الموضوع: أطفالنا والعقاب

ذهب يبحث عن كرته وسط أعواد الذرة... نسمة هواء تمايلت معها الغصينات.. أثار صوت الأوراق الخوف في صدره الصغير...عناد الطفولة جعله يواصل البحث... قال في نفسه: حسان هو السبب لقد أخبرته مرارا ألا يرميها في هذا الاتجاه.ولكن إذا لم أجدها سيشتري لي والده كرة جديدة أفضل من كرتي... عاد الصوت من جديد فظنه صوت الأوراق بيد انه ليس كذلك.. بل هي أفعى سامه ما لبثت أن غرست أنيابها في قدمه العارية... صرخ صرخة دوت في أرجاء الحقل... وسقط مغشيا عليه... سمع حسان صرخة صديقه أحس بالذنب ولكن خوفه من العقاب جعله يهرب بعيدا عن حقل الذرة تاركا صديقه والسم ينتشر في جسده النحيل
كانت الشمس تلملم أشعتها ليسود الظلام... بدأت أم احمد تبحث عن ولدها.. "لابد انه مع حسان فهما دائما يلعبان سويه وقد نبهته مرارا أن يعود إلى المنزل قبل غروب الشمس"...وفي الطريق التقت بأم حسان علمت منها أن حسان ليس بالمنزل أيضا....شعرتا بالخوف على طفليهما فهما لا يلعبان ليلا إلا في بيت احدهما... ترى أين هما؟... سرعان ما سرت أنباء اختفاء احمد وحسان في القرية الهادئة.. اخذ الكل يبحث عنهما... تواصل البحث حتى انتصف الليل قرر الجميع مواصلة البحث في الصباح الباكر إلا أهل الطفلين قرروا المتابعة.... وطلبوا مساعدة الشرطة ولكن الشرطة لا تبحث إلا بعد مرور 24 ساعة حينها يكون الوقت قد فات.... طلع الفجر وبدأ أهالي القرية يبحثون من جديد... وبعد جهد جهيد وجدت جثة احمد فهو لم يستفق من غيبوبته ولن يفعل.... أقيم العزاء وما زال البحث جارا عن حسان... كثرت الأقاويل منهم من قال انه هرب إلى الجبل خوفا من عقاب أبويه وهناك في الجبل التهمته الأرواح الشريرة...ومنهم من ادعى انه رآه في الحقل يبحث عن صديقه احمد ثم ما لبث أن اختفى والعديد العديد من الأكاذيب... ولكن الحقيقة انه لم يعد له وجود.........



,,,,,,العقاب,,,,,,

العقاب وأثره في نفوس الأطفال::
لحظه مصارحة بينك وبين نفسك....
لو كنت احد والدي حسان كيف تتعامل مع طفلك لو انه عاد للبيت بمجرد سماعه صرخة صاحبه ليتضح بعدها انه كان سببا في أن يموت ابن جارك؟؟ واكرر ابن جارك لأنه لابد أن تريه كيف كانت ردة فعلك ومدى تأثرك بمصابه
وماذا كنت لتفعل لو كنت احد والدي احمد وتراه ينجو من حقل الذرة الذي طالما كنت تحذره من دخوله لعلمك بوجود الأفاعي به؟

كثيرا ما نرى نحن الكبار أن العقاب هو الحل الأمثل لتقويم سلوك أطفالنا... وأحيانا نعاقب حتى نوهم الآخرين أننا نحسن تربيه أطفالنا وأننا مسيطرون على الوضع ولكن هل نحن كذلك؟؟؟
ضرب مبرح - ضرب خفيف - صراخ - نظره قاسيه - عتاب بسيط – أو حتى مقاطعه وعدم التحدث معه وهناك العديد من أشكال العقاب....
العقاب وإن كان مجرد نظره صارمة قد يكون له تأثير سلبي عليهم
قد يتلفظ ابنك بكلمه سيئة سمعها من احد أقرانه وأنت من عائله راقيه وفي مجتمع متحضر فحتى توضح له أنها كلمه مرفوضة ألقيت عليه اقسي أنواع العقاب دون أن تعلم بان تصرفك ذلك جعل ابنك يخزن تلك الكلمة ويحتفظ بها في قاموسه اللغوي الخاص ولا بد سيأتي يوم وتسمعها من جديد وربما هذه المرة ستقال لك أنت!!!

ولنفرض انك عودت ابنك عندما يفعل شي خاطئ تقاطعه ولا تكلمه حتى يعتذر أو تتركه مده زمنيه بسيطة ... هل تعتقد بان هذا عقابا بسيطا ؟؟؟ لا ليس كذلك
من خلال خبرتي في تعاملي مع الأطفال أدركت أن العقاب لا يحل المشاكل وإنما هو يلبسها طاقية الإخفاء لتعود بعد مدة بصوره افضع مما كانت عليه
وان أفضل طريقه لعلاج المشاكل هي تعزيز النواحي الايجابية لديهم وتنميه ثقتهم بالنفس لا أقول أن نكذب عليهم ونصفهم بأوصاف ليست فيهم وإنما نبحث عن أفضل ما لديهم ودائما نذكرهم به
حاول دائما أن تفهم طفلك وان تعرف ما يزعجه وما يحبه فيك ومدى حساسيته من ألوان عقابك قد تكون كلمه معينه منك هي سببا في دماره
عذرا فقد أطلت عليكم بالحديث ولكن كثيرا ما نسمع عن مصائب كان سببها الأول والخير هو عقاب خاطئ


أخيرا لكم هذه القصة التي سمعتها من احد الأشخاص والعهدة على الراوي و يقال أنها واقعيه:
أب عاد من الدوام متعب جدا حاول النوم ولكنه لم يستطع بسبب مشاغبة ابنه مما اضطره لربطه في غرفته وذهب للنوم وبعد فتره بسيطة _نوعا ما _ ذهبت الأم لتطمئن على ابنها لتجده مغمى عليه وفي المستشفى اضطر الأب أن يوقع على وثيقة تسمح للأطباء بقطع يدي ابنه لان الحبل ضغط على الأوردة الموصلة لليد مما أدى إلى تخثر الدم وفساده وبالتالي يستوجب على الأطباء قطع يديً الطفل حتى لا ينتقل الدم الفاسد إلى كل أنحاء الجسم وبعد أن استفاق الابن توسل لامه باكيا :" أرجوك يا أمي لن أزعج والدي مره أخرى ولكن أخبريه أن يعيد لي يداي"
هل سيفهم هذا الطفل أن أباه لم يتعمد وانه لم يشد الحبل ولكن الصدفة وسوء الحظ هو من فعل ذلك؟؟؟

فلنفهم أطفالنا حتى نتمكن من اختيار أسلوب التربية المناسب لهم