كتبها: عماد البليك
ثمة العديد من النقاط المضيئة والمثيرة للانتباه والتي يمكن مراجعتها من خلال هذه القراءة، في إطار الكلمة السامية التي ألقاها حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم – حفظه الله ورعاه – في مستهل افتتاح مجلس عمان ظهر أمس. وأول ما يلفت الانتباه ويمكن الإشارة إليه بوضوح أن المفصل المركزي الذي قامت عليه الكلمة السامية هو محور المستقبل الذي يظل سؤالا لكل كائن على وجه البسيطة وهو سؤال أزلي وتاريخي، حيث أن المستقبل هو دائما هاجس البشرية وكل ما يقوم من عمليات تنمية وتطوير وتحديث هو بحث عن إجابة لما يمكن أن يحمله المستقبل من خلال التصورات التي يضعها البشر.
والنهضة العمانية المباركة على أعتاب العام الأربعين، ينفتح سؤال المستقبل بشكل أكثر الحاحا، في ظل معطيات الألفية الثالثة بعد أن قطعت شوطا نحو نهاية العقد الأول منها وبعد أن تعززت قيم المعرفة في العصر الحديث بفعل ما عاشته البشرية من تطور سريع نقلها إلى عصر التراكم المعلوماتي الذي يتطلب نوعا جديدا من المهارات في إبداع الذات وإعادة التفكير فيها بنحو غير مرئي من قبل.
وإذا كان للمستقبل أن يكون وبأية صورة كانت، فإن ذلك مرهون بشروط عديدة، جاءت في ثنايا الكلمة السامية ولعل مراجعة هذه الشروط أو الموجهات من خلال تمحيص أكثر عمقا سوف يرسم لنا مرئيات تعمل بمثابة رؤى استراتيجية أو خطط عمل للأجيال القادمة في كيفية التعامل مع الحياة والعصر بناء على بناء قدرات الذات في مراجعة نفسها والالتزام على صعيد العمل الفردي والجماعي.

ويمكن مراجعة الاطار المستقبلي الذي تتشكل أسسه من خلال الكلمة السامية في عدد من المحاور التي بالاستفاضة فيها يمكن تلمس ماهية تشكلات المستقبل وفق الرؤية السديدة لجلالته – حفظه الله – وهو يضع مستقبل أبناء وبنات عمان في الاعتبار الأول باعتبار ان الإنسان ظل دائما هو الهدف والغاية من التنمية المستدامة الشاملة في كافة جوانبها سياسية كانت أم اقتصادية، تربوية أم تعليمية أم ثقافية الخ.. مع ملاحظة أنها تعمل وفق حلقة متكاملة ومترابطة إذ يصعب الفصل بين هذه العناصر من حيث النظرة الكلية لها في ظل لغة عصرية بقدر ما تؤمن بالتخصصية في المعرفة والعلوم، إلا أنها في الوقت نفسه ترى أن هناك ما يجمع هذه المعارف في دائرة واحدة من الرؤية التي تتأسس بناء على الاعتبارات الروحانية والمادية للكائن البشري.

