إن 18 من نوفمبر عام 1940م كان مولد جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - أعزه الله وأيده بنصره - وفي نفس التاريخ سُجل كذلك ميلاد جديد لعمان الحديثة، أعلن عنه يوم 23 يوليو من عام 1970م، وهذان الرقمان إذا ضربتهما معاً سيكون حاصلهما (414) عاماً، وإذا حذفت منهما (30) عاماً، وهي الفترة بين ميلاد جلالة السلطان ـ حفظه الله وأبقاه - وتاريخ تسجيل ميلاد عُمان ، سيكون الناتج (384) عاماً، فإذا ضغط هذا الناتج في (39) عاماً سوف تكتشف إن معجزة ربانية ظهرت بأرض عُمان، قوامها إنسان غير عادي، أودع فيه رب العزة والجلال قدرات غير عادية، في زمن مختلف في معطياته وإمكانياته، إذ استطاع أن ينشئ دولة عصرية من العدم بمقياس نشوء وتطور البلدان عبر كل الأزمان.
ولا يمكن لأي شخص أن يشعر بهذا الفارق الكبير الذي حدث لعمان ، إلاّ من كان يراقب قيام المعجزة، أو عايشها خطوة بخطوة ، فهل تصدقون يا من ولدتم بعد عام 1970م، إن منطقة روي المكتظة بالبنيان، أنه في عام 1971م لم يكن بها عدى قلعة بيت الفلج ، وأما ما عدى ذلك فهو أراض فارغة ومدرج مطار، اللهم إلاّ من بعض المزارع البسيطة المبعثرة هنا وهناك ، وبعض الحيوانات الأليفة ترعى في الأودية والشعاب، وكنا نقطع المسافة انطلاقة من مدينة مطرح عبر روي بسيارات لاندروفر أو شاحنات الـ (بيدفورد) حيث لا طرق حديثة ، ولا شوارع ممهدة ، وبالطبع لن أقول لكم : ماذا كان موجوداً في تلك المسافة الفاصلة بين روي وبلدة السيب عداء مناطق خالية من البشر ، ولم تكن أرجاء عُمان أحسن حالاً من وضع منطقة روي ، وهي بالطبع من ضواحي العاصمة ، وهذا ما رأيته رأي العين أنا شخصياً عندما حضرت من قريتي لرؤية مسقط بعد التغيير، فلم أقرأه من تاريخ مدون، ولا من قول راوٍ لحديث متناقل عن شاهد أعيان.
إن الذي تحقق لم يكن ليتحقق على أرض عمان بالدعاء أو الأمل والترجي، وإنما كان ذلك بتخطيط واع، وقرار صائب من لدن قائد فذ شجاع، وشعب وفيّ مقدام، لقد اجتمع إذن الخير كله على أرض عمان، وكان ثمره نهضة وبنيان، فصعب أن تجد بلداً بهذه المواصفات، يحتضن شعب عريق كريم مقدام، ووطن عزيز معطى ظل ينتظر الفرصة منذ عام 1856م ليقيض الله له قائداً حكيماً ملهماً فذاً شجاع، ليقود مسيرة توقفت برهة من الزمان لتعود تطاول بعنفوانها الثريا وأنجم السماء، فلتهنئي يا عُمان الخير بطيب العيش في هذا الأوان وكل أوان، عزيزة أبية وصمام أمان، وواحة أمن وحب وسلام وإطمئنان في حِمى قابوس السلطان بتوفيق من رب العزة والجلال، ليس أمام أمره شيء محال، وهنيئاً لكم العيد عاما بعد عام، دمتم سلطاننا بصحة وعافية وطيب بال، وبركات على عُمان وشعبها ورفعة ومنعة على الدوام.





حمد بن سالم العلوي
كاتب عماني