النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: لك الله ايتها الحروف المكلومة

  1. #1
    الصورة الرمزية ابن الفارض
    Title
    نبض جديــد
    تاريخ التسجيل
    06- 2008
    العمر
    43
    المشاركات
    66

    لك الله ايتها الحروف المكلومة

    \
    .
    .
    .
    .
    فنْجانُ قهْوة فارغ إِلّا مِنْ بِضع قَطَرَاتٍ غفلتْ عنهَا ساعاتُ الأرقِ ؛
    كُوبُ شَايِ مُمْتَلِئٍ إِلَى مُنْتَصَفِهِ مَهْجُورٍ مِنْ سَاعَاتٍ عَدِيدةِ ؛ تماماً كهذا الشّارعِ الذي لا تزورهُ سوى الظّلالٌ و لا تسكُنه سوى الذّكرى ...
    و أكوامٌ من أوراقٍ و كتبٍ مبعثرةٍ بميزانِ ( العبثِ) على كلِّ ركنٍ كفِيلةٍ لِجعلِ رُؤْيةِ مادَّةِ صُنْعِ الطَّاوِلةِ أَمْراً شِبْهَ مُسْتحِيلٍ ...
    هذا ما استقر عليه حال مكتبي فِي لَيْلتِي هذِه !

    جلستُ لحظاتٍ أظنّها كانتْ طويلةً على كرسيّ المكْتبِ أتأمّلُ هذه الفوضى العارِمة التي لا أَدري كيفَ حلّت بهذا المكتبِ المسالِمِ و لا متى ؛
    باذل جهوداً مستميتة في أنّ أتزحزحَ من مكاني و أرتّب المكان ؛ إلّا أنِّي سرعانَ ما فررتُ ببقايا هشّةٍ من روحِي نحو ذاكِرةٍ صدئةِ أكْثر ممّا يطيقُه بشرٌ.
    .
    .
    .

    النّسيانَ نعمةٌ أسبغَ اللهُ بها على كثيرٍ من العبادِ المحظُوظين بيدَ أنِّي للأسفِ لستُ من ضمنهم،
    بلْ في كثيرِ من الأحيان أدعو اللهَ مخلِصً أنْ أفيقَ يوماً لأجد أنَّ كلّ البؤر السّوداء في دماغِي قدْ مُحيَتْ للأبدِ و الثُّقُوبِ التِّي شمِلتْ رُوحي رُتِّقتْ ؛ حَتَّى تِلْكَ النّدوبُ المنتشِرةُ على صَفْحةِ هذا القلبِ الذي لازلتُ أكافحُ لحمله في زمنٍ السّواد الأعظمُ فيه تنكّر لقلبِه ؛ انْدمَلتْ !



    صعبٌ جدّاً أنْ تجد نفسِك الوحِيدَ الوفيَّ للماضي بأدَقِّ تفَاصيله ؛ في حين أنّ الجميع و بدُونِ استثناء ٍيمْتهِنُونَ النِّسيانَ !
    و الأصْعَبُ مِن كلَّ هذا حين تَحْذُو حذوهم و تفْتعِل أَنْتَ الآخر النِّسيان ؛
    فَتتعذَّب وقتها مرّتينِ :
    الأولى بِسببِ ذاكَ المِهماز الذِي يَلكزُ القلْبَ قبل الذّاكرةِ ليُفيقَها على هشَاشةِ تَصَوُّراتِها و حِلْكةِ المَاضي و سَوادٍ قاتمٍ يتوعَّدُكَ بمزيدٍ مِنَ الْأَسى فِي الغدِِ ...
    و الثّانية لأنّكَ وقْتَها لن تَسْتطيع البَوْحَ بأنَّ الذِّكْرى لا تزالُ مُوجِعةً و حيَّةً بيْنَ جَنْبَيْكَ ؛ خَوفاً مِنْ تِلْكَ الأعْيُنِ المغْرورقَةِ المُصابَةِ بِتُخْمةِ ( الأَلمِ) ...فتضْطَرّ َلابْتلاَعِ الغُصَّةِ دُونَ ( آه) !