تأسيسات الكلمة السامية

باديء ذي بدء يؤكد جلالة السلطان المعظم أن مسيرة النهضة المباركة "شقت طريقها بخطى ثابتة، نحو آفاق التنمية الشاملة، وسعت منذ بزوغ فجرها بعزم راسخ الى فتح أبواب التطور والتقدم والرقي في مختلف مجالات الحياة العصرية"، فالأساس الذي يرتكز في الذهن هنا أن عمان نظرت إلى مفهوم التنمية الشاملة كجوهر للبناء الإنساني، بحيث يشمل المفهوم تنوعات الحياة المختلفة ومتحولاتها الطارئة، وهذه التنمية تقوم على الإطار العصري في سياق الدولة العصرية الذي آمنت به عمان منذ بزوغ فجر النهضة المباركة وتولي جلالته مقاليد الحكم، وكانت المفعلات الأولية لبناء العصر قد تمثلت في التركيز على التعليم ومن ثم التدريب والتأهيل فالسياقات الأكثر تعقيدا بالانتقال إلى المعرفة وإعادة التفكير في العلم ودوره في الحياة الإنسانية، وهو ما سبق لجلالة السلطان – حفظه الله – أن أكده أكثر من مرة بأن عصرنا هذا هو عصر المعرفة التي هي أكثر تعقيدا من مجرد تراكم معلوماتي وعلمي لا يفيد، فالمعرفة تعنى بالتوظيف والمزيد منه عبر وعي الذات وما كان في أمسها وما تنشده لمستقبلها.
وقد كان هدف التنمية الشاملة في إطار العصر هو "فتح أبواب التطور والتقدم والرقي في مختلف مجالات الحياة العصرية"، وفي سبيل ذلك فقد كانت إتاحة الفرص المتكافئة لكل المواطنين "دون تمييز أو تفرقة" بما يصب في التطلع والطموح الإنساني. والآن تثبت الشواخص الماثلة للعيان كيف أن هذا التطلع أو الآمال قد تحقق وصار مشهودا في وقائع الحياة اليومية، لكن الأمر لا يعني أن يتوقف الإنسان فالحياة تندفع دوما تجاه المستقبل، أي نحو المزيد من إرادة الذات وتوظيف القدرات والمعارف، وهذا ما أكده جلالة السلطان المعظم – بما "تستشرفه الدولة من أبعاد متنوعة للمستقبل".

استشراف أبعاد المستقبل

حددت الكلمة السامية عددا من النقاط بوصفها بوصلة لكيفية استشراف المواطن العماني لأبعاد المستقبل وفق ما تأسس له وما يتطلع له. هذا المستقبل المرتهن إلى حد كبير بالآمال التي لا تتوقف، وبالرغبة في المزيد من التنمية والتطوير والحياة السعيدة الآمنة المطمئنة. وإذا كان من الصعب حصر هذه الأبعاد فيمكن الاكتفاء بوضع مؤشرات لها من خلال قراءة نص الكلمة السامية.
أولا: أن المستقبل الذي تستشرفه الدولة يهدف إلى خدمة المواطنين في كيفية تحقيق الكسب لأنفسهم وأسرهم وبما يساهم بشكل عام في التنمية الاجتماعية، في هذا الإطار يمكننا الانتباه إلى مفهوم تنمية المجتمع" الذي أشار إليه جلالته والذي ينفتح نحو دلالات مختلفة بالتفكير فيه بعمق وفتحه نحو مزيد من القراءة والتمعن في الرؤية غير الخطية.
ثانيا: أن المستقبل مشروط بتطوير القدرات وزيادة الخبرات والمهارات، وهي متطلبات عصرية لابد منها مضت فيها عمان وقطعت فيها أشواطا كبيرة، ولكن بوعينا أن مفهوم الأمية في حد ذاته قد أعيد تعريفه في ظل العصر الحديث والألفية الجديدة، فسوف نفهم أن تطوير القدرات لا تحده حدود حيث أن المعرفة متجددة ومتسارعة وفي كافة الاتجاهات وبشكل يومي، ما يتطلب من الإنسان ولكي يرفع كفاءته بجدارة أن يواجه هذا التحدي بأن يكون ذهنه حاضرا بشكل متسارع أيضا مع المتغير على صعيد خبرات الوجود المختلفة، هذا الحضور الذي يعني القراءة بعمق والعمل بإخلاص يقوم على الجماعية مع توظيف المهارات في إطار ما يخدم الهدف من المشروع أو العمل المعين.
ثالثا: سمة دعوة واضحة إلى انفتاح فرص العمل نحو المزيد من الفرص وهذا يعني دعوة إلى الابتكار والتجديد والخلاقية والإبداع المتنور، ولا يخفى على أحد منا أن العالم يشهد يوميا كما كثيفا من الاختراعات والمبتكرات التي هي في خلاصتها منجز بشري. وانفتاح فرص العمل في هذا العصر يؤشر له بالمضي نحو مجالات غير تقليدية في العمل مثل مجالات الخدمات والمعلومات واقتصاد المعرفة إلى ما أكثر تعقيدا من ذلك كمجالات الاقتصاد الافتراضي القائم على توظيف فضاءات شبكة المعلومات الدولية كما نرى في تجربة موقع "الحياة الثانية" الذي يقوم على إبداع اقتصاد "حقيقي" يدر الربح ويحقق الفائدة المعنوية والمادية، رغم أنه يقوم على مجرد الافتراض والقدرة على التخيل وليس له أي شروط مرئية واضحة كما في الاقتصاد المجسم المعروف والذي ينعكس في المباني والطرق والمصانع وغيرها.
رابعا: ان المستقبل يتعلق إلى حد بعيد بقدرة الذات الإنسانية على رؤية مستقبلها من خلال الذات الكلية للمجتمع بدءا من محيط الأسرة الصغيرة إلى المحيطات الأكثر كثافة من مجتمعات العمل ومنظمات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية والنقابات وغيرها من وسائط التواصل التي تمكن الإنسان من الشعور بالذات والمساهمة في التنمية الذاتية والجماعية في الوقت نفسه.

