الموضوع: "... الخوف من سوء الخاتمه..."

الخوف من سوء الخاتمة
نسأل الله أن يرزقنا حسن الخاتمة، والله لقد مزق هذا النوع من أنواع الخوف قلوب الصديقين؛ بل قلوب الصالحين، وقلوب النبيين والمرسلين.
فها هو النبي صلى الله عليه وسلم يقول – كما في "صحيح البخاري" من حديث خارجة بن زيد بن ثابت، وفيه أنه لما مات عثمان بن مظعون رضي الله عنه قالت أم العلاء – امرأة من الأنصار بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رحمة الله عليك أبا السائب، فشهادتي عليك لقد أكرمك الله" فقال النبي صلى الله عليه وسلم :"وما يدريك أن الله قد أكرمه؟ فقلت : بأبي أنت يارسول الله، فمن يكرمه الله ؟ فقال : "أما هو فقد جاءه اليقين، والله لأرجو له الخير، والله ما أدري، وأنا رسول الله، ما يفعل بي".
فرسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا يدري ما يفعل به، وما هذا إلا لصدق الخوف من سوء العاقبة، ألأيس هو القائل – بأبي هو وأمي وروحي- كما في " الصحيحين" من حديث ابن مسعود رضي الله عنه: "إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار، فيدخلها، وغن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار، حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها" أخرجه البخاري.
وهذا معاذ بن جبل؛ إمام العلماء؛ سيد الأتقياء؛ وحبيب رسول الله..الذي أقسم له رسول الله، وقال " يا معاذ، والله إني لأحبك"، لما ابتلي بطاعون عمواس في بلاد الشام، ونام على فراش الموت، وهو في ريعان شبابه؛ قال لأصحابه : "انظروا هل أصبح الصباح، فنظروا، وقالوا: ليس بعد- لم يصبح الصباح- فسكت؛ ثم قال: هل أصبح الصباح، قالوا: ليس بعد، ثم قالوا: ماذا تريد؟ فقال معاذ بن جبل: " أعوذ بالله من ليلة صباحها النار"، ثم بكى، وقال " اللهم إنك تعلم أني كنت أخافك، وأنا اليوم أرجوك، اللهم إنك تعلم أني ما أحببت الدنيا لغرس الأشجار، أو لكري- لجري-لحفر-الأنهار، ولكن لظمأ الهواجر- في الحر الشديد؛ ومكابدة الساعات؛ لمكابدة الليل... ومزاحمة العلماء بالركب عند حلق الذكر"؛ ثم فاضت روحه، وهو يردد كلمة التوحيد رضي الله عنه..
ولما نام سفيان الثوري على فراش الموت بكى، فدخل عليه أحد الناس ليعوده، فسمع بكاءه، فقال : يا أبا عبد الله أتخشى ذنوبك، فأخذ عودا صغيرا من الأرض وقال: "لا والله لذنوبي أهون عندي من مثل هذا، ثم بكى وعلا صوته، وقال: ولكني أخاف أن أسلب الإيمان قبل الموت"
فسفيان الثوري؛ إمام الزهد، والعدل والعلم، والورع ويخشى أن يسلب الإيمان قبل الموت، وهو على فراش الموت؛ لما دخل عليه حماد ابن سلمة رحمه الله وقال: "أبشر يا أبا عبد الله! إنك مقبل على من كنت ترجوه، وهو أرحم الراحمين؛ فبكى سفيان، وقال: أسالك بالله يا حماد أتظن أن مثلي ينجو من النار".
وهذا الشافعي، إمام العلم، لما نام على فراش الموت دخل عليه تلميذه المزني؛ وقال: كيف أصبحت يا أبا عبد الله؛ قال: أصبحت من الدنيا راحلا، وللإخوان مفارقا، ولعملي ملاقيا، ولكأس المنية شاربا، وعلى الله واردا، ولاأدري أتصير روحي إلى الجنة فأهنئها، أم إلى النار فأعزيها. أخرجه البيهقي.
وهذا الإمام أحمد – إمام أهل السنة- يقول "الخوف يمنعني من أكل الطعام والشراب؛ فلا أشتهيه".
فالخوف من سوء الخاتمه مزق قلوب الصادقين والصديقين؛ فهذا نبينا صلى الله عليه وسلم كان يقف بين يدي الله يصلي، وهو يبكي من شدة الخوف من الله- تبارك وتعالى- كما في الحديث الصحيح: عن مطرف عن أبيه قال: "أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، ولجوفه أزير كازير المرجل" يعني: يبكي، والمرجل: القدر إذا صار يغلي؛ صوت غليانه.


الخوف من عذاب الله في الآخره
والخوف من عذاب الله في الآخره ؛ قد خافه الصالحون، بل الأنبياء والمرسلون، فقال الله تعالى لنبيه عليه الصلاه والسلام: " قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم" الأنعام- 15.
روى مسلم في الصحيح ، عن عائشة رضي الله عنها قال : فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة مخن الفراش، فالتمسته، فوقعت يدي على بطن قدميه وهو في المسجد وهما منصوبتان، وهو يقول:"اللهم أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناءا عليك أنت كما أثنيت على نفسك". أخرجه مسلم
وهذا عمر الفاروق رضي الله عنه؛ ففي صحيح البخاري أن عمر بن الخطاب قال لما طعن : "والله لو أن لي طلاع الأرض ذهبا لافتديت به من عذاب الله عز وجل قبل أن أراه".
وهذا عمر بن عبد العزيز دخل على امرأته- فاطمه- فطرح عليها خلق ساج عليه، ثم ضرب على فخدها؛ فقال "يا فاطمة لنحن ليالي دابق أنعم منا اليوم، فذكرها ما قد نسيت منعيشها، فضربت يده ضربة فيها عنف تنحيها عنها، وقالت: لعمري لأنت الويم أقدر منك يومئذ؛ فقام وهو يقول بصوت حزين: يا فاطمة، إني أخاف أن عصيت ربي عذا ب يوم عظيم، فبكت فاطمة، وقالت: "اللهم أعذه من النار".
وبكى الحسن البصري، فقيل: ما يبكيك ؟ قال: "أخاف أن يطرحني عذا في النار ولا يبالي".
وفي "الصحيحين " من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إن اهون أهل النار عذابا يوم القيامه لرجل توضع في أخمص قدميه جمرة- وفي رواية: جمرتان- يغلي منها دماغه" أخرجه البخاري.

نفعني الله وإياكم
أسأل الله لي ولكم حسن الخاتمة والموت على كلمة الحق شهادة
لا إله إلا الله محمد رسول الله

الفقيره إلى الله