بسم الله الرحمن الرحيم



همسة : بإرادةٍ صلبةٍ .. نقولُ : لا, لكلِّ الأعمالِ الإجراميّة ضدّ إخواننا فلسطينيّي العراقِ لأنهم سُنَّة ..
فَمِن عُمقِ مأساتهم وُلِدت حملة النصرة لإيواء فلسطينيي العراق، ومن رحمِ مُعاناتهم جاءت هذه السّلسلة المُترابطة "سلسلةِ الراصد" .. مكوّنة من مَجموعةٍ من الحلقاتِ تتحدثُّ عن الإنتهاكات من خلالِ شواهدَ مستوحاةٍ من عذاباتِ الفلسطينييّن العراقيين على أيدي الميليشيات الشيعية العراقية .. كلٌّ حسبَ مُصيبته .. و بكلماتٍ خطّوها و الدّمعةُ في عُيونهم .. و الأسى يلفُّ قلوبَهم .. و الأملُ بحلِّ قضيّتهم يعتلي رَغباتِهم .. و بصوتٍ لا يتجاوزُ صداهُ حدودَ المخيّم : أين الأمان و الحياة ؟








الحلقة الرابعة


" حرمانٌ .. فتعويضٌ عن الأهلِ والخلاَّن "




الاسـمُ: أمجد زكيّ إبراهيم.
العمـر: 28 عامـاً.
الحالـة الاجتمـاعيـَّة: أعزب.
مكـانُ الاقـامـةِ الحـاليـَّة: مخيَّم التنف الحـدوديُّ بين الحـدودِ السـوريَّةِ العراقيـَّةِ.
رقـم الخيمـة: 79.


حالُ أمجد لا تختلفُ عن حالِ مهند .. فكلاهُما اعتُقِلَ .. واختُطِف .. وعُذِّب .. لكنَّ خسارتهما ربما تختلفُ .. أمجد لم يبقَ له فردٌ من أسرتِه .. يعيشُ هذه الأيامِ الصَّعبةِ وحيداً في خيمتِهِ في مخيَّمِ التنفِ للاّجئين .. هو الوحيدُ الذي قدَّم لنا صورتَه لتُنشرَ مع قصَّتِه .. في حينِ أحجمَ آخرون عن ذلك .. قال : من لي أخافُ عليهِ سوى نفسِي التي تعِبَت وضاقت بها السُّبل .. فالموتُ أرحمُ من حياةِ البعدِ والذلِّ.


كتبتُ قصَّتَه وأنا أسترقُ النَّظرَ بين الفينةِ والأخرى إلى صورتِه .. أنظرُ إلى عينيِهِ التي احتبسَت بهمَا دمعةٌ .. إن انهمرَت غسلت في طريقِها حزناً يعتصرُ قلبَه .. أمجدُ كان أكثرُ الأفرادِ رغبةً في الحديثِ لنا عن قصتِه .. وأكثرُهم عجالةً في نشرِِها .. فما عادَ له صبرٌ على حياةٍ خلَت من الأهلِ والخلاَّنِ .. بالرَّغمِ ممَّا يحيطُه بهِ أهلُ المخيَّم .. من محبَّةٍ واهتمامٍ .. وصدقٍ في المعاملةِ وتعويضٍ عن الحرمانِ.


تعرَّضَ أمجدُ لإصابةٍ في رقبتهِ بأيدي جنودِ الإحتلالِ الأمريكيِّ قبلَ ثلاثِ سنواتٍ, نُقِل على إثرِِها إلى المشفَى الَّذي طُرِدِ منهُ بعدَ التعرُّفِ على جنسيَّتِهِ الفلسطينيةِ, وبتاريخِ 29-6-2006 حُدِّد له موعدُ إجراءَ عملٍ جراحيِّ في مشفى الشَّهيدِ عدنانِ خيرِ الله على أنَّهُ عراقيٌّ, لكنَّه اعتُقِل بعد معرفةِ جنسيَّتهِ الحقيقيَّةِ على يدِ قواتِ حفظِ النِّظام وبدؤا بتعذيبِِه دونَ رحمةٍ بوضعِه الصحيِّ المتدهورِِ ولمدَّة سبعِ ساعاتٍ من الحاديةِ عشرَ صباحاً وحتَّى السَّابعةِ عصراً.

تعرَّض خلالَها لأشدِّ وأعنفِ أنواعِ التعذيبِ, من تقليعِِ أظافرَ يديهِ وضربِِه بكبلٍ كهربائيِّ غليظ ٍوتعريتِهِ من ملابِسِه,
بعدَها حُوِّلَ إلى ( لواءِ الذيب ) وليُحتَجزَ عندهُم مدَّة 15 يوماً دون طعامِ أو ماءِ, ثمَّ نقلوهُ إلى ( لواءِ البركان ) للتَّحقيقِ معَهُ وتعذيِبِه, وبعدَ دفعِه مبلغ 5000 دولار خرجَ من المعتقلِ وبشرطِ مغادرةِ العراق.

وفعلاً بتاريخِ 5-8-2006 دخلَ مخيَّمَ التنف, بعدَ أن غادرَ العراق مع شقيقِه إبراهيم زكي إبراهيم الذي قُتِل في طريقِهم على يد العصاباتِ الإجراميةِ, وكذلكَ صديقاهُ إسماعيل محمد و وائل الطيراوي ولا تُعرفُ أماكنَ جثَثِهم إلى الآن.

أمجدُ لا زالَ يقطنُ مخيَّمَ التنف حتَّى اليومِ .. يعاني لوعةَ الحرمانِ .. وظلماً زرعَه في القلبِ من يدَّعون الانتماء للإسلامِ .. محاطاً برعايةٍ ممن يشاركونَه الآلام والأحزان .. حتى يمنَّ اللهُ عليهِم بالفرجِِِ والغفرانِ.






انتهى


ماهر حجـازي – المنسّـق الإعـلاميّ للاّجئين
مخيّم التنف – الحدود السّـوريّة العراقيـّة





(سلسلة الرّاصد, سلسلة تنشُرُها (حملةُ النّصرةِ لإيواءِ فلسطينيّي العراق) نقلاً عن مقالات الصّحفي ماهر حجازي, و على ذلك وجبَ التّنبيه.

و يُرجى ممّن اطّلعَ عليها و وجدَ فيها الخيرَ أن يَنشُرها حيثُ استطاع.)