كيف يتشكل المستقبل المشرق؟

ربط حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم – أبقاه الله – مفردة المستقبل بـ "الإشراق" والتي هي مفردة تحيل إلى معان وضاءة مختلفة يمكن تلخيصها في سياق البدايات الجديدة والمتجددة للذات، فالشروق هو عملية نعايشها يوميا في حياتنا وليست عملية تتم مرة واحدة فحسب، وإذا كان للإنسان أن يتعلم من سنن الكون التي أوجدها الله، فإن ما نتعلمه من الشروق، والإشراق، والمشرق في إطار الارتباط بالمستقبل، أن الذات مطالبة بـ "البحث" الدائم عن الجديد من خلال دورة الإحياء اللازمة للحيوية وإعادة بناء نشاط الفرد والمجتمع.
إن "الإشراق" وفقا للكلمة السامية هو الذي يحمل عناصر "التقدم والنماء والسعادة والرخاء" وهي الصفات الإيجابية التي تتفاعل بها الذات إيجابيا مع الكون وفي الوقت نفسه تتطور بها وتندفع إلى المستقبل بمتلازمة متجددة لكن ما هي دعامات هذه المتلازمة؟ هنا يمكن الرجوع إلى محددات أو دعامات متلازمة الإشراق، والتي حددها جلالته في "الهمم العالية والعزائم الماضية والصبر والإخلاص والمثابرة". وقد أكد جلالته أن "أبناء وبنات عمان يتمتعون بقسط كبير من تلك الصفات السامية" وأكد جلالته أيضا "يشهد بهذا ماضيهم وحاضرهم".. لقد تأكد إذن المعنى من خلال الإرث والموروث والماضي، ويبقى ما يتعلق بالمستقبل، وفي هذا الإطار يؤكد جلالته "نحن لا ريب لدينا بأنهم قادرون على بناء مستقبل سعيد بإذن الله".
هذا يجعل المسؤولية تتضاعف أمام كل كادح تجاه رؤية مستقبله على نحو أفضل، بناء على ما هو مؤسس له في التراث الإنساني العماني، بيد أن ذلك لا يعني الركون إلى الماضي، إذ لابد من تجديد الذات وإعادة رفدها بكل ما هو مثير للعزائم، ويؤدي إلى الإخلاص والتفاني في العمل وحبه، وهذا يتطلب من جهة التزام الإنسان تجاه مكتسباته الحضارية التي تأسست عبر قرون طويلة من عرق وبذل الأجداد، أيضا التزام تجاه المعاني السمحة التي زودته بها عقيدته ودينه، ويضيف لذلك ما يحمله أفق العصر من خبرات لابد له أن يتزود بها، بحيث يتناغم الأصيل في النفس مع المتغير والمتجدد، في طريقة تقوم على تراكم الإيجابيات ونفي السلبيات بشكل مستمر، وفقا لبحث الذات عن إشراقها الدائم.

