الموضوع: الإتجار بالبشر... إلى متى؟

الإتجار بالبشر... إلى متى؟


كثيراً ما تسمعون تعبير "الإتجار بالبشر". لكن أتعلمون ما معناه؟ هل لديكم أدنى فكرة عن عدد الأشخاص الذين يعانون هذه المأساة؟ لقد أظهرت الدراسات أنّه في أي وقت من الزمان، هنالك على الأقل 2,4 مليون ضحيّة (ونصف هذا العدد من الأطفال). إنّه عدد هائل والأرباح الناتجة عن هذه التجارة تتخطّى الـ32 مليار دولار سنويّاً. يا للعار!

ما أسباب الإتجار بالبشر؟ الفقر والنقص في فرص العمل والأنظمة غير الفعالة للهجرة من أجل العمل. إذ يعاني البعض الفقر الشديد، وإذ لا تمنحهم بلادهم فرص عمل، يجدون أنفسهم مضطرّين إلى الهجرة. ولدى وصولهم إلى البلد الهدف، تكون قيمة مهاراتهم قد انخفضت، أو لا يجدون عملاً في أحيان أخرى، فيتم الإتجار بهم من جديد. وسبب آخر لهذه الآفة هو الإصابة بمرض نقص المناعة المكتسبة أو الإيدز. لكن ما العلاقة التي تربط بين الموضوعين؟ في الواقع، إنّ الناس الذين يتعرضون للإتجار ولظروف خطيرة هم أكثر عرضة من غيرهم للإصابة بالإيدز. ومن جهة أخرى، يتعرّض المصابون بهذا الداء لضغط متزايد لإيجاد عمل من أجل إعالة عائلاتهم فيصبحون فريسة سهلة لتجّار البشر.

أمّا السبب الأعظم الذي يكمن وراء ازدياد عدد الضحايا فهو الإفلات من العقوبة. ويبدو أنّ هنالك ثغرة كبيرة بين الأرقام المقدرة وعدد الضحايا المكشوف عنها. وبالفعل، لا نجد سوى بضعة آلاف إدانة لتجار البشر سنويّاً. لذا، ينبغي إطلاق حملات التوعية في كلّ أنحاء العالم، وإعلام الناس أنّ إستغلالهم ليس "الوسيلة الوحيدة للعيش".

هذا هو واقع اليوم: يتعرّض الملايين من الرجال والنساء، والأطفال للاستغلال حول العالم. فهل هناك حلّ لهذه الآفة؟ لعلّ التعليم هو الحلّ الأهم إذ على جميع الناس في كل أنحاء العالم أن يحصلوا على فرصة التعليم المجاني. كما ينبغي تطويرأنظمة التدريب المهني في جميع المناطق. أمّا البلدان التي ينطلق منها المهاجرون فعليها أن توفّر فرص العمل لهم. إلى ذلك، يجب إنشاء نقابات مناهضة للإتجار بالبشر بدعم من الحكومات. وقد يكون من الصعب تطبيق هذه النقطة الأخيرة خاصّة وأنّ العمال الأجانب يقومون بأعمال مؤقّتة أو يعملون في المجال غير الرسمي ممّا يجعل وضعهم مخالفاً للقانون. وقد يعتبر الموظّفون المواطنون أنّ هؤلاء يشكلون خطراً عليهم. وهنا يأتي دور المكتب العالمي للعمل في جنيف. فهذا المكتب يقوم اليوم بنصّ القوانين، وبالضغط على أرباب العمل وعلى مكاتب التوظيف لاحترام هذه القوانين.كما سيساعد في الكشف عن الضحايا المحتملين وتقديم المساعدة القانونية لهؤلاء العمال المهاجرين. وقد يكمن الحلّ الأمثل في أن تعمل النقابات في بلدي الإنطلاق والوصول كشبكة للتنسيق في ما بينها.

ولا يسعنا سوى أن نتمنى أن تنتهي هذه الآفة ذات يوم!