الموضوع: رمضان شهر التوبة والغفران

رمضان شهر التوبة والغفران


الصوم عبادة من العبادات التي فرضها الله على عباده ولشهر رمضان الكريم منزلة خاصة بين الشهور عند الله سبحانه وتعالى بنزول الوحي بالقرآن على نبي الله محمد )صلى الله عليه وسلم(؛ فيقول الله تعالى في كتابه الكريم "شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس و بينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه" ولأن الله فضل هذا الشهر الكريم وفرض فيه عبادة الصوم على أمة محمد صلى الله عليه وسلم فلقد حبب خلقه فيه فترى المسلمين في هذا الشهر حريصين على فريضة الصوم.

غير أنّه لعلّ شهر رمضان أصبح موسماً استهلاكياً يبدأ بالإستعداد له المسلم وغير المسلم، فنحن اليوم دخلا في عصر أصبح فيه كل شيء له علاقة بالسوق والاستهلاك وشراء المزيد؛ يتشارك الجميع في مشاهدة المسلسلات والبرامج التي تجذب المشاهدين وكأنه أصبح "شهر المسلسلات التلفزيونية"، كما ويتشارك الجميع في تذوق الحلويات والمأكولات التي قد لا يستطيع الفرد الحصول عليها سوى خلال هذا الشهر الفضيل.

ما إن تبدأ تباشير الشهر الكريم حتى تتّجه الأسر العربية بمختلف عاداتها الغذائية إلى الأسواق لشراء الأطعمة والمأكولات التي تملئ رفوف المطبخ والثلاجة، وما إن يقبل شهـر رمضان حتّى تلحظ تغيّرًا في نظام الحياة اليومي للمسلمين، فيبدؤون بالاستعداد لهذا الشهر الفضيل وتنشط لديهم الحياة الاجتماعية؛ فيعـود الأهل والأقارب الذين أشغلتهم الحياة إلى التلاقي عن طريق التهنئات أو حول مائدة الإفطار.

فقبل دخول شهر رمضان بأيّام، وإن ذهبت إلى الأسواق والمتاجر، وجدت الناس يجمعون أصنافاً وألواناً من الطعام والشراب بكميات كبيرة، فترتفع نتيجة ذلك أسعار الخضار بشكل كبير في كل البلاد العربية والإسلاميّة مع بداية رمضان
كأسعار البندورة والخيار وغيرها من المكوّنات الأساسية للفتّوش أو السلطة.

وكما جرت العادات "الحديثة"، تبدأ المحطّات التلفزيونيّة بعرض مسلسلات من مختلف أنحاء الوطن العربي حيث يزداد التنافس بين الأعمال الدراميّة التي تعرض على شاشات القنوات الفضائيّة العربيّة، فيستعدّ أصحاب الفضائيّات والإذاعات لرمضان قبل مجيئه بستّة أشهر على الأقل عبر حشد الأفلام والمسلسلات وبرامج المسابقات حيث ترتفع نسبة المشاهدين بشكل ملحوظ، وبالأخص البرامج التي تعرض بعد موعد الإفطار. وكانت قد شهدت السنوات السابقة تنافسًا قويًّا بين المسلسلات السوريّة والمصريّة؛ فترى المشاهد الصائم يتسمرّ أمام شاشة تلفازه كي لا يفوّت مشهدًا قصيرًا.

إلى ذلك، تعرض العديد من القنوات برامج الطبخ التي تتفنّن في طرق إعداد أطباق الطعام والحلويات والمأكولات والمشروبات الرمضانيّة. كما يكثر الحديث عن وجبات الفطور والحلوى الأمر الذي يصبح حديثًا يستحوذ على معظم الجلسات الرجالية والنسائية سواء في المنزل أو في الأماكن العامة والعمل، وتجد الجميع يحاول أن يستوحي مأكولات جديدة من الغير لطبخها لمائدة الإفطار.

ولعل الأمر المميّز في شهر رمضان هو طريقة استقبال الأحياء الشعبية لهذا الشهر عبر تزيين الحي والمنطقة والبدء بتحضير موائد الرحمن لإستقبال الفقراء. كما وتجد متاجر الحلويات تقوم بتحضير مكونات بعض الحلويات العربية التي تكاد لا تصنع سوى خلال هذا الشهر كالكلاج والعثملية والقطايف وغيرها من الحلويات التي صبغت هذا الشهر بنكهتها المميزة؛ فترى الجميع مقبلاً على شرائها قبل موعد الإفطار أو بعده حيث في كلّ الأوقات ستجد محلّ الحلويات مزدحمًا بالزبائن.
‏
اللهم بلغنا رمضان وتقبّله منا واجعلنا ممن يصومونه ويقومونه وبارك لنا في شعبان واغفر لنا وارحمنا، كل عام وأنتم بخير وعافية.