تجسدات التنمية الشاملة وآفاقها

قد تحقق لعمان وخلال أربعة عقود إرث مميز من المشروعات التنموية التي جاءت وفق رؤى التنمية المستدامة الشاملة وراعت التوافق بين العنصر البشري والبيئة والفضاء الكوني بشكل عام، في ظل ارتباط مفهوم التنمية بهذا المثلث. وقد أكد جلالته في الكلمة السامية "أن مشروعات التنمية الشاملة ماضية في طريقها المرسوم في مختلف أرجاء البلاد" وخصص جلالته "مجالات البنية الأساسية والصناعة والسياحة" بوصفها فضاءات مستقبلية للتنمية، لكن هذا التخصيص لا يعني من نظرة أولية أن هذه المجالات قائمة بذاتها فهي متداخلة إلى حد كبير مع مجالات الحياة الأخرى من تعليم لثقافة لصحة لمتطلبات المجتمع والحياة بشكل عام.
وما يحكم الفكر التنموي بشكل عام في هذا الإطار يتحدد وفقا لرؤية المقام السامي بحسب "تحقيق الفائدة للجميع" أيضا "المشاركة" وهنا يمكن الإشارة من جديد إلى فكر العمل الجماعي الذي يشترط فيه الفائدة المشتركة بحيث تتخارج النتائج والمحصلات من محيط الفرد إلى الذات المجتمعية الكلية.
وإيمانا من صاحب الجلالة – حفظه الله – وهو المعنى الذي سبق لجلالته أن أكده في حوارات صحفية سابقة، أن العالم يتجه نحو الانفتاح الكوني في عصر العولمة والتحالفات الاقتصادية، وفي ظل خصوصية الذات الثقافية. في هذا الإطار جاءت دعوة جلالته بالاستثمار في المشروعات المذكورة مفتوحة للمستثمرين من المواطنين والأجانب، ومن شأن ذلك أن ينوع الأفكار ومصادر التمويل ويدفع نحو تجديد في فكر التنمية عبر التقاطع مع الكوني، وقد كانت عمان من الدول السباقة في تبني فكر الكونية التي تؤمن باستقرار العالم أجمع من خلال التعاون المشترك، ومن خلال "الإيلاف" الذي يؤمن بأن الاستقرار الاقتصادي هو أحد المداخل الهامة إلى الاستقرار السياسي والسلام ونشر الأمن والطمأنينة بين بني البشر.
وفي إطار التنمية الشاملة تأتي البنية الأساسية بوصفها مرتكز كل صناعة وسياحة، وقد قطعت عمان فيها شوطا كبيرا، وبخصوص الصناعة فهي أفق مفتوح بما يحد العقل الإنساني من تفكير وخيال، أما مجال السياحة فهو مجال مستقبلي تتمتع عمان بمقوماته الطبيعية والبشرية، وندرك جميعنا مقومات أرض عمان من ناحية السمات الجغرافية والطبيعية كذلك من ناحية الصفات البشرية التي أشار إليها جلالته في مقدمة الكلمة السامية وعرفت بـ "الصفات السامية"، وهذه دعائم مركزية لبناء فكر سياحي منفتح نحو المستقبل بثقة عبر الخطط والمعرفة المتوافقة مع المتغيرات الكونية ومع ما يحمله كل وقت من مستجدات في مفاهيم الحياة وقيمها، مع الإدراك أن الذات الراسخة في قيمها لا تتغير.
إن مشاركة المجتمع في التنمية يعني فتح باب الاستثمار المبدع لكل قادر على العطاء، فالدولة كانت هي التي تقوم بمعظم المشروعات ويأتي هذا الدور المستقبلي ليؤكد على الإيمان بقدرات الإنسان العماني والشركات المحلية كذلك الإيمان بالحوار والفكر المتجدد عبر التعايش مع الآخر ومع المستجدات العصرية.