    مُتْعِبٌ جِدّاً أنْ تتألَّمَ بِتُهْمَةِ الحَياةِ مَع سَبْقِ الإِصْرارِ و التَّرصُّدِ ؛ في حِين أنَّ جِنايَتكَ فِي وَاقعِ الأَمْـرِ هي مجِيئُكَ إلى هَذه الحَياةِ مُقمّطاً في كفَنٍ !



    قَديماَ قِيلَ (حينَ كانُوا يقْرنُون الأقْوالَ بالأَفْعالِ) :
    [ حِين تَبْكِي السَّماءُ تُقِيمُ الأرضُ الأَعْراسَ ]
    فما أشبَهَ حَالنا بحَال هذه الأرضِ ، كثيراً من الأحيانِ تجدنا نقيمُ الأفراح لنعيِ الأتراح و ننثرُ الابتساماتِ لسَمـاعِ ( آهٍ) انُطلقَتْ مِلْئَ قلبِ مُنْفَطِرٍ !
    لذا تَجِدُني أقولُ ـ أَنا ( بيّاعُ الكَلامِ بشَهادةِ الشُّهودِ) ـ :
    الأرضُ لا تّقيم الأفراحََ البتّةَ كما يُوحِي إلينا نظرُنا القاصِر ؛ فكلّ تلك المراسمِ ما هي سوى استجداءات للسّماءِ في أن ترحم الأرض من طوفانٍ قد يذهبُ بها إلى قرار هاويةٍ سحيقة !
    نفس تلك الأمطارِ القادرة على إحياء الأرض تستطيع أن تودي بها إلى الحتف من أوسعِ الأبواب !
    .
    .
    .

    ينتشِلني صوتُ وقعِ أقدامٍ آتٍ من بعيد من مهاوي التيه ؛
    أتفحصُّ ما حولي جيّدا !
    لا شيء تغيّر ها هنا؛ كلّ شيء مكسوّ بالفوضى كما كان عليه !
    فلكم أحتاجُ إلى لملمةِ روحي أوّلا قبلَ الشّروعِ في ترتيبِ هذا المكتب...


    [ يستمرُّ العزف على أوتارِ حزنٍ مقيتٍ ؛ يصكُّ كلَّ الأسماعِ و يشنّف خاصّتي]




    *

    *

    لكلِّ من مرّ ؛ من لم يمرّ و من لن يمرّ _أعطرُ التّحايا _

  2. #2
    الصورة الرمزية عاشق السمراء
    Title
    "رجل عادي جدا"
    تاريخ التسجيل
    05- 2002
    المشاركات
    21,307

    رد: لك الله ايتها الحروف المكلومة

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابن الفارض مشاهدة المشاركة
    \

    .
    .
    .
    .
    فنْجانُ قهْوة فارغ إِلّا مِنْ بِضع قَطَرَاتٍ غفلتْ عنهَا ساعاتُ الأرقِ ؛
    كُوبُ شَايِ مُمْتَلِئٍ إِلَى مُنْتَصَفِهِ مَهْجُورٍ مِنْ سَاعَاتٍ عَدِيدةِ ؛ تماماً كهذا الشّارعِ الذي لا تزورهُ سوى الظّلالٌ و لا تسكُنه سوى الذّكرى ...
    و أكوامٌ من أوراقٍ و كتبٍ مبعثرةٍ بميزانِ ( العبثِ) على كلِّ ركنٍ كفِيلةٍ لِجعلِ رُؤْيةِ مادَّةِ صُنْعِ الطَّاوِلةِ أَمْراً شِبْهَ مُسْتحِيلٍ ...
    هذا ما استقر عليه حال مكتبي فِي لَيْلتِي هذِه !

    جلستُ لحظاتٍ أظنّها كانتْ طويلةً على كرسيّ المكْتبِ أتأمّلُ هذه الفوضى العارِمة التي لا أَدري كيفَ حلّت بهذا المكتبِ المسالِمِ و لا متى ؛
    باذل جهوداً مستميتة في أنّ أتزحزحَ من مكاني و أرتّب المكان ؛ إلّا أنِّي سرعانَ ما فررتُ ببقايا هشّةٍ من روحِي نحو ذاكِرةٍ صدئةِ أكْثر ممّا يطيقُه بشرٌ.
    .
    .
    .

    النّسيانَ نعمةٌ أسبغَ اللهُ بها على كثيرٍ من العبادِ المحظُوظين بيدَ أنِّي للأسفِ لستُ من ضمنهم،
    بلْ في كثيرِ من الأحيان أدعو اللهَ مخلِصً أنْ أفيقَ يوماً لأجد أنَّ كلّ البؤر السّوداء في دماغِي قدْ مُحيَتْ للأبدِ و الثُّقُوبِ التِّي شمِلتْ رُوحي رُتِّقتْ ؛ حَتَّى تِلْكَ النّدوبُ المنتشِرةُ على صَفْحةِ هذا القلبِ الذي لازلتُ أكافحُ لحمله في زمنٍ السّواد الأعظمُ فيه تنكّر لقلبِه ؛ انْدمَلتْ !



    صعبٌ جدّاً أنْ تجد نفسِك الوحِيدَ الوفيَّ للماضي بأدَقِّ تفَاصيله ؛ في حين أنّ الجميع و بدُونِ استثناء ٍيمْتهِنُونَ النِّسيانَ !
    و الأصْعَبُ مِن كلَّ هذا حين تَحْذُو حذوهم و تفْتعِل أَنْتَ الآخر النِّسيان ؛
    فَتتعذَّب وقتها مرّتينِ :
    الأولى بِسببِ ذاكَ المِهماز الذِي يَلكزُ القلْبَ قبل الذّاكرةِ ليُفيقَها على هشَاشةِ تَصَوُّراتِها و حِلْكةِ المَاضي و سَوادٍ قاتمٍ يتوعَّدُكَ بمزيدٍ مِنَ الْأَسى فِي الغدِِ ...
    و الثّانية لأنّكَ وقْتَها لن تَسْتطيع البَوْحَ بأنَّ الذِّكْرى لا تزالُ مُوجِعةً و حيَّةً بيْنَ جَنْبَيْكَ ؛ خَوفاً مِنْ تِلْكَ الأعْيُنِ المغْرورقَةِ المُصابَةِ بِتُخْمةِ ( الأَلمِ) ...فتضْطَرّ َلابْتلاَعِ الغُصَّةِ دُونَ ( آه) !



    مُتْعِبٌ جِدّاً أنْ تتألَّمَ بِتُهْمَةِ الحَياةِ مَع سَبْقِ الإِصْرارِ و التَّرصُّدِ ؛ في حِين أنَّ جِنايَتكَ فِي وَاقعِ الأَمْـرِ هي مجِيئُكَ إلى هَذه الحَياةِ مُقمّطاً في كفَنٍ !



    قَديماَ قِيلَ (حينَ كانُوا يقْرنُون الأقْوالَ بالأَفْعالِ) :
    [ حِين تَبْكِي السَّماءُ تُقِيمُ الأرضُ الأَعْراسَ ]
    فما أشبَهَ حَالنا بحَال هذه الأرضِ ، كثيراً من الأحيانِ تجدنا نقيمُ الأفراح لنعيِ الأتراح و ننثرُ الابتساماتِ لسَمـاعِ ( آهٍ) انُطلقَتْ مِلْئَ قلبِ مُنْفَطِرٍ !
    لذا تَجِدُني أقولُ ـ أَنا ( بيّاعُ الكَلامِ بشَهادةِ الشُّهودِ) ـ :
    الأرضُ لا تّقيم الأفراحََ البتّةَ كما يُوحِي إلينا نظرُنا القاصِر ؛ فكلّ تلك المراسمِ ما هي سوى استجداءات للسّماءِ في أن ترحم الأرض من طوفانٍ قد يذهبُ بها إلى قرار هاويةٍ سحيقة !
    نفس تلك الأمطارِ القادرة على إحياء الأرض تستطيع أن تودي بها إلى الحتف من أوسعِ الأبواب !
    .
    .
    .

