غربت الشمس عن الجزيرة وحل الليل وبدأ الخوف يغزوا قلبيهما للمرة الاولى في حياتهما فأمسكت الواحدة بيد الاخرى واستمرتا بالسير حتى انهكت قواهما وغلبهما النعاس ونامتا تحت احدى الاشجار وفي صباح اليوم التالي شعرتا بالجوع وبدأتا بالبكاء والصراخ لعل هناك من يسمعهما وينقذهما ولكن دون جدوى فلا احد يسمع ولم يكن امامهما الا البحث عن الطعام والماء بأنفسهما فتسلقتا الاشجار وسبحتا في جداول المياه ومع مرور كل يوم كانتا تبكيان قليلا وتصرخان قليلا وتضحكان وتنامان وتلعبان.. وكل ما مر يوم ابتعدتا اكثر وتاهتا اكثر حتى وصلتا الى منطقة جرداء قاحلة مليئة بالاشواك ومر اسبوع وكانا وزاتا لم تعرفا طعم النوم والراحة وامتلأ جسديهما بالجروح والخدوش من جراء الشوك والبيئة القاسية التي تاهتا بها وكادتا ان تفقدان الامل بالنجاة ..ومن شدة الارهاق نامتا تحت اشعة الشمس تظلل الواحدة الاخرى وتحاول ان تحميها بجسدها من حرارة الشمس الحارقة.
ولم تستيقظا الا على صوت ناعم دافيء ينادي عليهما فوقفتا واخذتا بالبحث عن مصدر الصوت ولكن دون جدوى فنظرت الواحدة بعيني الاخرى وقالتا:انه صوت امنا ..وبدأتا بالصراخ اين انت...اين انت يا امنا..؟
واستمر صراخهما ولكن دون جدوى فلا احد يرد عليهما وبعد ان تعبتا سمعتا الصوت من جديد ينادي (كازانتا اين انت ) فردتا عليها بصوت واحد :نحن هنا يا امي..
فقالت لهما: هل انت جائعة يا كازانتا..؟
فردتا معا: نعم نحن جائعتان..
فقالت لهما: هل انت خائفة يا كازنتا؟
فقالتا معا: نعم نحن خائفتان..!
فقالت : هل انت متعبة يا كازنتا؟
فقالتا معا: نعم نحن متعبتان ..!
فقالت : اذا خلف هذه التله ستجدي يا كازانتا قط ينتظرك اركبي على ظهره وسيعود بك الى القصر وهناك ستجدي كل ما تريدينه.
واختفى الصوت واخذت كا و زا تركضان لتصلا الى خلف التلة وعندما وصلتا القط الذي كان حجمه بحجم النمر اقتربتا منه وسمعتا الصوت من جديد يقول لهما: هذا القط لا يستطيع حمل الا واحدة فقط فلتركبه كازانتا ولتعد الى القصر.
فوقفت كانا وزاتا محتارتان ...لا تدريان ماذا تفعلان فالقط لا يستطيع حمل الا واحدة منهن.
فقالت كانا لزاتا :اذهبي انت ..!
وقالت زاتا لكانا: بل اذهبي انت..!
ولم تستطيع الواحدة ان تقنع الاخرى بالذهاب فتركتا القط واستمرتا في طريقهما في وسط الارض القاحلة وكلما مرت عدة ايام وجدتا نبتة صغيرة تقاسمتاها وعصرتاها لتسقط قطرات الماء من اوراقها وجذعها التي بالكاد كانت تكفي لتبليل شفاههما ..واحيانا كانتا تستخدمانها في تضميد جراهما وبعد مرور تسعة ايام من رؤية القط وصلتا الى جدول ماء كبير ففرحتا وشربتا من الماء واستحمتا وعندما فكرتا في اجتياز الجدول وجدتا ان هذا مستحيل وفي نفس الوقت سمعتا (صوت امهن ينادي عليهن) كازانتا هل تريدي العودة الى البيت .
فقالتا بصوت واحد : نعم نريد..؟
فقال الصوت: اذا ستجدي يا كازانتا بعد مئة متر قارب اركبيه وعودي الى البيت .
فسارتا باتجاه القارب وحينما وصلتاه : وجدتا ان هذا القارب لا يتسع الا لواحدة منهما وسمعتا الصوت من جديد يقول هذا القارب لا يتسع الا لكازانتا فلتركبه ولتعد الى القصر.
فأخذت كل واحدة تقنع الاخرى بأن تركب هي القارب ولكن دون جدوى ..فتركتا القارب وسارتا معا بجانب الجدول في محاولة لاجتيازه.