المرأة.. ومسؤولية المستقبل

خصصت الكلمة السامية جزءا كبيرا منها للمرأة العمانية بتأكيد دورها في مسيرة النهضة المباركة، عبر توفير فرص التعليم والتدريب والتوظيف لها ودعم دورها في المجتمع، وجاء في نص الكلمة السامية: "لقد أولينا، منذ بداية هذا العهد اهتمامنا الكامل لمشاركة المرأة العمانية، في مسيرة النهضة المباركة فوفرنا لها فرص التعليم والتدريب والتوظيف ودعمنا دورها ومكانتها في المجتمع، وأكدنا على ضرورة إسهامها في شتى مجالات التنمية، ويسرنا ذلك من خلال النظم والقوانين التي تضمن حقوقها وتبين واجباتها، وتجعلها قادرة على تحقيق الارتقاء بذاتها وخبراتها ومهاراتها من أجل بناء وطنها، وإعلاء شأنه. ونحن ماضون في هذا النهج، إن شاء الله، لقناعتنا بأن الوطن في مسيرته المباركة، يحتاج إلى كل من الرجل والمرأة فهو بلا ريب، كالطائر الذي يعتمد على جناحيه في التحليق إلى آفاق السماوات ، فكيف تكون حاله إذا كان أحد هذين الجناحين مهيضا منكسرا؟ هل يقوى على هذا التحليق؟!".
تكشف صورة الاستعارة الأخيرة كيف أن المجتمع يقوم على مفهوم المشاركة بين الرجل والمرأة، وأن مسؤولية المرأة تجاه المستقبل هي مسؤولية الرجل نفسها الأمر الذي يتطلب من المرأة أن تنظر إلى دورها وفق رؤية غير كلاسيكية تمكنها من المساهمة الفاعلة في التنمية الاجتماعية المستقبلية المنشودة وفق توجيهات جلالته التي جاءت في مقدمة الكلمة السامية.
وقد أشار جلالته في هذا المقام إلى "ندوة المرأة العمانية التي عقدت بسيح المكارم بولاية صحار، في أكتوبر الماضي والتي خرجت بجملة من التوصيات" باركها واعتمدها المقام السامي، وجاء تخصيص السابع عشر من أكتوبر من كل عام يوما للمرأة العمانية ودلالات ذلك تتعلق بالاحتفاء بالمرأة، وفي هذا اليوم يتم إبراز منجزات المرأة خلال عام مضى ويتم القاء الضوء على الإسهامات التي قامت بها في خدمة المجتمع.
بيد أن الدور المستقبلي للمرأة العمانية وفقا لما تأسس في عقود النهضة المباركة، وما هو منشود، يرتبط بإنتاج فكر متجدد يعمل على نشر الوعي الصحيح بدور المرأة ومكانتها وفقا لتأكيد جلالته، لأن من شأن ذلك إذا يعزز فعليا مكانة المرأة وتطلعها نحو المستقبل.
والمرأة الآن مدعوة " إلى الاستفادة من كافة الفرص التي منحت لها لإثبات جدارتها، وإظهار قدرتها في التغلب على ما يعترض طريقها من عقبات"، بمعنى أنها أمام مسؤولية تاريخية يكون عليها تحملها من خلال تعضيد خبراتها ومهاراتها ومعارفها واستيعاب الدور المستقبلي لها بشكل أكثر كفاءة بما يجعلها تتغلب فعليا على العقبات وترسم مستقبل الجناح الثاني من طائر المجتمع، حتى يكون التحليق في سماوات الأفضل والأرحب في أفق المستقبل الذي تنشده الأجيال القادمة.

عمان والعالم.. وفكر السلام

في إطار العلاقة مع العالم الخارجي ابتداء من دائرة المنطقة إلى دائرة العالم الأكبر، فقد كان تأكيد جلالة السلطان المعظم – حفظه الله ورعاه – على أن السياسة الخارجية لعمان "معروفة للجميع وهي مبنية على ثوابت لا تتغير، قوامها العمل على استتباب الأمن والسلام والسعادة للبشرية كافة". وأي مراقب للسياسة الخارجية العمانية، يدرك هذا الجانب من الفكر العماني الذي تأسس منذ فجر النهضة العمانية بناء على رؤى حكيمة وواضحة المعالم لجلالة السلطان المعظم، وقد ترسخ هذا الفكر عبر السنوات بحيث صار واضحا وملازما لعمان وطنا وإنسانا، حيث الدعوة للتسامح والمحبة والسلام والعمل المشترك مع الجميع القائم على هذه المبادئ المحبة لخير الإنسانية جمعاء.
وقد كانت تأكيدات المنجز العماني في هذا الإطار جلية في الجوائز والشهادات الدولية التي نالتها عمان من المجتمع الدولي في هذا الإطار، كذلك الطريقة التي تعاملت بها عمان مع الأزمات على مستوى المنطقة بوجه خاص وعلى مستوى عربي وعالمي أيضا. وكان صاحب الجلالة – أبقاه الله – في مقدمة قادة العالم الذين يؤمنون بالفكر الإنساني المشترك ودوره في دفع السلام والتنمية والخير للبشرية، وبفضل السياسة الحكيمة كانت عمان واحة السلام التي تحب السلام للجميع.