    ينتشِلني صوتُ وقعِ أقدامٍ آتٍ من بعيد من مهاوي التيه ؛
    أتفحصُّ ما حولي جيّدا !
    لا شيء تغيّر ها هنا؛ كلّ شيء مكسوّ بالفوضى كما كان عليه !
    فلكم أحتاجُ إلى لملمةِ روحي أوّلا قبلَ الشّروعِ في ترتيبِ هذا المكتب...


    [ يستمرُّ العزف على أوتارِ حزنٍ مقيتٍ ؛ يصكُّ كلَّ الأسماعِ و يشنّف خاصّتي]




    *

    *


    لكلِّ من مرّ ؛ من لم يمرّ و من لن يمرّ _أعطرُ التّحايا _

    من حضورك
    وهذا القلم الجم بالشعور
    وبتلك الصور الصامتة
    التي سكنت لباب الفكر
    رسمت لنا حوار دامس الابهام
    وكأنك تغزل على مسامعنا
    موسيقى بلا صوت !!
    رائع ايها الرجل !!

    ومساء جميل ...........!!

    تقديري !!

  3. #3
    الصورة الرمزية ابن الفارض
    Title
    نبض جديــد
    تاريخ التسجيل
    06- 2008
    العمر
    43
    المشاركات
    66

    رد: لك الله ايتها الحروف المكلومة

    عاشق السمراء
    و هلْ بعدَ الجمالِ الذي سكبته ها هُنا جمال !
    شكراً كثيراً ...على هذا المرورِ الذي يعلم الله كَم أسعدنِي
    شكراً لأنَّك بكلِّ هذا النقّاء ..

    لا تحرم حرُوفي مِن هكذا مرور عطِر
    دُمتَ بسعادةٍ و خير
    في حفظِ الباري


  4. #4
    الصورة الرمزية رائد
    Title
    نبض متألـق
    تاريخ التسجيل
    12- 2008
    المشاركات
    3,115

    رد: لك الله ايتها الحروف المكلومة



  5. #5
    الصورة الرمزية انين الورد
    Title
    نبض جديــد
    تاريخ التسجيل
    06- 2009
    العمر
    37
    المشاركات
    173

    رد: لك الله ايتها الحروف المكلومة

    كلمات تحكي واقع مرير وهي الذكرى والغصه حين تعلق في الحلقوم

    النسيان نعمه وتظل الذكرى أجمل ويصعب علينا نسيانه

    ولكن الله شاء ان نعيش كما هي الأرض فمنها خرجنا ونشأنا فيها

    ماأروع ماقرأتك هنا سيدي

    كون بخــير

  6. #6
    الصورة الرمزية ابن الفارض
    Title
    نبض جديــد
    تاريخ التسجيل
    06- 2008
    العمر
    43
    المشاركات
    66

    رد: لك الله ايتها الحروف المكلومة

    رائد
    انا شاكرا لك مرورك من هنا وجدا

  7. #7
    الصورة الرمزية ابن الفارض
    Title
    نبض جديــد
    تاريخ التسجيل
    06- 2008
    العمر
    43
    المشاركات
    66

    رد: لك الله ايتها الحروف المكلومة

    انين الورد

    الطَّبيب أيضاً يسألكِ و باهتمام عمَّا يؤلمكِ ، و موطِن الألم و منذ متى و أنت تشعرين به ،
    بل حتَّى أنَّه يسمَح لنفسِه بأن يصف الدَّواء .
    لكنَّه - مثلهم تماماً - .. ينسى اسمكِ و مرضَكِ و شحوبَ وجهِكِ حالما تضعُين رجلكِ خارجة عتبةِ عيادتِه .
    و مثلهم تماماً هُوَ .. إذْ لا يصرفُ ما ادَّخره من عُمرِه ليجلس بجوار وسادتِكِ في ليالي توجُّعِكِ الطويلة.

    النَّصُ يختالُ بأنْ حظي بمرور من هُم مثلكِ .. لروحكِ شكرٌ كثير
    و قافلة امتنان لا تجدين لها نهاية ..

  8. #8
    الصورة الرمزية الاصايل انثى
    Title
    نبض مبــدع
    تاريخ التسجيل
    11- 2007
    المشاركات
    2,396

    رد: لك الله ايتها الحروف المكلومة

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابن الفارض مشاهدة المشاركة
    \


    .
    .
    .
    .
    فنْجانُ قهْوة فارغ إِلّا مِنْ بِضع قَطَرَاتٍ غفلتْ عنهَا ساعاتُ الأرقِ ؛
    كُوبُ شَايِ مُمْتَلِئٍ إِلَى مُنْتَصَفِهِ مَهْجُورٍ مِنْ سَاعَاتٍ عَدِيدةِ ؛ تماماً كهذا الشّارعِ الذي لا تزورهُ سوى الظّلالٌ و لا تسكُنه سوى الذّكرى ...
    و أكوامٌ من أوراقٍ و كتبٍ مبعثرةٍ بميزانِ ( العبثِ) على كلِّ ركنٍ كفِيلةٍ لِجعلِ رُؤْيةِ مادَّةِ صُنْعِ الطَّاوِلةِ أَمْراً شِبْهَ مُسْتحِيلٍ ...
    هذا ما استقر عليه حال مكتبي فِي لَيْلتِي هذِه !

    جلستُ لحظاتٍ أظنّها كانتْ طويلةً على كرسيّ المكْتبِ أتأمّلُ هذه الفوضى العارِمة التي لا أَدري كيفَ حلّت بهذا المكتبِ المسالِمِ و لا متى ؛
    باذل جهوداً مستميتة في أنّ أتزحزحَ من مكاني و أرتّب المكان ؛ إلّا أنِّي سرعانَ ما فررتُ ببقايا هشّةٍ من روحِي نحو ذاكِرةٍ صدئةِ أكْثر ممّا يطيقُه بشرٌ.
    .
    .
    .

    النّسيانَ نعمةٌ أسبغَ اللهُ بها على كثيرٍ من العبادِ المحظُوظين بيدَ أنِّي للأسفِ لستُ من ضمنهم،
    بلْ في كثيرِ من الأحيان أدعو اللهَ مخلِصً أنْ أفيقَ يوماً لأجد أنَّ كلّ البؤر السّوداء في دماغِي قدْ مُحيَتْ للأبدِ و الثُّقُوبِ التِّي شمِلتْ رُوحي رُتِّقتْ ؛ حَتَّى تِلْكَ النّدوبُ المنتشِرةُ على صَفْحةِ هذا القلبِ الذي لازلتُ أكافحُ لحمله في زمنٍ السّواد الأعظمُ فيه تنكّر لقلبِه ؛ انْدمَلتْ !



    صعبٌ جدّاً أنْ تجد نفسِك الوحِيدَ الوفيَّ للماضي بأدَقِّ تفَاصيله ؛ في حين أنّ الجميع و بدُونِ استثناء ٍيمْتهِنُونَ النِّسيانَ !
    و الأصْعَبُ مِن كلَّ هذا حين تَحْذُو حذوهم و تفْتعِل أَنْتَ الآخر النِّسيان ؛
    فَتتعذَّب وقتها مرّتينِ :
    الأولى بِسببِ ذاكَ المِهماز الذِي يَلكزُ القلْبَ قبل الذّاكرةِ ليُفيقَها على هشَاشةِ تَصَوُّراتِها و حِلْكةِ المَاضي و سَوادٍ قاتمٍ يتوعَّدُكَ بمزيدٍ مِنَ الْأَسى فِي الغدِِ ...
    و الثّانية لأنّكَ وقْتَها لن تَسْتطيع البَوْحَ بأنَّ الذِّكْرى لا تزالُ مُوجِعةً و حيَّةً بيْنَ جَنْبَيْكَ ؛ خَوفاً مِنْ تِلْكَ الأعْيُنِ المغْرورقَةِ المُصابَةِ بِتُخْمةِ ( الأَلمِ) ...فتضْطَرّ َلابْتلاَعِ الغُصَّةِ دُونَ ( آه) !



    مُتْعِبٌ جِدّاً أنْ تتألَّمَ بِتُهْمَةِ الحَياةِ مَع سَبْقِ الإِصْرارِ و التَّرصُّدِ ؛ في حِين أنَّ جِنايَتكَ فِي وَاقعِ الأَمْـرِ هي مجِيئُكَ إلى هَذه الحَياةِ مُقمّطاً في كفَنٍ !



    قَديماَ قِيلَ (حينَ كانُوا يقْرنُون الأقْوالَ بالأَفْعالِ) :
    [ حِين تَبْكِي السَّماءُ تُقِيمُ الأرضُ الأَعْراسَ ]
    فما أشبَهَ حَالنا بحَال هذه الأرضِ ، كثيراً من الأحيانِ تجدنا نقيمُ الأفراح لنعيِ الأتراح و ننثرُ الابتساماتِ لسَمـاعِ ( آهٍ) انُطلقَتْ مِلْئَ قلبِ مُنْفَطِرٍ !
    لذا تَجِدُني أقولُ ـ أَنا ( بيّاعُ الكَلامِ بشَهادةِ الشُّهودِ) ـ :
    الأرضُ لا تّقيم الأفراحََ البتّةَ كما يُوحِي إلينا نظرُنا القاصِر ؛ فكلّ تلك المراسمِ ما هي سوى استجداءات للسّماءِ في أن ترحم الأرض من طوفانٍ قد يذهبُ بها إلى قرار هاويةٍ سحيقة !
    نفس تلك الأمطارِ القادرة على إحياء الأرض تستطيع أن تودي بها إلى الحتف من أوسعِ الأبواب !
    .
    .
    .

    ينتشِلني صوتُ وقعِ أقدامٍ آتٍ من بعيد من مهاوي التيه ؛
    أتفحصُّ ما حولي جيّدا !
    لا شيء تغيّر ها هنا؛ كلّ شيء مكسوّ بالفوضى كما كان عليه !
    فلكم أحتاجُ إلى لملمةِ روحي أوّلا قبلَ الشّروعِ في ترتيبِ هذا المكتب...


    [ يستمرُّ العزف على أوتارِ حزنٍ مقيتٍ ؛ يصكُّ كلَّ الأسماعِ و يشنّف خاصّتي]




    *

    *


    لكلِّ من مرّ ؛ من لم يمرّ و من لن يمرّ _أعطرُ التّحايا _

    تعج الفوضى حيث ابن الفارض وكأنه أراد أن يدس رأسه المثقل بين أكوام الورق
    البحث عن قشة النجاة
    أمر صعب وخاصة على اؤلئك الذين يملكون
    حس مرهف ومرهق
    هو ذا الألم حينما يستكين
    وتبقى حيث انت
    نتلمس أرواح الأموات البارزة في محيط الذاكرة
    وتبعث رسائلك الممزوجة بموسيقى الأرق
    خالية من كل شي سوى الحرف
    ، ويقف السؤال مكتنزًا بـ الدمع
    ليس ثمـة جواب يعود محملًا بـ المطر


    نص لا يقرأ أنما يحفظ بين طيات الذاكرة
    دمت بود
    التعديل الأخير تم بواسطة الاصايل انثى ; 23 - 09 - 2009 الساعة 03:47

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML