صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 19

الموضوع: حكم إرضاع الكبير

  1. #1
    الصورة الرمزية يوسف المصرى
    Title
    نبض نشيـط
    تاريخ التسجيل
    09- 2005
    المشاركات
    610

    حكم إرضاع الكبير

    الموضوع: حكم رضاع الكبير مصدرها: مركز الأبحاث الشرعية بدار الإفتاء المصرية التاريخ: 29/7/2007
    حكم رضاع الكبير
    بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد..
    فهذا بحث في حكم رضاع الكبير، وبيان مذاهب العلماء فيه.
    حديث الباب:
    روى الإمام مسلم في صحيحه بسنده عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: جاءت سهلة بنت سهيل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إني أرى في وجه أبي حذيفة من دخول سالم - وهو حليفه - فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أرضعيه قالت: وكيف أرضعه وهو رجل كبير فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: قد علمت أنه رجل كبير.
    وفي لفظ: عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن سالما مولى أبي حذيفة كان مع أبي حذيفة وأهله في بيتهم فأتت - تعني ابنة سهيل - النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن سالما قد بلغ ما يبلغ الرجال وعقل ما عقلوا وإنه يدخل علينا وإن أظن أن في نفس أبي حذيفة من ذلك شيئا فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: أرضعيه تحرمي عليه ويذهب الذي في نفس أبي حذيفة فرجعت فقالت: إني قد أرضعته فذهب الذي في نفس أبي حذيفة([1]).
    أقوال العلماء فيه:
    قال ابن حزم عن حديث سهلة هذا - بعد ذكره لطرقه المختلفة -: "كانت هذه الآثار قد جاءت مجيء التواتر رواها نساء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما أوردنا, وسهلة بنت سهيل من المهاجرات، وزينب بنت أم سلمة. ورواه من التابعين القاسم بن محمد, وعروة بن الزبير, وحميد بن نافع. ورواه عن هؤلاء الزهري, وابن أبي مليكة, وعبد الرحمن بن القاسم, ويحيى ابن سعيد الأنصاري, وربيعة. ورواه عن هؤلاء أيوب السختياني, وسفيان الثوري, وسفيان بن عيينة, وشعبة, ومالك, وابن جرير, وشعيب بن أبي حمزة, ويونس بن يزيد, وجعفر بن ربيعة, وسليمان بن بلال, ومعمر, وغيرهم. ورواه عن هؤلاء الناس: الجماء الغفير, فهو نقل كافة لا يختلف مؤالف ولا مخالف في صحته"([2]).
    وقال الشوكاني: "هذا الحديث قد رواه من الصحابة أمهات المؤمنين، وسهلة بنت سهيل وهي من المهاجرات، وزينب بنت أم سلمة وهي ربيبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ورواه من التابعين القاسم بن محمد، وعروة بن الزبير، وحميد بن نافع، ورواه عن هؤلاء الزهري، وابن مليكة، وعبد الرحمن، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وربيعة، ثم رواه عن هؤلاء أيوب السختياني، وسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وشعبة، ومالك، وابن جريح، وشعيب، ويونس، وجعفر بن ربيعة، ومعمر، وسليمان بن بلال، وغيرهم، وهؤلاء هم أئمة الحديث المرجوع إليهم في أعصارهم، ثم رواه عنهم الجم الغفير والعدد الكثير، وقد قال بعض أهل العلم: إن هذه السنة بلغت طرقها نصاب التواتر"([3]).
    مذاهب العلماء في رضاع الكبير:
    مذهب الجمهور (المذاهب الأربعة):
    الحنفية:
    ذهب الحنفية إلى أن الرضاع المُحَرِّم هو ما كان في حال الصغر، أما ما يكون في حال الكبر فلا يحرم عند عامة العلماء وعامة الصحابة رضي الله عنهم، إلا ما روي عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها: أنه يحرم في الصغر والكبر جميعًا.
    ثم اختلفوا في الحد الفاصل بين الصغر والكبر، فقال الإمام أبو حنيفة: أن أقصى مدة للرضاع المحرم ثلاثون شهرًا، ولا يحرم بعد ذلك سواء فطم أو لم يفطم.
    بينما يرى الصاحبان أبو يوسف ومحمد: أن المدة التي يثبت فيها التحريم هي حولان، ولا يحرم بعد ذلك سواء فطم أو لم يفطم.
    وقال زفر: ثلاثة أحوال - أي: أعوام -([4]).
    المالكية:
    ذهب المالكية إلى أن شرط حصول التحريم بالرضاع أن يكون في الحولين أو بزيادة ما قرب منهما مما له حكمه كالشهر والشهرين، وقيل الثلاثة الأشهر، أما ما وصل إلى جوفه بعد الحولين بكثير فإنه لا يحرم([5]).
    الشافعية:
    ذهب الشافعية إلى أن شرط التحريم بالرضاع حصوله قبل بلوغ الحولين، فإن بلغهما لم يُحَرِّم ارتضاعه([6]).
    الحنابلة:
    ذهب الحنابلة إلى أن شرط التحريم بالرضاع أن يرتضع الطفل في العامين, فلو ارتضع بعدهما بلحظة لم تثبت الحرمة([7]).
    وخلاصة المذاهب الأربعة (الجمهور):
    أن الرضاع الذي يثبت به التحريم هو ما كان في الصغر دون الكبر، والحد الفاصل بين الصغر والكبر مختلف فيه:
    فيرى الشافعية والحنابلة والصاحبان من الحنفية: أن حد الصغر حولان.
    أما المالكية فالزيادة القريبة عن الحولين تدخل في التحريم، وحَدُّها شهر أو شهران على المعتمد عندهم.
    بينما ذهب الإمام أبو حنيفة إلى أن حد الصغر ثلاثون شهرًا أي: عامين ونصف.
    وقال زفر بن الهذيل - من الحنفية -: أن حد الصغر ثلاثة أعوام.
    وقول الجمهور - من أن الرضاع الذي يثبت به التحريم هو ما كان في الصغر دون الكبر – هو قول أكثر أهل العلم, روي نحو ذلك عن عمر, وعلي, وابن عمر، وابن مسعود, وابن عباس, وأبي هريرة، وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم سوى عائشة، وإليه ذهب الشعبي, وابن شُبْرُمة, والأوزاعي, وإسحاق, وأبو ثور([8]).
    أدلة الجمهور:
    استدل جمهور الفقهاء لما ذهبوا إليه - من أن الرضاع المُحَِّرم هو ما كان في الصغر دون الكبر - بعدة أدلة:
    1. قوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ}[البقرة: 233]، فجعل الحق تبارك وتعالى تمام الرضاعة في الحولين، فأفهم بأن الحكم بعدهما بخلافه.
    وأخبرت هذه الآية الكريمة مع قوله تعالى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا}[الأحقاف: 15] عن أقل مدة الحمل وكمال مدة الرضاع([9]).
    2. ما روي عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وعندها رجل، فكأنه تغير وجهه، كأنه كره ذلك، فقالت: إنه أخي، فقال: "انظرن من إخوانكن، فإنما الرضاعة من المجاعة"، فأشار صلى الله عليه وسلم إلى أن الرضاع في الصغر هو المُحَرِّم؛ لأنه حال الحاجة إلى الغذاء واللبن، وهو الذي يدفع الجوع، أما جوع الكبير فلا يندفع بالرضاع([10]).
    3. عن أم سلمة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحرم من الرضاعة إلا ما فتق الأمعاء في الثدي وكان قبل الفطام"، ورضاع الصغير هو الذي يفتق الأمعاء لا رضاع الكبير؛ لأن أمعاء الصغير تكون ضيقة لا يفتقها إلا اللبن؛ لكونه من ألطف الأغذية، أما أمعاء الكبير فمنفتقة لا تحتاج إلى الفتق باللبن([11]).
    4. حديث: "لا رضاع إلا ما كان في الحولين"([12]).
    5. ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الرضاع ما أنبت اللحم وأنشر العظم"، وذلك هو رضاع الصغير دون الكبير؛ لأن إرضاعه لا ينبت اللحم ولا ينشر العظم([13]).
    وقد روي هذا الأثر عن عبد الله بن مسعود، وذلك: أن رجلا من أهل البادية ولدت امرأته ولدًا فمات ولدها فورم ثدي المرأة فجعل الرجل يمصه ويمجه فدخلت جرعة منه حلقه فسأل عنه أبا موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: قد حرمت عليك، ثم جاء إلى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فسأله فقال: هل سألت أحدًا، فقال: نعم سألت أبا موسى الأشعري فقال: حرمت عليك، فجاء ابن مسعود أبا موسى الأشعري رضي الله عنهما فقال له: أما علمت أنه إنما يحرم من الرضاع ما أنبت اللحم، فقال أبو موسى: لا تسألوني عن شيء ما دام هذا الحبر بين أظهركم([14]).
    6. ما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا رضاع بعد فصال"([15]).
    7. ما روي عن عبد الله بن عمر أن رجلا جاء إلى عمر رضي الله عنه فقال: كانت لي وليدة أطؤها فعمدت امرأتي إليها فأرضعتها فدخلت عليها فقالت: دونك مقدور الله أرضعتها، فقال عمر رضي الله عنه: واقعها فهي جاريتك فإنما الرضاعة عند الصغر([16]).




