وسقطت آخر أوراقي قبل أن يسقط الخريف معانقا وريقات الشجر
وجفت جميع جذوري ولم يبقى إلا الجذع قد سكنته الآلام وغطاه صقيع من حزن
هما العينان حائرتان في اللاشيء
هو الذهن شارد في اللاشيء
لم يبقى من الأنفاس إلا كنسمات يقتات بها الجذع شيئا من ألم وشيئا من حلم بعيد
وأفق يقبع خلف البعيد ترنو إليه كل النظرات المرتابة/ وبلهفة تتبعها الحواس ولا تدركها!!
أي ذنب ترى اقترفه المسكين حين جلس متكئ على ألمه؟!
وأي غربة رحل إليها ذلك الشاب في مقتبل عمره ولم يعد حتى أنهكه البياض؟!
فقد رحلت الأيام عنا وولت وانزوينا خلفها كالأمس الذي نسانا.
أي غيمة ترى ستهطل وردا وبردا وعصافير تحلق فتلحق بتلك الابتسامة التي راحت بين الشفاه واختفت
وأي كلمة قيلت لتلك اللحظات التي اختفت
وهيهات أن تعود
وكما كانت الحياة واعتدناها ترحل وتأخذ بعضا منا أو كلينا
ولا تبقي إلا ذكريات / هيهات ما ترحل هي الاخرى
فكم من مرة تذكرت أن أتأمل هديتك المتواضعة تلك .. هناك
وكم من مرة فتحت ذلك الدولاب ونبشت بين زواياه لتحضن عيناي صورتك المخفية فيه
فمازال ذلك البدر يستمد بهاءه من شمس لا تتوقف عن الإشراق والإحراق
هو هكذا الصيف سيدي يحرق ذاكرتي كورقة شجر
ويزيل عناء التفكير كقطرات عرق تنساب من ذلك الفلاح .. هناك
فهل كنتَ أنت .. يوما ذو حس مرهف أو حتى قلب؟!
قلب لا يعرف إلا انه متقلب مع الرياح الهوجاء والإغواء؟؟!
/
يااااه بعد عصر اليوم الخامس عشر ومنذ اليوم الأول ذاك
أجد أن الفصول تتشابه وتختلف في بقائي محاولة لملمة أوراقي المنهكة/المتساقطة في كل مكان ..
حتى آخر ورقة حين سقطت خلفها يدُ مشعرة وأخرى كانت يدي
وعدت أدراجي أنا وظل هو يحمل الورقة إلى عينيه
وفي جيبه الأيمن وضع آخر ابتسامة لي .. ورحل
:
:
:
عيون الكستناء