لا باس من القراءة أحيانا
:
:
:
:
:
هنا قراءة من كتاب
يقول عبد الحميد بن يحيى الكاتب: "خير الكلام ما كان لفظه فحلاً ومعناه بكراً"
وكأنه بهذا يعلن عن قسمة ثقافية يأخذ فيها الرجل أخطر ما في اللغة
وهو "اللفظ" بما أنه التجسد العملي للغة والأساس الذي ينبني عليه
الوجود الكتابي والوجود الخطابي لها. فاللفظ فحل "ذكر"، وللمرأة المعنى،
لا سيما وأن المعنى خاضع وموجه بواسطة اللفظ وليس للمعنى من وجود
أو قيمة إلا تحت مظلة اللفظ. هذه قسمة أولى أفضت إلى قسمة ثانية
أخذ فيها الرجل (الكتابة) واحتكرها لنفسه وترك للمرأة (الحكي)،
وهذا أدى إلى إحكام السيطرة على الفكر اللغوي والثقافي وعلى
التاريخ من خلال كتابة هذا التاريخ بيد من يرى نفسه صانعاً للتاريخ.
وهنا تأتي المرأة إلى اللغة بعد أن سيطر الرجل على كل الإمكانات
اللغوية، وقرر ما هو حقيقي وما هو مجازي في الخطاب التعبيري،
ولم تكن المرأة في هذا التكوين سوى مجاز رمزي أو "مخيال"
ذهني يكتبه الرجل حسب دواعيه البيانية والحياتية).
يقول أحد كبار علماء النفس وممارسي التحليل النفسي المعاصرين
(بيير داكو) في كتاب له عن: (المرأة، دراسة سيكولوجية في الأعماق)،
(أتصور لو أن المرأة هي التي حكمت مسيرة الحضارة فربما كنا
الآن متخلفين تقنياً وعلمياً عما هو راهن بنحو من ألف عام،
ولكن نعمة انتفاء الحروب، ونعمة المساواة في العلاقات بين الناس
والدول والشعوب، والحكمة التي تحل بها المشكلات العالقة كانت
ستبدو متقدمة بآلاف الأعوام عن أفضل ما ندعيه الآن).
يقول علم النفس –التحليل النفسي وعلم النفس التحليلي لكل
من فرويد ويونغ على التوالي، ثم المدارس الناشئة عن كل
منهما أو عنهما معاً- بإجماع واضح مؤداه:
-إن الذكورة تتحقق في "الخارج" كاختراق هو تعبير العدوانية،
بينما تتحقق الأنوثة في "الداخل" كحكمة هي تعبير الحفاظ على
الحياة وتجددها الدائم.
الذكورة في الخارج تمارس عدوانيتها وتمشي نحو عدوانية جديدة كي
تضمن الشعور باستمرار تحققها، وهي في ذلك تشتط فتدمر، وتخلق –بالقوة-
ما يناسب شططها وتدميريتها من أحوال ومفاهيم ومعايير. أما الأنوثة فتمارس
حكمة الطبيعة الرحمية التي تريد أن تهب الحياة، مجددة، ضد التشويه والتدمير.
قد يكون دخول الأنثى إلى الكتابة بقوة أمراً طيباً أو مقدمة
جيدة لمساواة حقيقية في إصلاح اللغة والتاريخ…
ولكن، كيف يمكن اعتبار الأمر كذلك ما دامت تدخل من
أبواب التشويه الذكوري وبالأدوات الذكورية ذاتها؟!
أوراقٌ مشاكسـة -لأحمد يوسف داود
وسيبقى الجدل من أجل أحداث بناء مدينة فاضلة
ما وجد ذكر أو أنثى
من وجد قبل من
وهل حقا مازلنا نبحث عن اللغة في حرف
أنثى
أو
ذكر