    مذهب الظاهرية:
    ذهب الظاهرية إلى أن إرضاع الكبير والصغير يُحَرِّم([17])، وهو قول عائشة رضي الله عنها، ويروى هذا عن عطاء، والليث, وداود([18]). ونسبه ابن حزم للإمام علي ([19])، وهي نسبة لا تصح - كما سيأتي -.
    واستدلوا على ذلك بعدة أدلة - كما ذكرها ابن حزم في المحلى([20]) -:
    1. ما روي عن أبي موسى - وقصته السالف ذكرها مع عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما - وإن كان قد رجع عما أفتى به.
    وهذا لا يحتاج إلى مناقشة لرجوع أبي موسى عما أفتى به.
    2. ما روي أن سالم بن أبي الجعد - مولى الأشجعي - أخبره أن أباه أخبره أنه سأل علي بن أبي طالب فقال: إني أردت أن أتزوج امرأة وقد سقتني من لبنها وأنا كبير تداويت به؟ فقال له علي: لا تنكحها ونهاه عنها.
    قلت: هذا أثر ضعيف، رواه عبد الرزاق في مصنفه([21])؛ وعبد الكريم هو ابن أبي المخارق، وهو ضعيف كما ذكر الحافظ في التقريب([22])، كما أن حديث سالم مولى بن أبي الجعد عن علي رضي الله عنه مرسل كما ذكر أبو حاتم عن أبي زرعة([23]).
    ونسبة هذا للإمام علي لا تصح كما ذكر ابن عبد البر([24]) وأبو زرعة العراقي([25])، كما أن عبد الرزاق روى في مصنفه عكس هذا المذهب عن الإمام علي، حيث قال عن عليٍّ أيضًا: كان يقول: سقته امرأته من لبن سريته، أو سريته من لبن امرأته؛ لتحرمها عليه، فلا يحرمها ذلك([26]).
    3. ما روي عن ابن شهاب أنه سئل عن رضاع الكبير؟ فقال: أخبرني عروة بن الزبير بحديث أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم سهلة بنت سهيل بأن ترضع سالما مولى أبي حذيفة خمس رضعات - وهو كبير - ففعلت, فكانت تراه ابنًا لها, قال عروة: فأخذت بذلك عائشة أم المؤمنين فيمن كانت تحب أن يدخل عليها من الرجال فكانت تأمر أختها أم كلثوم, وبنات أخيها يرضعن من أحبت أن يدخل عليها من الرجال.
    4. ما روي عن ابن جريج قال: سمعت عطاء بن أبي رباح وسأله رجل فقال: سقتني امرأة من لبنها بعد ما كنت رجلا كبيرا أفأنكحها؟ قال عطاء: لا, قال ابن جريج فقلت له: وذلك رأيك؟ قال: نعم, كانت عائشة تأمر بذلك بنات أخيها.
    وهذان الدليلان لا يصلحان لإثبات الدعوى؛ إذ إنهما لا يعدوان عن كونهما تعبيرًا عن رأي أصحابهما في المسألة.

    ولهم دليلان آخران سيأتي ذكرهما ومناقشتهما في أجوبتهم عن أدلة الجمهور، وهما:
    1. حديث سهلة وسالم مولى أبي حذيفة.
    2. وقوله تعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ}[النساء: 23].
    وأجابوا عن بعض أدلة الجمهور بما يلي:
    1. خبر أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء في الثدي, وكان قبل الفطام". قالوا: هذا خبر منقطع; لأن فاطمة بنت المنذر لم تسمع من أم سلمة أم المؤمنين; لأنها كانت أسن من زوجها هشام باثني عشر عاما وكان مولد هشام سنة [60 هـ] ستين , فمولد فاطمة على هذا سنة [48 هـ] ثمان وأربعين , وماتت أم سلمة سنة [59 هـ] تسع وخمسين , وفاطمة صغيرة لم تلقها , فكيف أن تحفظ عنها , ولم تسمع من خالة أبيها عائشة أم المؤمنين شيئا - وهي في حجرها - إنما أبعد سماعها من جدتها أسماء بنت أبي بكر الصديق - رضي الله عنهم .
    ويُناقش هذا بأنه تعسف؛ فلا يلزم انقطاع الحديث من أجل أن فاطمة بنت المنذر لقيت أم سلمة صغيرة؛ فقد يعقل الصغير جدًا أشياء ويحفظها، وقد قلتم: إن فاطمة كانت وقت وفاة أم سلمة بنت إحدى عشرة سنة وهذا سن جيد لا سيما للمرأة فإنها تصلح فيه للزواج فمن هي في حد الزواج كيف يقال: إنها لا تعقل ما تسمع ولا تدري ما تحدث به؟ هذا هو الباطل الذي لا ترد به السنن مع أن أم سلمة كانت مصادقة لجدتها أسماء وكانت دارهما واحدة فنشأت فاطمة هذه في حجر جدتها أسماء مع خالة أبيها عائشة رضي الله عنها وأم سلمة وماتت عائشة رضي الله عنها سنة سبع وخمسين وقيل: سنة ثمان وخمسين، وقد يمكن سماع فاطمة منها وأما جدتها أسماء فماتت سنة ثلاث وسبعين وفاطمة إذ ذاك بنت خمس وعشرين سنة فلذلك كثر سماعها منها([27]).
    كما لا يخفى أن تصحيح الترمذي والحاكم لهذا الحديث يدفع عنه علة الانقطاع؛ فإنهما لا يصححان ما كان منقطعًا إلا وقد صح لهما اتصاله؛ لما تقرر في علم الاصطلاح أن المنقطع من قسم الضعيف([28]).
    2. أما خبر: "لا رضاع بعد الفصال"، فهو من طريق معمر عن جويبر عن الضحاك عن النزال بن سبرة عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهو خبر ساقط; لأن جويبرًا ساقط, والضحاك ضعيف.
    3. وخبر: "لا رضاع بعد الفطام" فهو من طريق معمر أيضا عن حرام بن عثمان عن عبد الرحمن ومحمد ابني جابر بن عبد الله عن أبيهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر كلاما كثيرا وفيه الخبر السابق، وهو ساقط أيضًا؛ لأن حرام بن عثمان هالك بمرة.
    4. أما قوله تعالى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا}[الأحقاف: 15]، مع قوله عز وجل: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ}[البقرة: 233]، ومع قوله عز وجل: {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ}[لقمان: 14]. فقالوا - أي الجمهور -: قد قطع الله عز وجل أن فصال الرضيع في عامين, وأن رضاعه حولان كاملان; لمن أراد أن يتم الرضاعة، وقالوا: فلا رضاع بعد الحولين أصلا; لأن الرضاعة قد تمت, وإذا انقطع الرضاع انقطع حكمه من التحريم, وغير ذلك. وجوابه – كما يقول ابن حزم-: صدق الله تعالى، وعلينا الوقوف عند ما حد عز وجل, ولو لم يأت نص غير هذا لكان في هذه النصوص متعلق, لكن قد جاء في ذلك: ما رويناه من طريق مسلم أنا عمرو الناقد, وابن أبي عمر , قالا جميعا : أنا سفيان بن عيينة عن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين قالت: جاءت سهلة بنت سهيل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إني أرى وجه أبي حذيفة من دخول سالم وهو حليفه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أرضعيه", فقالت: وكيف أرضعه وهو رجل كبير؟ فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: "قد علمت أنه رجل كبير". وما إلى ذلك من طرق الحديث الأخرى، فهذه الأخبار ترفع الإشكال, وتبين مراد الله عز وجل في الآيات المذكورات أن الرضاعة التي تتم بتمام الحولين, أو بتراضي الأبوين قبل الحولين, إذا رأيا في ذلك صلاحا للرضيع أنها هي الموجبة للنفقة على المرضعة, والتي يجبر عليها الأبوان أحبا أم كرها. ولعمري لقد كان في الآية كفاية في هذا; لأنه تعالى قال: {والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف}. فأمر تعالى الوالدات بإرضاع المولود عامين, وليس في هذا تحريم الرضاعة بعد ذلك, ولا أن التحريم ينقطع بتمام الحولين. وكان قول الله تعالى : {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ}[النساء: 23]. ولم يقل تعالى في حولين ولا في وقت دون وقت زائدا على الآيات الأخر, وعموما لا يجوز تخصيصه إلا بنص يبين أنه مخصص له لا بظن, ولا بمحتمل لا بيان فيه.
    إذن ففي هذا الجواب لابن حزم أمران:-
    أولهما: أن استدلال الجمهور بهذه الآيات على أن الرضاع المحرم هو ما كان في الحولين في الصغر، مردود بما روي من قصة سهلة وسالم مولى أبي حذيفة.
    وثانيهما: أن هذه الآيات تتحدث عن مدة الرضاعة الوجبة للنفقة على المرضعة، وليس فيها تحريم بعد ذلك، ولا أن التحريم ينقطع بتمام الحولين، بل إن قوله تعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ}[النساء: 23]، ليس فيه تحديد بحولين ولا بوقت دون وقت يزيد شيئًا على الآيات الأخر, وعمومًا لا يجوز تخصيصه إلا بنص يبين أنه مخصص له لا بظن, ولا بمحتمل لا بيان فيه.
    ويُناقش الأول بأن حديث سهلة وسالم خاص بهما، وواقعتهما واقعة عين لا عموم لها – وهذا أحد أجوبة الجمهور عن الحديث – حيث قالوا: أما حديث سالم فالجواب عنه من وجهين :
    أحدهما: روي عن أم المؤمنين أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها كانت تقول: أبي سائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن يدخلن عليهن أحدًا بتلك الرضاعة - أي: الرضاع في حال الكبر -، وقلن لعائشة: والله ما نرى هذا إلا رخصة أرخصها رسول الله صلى الله عليه وسلم لسالم خاصة، فما هو بداخل علينا أحد بهذه الرضاعة ولا رائينا([29])، فهذا يدل على أن سالمًا كان مخصوصًا بذلك، وما كان من خصوصية بعض الناس لمعنى لا نعقله: لا يحتمل القياس، ولا نترك به الأصل المقرر في الشرع.
    والثاني: أنه منسوخ. أي: أن رضاع الكبير كان مُحَرِّمًا ثم صار منسوخًا بما مر من الآثار والأخبار([30]).
    قال الحافظ ابن حجر: "وأجابوا عن قصة سالم بأجوبة منها: أنه حكم منسوخ، وبه جزم المحب الطبري في أحكامه؛ وقرره بعضهم بأن قصة سالم كانت في أوائل الهجرة، والأحاديث الدالة على اعتبار الحولين من رواية أحداث الصحابة، فدل على تأخرها، وهو مستند ضعيف: إذ لا يلزم من تأخر إسلام الراوي ولا صغره أن لا يكون ما رواه متقدمًا وأيضًا، ففي سياق قصة سالم ما يشعر بسبق الحكم باعتبار الحولين؛ لقول امرأة أبي حذيفة في بعض طرقه حيث قال لها النبي صلى الله عليه وسلم: "أرضعيه" قالت: وكيف أرضعه وهو رجل كبير؟ فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: "قد علمت أنه رجل كبير"، وفي رواية لمسلم قالت: أنه ذو لحية، قال: "أرضعيه"، وهذا يشعر بأنها كانت تعرف أن الصغر معتبر في الرضاع المحرم.
    ومنها دعوى الخصوصية بسالم وامرأة أبي حذيفة، والأصل فيه قول أم سلمة وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم: ما ترى هذا إلا رخصة أرخصها رسول الله صلى الله عليه وسلم لسالم خاصة؛ وقرره ابن الصباغ وغيره بأن أصل قصة سالم ما كان وقع من التبني الذي أدى إلى اختلاط سالم بسهلة، فلما نزل الاحتجاب ومنعوا من التبني شق ذلك على سهلة فوقع الترخيص لها في ذلك؛ لرفع ما حصل لها من المشقة، وهذا فيه نظر؛ لأنه يقتضي إلحاق من يساوي سهلة في المشقة والاحتجاج بها، فتنفي الخصوصية ويثبت مذهب المخالف، لكن يفيد الاحتجاج، وقرره آخرون: بأن الأصل أن الرضاع لا يحرم فلما ثبت ذلك في الصغر خولف الأصل له وبقي ما عداه على الأصل، وقصة سالم واقعة عين يطرقها احتمال الخصوصية فيجب الوقوف عن الاحتجاج بها([31]).

    وقد أجاب الكاساني عن عمل السيدة عائشة رضي الله عنها بحديث سالم بقوله: "أما عمل عائشة رضي الله عنها فقد روي عنها ما يدل على رجوعها فإنه روي عنها أنها قالت: لا يحرم من الرضاع إلا ما أنبت اللحم والدم، وروي أنها كانت تأمر بنت أخيها عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهم أن ترضع الصبيان حتى يدخلوا عليها إذا صاروا رجالا على أن عملها معارض بعمل سائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فإنهن كن لا يرين أن يدخل عليهن بتلك الرضاعة أحد من الرجال والمعارض لا يكون حجة"([32]).
    قلت: فالذي يبدو أنها رضي الله عنها قد فرقت بين أن يكون القصد تغذية أو إرضاعًا لحاجة، فمتى كان المقصود التغذية لم يحرّم إلا ما كان قبل الفطام، وهذا هو إرضاع عامة الناس، وأما الثاني فيجوز إن احتيج إلى جعله ذا محرمٍ، وللحاجة يجوز ما لا يجوز لغيرها، وهو اجتهاد من أم المؤمنين رضي الله عنها، أي أن المسألة لا تعدو أن تكون خلافًا فقهيًا شأنه شأن بقية المسائل الفقهية المختلف حولها، المصيب له أجران والمخطئ له أجر.
    ويُناقش جواب ابن حزم الثاني بقولنا: إن سلمنا بذلك إلا أن دليل انقطاع التحريم بتمام الحولين مأخوذ من الأحاديث – من كون الرضاعة المحرمة ما كانت في الصغر، وفي المجاعة -، ومن عمل أمهات المؤمنين جميعًا – عدا السيدة عائشة – ومن أقوال الصحابة وعملهم رضوان الله تعالى عليهم أجمعين.
    وأما قوله تعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ}[النساء: 23]، وأنه ليس فيه تحديد بحولين ولا بوقت دون وقت يزيد شيئًا على الآيات الأخر، فجوابه: أنه ليس المراد منها رضاعة الكبير; لأن النبي صلى الله عليه وسلم فسر الرضاع المحرم بكونه دافعًا للجوع منبتًا للحم منشزًا للعظم فاتقًا للأمعاء, وهذا وصف رضاع الصغير لا الكبير; فصارت السنة مبينة لما في الكتاب أصله ([33]).
    5. أما خبر: "إنما الرضاعة من المجاعة"، فهو حجة لنا بينة; لأن للكبير من الرضاعة في طرد المجاعة نحو ما للصغير, فهو عموم لكل رضاع إذا بلغ خمس رضعات كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    ويُناقش هذا بأن تفسير الحديث بما ذكرتموه في غاية البعد من اللفظ، ولا تتبادر إليه أفهام المخاطبين، بل القول في معناه ما قاله أبو عبيد: إن الذي إذا جاع كان طعامه الذي يشبعه اللبن إنما هو الصبي الرضيع، فأما الذي شبعه من جوعه الطعام فإن رضاعه ليس برضاع، كما أنه لا يعهد ذو لحية قط يشبعه رضاع المرأة ويطرد عنه الجوع، بخلاف الصغير فإنه ليس له ما يقوم مقام اللبن، فهو يطرد عنه الجوع، فالكبير ليس ذا مجاعة إلى اللبن أصلا، والذي يوضح هذا أنه صلى الله عليه وسلم لم يرد حقيقة المجاعة، وإنما أراد مظنتها وزمنها، ولا شك أنه الصغر، فإن أبيتم إلا الظاهرية وأنه أراد حقيقتها لزمكم أن لا يحرم رضاع الكبير إلا إذا ارتضع وهو جائع، فلو ارتضع وهو شبعان لم يؤثر شيئا([34]).
    كما لا يخفي ما في هذا من التعسف ولا ريب أن سد الجوعة باللبن الكائن في ضرع المرضعة أنما يكون لمن لم يجد طعاما ولا شرابا غيره وأما من كان يأكل ويشرب فهو لا تسد جوعته عند الحاجة بغير الطعام والشراب، وكون الرضاع مما يمكن أن يسد به جوعة الكبير أمر خارج عن محل النزاع, فانه ليس النزاع فيمن يمكن أن تسد جوعته به، إنما النزاع فيمن لا تسد جوعته إلا به([35]).
    إذن فكما سبق يتضح أن أجوبة ابن حزم عن أدلة الجمهور غير مسلمة في جملتها، وإن كان هناك ضعف في بضع الآثار التي استدل بها الجمهور، إلا أن هذا لا يرد باقي الأدلة، فكما قيل: رد الدليل المعين لا يدل على رد المدلول المعين.
    اعتراض أخير ذكره ابن حزم وأجاب عنه، فقال:
    ولقائل أن يقول: إن هذا الحديث خاص لسالم كما قال بعض أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أجاب عنه قائلا: فليعلم من تعلق بهذا أنه ظن ممن ظن ذلك منهن رضي الله عنهن. وهكذا جاء في الحديث أنهن قلن: ما نرى هذا إلا خاصا لسالم, وما ندري لعله رخصة لسالم, فإذ هو ظن بلا شك, فإن الظن لا يعارض بالسنن؛ قال تعالى: {إِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الحَقِّ شَيْئًا}[النجم: 28]، وشتان بين احتجاج أم سلمة رضي الله عنها باختيارها وبين احتجاج عائشة رضي الله عنها بالسنة الثابتة, وقولها لها: أما لك في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة؟ وسكوت أم سلمة ينبئ برجوعها إلى الحق عن احتياطها.
    ويناقش هذا الجواب – إضافة إلى ما سبق – بما رواه البيهقي عن الشافعي، حيث قال: أخبرنا أبو سعيد، حدثنا أبو العباس، أخبرنا الربيع قال: قال الشافعي: وهذا والله أعلم في سالم مولى أبي حذيفة خاصة. فإن قال قائل: ما دل على ما وصفت؟ فذكرت ... حديث أم سلمة أنها ذكرت حديث سالم، عن النبي صلى الله عليه وسلم وقالت في الحديث: كانت رخصة لسالم خاصة. قال الشافعي: فأخذنا به يقينًا لا ظنًّا([36]).
