعظ من أجل أن يأخذ الساعة ،
    لكن إذا كان هذا ذكياً قال: وأنت أيضاً أهد عليَّ ساعتك ويأتي له بالنصوص.

    أقول:إن سؤال الناس ما عندهم لا شك أنه من أسباب إزالة المحبة والمودة،
    لأن الناس يستثقلون هذا ويستهجنون الرجل ويستذلونه،واليد العليا خير من اليد السفلى.

    مثال ثان: أن تعرض بأنك تريده كأن تقول:ما شاء الله هذا القلم الذي معك ممتاز،
    ليتني أحصل على مثله،وهذا كأنك تقول له:أعطني إياه.

    فمثل هذا عليك أن تردعه، إذا طلب منك هذا فقل له: ابحث عنه في السوق،
    لأنني لا أحب أن الناس تدنو أنفسهم إلى هذا الحد، دع نفسك عزيزة ولا تستذل.

    ولكن هنا مسألة: إذا علمت أن صاحبك لو سألته لسره ذلك، فهل تسأله؟

    الجواب:نعم،لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى اللحم على النار قال:
    "ألم أرَ البرمة على النار" قالوا:يا رسول الله: هذا لحم تصدق به على بريرة،
    فقال: "هو لها صدقة، ولنا هدية"،لأننا نعلم علم اليقين أن بريرة رضي الله عنها
    سوف تسر، فإذا علمت أن سؤالك يسر صاحبك فلا حرج والله الموفق.
    ‏وقد قال ابن المبارك ‏:‏ أفضل الزهد إخفاء الزهد، وينبغى أن يعول في هذا على ثلاث علامات ‏قيل لبعضهم‏:‏ إلام أفضى بهم الزهد‏؟‏ قال‏:‏ إلى الأنس بالله‏.‏


  7. #37
    الصورة الرمزية حبيبها انا قبلك
    Title
    نبض نشيـط
    تاريخ التسجيل
    05- 2011
    المشاركات
    478

    رد: الآحاديث الآربعين النوويه _ مع الشرح والفوائد بإذن الله

    الحـــديث " الثاني والثلاثون "



    (عنْ أَبي سَعيدٍ سَعدِ بنِ مَالِك بنِ سِنَانٍ الخُدريِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهٍِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
    (لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ)

    حَدِيْث حَسَنٌ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَةَ، وَالدَّارَقطْنِيّ وَغَيْرُهُمَا مُسْنَدَاً، وَرَوَاَهُ مَالِكٌ في المُوَطَّأِ مُرْسَلاً عَنْ عَمْرو بنِ يَحْيَى عَنْ أَبِيْهِ عَن النبي صلى الله عليه وسلم فَأَسْقَطَ أَبَا سَعِيْدٍ ،وَلَهُ طُرُقٌ يُقَوِّيْ بَعْضُهَا بَعْضَاً.
    )

    حديث حسن رواه ابن ماجة وغيره بأسانيد حسنة..




    مـعنى الحـــديــث :


    قوله "لاَ ضَرَرَ" الضرر معروف،والضرر يكون في البدن ويكون في المال،
    ويكون في الأولاد، ويكون في المواشي وغيرها.

    : "ولا ضرار" أي ولا مضارة

    والفرق بين الضرر والضرار:

    أن الضرر يحصل بدون قصد، والمضارة بقصد، ولهذا جاءت بصيغة المفاعلة.

    مثال ذلك: رجل له جار وعنده شجرة يسقيها كل يوم، وإذا بالماء يدخل على جاره
    ويفسد عليه، لكنه لم يعلم، فهذا نسمية ضرراً.

    مثال آخر: رجل بينه وبين جاره سوء تفاهم، فقال : لأفعلن به ما يضره،
    فركب موتوراً له صوت كصوت الدركتر عند جدار جاره وقصده الإضرار بجاره، فهذا نقول مضار.

    والمضار لا يرفع ضرره إذا تبين له بل هو قاصده،
    وأما الضرر فإنه إذا تبين لمن وقع منه الضرر رفعه.

    وهذا الحديث أصل عظيم في أبواب كثيرة، ولا سيما في المعاملات:كالبيع والشراء والرهن والارتهان، وكذلك في الأنكحة يضار الرجل
    زوجته أو هي تضار زوجها، وكذلك في الوصايا يوصي الرجل وصية يضر بها الورثة.

    فالقاعدة: متى ثبت الضرر وجب رفعه، ومتى ثبت الإضرار وجب رفعه مع عقوبة قاصد الإضرار.

    من ذلك مثلاً: كانوا في الجاهلية يطلق الرجل المرأة فإذا شارفت انقضاء العدة راجعها،
    ثم طلقها ثانية فإذا شارفت انقضاء العدة راجعها، ثم طلقها ثالثة ورابعة،
    لقصد الإضرار،فرفع الله تعالى ذلك إلى حد ثلاث طلقات فقط.

    مثال آخر: رجل طلق امرأته ولها أولاد منه،حضانتهم للأم إلا إذا تزوجت،
    والمرأة تريد أن تتزوج ولكن تخشى إذا تزوجت أن يأخذ أولاده، فتجده يهددها
    ويقول:إن تزوجتي أخذت الأولاد،وهو ليس له رغبة في الأولاد ولا يريدهم،
    ولو أخذهم لأضاعهم لكن قصده المضارة بالمرأة بأن لا تتزوج،
    فهذا لا شك أنه حرام وعدوان عليها، ولو تزوجت وأخذ أولادها منها مع قيامها
    بواجب الحضانة ورضا زوجها الثاني بذلك، لكن قال:أريد أن أضارها،ونعرف أنه
    إذا أخذهم لم يهتم بهم، بل ربما يدعهم تحت رعاية ضرة أمهم، يعني الزوجة الثانية،
    وما ظنك إذا كان أولاد ضرتها تحت رعايتها سوف تهملهم، وسوف تقدم أولادها عليهم،
    وسوف تهينهم، ولكنه أخذهم للمضارة، فهذا لا شك أنه من المحرم.


    مثال آخر: رجل له ابن عم بعيد لا يرثه غيره، فأراد أن يضاره وأوصى بثلث ماله مضارة
    لابن العم البعيد أن لا يأخذ المال، فهذا أيضاً حرام.

    ولو سرنا على هذا الحديث لصلحت الأحوال، لكن النفوس مجبولة على الشح والعدوان،
    فتجد الرجل يضار أخاه،وتجده يحصل منه الضرر ولا يرفع الضرر.


    مثال آخر : ويدخل أيضاً في الأمور المالية كالتدليس،
    الغش في المعاملات بالمكر الخداع ،
    بيع البعض على بيع البعض، شراء البعض على شراء البعض .

    كذلك يدخل في مجال النكاح والطلاق، فلا يخطب المرء على خطبة أخيه .

    كذلك في ضرر الضرة لضرتها فلا تطلب طلاق أختها .

    كذلك يدخل في الإجارات والشركة والشركات والمؤسسات ونحوها،
    كذلك يدخل في التعامل في الأمور التي نسميها اليوم الإنسانية مع
    الجيران مع الأصحاب مع الأصدقاء مع عامة الناس حتى الضرر
    لغير المسلم يعني المعاهد الذمي نتعامل معه فلا يجوز الضر به بماله أو بذاته ،
    الضرر أيضاً في الميراث فلا يضر فلان يعطى أكثر مما يعطى فلان .


    كذلك يدخل في باب الوصايا والأوقاف فإذا كانت الوصية زادت عن الثلث معنى ذلك فيها
    مضارة لهؤلاء الورثة والله سبحانه وتعالى نهى عن ذلك .

    كذلك في الأوقاف لا يجوز إيقاف المال كله وفيه مجموعة من الورثة محتاجين إلى هذا المال.

    كذلك الضرر في الأعراض يدخل مثلاً كمسائل الغيبة ،النميمة، الحسد ،
    والمضارة أيضاً بين الموظفين يأتي موظف لينقل كلاماً للمسئول عن الموظف الآخر
    أو عن موظف في دائرة أخرى لمسئول آخر لقصد المضارة .


    فنستنبط هذه القاعدة أن الضرر مرجعه في جميع هذه الأبواب تفويت مصلحة أو جلب مفسدة .

    وهناك ضرر على مستوى المجتمع بأكمله ويكمن على سبيل المثال في بعض الاعتداءات سواء بالقتل بالنسبة للأبدان،
    أو سرق الاموال وغيرها من قِبل عصابات السرقة التي توتر المجتمع وتخلّ قوامه .

    وكذلك الضرر في الجوانب الصحية مثل قضية الأمراض المعدية فإنه لا يجوز أن أُدخل إنساناً
    مصاباً بمرض معدٍ في مجتمع ينتشر من خلاله هذا المرض .

    ينبني على هذه القاعدة ( لا ضرر ) أنه إذا وقع الضرر يجب أن يزال فتكون بإزالته من ولي الأمر أومن شخص بعينه ،

    مثلاً في قضية الأسرة، رب الأسرة هو الذي يجب عليه أن يزيل الضرر ،
    أما إذا كان في مسائل القذف وتوابعها مثل المخدرات ونحوها فيزيله ولي الأمر والقاضي
    والمسئول عن هذه الأمور وكذلك الناس يتعاونون معهم في هذا الباب.

    فالضرر يُزال، ولا يعطف على الضار من الناس إنما يعطف على المجتمع بأكمله في
    قضية إزالة الضرر، فقد لا يزال الضرر إلا بضرر!،
    لكن علينا أن ننتبه إلا أنّ الضرر لا يُزال بضرر مثله، إنما إذا اضطرينا لإزالته بالضرر فيتوجّب أن يكون أخفّ منه ..

    لذلك قالوا الضرر لا يزال بمثله وإنما الضرر الأكبر يُدفع بالضرر الأخف

    وهؤلاء الذين نشروا الفاحشة أو الذين روجوا المخدرات وغيرهم الذين يقتلون ويشردون،
    فإنّه قد لا يُزال ضررهم عن المجتمع إلاّ بضرر آخر ! لكني ينبغي لهذا الضرر الآخر أن يكون أخفّ ..

    على سبيل المِثال ننظر لقضية القاتل ، فإنه طبعاّ بقتله هذا قد ألحق الضرر بغيره ،
    والله سبحانه وتعالى يقول :
    ﴿ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ﴾
    [البقرة:179].

    والقصاص معناه أننا نقتص من المُعتدي، وبالتالي هذا القاتل تُزهق روحه ..
    وهنا نقول أن القتل بالنسبة لهذا الشخص يعتبر ضرر به ، لكن هذا الضرر يعتبر أخف من الضرر الذي ألحقه القاتل بالمجتمع بأكمله ،
    و في هذا الضرر الأخف ( نعني قتل هذا الشخص القاتل ) حياة للمجتمع بأكلمه .

    فالضرر يزال لكن لا يزال بمثله وإنما يزال بالضرر الأخف وهكذا .

    وعلينا أن ندرك في هذا الحديث أن الله سبحانه وتعالى عدل وبنى هذا الكون على العدالة
    وأوجب العدالة بين الناس، فلمَّا يُنفى الضرر معنى ذلك أن هذا مطلب لوجود العدل وإشاعته بين الناس
    ولذلك قال الله سبحانه وتعالى :

    ﴿ قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ ﴾

    [الأعراف:29] .

    والقسط هو العدل ومعنى العدل أن يأخذ كل إنسان حقه ومن حقه ألا يتعدى أحد عليه وألا
    يتعدى على أحد يعني لا يضر أحداً ولا يضره أحد .

    هذا الحديث يعتبر قاعدة من قواعد الشريعة، وهي أن الشريعة لا تقر الضرر، وتنكر الإضرار أشد وأشد والله الموفق.


  8. #38
    الصورة الرمزية حبيبها انا قبلك
    Title
    نبض نشيـط
    تاريخ التسجيل
    05- 2011
    المشاركات
    478

    رد: الآحاديث الآربعين النوويه _ مع الشرح والفوائد بإذن الله

    الحـــديث " الثالث والثلاثون "



    (عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

    " لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدعوَاهُمْ لادَّعَى رِجَالٌ أَمْوَال قَومٍ وَدِمَاءهُمْ، وَلَكِنِ البَينَةُ عَلَى المُدَّعِي، وَاليَمينُ عَلَى مَن أَنكَر "
    )





    مـعنى الحـــديــث :


    قوله "لَو يُعطَى" المعطي هو من له حق الإعطاء كالقاضي مثلاً والمصلح بين الناس.

    وقوله "بِدَعوَاهُم" أي بادعائهم الشيء،سواء كان إثباتاً أو نفياً.

    كأن يدعي شخصاً مّا على آخر بأنّه قد أخذ منه ألف ريال

    فمثال الإثبات هنا :أن يقول المُدعي : أنا أطلب من فلاناً ألف ريال.

    ومثال النفي:أن ينكر المُدعي عليه ما يجب عليه لفلان،

    "لادعَى رِجَال"المراد بهم الذين لا يخافون الله تعالى،وأما من خاف الله تعالى
    فلن يدعي ماليس له من مال أو دم،

    "أَموَال قَوم"أي بأن يقول هذا لي، هذا وجه.

    ووجه آخر أن يقول: في ذمة هذا الرجل لي كذا وكذا ، فيدعي ديناً أو عيناً.

    "وَ دِمَاءهُم"بأن يقول: هذا قتل أبي، هذا قتل أخي وما أشبه ذلك،
    أو يقول: هذا جرحني، فإن هذا نوع من الدماء.

    فلو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال أموال قوم ودماءهم، لأن كل إنسان
    لا يخاف الله عزّ وجل لا يهمه أن يدعي الأموال والدماء.

    "وَلَكِنِ البَينَةُ"البينة: ما يبين به الحق، وتكون في إثبات الدعوى "عَلَى المُدَعي"
    "وَاليَمين" أي دفع الدعوى "عَلَى مَنْ أَنكَر" .

    فهنا مدعٍ ومدعىً عليه، والمدعي : عليه البينة، والمدعى عليه: عليه اليمين ليدفع الدعوى.

    نطرح مثالاً على ذلك لعلّه يُبسط قاعدة هذا الحديث :

    ادّعت هيام على شذى بأنها قد سرقت حُليّها ( من ذهبٍ وفضة ...)
    في هذه الحالة وُجبَ على هيام أن تأتي بدليل يؤكد دعواها ( وهذا هو البينة )
    فإن أنكرت شذى ذلك يجب عليها اليمين كي تدفع الدعوى عنها .

    "وَاليَمين عَلَى مَنْ أَنكَر"أي من أنكر دعوى المدعي.

    هذا الحديث أصل عظيم في القضاء، وهو قاعدة عظيمة في القضاء
    ينتفع بها القاضي وينتفع بها المصلح بين اثنين وما إلى ذلك.

    فهو أصلا في التقاضي ،،، ينظم مجرى تنظيم الدعوة عند
    القاضي عندما يطلب إنسان دعوى على آخر.




    إنّ هذا الحديث له أهمية كبرى ... لأن الناس متفاوتون في قدراتهم وفي طلباتهم
    متفاوتون في كل أمور الحياة ، من صفات وأرزاق وأخلاق فلذلك نتيجةً لهذا التفاوت
    لابد من تنظيم عملية التقاضي ليصل الحق إلى أهله لماذا؟

    لأن هذا الدين دين عدل والله سبحانه وتعالى عدل أمر بالعدل
    ولكي نصل إلى هذه العدالة لابد من أن يجري القضاء بين الناس
    بما يحقق هذه العدالة ..
    والله سبحانه وتعالى ذكر هذا المبدأ في مواضع كثيرة

    ﴿ يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بالحق
    ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله ﴾

    [ص: 26 ] إ

    ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ ﴾
    [النحل: 90 ].

    ولا يستقيم الكون كله إلا بالعدل ووإلاّ اختل نظام الكون عن ما خلقه الله سبحانه وتعالى

    ولذلك جاء النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث !
    لأن الإنسان قد ينسى فيدعي ما ليس له أحيانا لذلك لابد من التنبيه الدقيق على أساس قاعدة هذا الحديث ..

    فهذا الحديث تنظيم لقضية الدعوى عند القاضي عندما يدعي فلان على فلان أو على مجموعة من الناس قضية معينة
    كيف تصير هذه الدعوة ؟
    البينة على المدعي واليمين على من أنكر ..



    من فــوائــــد هذا الحـديــث:

    1. أن الدعوى تكون في الدماء والأموال، لقوله "أَموَال قَوم وَدِمَاءهُم" وهو كذلك،
    وتكون في الأموال الأعيان، وفي الأموال المنافع،كأن يدعي أن هذا أجره بيته
    لمدة سنة فهذه منافع، وتكون أيضاً في الحقوق كأن يدعي الرجل أن زوجته
    لا تقوم بحقه أو بالعكس، فالدعوى بابها واسع، لكن هذا الضابط،
    وذكر المال والدم على سبيل المثال، وإلا قد يدعي حقوقاً أخرى.

    2. أن الشريعة جاءت لحماية أموال الناس ودمائهم عن التلاعب.

    3. أن البينة على المدعي، والبينة أنواع منها: الشهادة ،
    قال الله تعالى:
    (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ)
    (البقرة: الآية282)

    ومن البينة : ظاهر الحال فإنها بينة،
    فلو اختلف الزوجان في أواني البيت، فقالت الزوجة: الأواني لي،
    وقال الزوج:الأواني لي. فننظر حسب الأواني: إذا كانت من الأواني التي يستعملها
    الرجال فهي للزوج،وإذا كانت من الأواني التي يستعملها النساء فهي للزوجة،
    وإذا كانت صالحة لهما فلابد من البينة على المدعي.

    فإذاً القرائن بينة، وعليه فالبينات لا تختص بالشهود فقط.

    ومن العمل بالقرائن قصة سليمان عليه السلام، فإن سليمان عليه السلام مرت به
    امرأتان معهما ولد، وكانت المرأتان قد خرجتا إلى البر فأكل الذئب ولد الكبرى،
    واحتكمتا إلى داود عليه السلام، فقضى داود عليه السلام بأن الولد للكبيرة
    اجتهاداً منه، لأن الكبيرة قد تكون انتهت ولادتها والصغيرة في مستقبل العمر.

    فخرجتا من عند داود عليه السلام وكأنهما - والله أعلم - في نزاع، فسألهما
    سليمان عليه السلام فأخبرتاه بالخبر، فدعا بالسكين وقال: سأشق الولد نصفين،
    أما الكبيرة فوافقت، وأما الصغيرة فقالت: الولد ولدها يا نبي الله، فقضى به للصغيرة،

    لأن هنا بينة وهي القرينة الظاهرة التي تدل على أن الولد للصغيرة لأنها أدركتها الشفقة
    وقالت: كونه مع كبيرة ويبقى في الحياة أحب إلي من فقده الحياة،
    والكبيرة لا يهمها هذا، لأن ولدها قد أكله الذئب.

    كذلك قصة يوسف عليه السلام مع امرأة العزيز لما قال الحاكم:
    (إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ*وَإِنْ كَانَ
    قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ*فَلَمَّا رَأى قَمِيصَهُ
    قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ)

    (يوسف:26-28)

    ومن ذلك أيضاً :امرأة ادعت على زوجها أن له سنة كاملة لم ينفق،
    والرجل يشاهد هو يأتي للبيت بالخبز والطعام وكل ما يحتاجه البيت،
    وليس في البيت إلا هو وامرأته،وقال هو:إنه ينفق فالظاهر مع الزوج،
    فلا نقبل قولها وإن كان الأصل عدم الإنفاق لكن هنا ظاهر قوي وهو مشاهدة
    الرجل يدخل على بيته بالأكل والشرب وغيرهما من متطلبات البيت.


    4. وهنا قاعدة أيضاً أنه لو أنكر المنكر وقال لا أَحلف فإنه يقضي عليه بالنكول،
    ووجه ذلك أنه إذا أبى أن يحلف فقد امتنع مما يجب عليه،فيحكم عليه بالنكول،والله أعلم


  9. #39
    الصورة الرمزية حبيبها انا قبلك
    Title
    نبض نشيـط
    تاريخ التسجيل
    05- 2011
    المشاركات
    478

    رد: الآحاديث الآربعين النوويه _ مع الشرح والفوائد بإذن الله

    الحـــديث " الرابع والثلاثون "



    (عَنْ أَبي سَعيدٍ الخُدريِّ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعتُ رِسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقولُ:

    مَن رَأى مِنكُم مُنكَرَاً فَليُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَستَطعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ

    لَمْ يَستَطعْ فَبِقَلبِه وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإيمَانِ
    )

    رواه مسلم.



    مـعنى الحـــديــث :


    قوله"مَنْ رَأَى" المرادُ هنا من علم بمنكرٍ مّا وإن لم يرَ بعينه ،
    فيشمل من رأى بعينه ومن سمع بأذنه ومن بلغه خبر بيقين وما أشبه ذلك،

    وقوله "مُنْكَراً" المنكر:هو ما نهى الله عنه ورسوله، لأنه ينكر على فاعله أن يفعله.

    "فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ"أي يغير هذا المنكر بيده.

    مثاله: من رأى مع شخص آلة لهو لا يحل استعمالها أبداً فيكسرها.

    ولابد أن يكون منكراً واضحاً يتفق عليه الجميع،
    أي المنكر والمنكر عليه،أو يكون مخالفة المنكر عليه مبينة على قول ضعيف لا وجه له.

    أما إذا كان من مسائل الاجتهاد فإنه لا ينكره.

    "فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ"أي إن لم يستطع أن ينكره بيده فلينكره بلسانه ويكون ذلك: بالتوبيخ،والزجر وما أشبه ذلك،ولكن لابد من استعمال الحكمة،
    كما سيأتي في الفوائد إن شاء الله، وقوله "بِلِسَانِهِ" هل نقيس الكتابة على القول؟

    الجواب: نعم، فيغير المنكر باللسان، ويغير بالكتابة، بأن يكتب في الصحف أو يؤلف كتباً يبين المنكر.

    "فَإنْ لَمْ يَستَطِعْ فَبِقَلْبِهِ"أي فلينكر بقلبه، أي يكرهه ويبغضه ويتمنى أن لم يكن.

    " وَذَلِكَ" أي الإنكار بالقلب

    "أَضْعَفُ الإِيْمَانِ" أي أضعف مراتب الإيمان في هذا الباب أي في تغيير المنكر.

    و المعروف والمنكر الضابط في تحديد كونهما معروفا أو منكرا هو الشرع وليس العقل .

    و لابد من استعمال الأسلوب الحسن اللين الهادئ لأن الله سبحانه وتعالى جبل
    النفوس على قبول ما جاءه بطريق لين ولذلك أكد الله سبحانه وتعالى على هذا المعنى
    وهو
    ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ
    [النحل: 125].

    وقال لموسى ولهارون لمخاطبته لفرعون
    ﴿ فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً
    [طه: 44].

    والله سبحانه وتعالى قد سبق في علمه جل وعلى أن فرعون لم يتذكر ولم يخشى
    ولم يستفيد ومع ذلك قال
    ﴿ فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً ﴾.

    لأن هذا هو الطريق الصحيح (الاسلوب اللين ) سواء قُبل أم لم يُقبل !
    إذا لظهور جدوى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكريجب أن نستعمل الأساليب الحسنة
    والطيبة كالقول اللين والكلام الطيب المفهوم والواضح من دون شدة وغلظة وفظاظة
    اللتي هي تنفر عوضا عن تقبل النصيحة كما هو معلوم.



    ولو نظرنا لدرجات الأمر والنهي لوجدنا أن :

    الدرجة الأولى (فليغيره بيده) : هي لمن له التغيير باليد لكن لننتبه أنه لو شاع التغيير باليد بين الناس لأصبح المجتمع فوضى
    ولانتشرت نزاعات وشقاقات ودماء وأحوال وقطيعة إلى آخره ..

    لكن من له التغيير الأصلي !! الحاكم أو الوالي هو الذي يغير باليد كإقامة الحدود فيقطع يد السارق ويرجم الزاني ويقتل القاتل
    كذلك له التغيير باليد في منع أمر مّا أو في مصادرة شيء

    وهناك من هو والي أي ( راعي ) في حدوده مثلا الوالي في أسرته له أن يغير فيها
    ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال (مروا أبنائكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر) والضرب هنا تغيير باليد

    وهناك من يعطيه الوالي صلاحية التغيير باليد يعني الأصل في الإسلام بالنسبة للوالي أن جميع الصلاحيات بيده وهو بحسب تنظيمه الإداري يوزع هذه الصلاحيات فأعطى مثلا تغيير المخدرات إلى جهة معينة أو فرد معين هذا الفرد له أن يغير ضمن الصلاحيات التي أعطاها إياه الوالي ..

    إذا التغيير باليد لا يكون إلا لمن له التغيير باليد وهو الحاكم أو من أعطاه الصلاحية أو في أسرته المحدودة أو في حدود ما له من الصلاحيات الشرعية في هذا التغيير

    الدرجة الثانية : التغيير باللسان والتغيير باللسان لمن استطاع فالعالم يغير باللسان والداعية يغير باللسان والمعلم يغير باللسان
    وكذلك الجار مع جاره يغير باللسان الخطيب بالمسجد يغير باللسان الواعظ يغير باللسان الإنسان العادي يغير باللسان لمن استطاع
    وللتغيير باللسان ضوابط أيضاً يجب التنبه لها .

    الدرجة الثالثة : إذا لم يستطع باللسان يغير بالقلب و معنى التغيير بالقلب أن يكره هذا المنكر ولا يرضى عنه ويتمنى عدم حدوثه .



    من فــوائــــد هذا الحـديــث:

    1- أن النبي صلى الله عليه وسلم ولى جميع الأمة إذا رأت منكراً أن تغيره،
    ولا يحتاج أن نقول: لابد أن يكون عنده وظيفة،فإذا قال أحد: من الذي أمرك
    أو ولاك؟ يقول له؟النبي صلى الله عليه وسلم لقوله "مَنْ رَأَى مِنْكُمْ" .

    2- أنه لا يجوز إنكار المنكر حتى يتيقن المنكر، وذلك من وجهين:
    الوجه الأول: أن يتيقن أنه منكر،
    والوجه الثاني:أن يتيقن أنه منكر في حق الفاعل،
    لأن الشيء قد يكون منكراً في حد ذاته،لكنه ليس منكراً بالنسبة للفاعل.

    مثال ذلك: الأكل والشرب في رمضان،الأصل أنه منكر، لكن قد لا يكون منكراً
    في حق رجل بعينه:كأن يكون مريضاً يحل له الفطر،أو يكون مسافراً يحل له الفطر.

    3- أنه لابد أن يكون المنكر منكراً لدى الجميع،فإن كان من الأمور الخلافية فإنه لا ينكر
    على من يرى أنه ليس بمنكر،إلا إذا كان الخلاف ضعيفاً لا قيمة له،فإنه ينكر على الفاعل، وقد قيل:

    وليس كل خلاف جاء معتبراً إلا خلافاً له حظ من النظر

    فلو رأيت رجلاً أكل لحم إبل وقام يصلي،فلا تنكر عليه،لأن المسألة خلافية،
    فبعض العلماء يرى أنه يجب الوضوء من أكل لحم الإبل،
    وبعضهم لا يرى هذا،لكن لا بأس أن تبحث معه وتبين له الحق.

    ولو رأيت رجلاً باع عشرة ريالات من الورق بأحد عشر، فهل تنكر عليه أو لا تنكر؟

    الجواب:لا أنكر،لأن بعض العلماء يرى أن هذا جائز،وأنه لا ربا في الأوراق،
    لكني أبين له في المناقشة أن هذا منكر، وعلى هذا فقس.

    فإن قال قائل:ما موقفنا من العوام،لأن طالب العلم يرى هذا الرأي فلا ننكر عليه،
    لكن هل نقول للعوام اتبعوا من شئتم من الناس؟

    الجواب:لا،العوام سبيلهم سبيل علمائهم، لأنه لو فتح للعامي أن يتخير فيما شاء
    من أقوال العلماء لحصلت الفوضى التي لا نهاية لها ، فنقول:أنت عامي في بلد
    يرى علماؤه أن هذا الشيء حرام،ولا نقبل منك أن تقول:أنا مقلد للعالم الفلاني أو العالم الفلاني.

    وهل قوله: "فَلْيُغَيِّرْهُ بيدهِ" على إطلاقه، بمعنى أنه مع القدرة يغير على كل حال؟

    الجواب:لا،إذا خاف في ذلك فتنة فلا يغير،لأن المفاسد يدرأ أعلاها بأدناها،
    كما لو كان يرى منكراً يحصل من بعض الأمراء،ويعلم أنه لو غير بيده استطاع،
    لكنه يحصل بذلك فتنة:إما عليه هو،وإما على أهله،وإما على قرنائه ممن يشاركونه
    في الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهنا نقول:
    إذا خفت فتنة فلا تغير،لقوله تعالى:

    ( وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ )
    (الأنعام: الآية108)

    4- أن اليد هي آلة الفعل، لقوله: "فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ" لأن الغالب أن الأعمال باليد،
    ولذلك تضاف الأعمال إلى الأيدي في كثير من النصوص،مثل قوله:
    (فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ)
    (الشورى: الآية30)
    والمراد: بما كسبتم بأيديكم أو أرجلكم أو أعينكم أو آذانكم.

    5- أنه ليس في الدين من حرج،وأن الوجوب مشروط بالاستطاعة، لقوله:
    فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ وهذه قاعدة عامة في الشريعة،قال الله تعالى:
    (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)
    (التغابن: الآية16)
    وقال عزّ وجل:
    (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا)
    (البقرة: الآية286)
    وقال النبي صلى الله عليه وسلم "مَا نَهَيتُكُم عَنهُ فَاجتَنِبوهُ،وَمَا أَمَرتُكُم بِهِ فَأتوا مِنهُ مَا استَطَعتُم"
    وهذا داخل في الإطار العام أن الدين يسر.

    6 - أن الإنسان إذا لم يستطع أن يغير باليد ولا باللسان فليغير بالقلب،وذلك بكراهة المنكر وعزيمته على أنه متى قدر على إنكاره بلسانه أو يده فعل.

    فإن قال قائل:هل يكفي في إنكار القلب أن يجلس الإنسان إلى أهل المنكر ويقول:أنا كاره بقلبي؟

    فالجواب :لا،لأنه لو صدق أنه كاره بقلبه ما بقي معهم ولفارقهم إلا إذا أكرهوه،فحينئذ يكون معذوراً.

    7 - أن للقلب عملاً، لقوله: "فَإن لَم يَستَطِع فَبِقَلبِهِ" عطفاً على قوله: "فَليُغَيرْهُ بيَدِهِ" وهو كذلك.

    فالقلب له قول وله عمل، قوله عقيدته، وعمله حركته بنية أو رجاء أو خوف أو غير ذلك.

    8 - أن الإيمان عمل ونية،لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل هذه المراتب من الإيمان،
    والتغيير باليد عمل،وباللسان عمل، وبالقلب نية، وهو كذلك، فالإيمان يشمل جميع الأعمال،
    وليس خاصاً بالعقيدة فقط،لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "الإيمَانُ بِضعٌ وَسَبعُونَ شُعبَة،
    أو قال: وَستونَ شُعبَة، أَعلاهَا: قَولُ لاَ إِلهَ إِلا الله، وَأَدناهَا إِماطَةُ الأَذَى عَنِ الطَريقِ"
    فقول: لا إله إلا الله قول لسان، وإماطة الأذى عن الطريق فعل الجوارح.


    9 - إن قال قائل: قوله: "فَليُغَيرهُ بيَدِهِ" هل هذا لكل إنسان؟

    فالجواب: ظاهر الحديث أنه لكل إنسان رأي المنكر، ولكن إذا رجعنا
    إلى القواعد العامة رأينا أنه ليس عاماً لكل إنسان في مثل عصرنا هذا،
    لأننا لو قلنا بذلك لكان كل إنسان يرى شيئاً يعتقده منكراً يذهب ويغيره
    وقد لا يكون منكراً فتحصل الفوضى بين الناس.

    نعم راعي البيت يستطيع أن يغير بيده،لأنه هو راعي البيت،
    كما أن راعي الرعية الأكبر أو من دونه يستطيع أن يغير باليد .
    كالحاكم

    وليعلم أن المراتب ثلاث: دعوة، أمر، تغيير، فالدعوة أن يقوم الداعي في المساجد
    و في أي مكان يجمع الناس ويبين لهم الشر ويحذرهم منه ويبين لهم الخير ويرغبهم فيه.

    والآمر بالمعروف والناهي عن المنكر هو الذي يأمر الناس ويقول:
    افعلوا ،أو ينهاهم ويقول لهم : لا تفعلوا . ففيه نوع إمرة.

    والمغير هو الذي يغير بنفسه إذا رأى الناس لم يستجيبوا لدعوته ولا لأمره ونهيه،والله الموفق.



  10. #40
    الصورة الرمزية حبيبها انا قبلك
    Title
    نبض نشيـط
    تاريخ التسجيل
    05- 2011
    المشاركات
    478

    رد: الآحاديث الآربعين النوويه _ مع الشرح والفوائد بإذن الله

    الحـــديث " الخامس والثلاثون "



    (عَنْ أَبي هُرَيرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:

    (لاَ تَحَاسَدوا، وَلاَتَنَاجَشوا، وَلاَ تَبَاغَضوا، وَلاَ تَدَابَروا، وَلاَ يَبِع بَعضُكُم عَلَى بَيعِ بَعضٍ، وَكونوا عِبَادَ اللهِ إِخوَانَاً، المُسلِمُ أَخو المُسلم، لاَ يَظلِمهُ، وَلاَ يَخذُلُهُ، وَلا يكْذِبُهُ، وَلايَحْقِرُهُ، التَّقوَى هَاهُنَا - وَيُشيرُ إِلَى صَدرِهِ ثَلاَثَ مَراتٍ - بِحَسْبِ امرىء مِن الشَّرأَن يَحْقِرَ أَخَاهُ المُسلِمَ، كُلُّ المُسِلمِ عَلَى المُسلِمِ حَرَام دَمُهُ وَمَالُه وَعِرضُه )

    رواه مسلم.





    مـعنى الحـــديــث :


    قوله"لا تَحَاسَدوا"
    أي لا يحسد بعضكم بعضاً.

    وما هو الحسد؟

    قال بعض أهل العلم:الحسد تمني زوال نعمة الله عزّ وجل على الغير، أي أن يتمنى أن يزيل نعمته
    على الآخر،سواء كانت النعمة مالاً أو جاهاً أو علماً أو غير ذلك.

    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله - الحسد: كراهة ما أنعم الله به على الغير وإن لم يتمن الزوال.

    ومن المعلوم أن من لازم الكراهة أن يتمنى الزوال،لكن كلام الشيخ-رحمه الله - أدق، فمجرد ما تكره
    أن الله أنعم على هذا الرجل بنعمة فأنت حاسد.

    وقوله "وَلا تَنَاجَشوا"
    أي لا ينجش بعضكم على بعض، وهذا في المعاملات، ففي البيع المناجشة:
    أن يزيد في السلعة وهو لا يريد شراءها، لكن يريد الإضرار بالمشتري أو نفع البائع، أو الأمرين معاً .

    مثال ذلك:عرضت سلعة في السوق فسامها رجل بمائة ريال، هذا الرجل السائم تعدى عليه رجل آخر
    وقال: بمائة وعشرة قصده الإضرار بهذا السائم وزيادة الثمن عليه، فهذا نجش.

    ورجل آخر رأى رجلاً يسوم سلعة وليس بينه وبين السائم شيء، لكن السلعة لصديق له،
    فأراد أن يزيد من أجل نفع صديقه البائع، فهذا حرام ولا يجوز.

    ورجل ثالث: أراد الإضرار بالمشتري ونفع البائع فهذا أيضاً حرام.


    "وَلا تَبَاغَضوا"أي لا يبغض بعضكم بعضاً ، والبغضاء لا يمكن تعريفها، تعريفها لفظها:
    كالمحبة والكراهة، والمعنى: لا تسعوا بأسباب البغضاء.

    وإذا وقع في قلوبكم بغض لإخوانكم فاحرصوا على إزالته وقلعه من القلوب.

    "وَلا تَدَابَروا"
    إما في الظهور بأن يولي بعضكم ظهر بعض، أولا تدابروا في الرأي،
    بأن يتجه بعضكم ناحية والبعض الآخر ناحية أخرى.

    "وَلاَ يَبِع بَعضُكُم عَلَى بَيعِ بَعضٍ"
    مثال ذلك:رأيت رجلاً باع على آخر سلعة بعشرة،فأتيت إلى المشتري
    وقلت: أنا أعطيك مثلها بتسعة،أو أعطيك خيراً منها بعشرة،فهذا بيع على بيع أخيه، وهو حرام

    " وَكونوا عِبَادَ اللهِ إِخوانَاً"
    أي صيروا مثل الإخوان،ومعلوم أن الإخوان يحب كل واحد منهم لأخيه ما يحب لنفسه.

    "عِبَادَ اللهِ"
    جملة اعتراضية،المقصود منها الحث على هذه الإخوة .

    "المُسلِمُ أَخو المُسلِمِ"
    أي مثل أخيه في الولاء والمحبة والنصح وغير ذلك.

    "لاَ يَظلِمهُ"
    أي لا ينقصه حقه بالعدوان عليه، أو جحد ما له ، سواء كان ذلك في الأمور المالية ،
    أو في الدماء،أو في الأعراض، في أي شيء.

    "وَلاَ يَخذُلُهُ"
    أي لا يهضمه حقه في موضوع كان يحب أن ينتصر له.

    مثاله:أن يرى شخصاً مظلوماً يتكلم عليه الظالم، فيقوم هذا الرجل ويزيد على الذي يتكلم عليه
    ولا يدافع عن أخيه المخذول ، بل الواجب نصر أخيه ولا يكذبه أي لا يخبره بالكذب،
    الكذب القولي أو الفعلي.

    مثال القولي:أن يقول حصل كذا وكذا وهو لم يحصل.

    ومثال الفعلي: أن يبيع عليه سلعة مدلسة بأن يظهر هذه السلعة وكأنها جديدة، لأن إظهاره إياها
    على أنها جديدة كأنه يقول بلسانه هي جديدة، فلا يحل له أن يكذبه لا بالقول ولا بالفعل

    "وَلاَ يَحْقِرُهُ"
    أي لا يستصغره، ويرى أنه أكبر منه، وأن هذا لا يساوي شيئاً.

    "التَّقوى هَاهُنا"
    يعني تقوى الله عزّ وجل في القلب وليست في اللسان
    ولا في الجوارح،وإنما اللسان والجوارح تابعان للقلب.

    "وَيُشيرُ إِلَى صَدرِهِ ثَلاثَ مِرَاتٍ"
    يعني قال: التقوى هاهنا، التقوى هاهنا، التقوى هاهنا،
    تأكيداً لكون القلب هو المدبر للأعضاء.

    "بِحَسبِ امرُىءٍ مِنَ الشَّرِّ" الباء هذه زائدة، وحسب بمعنى كافٍ و
    "أَن يَحْقِرُهُ" مبتدأ
    والتقدير حقر أخيه كافٍ في الشر، وهذه الجملة تتعلق بقوله:
    "وَلا يحَقِرَهُ" أي يكفي الإنسان
    من الإثم أن يحقر أخاه المسلم، لأن حقران أخيك المسلم ليس بالأمر الهين.

    "كُل المُسلِم عَلَى المُسلِم حَرَام"ثم فسر هذه الكلية بقوله: "دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرضُهُ"
    يعني أنه لا يجوز انتهاك دم الإنسان ولا ماله ولا عرضه،كله حرام.



    من فــوائــــد هذا الحـديــث:


    1- أن هذا الحديث العظيم ينبغي للإنسان أن يسير عليه في معاملته إخوانه، لأنه يتضمن
    توجيهات عالية من النبي صلى الله عليه وسلم.

    2 - تحريم الحسد لقوله "لاَ تَحَاسَدوا".

    وهل النهي عن وقوع الحسد من الجانبين ، أو من جانب واحد؟

    الجواب: من جانب واحد،يعني لو فرضنا إنساناً يريد أن يحسد أخاه وذاك قلبه سليم لا يحسد صار هذا حراماً،
    فيكون التفاعل هنا في قوله "لا تَحَاسَدوا" ليس من شرطه أن يكون من الجانبين،
    كما إذا قلت: لا تقاتلوا يكون القتال من الجانبين.

    فإن قال قائل: ما يرد على القلب أحياناً من محبة كون الإنسان أعلى من أخيه،
    فهل يدخل في الحسد؟

    فالجواب:لا، لأن الرجل لم يكره نعمة الله عزّ وجل على هذا العبد،لكن أحب أن يفوقه،
    وهذا شيء طبيعي، ولذلك لما ألقى النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه السؤال:
    أن من الشجر شجرة مثلها مثل المؤمن، كلهم لم يعرفوها، ذكروا أشياء من الشجر لكنها
    لم تكن إياه، وابن عمر رضي الله عنهما يقول: وقع في قلبي أنها النخلة،ولكني أصغر
    القوم فلم أتكلم، قال أبوه:وددت أنك قلت هذا ،لأنه إذا قالها تفوق على الحاضرين.

    فإن وقع في قلبه حسد لشخص ولكنه يدافعه ولم يعتد على الشخص، فهل يؤاخذ به؟

    الجواب:لا يؤاخذ،لكنه ليس في حال الكمال، لأن حال الكمال أن لا تحسد أحداً،
    وأن ترى نعمة الله عزّ وجل على غيرك كنعمته عليك،لكن الإنسان بشر قد يقع في قلبه
    أن يكره ما أنعم الله به على هذا الشخص من علم أو مال أو جاه أو ما أشبه ذلك،
    لكنه لا يتحرك ولا يسعى لإضرار هذا المحسود، فنقول: هذا ليس عليه شيء،لأن هذا أمر
    قد يصعب التخلص منه، إلا أنه لو لم يكن متصفاً به لكان أكمل وأطيب للقلب،
    وفي الحديث إِذَا "ظَنَنتَ فَلاَ تُحَقق، وَإِذَا حَسَدتَ فَلاَ تَبغِ".

    فمن الناس من إذا حسد بغى فتجده مثلاً يتكلم في الشخص المرموق عند الناس
    الذي يعتبر رمزاً للإنفاق في سبيل الله وفي الصدقات، ثم يأخذ بمدحه ويقول:
    لكنه يتعامل بالربا، فإذا قال هذه الكلمة معناها أنه أهبط ميزانه عند الناس،
    وهذا حسد ببغي والعياذ بالله.

    وكذلك مع العلماء، وأكثر ما يكون الحسد بين المتفقين في مهنة، كالحسد بين العلماء،
    والحسد بين التجار،والحسد بين أهل الصنائع،هذا الغالب ،
    وإلا فمن المعلوم أنه لا يأتي نجار مثلاً يحسد عالماً.

    والحسد على مراتب:

    الأولى: أن يتمنى أن يفوق غيره، فهذا جائز، بل وليس بحسد.

    الثانية:أن يكره نعمة الله عزّ وجل على غيره،ولكن لا يسعى في تنزيل مرتبة
    الذي أنعم الله عزّ وجل عليه ويدافع الحسد، فهذا لا يضره،ولكن غيره أكمل منه.

    الثالثة:أن يقع في قلبه الحسد ويسعى في تنزيل مرتبة الذي حسده، فهذا هو الحسد المحرم
    الذي يؤاخذ عليه الإنسان.

    والحسد من خصال اليهود،كما قال الله تعالى:
    (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ )
    (البقرة: الآية109)
    قال الله تعالى في ذمهم
    (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ
    وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكاً عَظِيماً)
    (النساء:54)
    والحسد يضر صاحبه لأن الحاسد لا يبقى مسروراً- والعياذ بالله- إذ إن نعم الله على العباد تترى
    ولا منتهى لها، وهذا الرجل كلما رأى نعمة من الله على غيره زاد غماً وهماً.

    والحسد اعتراض على قدر الله عزّ وجل لأنه يريد أن يتغير المقدور،ولله الحكمة فيما قدره.

    والحسد في الغالب تحدث فيه معاصٍ:كالعدوان على الغير، والمخاصمة، ونشر المعائب وغير ذلك،
    ولهذا يجب على المسلم أن يتجنبه كما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم .

    3 - تحريم المناجشة ولو من جانب واحد،وسبق أن النجش في البيع:هو أن يزيد في السلعة
    وهو لا يريد شراءها، وضربنا لهذا أمثلة.

    ولكن لو أن الرجل يزيد في السلعة من أجل أن يربح منها، بمعنى أنه لا يريدها، بل يريد الربح منها،
    فلما ارتفع سعرها تركها، فهل يعد هذا نجشاً؟

    الجواب:لا يعد هذا نجشاً،لأن هذا له غرض صحيح في الزيادة،وهو إرادة التكسب،كما لو كان يريد السلعة،
    وهذا يقع كثيراً بين الناس، تُعرَض السلعة والإنسان ليس له رغبة فيها ولا يريدها، ولكن رآها رخيصة
    فجعل يزيد فيها حتى إذا بلغت ثمناً لا يرى معه أن فيها فائدة تركها، فنقول: هذا لا بأس به،
    لأنه لم يرد إضرار الآخرين إنما ظن أن فيها فائدة فلما رأى أن لا فائدة تركها.

    4 - النهي عن التباغض،وإذا نُهي عن التباغض أمر بالتحاب، وعلى هذا فتكون هذه الجملة مفيدة لشيئين:

    الأول: النهي عن التباغض، وهو منطوقها.

    والثاني:الأمر بالتحاب، وهو مفهومها.

    ولكن إذا قال قائل: كيف نتصرف في التباغض، والبغضاء والمحبة ليست باختيار الإنسان،
    ولهذا لما ذكر العلماء- رحمهم الله - أن الرجل المتزوج لأكثر من واحدة يلزمه العدل قالوا:
    إلا في المحبة ، وعللوا ذلك بأن المحبة لا يمكن السيطرة عليها وكذلك البغضاء؟

    فالجواب على هذا: أن نقول:المحبة لها أسباب، والبغضاء لها أسباب، فابتعد عن أسباب البغضاء
    وأكثر من أسباب المحبة ، فمثلاً إذا كنت أبغضت شخصاً لأنه عمل عملاً ما، فاذكر محاسنه حتى تزيل
    عنك هذه البغضاء، وإلا ستبقى على ما أنت عليه من بغضائه، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم
    "لاَ يَفرك مؤمِن مؤمِنَة إِن كَرِهَ مِنهَا خُلُقَاً رَضيَ مِنهَا خُلُقاً آخر"
    أي لا يبغض الرجل زوجته لأنها أساءت في خلق واحد، بل يقارن:إن كره خلقاً منها رضي منها خلقاً آخر.

    كذلك المحبة: يذكر بقلبه ما يكون سبباً لمحبة الرجل من الخصال الحميدة والآداب العالية وما أشبه ذلك.

    فالبغضاء لها سبب والمحبة لها سبب، فليفعل أسباب المحبة وليتجنب أسباب البغضاء.

    5 - النهي عن التدابر،سواء بالأجسام أو بالقلوب.

    التدابر بالأجسام بأن يولي الإنسان ظهره ظهر أخيه، لأن هذا سوء أدب،
    ويدل على عدم اهتمامه به، وعلى احتقاره له، ويوجب البغضاء.

    والتدابر القلبي بأن يتجه كل واحد منا إلى جهة أخرى،بأن يكون وجه هذا
    يمين ووجه هذا شمال، ويتفرع على هذا:

    وجوب الاجتماع على كلمة واحدة بقدر الإمكان، فلنقرب الهوة بيننا حتى نكون على هدف واحد ،
    وعلى منهاج واحد، وعلى طريق واحد،وإلا حصل التدابر .

    وانظر الآن الأحزاب الموجودة في الأمم كيف هم متدابرون في الواقع، كل واحد يريد
    أن يقع الآخر في شرك الشر، لأنهم متدابرون.

    فالتدابر حرام، ولا سيما التدابر في القلوب،لما يترتب عليه من الفساد.

    6 - تحريم بيع الرجل على بيع أخيه، ومثاله سبق ذكره في الشرح.

    ولكن هل يقال:إن شراء الإنسان على شراء أخيه كبيعه على بيع أخيه؟

    فالجواب:نعم، إذ إن المعنى واحد، ومثال الشراء على شراء أخيه، أن يبيع زيد على عمرو سلعة بمائة،
    فيذهب بكر إلى زيد- البائع - ويقول:أنا أشتريها منك بمائة وعشرين، فهذا حرام لما فيه من العدوان،
    وإحداث العداوة والبغضاء والنزاع بين الناس.

    7 - وجوب الأخوة الإيمانية، لقوله صلى الله عليه وسلم "وَكونوا عِبَادَ اللهِ إِخوَانَاً".

    ولكن كيف يمكن أن يحدث الإنسان هذه الأخوة؟

    فالجواب:أن يبتعد عن كل تفكير في مساوئ إخوانه، وأن يكون دائماً يتذكر محاسن إخوانه،
    حتى يألفهم ويزول ما في قلبه من الحقد.

    ومن ذلك: الهدايا، فإن الهدية تُذهِب السخيمة وتوجب المودة.

    ومن ذلك:الاجتماع على العبادات ولا سيما على الصلوات الخمس والجمع والأعياد،
    فإن هذا يوجب المودة والأخوة، والأسباب كثيرة، والموانع كثيرة أيضاً، لكن يجب أن يدافع الموانع.

    8 - أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أمر أن نكون إخواناً بيّن حال المسلم مع أخيه

    9 - أن المسلم على المسلم حرام : دمه و ماله و عرضه.

    10 - أن لا يجني عليه بأي جناية تريق الدم أو بأي جناية تنقص المال،سواء كان بدعوى ما ليس له أو بإنكار ما عليه.

    11 - تحريم عرض المسلم، يعني غيبته،فغيبة المسلم حرام، وهي من كبائر الذنوب كما قال ابن عبد القوي في منظومته:

    وقد قيل صغرى غيبة ونميمة وكلتاهما كبرى على نص أحمد

    والغيبة فسرها النبي صلى الله عليه وسلم بأنها: "ذكرك أخاك بما يكره في غيبته"
    فإن كان في حضوره فهو سب وليس بغيبة، لأنه حاضر يستطيع أن يدافع عن نفسه،
    وقد شبهها الله عزّ وجل بأكل لحم الميت تقبيحاً لها حتى لا يقدم أحد عليها.

    واعلم أن الغيبة تختلف مراتبها باختلاف ما ينتج عنها، فغيبة الأمراء أعظم من غيبة عامة الناس،
    لأن غيبتهم تؤدي إلى كراهتهم، وإلى التمرد عليهم، وإلى عدم تنفيذ أوامرهم التي يجب تنفيذها،
    وربما تؤدي إلى الخروج المسلح عليهم، فيحصل بذلك من الشر ما الله به عليم.

    كذلك أيضاً غيبة العلماء أشد من غيرهم، لأن غيبة العلماء تتضمن الاعتداء على أشخاصهم،
    وتتضمن الاعتداء على ما يحملونه من الشريعة، لأن الناس إذا خف ميزان العالم عندهم لم يقبلوا منه.

    ولذلك نحذر من أولئك القوم الذين أعتبرهم مفسدين في الأرض، فيأتون في المجالس يغتابون فلاناً وفلاناً،
    مع أنك لو فكرت لوجدت عندهم من العيوب أكثر مما يعيبون به هذا الشخص، احذروا هؤلاء،
    لا تركنوا إليهم وانبذوهم من مجالسكم نبذاً،لأنهم مفسدون في الأرض،سواء قصدوا أو لم يقصدوا،
    فالفساد متى حصل فصاحبه مفسد،لكن مع نية الإفساد يكون ضرره أكثر وأعظم .

    ففي قضية التشبه بالكفار أيضاً :

    أن التشبه بهم متى حصل ولو بغير قصد التشبه ثبت حكمه،ومع نية التشبه يكون أعظم.

    12 - أنه لا يحل ظلم المسلم بأي نوع من أنواع الظلم، والظلم ظلمات يوم القيامة،
    وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: "مَنْ تَعَدُّونَ المُفلِسَ فيكُم؟" قَالوا:
    الذي لَيسَ عِندَهُ دِرهَم وَلاَ دينَار - أَو وَلاَ مَتَاع- قَالَ: "المُفلِس مَنْ يَأتي يَومَ القيامَةِ
    بِحَسَنَات ٍأَمثَالِ الجِبَالِ، فَيَأَتي وَقَد ضَرَبَ هَذا، وَشَتَمَ هَذا، وَأَخَذَ مَالَ هَذا، فَيَأخُذُ هَذا
    مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذا مِنْ حَسَنَاتِهِ،وَهَذا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِن لَمْ يَبقَ مِنْ حَسَنَاتِهِ شَيء
    أُخِذَ مِنْ سَيئَاتِهِم فَطُرِحَ عَلَيهِ ثُمَ طُرِحَ في النَّارِ".

    13 - وجوب نصرة المسلم، وتحريم خذلانه، لقوله: "وَلاَيَخذلهُ" ويجب نصر المسلم،سواء كان ظالماً أو مظلوماً،
    كما قال النبي صلى الله عليه وسلم "انصُر أَخَاكَ ظَالِمَاً أَو مَظلُومَاً" قَالوا: يَارَسُول الله هَذا المَظلوم،
    فَكَيفَ نَنصُرُ الظَالِمَ؟ قَالَ: "تَمنَعهُ مِنْ الظلم فَذلِكَ نَصرُكَ إيَّاهُ"
    وأنت إذا منعته من الظلم فقد نصرته على نفسه، وأحسنت إليه أيما إحسان.

    14 - وجوب الصدق فيما يخبر به أخاه، وأن لا يكذب عليه، بل ولا غيره أيضاً،لأن الكذب محرم حتى
    ولو كان على الكافرين، لكن ذكره في حق المسلم لأن السياق في ذلك.

    15 - تحريم احتقار المسلم مهما بلغ في الفقر وفي الجهل، فلا تحتقره، قال النبي صلى الله عليه وسلم
    "رُبَّ أَشعَثَ أَغبَرَ مَدفوعٌ بالأَبوابِ لَو أَقسَمَ عَلَى اللهِ لأَبرَّهُ ".

    أشعث أغبر لا يستطيع أن ينظف نفسه، مدفوع بالأبواب لا يُفتح له، وإذا فتح له أحد عرف أنه فلان رد الباب عليه،
    فدفعه بالباب، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : "لَو أَقسَمَ عَلَى اللهِ لأَبرَّهُ" فكيف تحتقر أخاك المسلم؟!.

    ولعل يوماً من الدهر يكون أعلى منك، ولهذا قال الشاعر الجاهلي:

    لا تهين الفقير علك أن تر كع يوماً والدهر قد رفعه

    تركع يوماً: أي تذل، وهذا أمر مشاهد، كم من أناس كانوا فقراء في أول حياتهم
    لا يؤبه لهم فصاروا قادة وصاروا أغنياء.

    إذاً لا تحقر أخاك المسلم،حتى لو سألته عن مسألة كلٌّ يفهمها وهو لم يفهمها لا تحتقره،
    فلعل الله يفتح عليه ويتعلم من العلم ما يكون به أعلم منك.

    16 - أن التقوى محلها القلب، لقوله: "التَّقوَى هَاهُنَا،وَأَشَارَ إِلَى صَدرِهِ" يعني في قلبه.

    17 - أن الفعل قد يؤثر أكثر من القول في المخاطبات، لأن النبي صلى الله عليه وسلم بإمكانه أن يقول: التقوى في القلب،
    لكنه قال: التقوى هاهنا وأشار إلى صدره، لأن المخاطب يتصور هذه الصورة ويتخيلها في ذهنه،
    وقد مر علينا أمثلة من هذا من الصحابة وغيرهم.

    18 - الرد على أولئك المجادلين بالباطل الذين إذا فعلوا معصية بالجوارح ونُهوا عنها قالوا: التقوى هاهنا ،
    فما جوابنا على هذا الجدلي؟

    جوابنا أن نقول: لو اتقى ما هاهنا لاتقت الجوارح، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
    "أَلا وَإِنَّ في الجَسَدِ مُضغَة إِذَا صَلحَت صَلحَ الجَسَد كُلهُ،وَإِذا فَسَدَت فَسَدَ الجَسَدُ كُلُهُ أَلاَ وَهِيَ القَلب".

    19 - عظمة احتقار المسلم، لقوله: "بِحَسبِ امرئ مِنَ الشَّرِِّأَن يَحْقِرَ أَخَاهُ المُسلِم".

    20- وجوب احترام المسلم في هذه الأمور الثلاثة: دمه وماله و عرضه،والله الموفق.



معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML