تكملة حكاية الملك عمر النعمان وولديه شركان وضوء المكان
الليلة التاسعة والثمانين
قالت شهرزاد :
بلغني أيها الملك السعيد أن الملك عمر النعمان قال في مكتوبه :
وأرسل لنا الجارية لأجل أن تناظرهن بين العلماء فإذا غلبتهن أرسلتها إليك وصحبتها خراج بغداد .
فلما علم ذلك شركان أقبل على صهره وقال :
هات الجارية التي زوجتك إياها .
فلما حضرت أوفقها على الرسالة وقال لها :
يا أختي ما عندك من الرأي في رد جوابنا عليه ?
فقالت له :
الرأي رأيك .
ثم قالت له وقد اشتاقت إلى أهلها ووطنها :
أرسلني صحبة زوجة الحاجب لأجل أن أحكي لأبي حكايتي وأخبره بما وقع لي مع البدوي الذي باعني للتاجر وأخبره بأن التاجر باعني لك وزوجني للحاجب بعد عتقي .
فقال لها شركان :
وهو كذلك .
ثم أخذ ابنته قضى فكان وسلمها للمراضع والخدم وشرع في تجهيز الخراج وأمر الحاجب أن يأخذ الخراج والجارية صحبته ويتوجه إلى بغداد فأجابه الحاجب بالسمع والطاعة فأمر بمحفة يجلس فيها وللجارية بمحفة أيضاً ثم كتب كتاباً وسلمه للحاجب وودع نزهة الزمان وكان قد أخذ منها الخرزة وجعلها في عنق أبيه في سلسلة من خاص الذهب ، ثم سافر الحاجب في تلك الليلة ، فاتفق أنه خرج ضوء المكان هو والوقاد في تلك الليلة يتفرجان فرأيا جمالاً وبغالاً ومشاعل وفوانيس مضيئة فسأل ضوء المكان عن هذه الأحمال وعن صاحبها ، فقيل له :
هذا خراج دمشق مسافر إلى الملك عمر النعمان صاحب مدينة بغداد .
فقال :
ومن رئيس هذه المحافل ?
قيل :
هو الحاجب الكبير الذي تزوج الجارية التي تعلمت العلم والحكمة .
فعند ذلك بكى بكاء شديداً وتذكر أمه وأباه وأخته ووطنه وقال للوقاد :
ما بقي لي قعود هنا بل أسافر مع هذه القافلة وأمشي قليلاً حتى أصل إلى بلادي .
فقال له الوقاد :
أنا ما آمنت عليك في القدس إلى دمشق فكيف آمن عليك إلى بغداد وأنا أكون معك حتى تصل إلى مقصدك .
فقال ضوء المكان :
حباً وكرامة .
فشرع الوقاد في تجهيز حاله ثم شد الحمار وجعل خرجه عليه ووضع فيه شيئاً من الزاد وشد وسطه وما زال على أهبة حتى جازت عليه الأجمال والحاجب راكب على هجين والمشاة حوله وركب ضوء المكان حمار الوقاد وقال للوقاد :
اركب معي .
فقال :
لا أركب ولكن أكون في خدمتك .
فقال ضوء المكان :
لابد أن تركب ساعة .
فقال :
إذا تعبت اركب ساعة .
ثم إن ضوء المكان قال للوقاد :
يا أخي سوف تنظر ما أفعل بك إذا وصلت إلى أهلي .
وما زالوا مسافرين إلى أن طلعت الشمس فلما اشتد عليهم الحر أمرهم الحاجب بالنزول واستراحوا وسقوا جمالهم ثم أمرهم بالمسير ، وبعد خمسة أيام وصلوا إلى مدينة حماه ونزلوا بها وأقاموا بها ثلاثة أيام .