    فبين الإمام الشافعي أن ما روي عن أم سلمة لم يكن اجتهادًا منها، وإنما يترجح أن يكون من المنقول عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إذ لم تأت في هذه الرواية لفظتي: "ما نرى هذا إلا خاصا لسالم"، و" وما ندري لعله رخصة لسالم"، فصار الأخذ به من جهة كونه يقينًا لا ظنًّا، وأم سلمة رضي الله عنها لا تعدو أن تكون راوية ناقلة حاكية لما بينه النبي صلى الله عليه وسلم.
    وسكوت أم سلمة رضي الله عنه بمفرده لا يدل على رجوعها.
    مذهب ابن تيمية وابن القيم:
    ذهب ابن تيمية وتلميذه ابن القيم إلى أن حديث سهلة ليس بمنسوخ ولا مخصوص ولا عام في حق كل أحد، وإنما هو رخصة للحاجة لمن لا يستغني عن دخوله على المرأة ويشق احتجابها عنه، كحال سالم مع امرأة أبي حذيفة، فمثل هذا الكبير إذا أرضعته للحاجة أثر رضاعه، وأما من عداه فلا يؤثر إلا رضاع الصغير.
    وقالوا: إن الأحاديث النافية للرضاع في الكبير: إما مطلقة فتقيد بحديث سهلة، أو عامة في الأحوال فتخصص هذه الحال من عمومها.
    وقالوا: إن هذا أولى من النسخ ودعوى التخصيص بشخص بعينه، وأقرب إلى العمل بجميع الأحاديث من الجانبين، وقواعد الشرع تشهد له.
    وقال ابن تيمية: "وقد يجوز للحاجة مالا يجوز لغيرها، وهذا قول متوجه"([37]).
    وإلى هذا الرأي ذهب الشوكاني، وقال: "وهذا هو الراجح عندي، وبه يحصل الجمع بين الأحاديث؛ وذلك بأن تجعل قصة سالم المذكورة مخصصة لعموم: "إنما الرضاع من المجاعة"، "ولا رضاع إلا في الحولين"، "ولا رضاع إلا ما فتق الأمعاء وكان قبل الفطام"، "ولا رضاع إلا ما أنشز العظم وأنبت اللحم"، وهذه طريق متوسطة بين طريقة من استدل بهذه الأحاديث على انه لا حكم لرضاع الكبير مطلقًا، وبين من جعل رضاع الكبير كرضاع الصغير مطلقًا"([38]).
    أقوال أخرى في المسألة:
    وهناك أقوال أخرى في المسألة – غير الثلاثة السابقة المشهورة – في تحيد المدة التي يثبت فيها التحريم منها:
    1. أن الرضاع المقتضى للتحريم ما كان قبل الفطام، واليه ذهبت أم سلمة، وروى عن ابن عباس، وبه قال الحسن والزهري الأوزاعي وعكرمة وقتادة.
    2. أن الرضاع في حال الصغر يقتضي التحريم ولم يحده القائل بحد، وروى ذلك عن أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما خلا عائشة. وعن ابن عمر وسعيد بن المسيب.
    3. أن الرضاع المقتضى للتحريم ما كان في ثلاث سنين، وهو مروي عن جماعة من أهل الكوفة وعن الحسن بن صالح.
    4. أن الرضاع المقتضى للتحريم ما كان في سبع سنين، وروي ذلك عن عمر بن عبد العزيز .
    5. أن الرضاع المقتضى للتحريم ما كان في حولان واثنا عشر يوما، وروى عن ربيعة ([39]).
    صفة رضاع الكبير
    ومما استشكل في حديث سهلة وسالم أمره صلى الله عليه وسلم إياها بإرضاعه؛ لما فيه من التقاء البشرتين, وهو محرم قبل أن يستكمل الرضاع المعتبر, وتصير محرمًا له.
    وجواب ذلك ما يلي:
    أولا: مفهوم الرضاع يطلق على وصول اللبن إلى معدة الطفل، وأما كيفية هذا الوصول فليس له مظهر شرعي تجب مراعاته واعتباره، فالمُعَوَّل عليه هو وصول اللبن معدة الرضيع.
    والرَّضاع - بالفتح والكسر (رَضاع - رِضاع) – لغة: اسم من الإرضاع([40])، وهو اسم لمص الثدي وشرب لبنه([41])،وشرعًا: اسم لحصول لبن امرأة أو ما يحصل منه في معدة طفل أو دماغه([42])، وقال الجرجاني: هو مص الرضيع من ثدي الآدمية في مدة الرضاع([43])، وعرَّفه بعض العلماء بأنه: مصُّ مَنْ دون الحولين لبنا ثابتا عن حمل، أو شربه ونحوه([44]).
    فظهر مما تقدم أن المقصود بالمصّ من الثدي إنما هو الرضيع أو ما دون الحولين ولا مكان للكبير هنا، وعلى هذا فشُرب اللبن بدون مباشرة الثدي يصح أن يكون رضاعًا.
    ثم إننا نسأل سؤالا: هل الطفل الذي يشرب اللبن من غير رضعه من الثدي مباشرة([45]) يثبت له حكم الرضاعة أم لا؟ الجواب: أنه يثبت له حكم الرضاعة على قول الجمهور، ولم يخالف سوى الظاهرية، فاشترطوا المص من الثدي مباشرة.
    والجمهور من العلماء على أن التغذية بلبن المرضعة يُحرِّم، سواء كان بشرب أم بأكل بأي صفة كان، حتى الحقنة، والسعوط، والثرد([46])، والطبخ وغير ذلك، إذا وقع بالشروط المطلوبة، فإن طرد الجوع موجود في كل ذلك، واستثنى الحنفية الحقنة.
    ثانيًا: قال القاضي عياض: لعلها حلبته ثم شربه من غير أن يمس ثديها ولا التقت بشرتاهما، قال الإمام النووي: وهذا الذي قاله حسن، وقال: ويحتمل أنه عفي عن مسه للحاجة،ى كما خُص بالرضاعة مع الكبر والله أعلم([47]).
    فإن قيل إنه ورد في الحديث قول سهلة: وكيف أرضعه وهو رجل كبير؟ نقول: هي لا تسأل عن إرضاعه في الحقيقة، وإنما هذا تعجب منها؛ لما يعرف عن الرضاع بأنه عادة لا يكون إلا للصغير.
    كما أنه مما يؤيد هذا ما رواه ابن سعد في طبقاته وذكره ابن حجر في الإصابة عن محمد بن عبد الله ابن أخي الزهري عن أبيه قال كانت سهلة تحلب في مُسْعَط أو إناء قدر رضعته فيشربه سالم في كل يوم حتى مضت خمسة أيام، فكان بعد ذلك يدخل عليها وهي حاسر، رخصة من رسول الله صلى الله عليه وسلم لسهلة([48]).


    خلاصة البحث
    والمعتمد في هذه المسألة هو قول الجمهور من أن رضاع الكبير لا يُحَرِّم، وأن حديث سهلة وسالم - مولى أبي حذيفة - واقعة عين لا عموم لها.
    والله تعالى أعلى وأعلم

  2. #2
    الصورة الرمزية عاشق السمراء
    Title
    "رجل عادي جدا"
    تاريخ التسجيل
    05- 2002
    المشاركات
    21,307
    (( مساء جميل !! ))

    ..
    شكرا لكن اتمنى ان يكون ما ذكر من مصدر موثوق !!

    تقديري !!

  3. #3
    الصورة الرمزية يوسف المصرى
    Title
    نبض نشيـط
    تاريخ التسجيل
    09- 2005
    المشاركات
    610
    اخى الفاضل

    الموضوع: حكم رضاع الكبير مصدرها: مركز الأبحاث الشرعية بدار الإفتاء المصرية التاريخ: 29/7/2007

    جميع الفتاوى التى انقلها والابحاث من موقع دار الافتاء المصرية

    واكتب المصدر مع الموضوع كما هو واضح

    لك منى كل تقدير

  4. #4
    الصورة الرمزية هـــــــــــتلر
    Title
    نبض متألـق
    تاريخ التسجيل
    05- 2007
    المشاركات
    5,379
    مساء الخير اخي !!
    احب اشكرك على الموضوع اولا..
    فحبيت اسألك سؤال هل يجوز رضاعة المراة التي تحرم عليك
    طبعا سؤالي مضحك بعض الشي لاكن سوف اجاوبك بعد ما ترد على سؤالي؟؟

  5. #5
    الصورة الرمزية مرسال الغد
    Title
    نبض جديــد
    تاريخ التسجيل
    09- 2007
    العمر
    41
    المشاركات
    28
    اخى الكريم يوسف المصرى:
    شكرا على الموضوع ولو اننى لى راى فى هذا الموضوع وهو اهمية ذكر الطريقه التى ارضع بها فالسيده لم تلقمه ثديها لكى ترضعه بل حلبت له فى اناء وشربه 00وارى ان ذكر الطريقه مهم جدا لان بعض اللذين يتربصون بالاسلام يتصيدون مثل هذه المواضيع للاساءة للاسلام0
    تقبل تحياتى.

  6. #6
    اخي الطيب ونطلب منك مصادر الاحاديث والا سوف يحذف الموضوع

    احترامي وتقديري لك

  7. #7
    الصورة الرمزية يوسف المصرى
    Title
    نبض نشيـط
    تاريخ التسجيل
    09- 2005
    المشاركات
    610
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مرسال الغد مشاهدة المشاركة
    اخى الكريم يوسف المصرى:
    شكرا على الموضوع ولو اننى لى راى فى هذا الموضوع وهو اهمية ذكر الطريقه التى ارضع بها فالسيده لم تلقمه ثديها لكى ترضعه بل حلبت له فى اناء وشربه 00وارى ان ذكر الطريقه مهم جدا لان بعض اللذين يتربصون بالاسلام يتصيدون مثل هذه المواضيع للاساءة للاسلام0
    تقبل تحياتى.
    بارك الله فيك اخى

    وفعلا الطريقة مذكورة

    قال القاضي عياض: لعلها حلبته ثم شربه من غير أن يمس ثديها ولا التقت بشرتاهما، قال الإمام النووي: وهذا الذي قاله حسن

    دمت بخير

  8. #8
    الصورة الرمزية يوسف المصرى
    Title
    نبض نشيـط
    تاريخ التسجيل
    09- 2005
    المشاركات
    610
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عمار النقيب مشاهدة المشاركة
    اخي الطيب ونطلب منك مصادر الاحاديث والا سوف يحذف الموضوع

    احترامي وتقديري لك

    ([1]) صحيح مسلم (1453) .

    ([2]) المحلى بالآثار 10/210 .

    ([3]) نيل الأوطار 7/71 .

    ([4]) بدائع الصنائع للكاساني 4/5، 6 بتصرف .

    ([5]) شرح مختصر خليل للخرشي 4/178 .

    ([6]) أسنى المطالب للشيخ زكريا الأنصاري 3/416 ، ومغنى المحتاج للشيخ الخطيب الشربيني 5/127، 128 .

    ([7]) شرح منتهى الإرادات للبهوتي 3/215 ، وكشاف القناع له أيضًا 5/455 .

    ([8]) المغني لابن قدامة 8/142 .

    ([9])كفاية الطالب الرباني لأبي الحسن علي بن خلف المنوفي المالكي 2/115، 116 ، أسنى المطالب للشيخ زكريا الأنصاري 3/416 ، ومغني المحتاج للشيخ الخطيب الشربيني 5/128 ، شرح منتهى الإرادات للبهوتي 3/215 ، وكشاف القناع له أيضًا 5/455 .

    ([10])بدائع الصنائع للكاساني 4/5 ، شرح منتهى الإرادات للبهوتي 3/215 - والحديث متفق عليه: صحيح البخاري (4814)، وصحيح مسلم (1455) واللفظ للبخاري .

    ([11])بدائع الصنائع للكاساني 4/5 ، أسنى المطالب للشيخ زكريا الأنصاري 3/416 ، شرح منتهى الإرادات للبهوتي 3/215، وكشاف القناع له أيضًا 5/455 - والحديث في سنن الترمذي (1152)، وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم: أن الرضاعة لا تحرم إلا ما كان دون الحولين، وما كان بعد الحولين الكاملين فإنه لا يحرم شيئًا.

    ([12])أسنى المطالب للشيخ زكريا الأنصاري 3/416 ، ومغني المحتاج للشيخ الخطيب الشربيني 5/128 ، 215 ، وكشاف القناع للبهوتي 5/455 - قال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (4/8): "حديث: "لا رضاع إلا ما كان في الحولين" رواه الدارقطني (4/174) من حديث عمرو بن دينار, عن ابن عباس, وقال: تفرد برفعه الهيثم بن جميل, عن ابن عيينة, وكان ثقة حافظًا, وقال ابن عدي في الكامل (7/104): يعرف بالهيثم , وغيره لا يرفعه, وكان يغلط, ورواه سعيد بن منصور, عن ابن عيينة, فوقفه، وقال البيهقي في السنن الكبرى (7/462) : الصحيح موقوف. وروى البيهقي عن عمر, وابن مسعود التحديد بالحولين, قال: ورويناه عن سعيد بن المسيب, وعروة والشعبي، ويحتج له بحديث فاطمة بنت المنذر, عن أم سلمة: لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء, وكان قبل الفطام" .

    ([13])بدائع الصنائع للكاساني 4/5 - قال الحافظ بن حجر في التلخيص الحبير (4/8): "حديث:"الإرضاع ما أنبت اللحم, وأنشر العظم". أبو داود (السنن 2059) من حديث أبي موسى الهلالي, عن أبيه, عن ابن مسعود بلفظ: "لا رضاع إلا...". وفيه قصة له مع أبي موسى في رضاع الكبير. وأبو موسى وأبوه; قال أبو حاتم (الجرح والتعديل 9/438): مجهولان. لكن أخرجه البيهقي (السنن الكبرى 7/461) من وجه آخر, من حديث أبي حصين, عن أبي عطية قال: جاء رجل إلى أبي موسى فذكر بمعناه".

    ([14])بدائع الصنائع للكاساني 4/5 - وهذا الأثر في سنن الدارقطني 4/173، وفي سنن البيهقي 7/460، 461 .

    ([15])بدائع الصنائع للكاساني 4/5 – قال الزيلعي في نصب الراية (3/416، 417): "قال عليه السلام: "لا رضاع بعد الفصال" قلت: روي من حديث علي، ومن حديث جابر. فحديث علي: رواه الطبراني في معجمه الصغير (2/158): عن علي, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا رضاع بعد فصال, ولا يتم بعد حلم" انتهى. طريق آخر: رواه عبد الرزاق في مصنفه (6/416): عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا رضاع بعد الفصال" انتهى. ثم رواه عن الثوري عن جويبر به موقوفًا, قال العقيلي في كتابه الضعفاء (4/428): وهو الصواب – لكني لم أقف على الشاهد من الحديث فيه -، ورواه ابن عدي في الكامل (1/362، 363) – بلفظ: "لا رضاع بعد فطام" - من حديث أيوب بن سويد عن الثوري به مرفوعًا, وأعله بأيوب هذا, ثم قال: وهذا الحديث رواه عبد الرزاق: مرة عن معمر فرفعه, ومرة عن الثوري فوقفه – كما مر - انتهى. وأما حديث جابر: فرواه أبو داود الطيالسي في مسنده (1/243) حدثنا خارجة بن مصعب عن حرام بن عثمان عن أبي عتيق عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا رضاع بعد فصال, ولا يتم بعد احتلام" انتهى. ورواه ابن عدي في الكامل (2/447), وأعله بحرام, ونقل عن الشافعي, وابن معين أنهما قالا: الرواية عن حرام حرام انتهى . واعلم أن تمام الدلالة من الحديث من قوله تعالى: {وفصاله في عامين} انتهى" .

    ([16])بدائع الصنائع للكاساني 4/5 – و هذا الأثر في موطإ الإمام مالك 2/578 ، وفي سنن البيهقي 7/461 .

    ([17]) المحلى بالآثار 10/205 .

    ([18]) المغني لابن قدامة 8/142 .

    ([19])المحلى بالآثار 10/205 .

    ([20])المرجع السابق 10/205، 206 .

    ([21])مصنف عبد الرزاق 7/461 .

    ([22]) انظر تقريب التهذيب 361.

    ([23])انظر ، تهذيب التهذيب3/373.

    ([24])التمهيد 8/256، والاستذكار 6/255 .

    ([25])طرح التثريب 7/135 .

    ([26])مصنف عبد الرزاق 7/461 .

    ([27]) زاد المعاد في هدي خير العباد 5/524 .

    ([28]) نيل الأوطار للشوكاني 2/72 ، ولم أقف عليه في المستدرك .

    ([29]) صحيح مسلم (1454) .

    ([30]) بدائع الصنائع 4/5، 6 ، أسنى المطالب 3/416 ، مغني المحتاج 5/129 ، كشاف القناع 5/445 .

    ([31])فتح الباري شرح صحيح البخاري 9/149 .

    ([32])بدائع الصنائع 4/6 .

    ([33]) المرجع السابق 4/5 .

    ([34])زاد المعاد في هدي خير العباد 5/522، وما بعدها .

    ([35])نيل الأوطار للشوكاني 2/72 .

    ([36]) معرفة السنن والآثار للبيهقي 11/263، 264 بتصرف .

    ([37]) مجموع الفتاوى 34/60 ، الفتاوى الكبرى 5/515 ، زاد المعاد في هدي خير العباد لابن القيم 5/527 .

    ([38]) نيل الأوطار 7/71 .

    ([39])المرجع السابق بالتخريج نفسه، مع زاد المعاد 5/513 .

    ([40]) النهاية في غريب الحديث، لابن الأثير 2/259 .

    ([41]) الإقناع للخطيب الشربيني 2/364، والروض المربع شرح زاد المستقنع لمنصور البهوتي 3/218 .

    ([42]) الإقناع للخطيب الشربيني 2/364 .

    ([43]) التعريفات للجرجاني 1/36 .

    ([44]) السلسبيل في معرفة الدليل للبليهي 3/95، يُنظر: الروض المربع 3/218 .

    ([45]) وذلك كـ"آلة الشفط" التي تمتص اللبن من ثدي المرضعة، ثم يوضع في إناء ويشربه الرضيع بدون ملاسة للثدي.

    ([46]) يقال ثرد الخبز ثردًا فته ثم بله فهو ثارد. المعجم الوسيط، مادة (ث ر د).

    ([47])شرح صحيح مسلم للنووي 10/31 .

    ([48])الطبقات الكبرى 8/271، والإصابة في تمييز الصحابة 7/716 ، والمُسْعَط: بضم الميم الوعاء الذي يجعل فيه الدواء. العين للخليل بن أحمد: مادة ( س ع ط)، وكذلك المعجم الوسيط: مادة (س ع ط)، والحاسر من النساء: المكشوفة الرأس و الذراعين والتي ألقت عنها ثيابها، والجمع حسر وحواسر. المعجم الوسيط: مادة (ح س ر)

  9. #9
    السلام عليك اخي الطيب ورحمته الله وبركاته

    واسمحلي بسبب الاعلام وبعض فتواي شيوخ الازهر مع الاسف مع انهم لا يمثلون الازهر

    الاثر في ردت فعلنا تجاه اي فتوى تصدر منه وقمت بتعديل الردود واسمحلي اخي الطيب

    فاننا اخوان على سنة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم وبكل محبة اخويه

    احترامي وتقديري لك

  10. #10
    رسالة من أم بلال خميس مشيط، تقول: ما هو الراجح في إرضاع الكبير؟


    الجواب :
    الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:

    فقد اختلف أهل العلم في رضاع الكبير هل يؤثر أم لا؟ والسبب في ذلك أنه ورد في الحديث الصحيح عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر سهلة بنت سهيل أن ترضع سالماً مولى أبي حذيفة وكان كبيراً وكان مولى لدى زوجها، فلما كبر طلبت من النبي صلى الله عليه وسلم الحل لهذا الأمر، فأمرها أن ترضعه خمس رضعات، فاختلف العلماء في ذلك، والصحيح من قولي العلماء أن هذا خاص بسالم وبسهلة بنت سهيل وليس عاماً للأمة، كما قاله غالب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وقاله جمع غفير من أهل العلم وهذا هو الصواب؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا رضاع إلا ما فتق الأمعاء وكان قبل الفطام))[1]، ولقوله عليه الصلاة والسلام: ((إنما الرضاعة من المجاعة))[2] رواه الشيخان في الصحيحين، ولقوله أيضاً عليه الصلاة والسلام: ((لا رضاع إلا في الحولين))[3]، فهذه الأحاديث تدل على أن الرضاع يختص بالحولين، ولا يؤثر الرضاع بعد ذلك، وهذا هو الصواب، والله جل وعلا ولي التوفيق.


    --------------------------------------------------------------------------------

    [1] أخرجه الترمذي في كتاب الرضاع، باب ما جاء ما ذكر أن الرضاعة لا تحرم إلّا في الصغر، برقم 1027، وابن ماجه في كتاب النكاح، باب لا رضاع بعد فصال، برقم 1936 مختصراً.

    [2] أخرجه البخاري في كتاب الشهادات، باب الشهادة على الأنساب والرضاع المستفيض والموت، برقم 2453، ومسلم في كتاب الرضاع، باب إنما الرضاعة من المجاعة، برقم 2642.

    [3] أخرجه الدار قطني في سننه، 4/174.

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML