النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: مقال شامل لجوانب متعددة للإبل

  1. #1
    الصورة الرمزية كنت هنا...ومضيت
    Title
    نبض جديــد
    تاريخ التسجيل
    05- 2007
    العمر
    36
    المشاركات
    210

    مقال شامل لجوانب متعددة للإبل

    المحور الاول : الابل في الكتب السماوية والاحاديث النبوية


    لقد ورد ذكر الإبل - والجمل والناقة - في القرآن الكريم في عدة مواضع، كدليل على إعجاز الخالق في خلقه، واعتبرها الله- سبحانه وتعالى- تحدياً وعبرة وآية لأولي الألباب ومعجزة إلهية كبرى وشاهد على عظمة الخالق، وذلك لارتباط الإنسان العربي الوثيق بها في مناحي حياته، قــال الله تعالى:{ أفَلاَ يَنظُرُونَ إلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَت} الغاشية آية 17.

    يقول سيد قطب – رحمه الله- :( وتجع هذه الآيات بيئة العربي المخاطب بهذا القرآن أول مره،كما تضم أطراف الخلائق البارزة في الكون كله حيث تتضمن السماء والأرض والجبال والجمال)أ.هـ.

    ومن فضلها أن الله جعلها خير ما يُهدى إلى بيته المُحرم ومن شعائر ديننا ومظاهر عبادتنا:(والبدن جعلناها من شعائر الله لكم فيها خير فاذكروا اسم الله عليها صواف...) الحج آية 36.

    وقد ورد ذكر الإبل في الكتب السماوية السابقة ففي الكتاب المقدس نجد أن ملكة سبأ التي أتت سليمان عليه السلام في موكب عظيم جدا بجمال محملة أطيابا وذهباً وحجارة كريمة.

    ويرد أيضاً في الكتاب المقدس أن البدو بصورة عامة يحملون على أكتاف الحمير ثروتهم وعلى أسنمة الجمال كنوزهم.

    وجاء في أنجيل متى:(أن مرور جمل من ثقب إبرة أيسر من أن يدخل غني ملكوت الله) وذلك لأن الأغنياء- وهم من أفسد في الأرض وشاع فيها الظلم والعداوة- يستحيل عليهم دخول الجنة- ملكوت الله- كاستحالة مرور الجمل من ثقب الإبرة.

    وعندما جاء الإسلام الحنيف أعتبر الإبل ثروة عظيمة وعز لأصحابها فقد قال صلى الله عليه وسلم :(الإبل عز لأهلها) أخرجه ابن ماجه.

    وقد أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الاهتمام بالإبل والمحافظة عليها بقوله: (إذا سافرتم في الخصب فأعطوا الإبل حظها من الأرض، وإذا سافرتم في الجدب فأسرعوا عليها السير) رواه مسلم.

    فهذا أمر صريح بتخير أماكن الرعي وقت الخصب أما في الجدب(الجفاف والقحط) فيسرع عليها لتصل إلى غايتها في مدة قصيرة.

    ولقد احتفظ لنا التاريخ بأسماء عدد من الإبل كناقة صالح عليه السلام، التي بعثها الله لثمود، والقصواء ناقة الرسول صلى الله عليه وسلم التي كانت مطيته عندما هاجر من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، والحمراء ناقة عمر بن الخطاب رضي الله عنه والتي نقلته إلى بيت المقدس، وناقة البسوس التي أشعلت الحرب لمدة أربعين عاماً بين قبيلتي بَكر وتَغلب .. وغيرها كثير.


    المحورالثاني : الإعجاز العلمي في الإبل


    الجزء الاول : من حديث بوركهات عن الخيل و الابل العربية قبل 180 عام

    ومنذ زمن لم نقدم شيئاً من هذه المترجمات التي يقوم بها علماء سعوديون بل إني أذكر أن ما قدمته في هذا الميدان يسير جداً إذا قيس بما ترجموا إلى العربية، ولم يكن ذلك عن قصد وإنما هي الصدف وحسب.

    ومعنا اليوم: «من حديث بوركهارت عن الخيل والإبل العربية قبل 180عاماً». ترجمة الدكتور عبدالله بن صالح العثيمين، فما قضية (مِن) في صدر العنوان؟ أهي دلالة على تخير واقتطاع، ربما تبين لنا هذا من قراءة الكتاب.

    وإذا كان هذا الحديث لـ«بوركهارت» قبل 180 عاماً، فما حال الخيل والإبل في زمننا هذا؟
    ربما كان الوضع بالنسبة للإبل أصح نوعاً ما.

    أما بالنسبة إلى الخيل فالذي يبدو لي أن وضعها ناله كثير من التغير بالتهجين ونحوه، بل إن العرب باتوا يستوردون الخيول من بلدان كانت تستورد الخيول العربية وتفاخر بذلك.

    إن الخيل هي الخيل، والأرض هي الأرض، ولكن الذي تبدّل هو كيفية استنتاجها وتربيتها وتمرينها، ولكنها عقدة «الوافد» التي غشيت كثيراً جداً من ميادين حياتنا.

    لندع هذا الحديث إلى أن تحين له مناسبة، ولنأخذ بأطراف الحديث عن هذا الكتاب الذي نشره مترجمه في عام1413هـ في 88 صفحة من القطع دون المتوسط في صدر تقديمه إيا شيء من الشعر في الخيل قصر ذلك على أبيات من الشعر العامي لـ«زقم العيط الشمري» ومنها في ص8،9:

    «الله على الشقرا إلى صاح صيّاح
    وتعلوطوا جرد السبايا بالأرماح
    كم واحدٍ مني على صابره طاح
    عليه بيضه طول ليله تنوح
    الله على الشقرا إلى جن مع الريح
    نصفٍ مجاويخ ونصفٍ مداريح
    أردهن لعيون بيض مفاريح
    وإلى السما يفك روحك وروحي
    الله على الشقرا الصهاة الصّنيعة
    إلى حل بين اللابتين القطيعة
    جل عنك لي نفس عليها فجيعة
    وراعي التّميِّ مثل زرع السطوح»

    وأوصاف الخيل في الأدب العربي أوفر منها في العامي على وفرتها فيه.
    يقول المتنبي مثلاً:

    وما الخيل إلا كالصديق قليلة
    وإن كثرت في عين من لا يجرب
    إذا لم تشاهد غير حسن شياتها
    وأعضائها فالحسن عنك مغيب

    وبعد حديثه عن الخيل في هذه المقدمة تحدث عن «الإبل» فأشار إلى وفرة أوصافها عند العرب ولم يشر إلى ذكرها في الكتاب العزيز.

    ثم أورد كسنته نموذجاً من الشعر العامي لـ(أبي زويّد الشمّري) في ص11.

    «ياراكب حمرا تقل روملة ذيب
    حمرا ولا عمر الحويّر غذي به
    حمرا تبوج فخوذها للمحاقيب
    حمرا تسوف كعوبها في سبيبه
    حمرا تكصَّم من عياها المصاليب
    حمرا وتوّه في جهلها منيبه
    حمرا وتعبا للسّهال العباعيب
    تشدح بيمناها والأخرى تجيبه
    لي روّحن مع عبلة به ضواريب
    تودع بعيدات الموارد قريبه»

    وقد يذكر بعض ألوان الإبل فلا يفسره وهذا وهم لكون الناشئة لا يفقهون ذلك ككلمة «الشقح» جمع «شقحاء» وهي «البيضاء» وقد يشرب بياضها بحمرة وهو الأقل.

    ثم انتقل إلى الحديث عن الرحالين الغربيين ومبلغ اهتمامهم بالحديث عن الخيل والإبل، وأن ما دونوه في رحلاتهم فيه ماهو حق وماهو باطل وماهو بين بين، ثم ذكر اسم صاحب هذه الأحاديث كاملاً وهو «جوهان لودفيج بوركهارت».

    وقد رأيت في بعض حديث بوركهارت عن الخيل والإبل العربية ماهو جدير بأن يوضع أمام القارئ العربي الذي يهمه الاطلاع على كل ماله صلة بخيله الأصيلة، وإبله النجيبة، داخل جزيرته العربية وخارجها».

    وأول مباحثه عن الخيل في بادية سورية، وهو حديث لطيف مستوعب لكثير من صفات الخيل وأسمائها وأدوائها وأثمانها وأساليب تربتيها واستعمالها.

    وفي ص57 يبدأ الحديث عن «الإبل» ولم يخص الإبل في سورية وبادية الشام بحديث كما كان شأنه في حديثه عن الخيل، بل تحدث عن الإبل بعامة على نحو من حديثه عن الخيل في بلاد العرب أي أنه ينتقل في وصفه من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب والعكس في الأمرين.

    على أن في حديثه ثناء على الإبل النجدية وأنها في نجد أوفر وأجود، كما خص الإبل العمانية بالثناء أيضاً.

    والمعلومات التي في هذا الكتاب مما هو معروف وشائع عند العرب وإن جُهل بعضها في إقليم عن إقليم آخر.

    وعلى أي حال فأحاديث هذا الكتاب ممتعة تشدّ إليها من له ذكريات مع الإبل والخيل كما هو شأني.


    الجزء الثاني : طواحين معجزة في معدة الإبل

    أمرنا الله سبحانه وتعالى في محكم آياته أن نتدبر خلق الإبل ورفع السماء ونصب الجبال وتسطيح الأرض في آيات متتابعات من سورة الغاشية , وبدأ سبحانه وتعالى بخلق الإبل وهذا لعظم شأن خلقها وما فيها من إعجاز في الخلق وتفرد في العمليات الحيوية داخل المملكة الحيوانية قال تعالى :( أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت * وإلى السماء كيف رفعت * وإلى الجبال كيف نصبت * وإلى الأرض كيف سطحت ) [سورة الغاشية 17 - 20.].

    وفي السطور القليلة القادمة سوف نعيش مع جانب من الإحكام الإلهي والتدبير الرباني في خلق الإبل

    فإذا قمنا في جولة علمية داخل معدة الجمل لرأينا العجب العجاب وما يأخذ بالألباب حيث تتكون معدة الإبل خلافاً لباقي الأنعام المجترة من ثلاث حجرات هي : الكرش والشبكية والأنفحة , والغشاء المبطن للكرش الخالي من الحلمات, ويحتوي الكرش والشبكية عليها غدد في أعلاها تفتح في قِرَب معلقة في سطحها. والكرش سعته 80% من سعة المعدة كلها يعمل مخزناً للمواد الغذائية, وتسكن فيه ملايين الطواحين الحية من البكتيريا وباقي الكائنات الحية الدقيقة الأخرى كالفطريات والحيوانات الأولية .

    وعندما يتغذى الجمل على النباتات الصحراوية مغلظة الجدر, والأعشاب والأشواك فإنه يخزنها أولاً في الكرش حتى يجترها بعد ذلك, وأثناء وجود الطعام في الكرش تقوم تلك الطواحين والهاضمات الحية المعجزة بإفراز سيل من الإنزيمات الهاضمة التي تحلل تلك المواد وتساعد على طحنها , ويقوم الجمل باجترار الطعام ليفتته بأسنانه وينزل علية من لعابه في روية وهدوء , وتقوم الغرفة الثانية من المعدة وهي الشبكية بمساعدة الكرش في ذلك, وتعمل كمخزن للماء والمواد السائلة, وفي الغرفة الأخيرة وهي المعدة الحقيقية للجمل يفرز العصير المعدي والذي يساعد على هضم بعض المواد الغذائية التي لم يتم هضمها في الكرش والشبكة.

    وتحول الكائنات الحية في معدة الجمل وخاصة في الكرش النباتات إلى سكريات بسيطة وأحماض أمينية, وأحماض دهنية منها المتطاير مثل حمض الخليك وحمض البيوتريك والبروبيونيك وبعض الأحماض الدهنية الأخرى , وينتج غازات الأمونيا والميثان والاكسجين والنيتروجين وكبريتيد الهيدروجين وغيرها .

    وتستعمل الكائنات الحية في معدة الجمل المواد الغذائية المحيطة بها في التغذية والنمو والتكاثر , كما تستغل الغازات الناتجة في إنتاج مواد غذائية يستفيد منها الجمل , وما يتبقى من الغازات يعمل على تجزئة الطعام وتقليبه في الكرش كما تعمل المياه الغازية في معدة الإنسان عندما يشربها على وجبة غذائية ثقيلة , أما الزائد من تلك الغازات فيتخلص منها الجمل أثناء اجترار الطعام أو إخراجه من الشرج .

    كما تقوم البكتيريا وباقي الكائنات الحية في معدة الجمل بإنتاج الفيتامينات اللازمة لحياتها وحياة الجمل .

    يمتص الجمل الأحماض الدهنية والأحماض الأمينية والسكريات البسيطة الناتجة بفعل عمليات الطحن والهظم الميكروبي والميكانيكي الذي قامت به الكائنات الحية والجهاز الهضمي للجمل أثناء اجترار الطعام .

    وعندما تهلك الكائنات الحية الدقيقة التي وافتها منيتها فإنها تتحلل داخل المعدة وينتج عنها العديد من المواد الكربوهيدراتية والدهنية والبروتينية والأملاح التي يستفيد منها الجمل وباقي الكائنات الحية في معدة الجمل .

    يمتص الجمل الأحماض الدهنية والأمينية والكربوهيدرات من الفرث وتلتقي مع سوائل الدم واللمف لتكون اللبن وهذا مصداقاً لقوله تعالى ( وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين ) سورة النحل آية 66 .

    ولو توقفت تلك الطاحنات الميكروبية والحيوانية الأولية عن عملية طحن الغذاء وتحلله وهضمه لهلك الجمل جوعاً ومعدته مليئة بالطعام , ولو أعطي الجمل مادة قاتلة لتلك الطاحنات لمات الجمل جوعاً وجهازه الهضمي ممتلئ بالطعام .

    فمن سخر تلك الطاحنات الصغيرة التي لا ترى إلا بالمجهر لهذا الجمل الضخم ؟!! ومن نظم تلك العلاقة الحيوية بين الجمل وتلك الطاحنات الحيوية ؟!! الطبيعة الصماء أم الحيوانات العجماء أم البكتيريا غير العاقلة كما يقول الدارونيون الماديون ؟! أم أن هذا الإحكام يحتاج إلى تدبير العليم الخبير ( ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى ) سورة طه آية 50.

    د. نظمي خليل أبو العطا
    المصدر : مجلة عالم الغذاء العدد 93



    الجزء الثالث : أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت

    قال تعالى : (أَفَلا يَنظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ {17} وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ {18} وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ {19} وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ {20} فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ {21} لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ {22}[ الغاشية ] .

    في هذه الآيات الكريمة يخص الله سبحانه وتعالى ـ الإبل من بين مخلوقاته الحية، ويجعل النظر إلى كيفية خلقها أسبق من التأمل في كيفية رفع السموات ونصب الجبال وتسطيح الأرض، ويدعو إلى أن يكون النظر والتأمل في هذه المخلوقات مدخلاً إلى الإيمان الخالص بقدرة الخالق وبديع صنعه .

    في هذه الآية الكريمة يحضنا الخالق العليم بأسرار خلقه حضاً جميلاً رفيقاً، على التفكير والتأمل في خلق الإبل ( أو الجمال )، باعتباره خلقاً دالاً على عظمة الخالق ـ سبحانه وتعالى ـ وكمال قدرته وحسن تدبيره . وسوف نرى أن ما كشفه العلم حديثاً عن بعض الحقائق المذهلة في خلق الإبل يدل على سبق القرآن الكريم في الإشارة إلى هذا المخلق المعجز الذي يدل يدل على عظمة خالقه سبحانه وتعالى كما يدل أن القرآن الكريم هو الكتاب المعجز الذي نزل من عند الله تعالى على قلب نبيه محمد صلى الله عليه وسلم .


    الإعجاز العلمي :
    إن أول ما يلفت الأنظار في الإبل الشكل الخارجي الذي لا يخلو تكوينه من الآيات البيانات التي تأخذ بالألباب :



    أذنا الإبل
    فالأذنانصغيرتان قليلتا البروز، فضلاً عن أن الشعر يغطيها من كل جانب ليقيها من الرمال التي تحملها الرياح، وكما أن لها القدرة على الانثناء خلفاً والالتصاق بالرأس إذا ما هبت العواصف الرملية.

    منخرا الإبل
    كذلك المنخران يتخذان شكل شقين ضيقين محاطين بالشعر وحافتهما لحمية مما يسمح للجمل أن يغلقهما لمن أمام ما تحمله الرياح إلى رئتيه من دقائق الرمال.


    عينا الإبل
    إن لعيني الجمل روموش ذات طبقتين مثل الفخ بحيث تدخل الواحدة بالأخرى وبهذا فأنها تستطيع أن تحمى عينها وتمنع دخولالرمال إليه.


    ذيل الإبل
    وذيل الجمل يحمل كذلك على جانبيه شعراً يحمى الأجزاء الخلفية من حبات الرمل التي تثيرها الرياح والتي كأنها وابل من طلقات الرصاص .


    قوائم الإبل
    أما قوائم الجمل فهي طويلة لترفع جسمه عن كثير مما يثور تحته من غبار، كما أنها تساعده على اتساع الخطو وخفة الحركة، وتتحصن أقدام الجمل بخف يغلفه جلد قوي غليظ يضم وسادة عريضة لينة تتسع عندما يدوس الجمل بها فوق الأرض، ومن ثم يستطيع السير فوق أكثر الرمل نعومة، وهو ما يصعب على أية دابة سواه ويجعله جديراً بلقب " سفينة الصحراء" .

    فما زالت الإبل في كثير من المناطق القاحلة الوسيلة المثلا لارتياد الصحارى وقد تقطع قافلة الإبل بما عليها من زاد ومتاع نحواً من خمسين أو ستين كيلومتراً في اليوم الواحد، ولم تستطع السيارات بعد من منافسة الجمل في ارتياد المناطق الصحراوية الوعرة غير المعبدة .


    عنق الإبل
    لقد خلق الله سبحانه وتعالى الإبل ذوات أعناق مرتفعة حتى تتمكن من تناول طعامها من نبات الأرض، كما أنها تستطيع قضم أوراق الأشجار المرتفعة حين مصادفتها، هذا فضلاً عن أن هذا العنق الطويل يزيد الرأس ارتفاعاً عن الأقذاء ويساعد الجمل على النهوض بالأثقال.

    وحين يبرك الجمل للراحة أو يناخ ليعد للرحيل يعتمد جسمه الثقيل على وسائد من جلد قوي سميك على مفاصل أرجله، ويرتكز بمعظم ثقله على كلكله، حتى أنه لو جثم به فوق حيوان أو إنسان طحنه طحناً .

    و هذه الوسائد إحدى معجزات الخالق التي أنعم بها على هذا الحيوان العجيب، حيث إنها تهيئه لأن يبرك فوق الرمل الخشنة الشديدة الحرارة التي كثيراً ما لا يجد الجمل سواها مفترشاً له فلا يبالي بها ولا يصيبه منها أذى . والجمل الوليد يخرج من بطن أمه مزود بهذه الوسائد المتغلظة، فهي شيء ثابت موروث وليست من قبيل ما يظهر بأقدام الناس من الحفاء أو لبس الأحذية الضيقة .


    معدة الإبل:

    وأما معدة الإبل فهي ذات أربعة أوجه وجهازه الهضمي قوى بحيث يستطيع أن هضم أي شئ بجانب الغذاء كالمطاط مثلا في


    الامكان الجافة .
    إن الإبل لا تتنفس منفمها ولا تلهث أبداً مهما اشتد الحر أو استبد بها العطش، وهي بذلك تتجنب تبخر الماء من هذا السبيل.


    تنظيم جسم الإبل للحرارة :
    يمتاز الجمل بأنه لا يفرز إلا مقداراً ضئيلاً من العرق عند الضرورة القصوى بفضل قدرة جسمه على التكيف مع المعيشة في ظروف الصحراء التي تتغير فيها درجة الحارة بين الليل والنهار .

    إن جسم الجمل مغطى بشعر كثيف وهذا الشعر يقوم بعزل الحرارة ويمنعها من الوصل إلى الجلد تحتها، ويستطيع جهاز ضبط الحرارة في جسم الجمل أن يجعل مدى تفاوت الحرارة نحو سبع درجات كاملة دون ضرر، أي بين 34م و41 م، ولا يضطر الجمل إلى العرق إلا إذا تجاوزت حرارة جسمه 41م ويكون هذا في فترة قصيرة من النهار أما في المساء فإن الجمل يتخلص من الحرارة التي اختزنها عن طريق الإشعاع إلى هواء الليل البارد دون أن يفقد قطرة ماء، وهذه الآلية وحدها توفر للجمل خمسة لترات كاملة من الماء، ولا يفوتنا أن نقارن بين هذه الخاصة التي يمتاز بها الجمل وبين نظيرتها عند جسم الإنسان الذي ثبتت درجة حرارة جسمه العادية عند حوالي 37 م، وإذا انخفضت أو ارتفعت يكون هذا نذير مرض ينبغي أن يتدارك بالعلاج السريع، وربما توفي الإنسان إذا وصلت حرارة جسمه إلى القيمتين اللتين تتراوح بينهما درجة حرارة جسم الجمل ( 34م و41 م ) .


    إنتاج الإبل للماء :
    يقوم الجمل بإنتاج الماء والذي يساعده على تحمل الجوع والعطش وذلك من الشحوم الموجودة في سنامه بطريقة كيماوية يعجز الإنسان عن مضاهاتها.

    فمن المعروف أن الشحم والمواد الكربوهيدراتية لا ينتج عن احتراقها في الجسم سوى الماء وغاز ثاني أسيد الكربون الذي يتخلص منه الجسم في عملية التنفس، بالإضافة إلى تولد كمية كبيرة من الطاقة اللازمة لواصلة النشاط الحيوي .

    و الماء الناتج عن عملية احتراق الشحوم من قبيل الماء الذي يتكون على هيئة بخار حين تحترق شمعة على سبيل المثال، ويستطيع المرء أن يتأكد من وجوده إذا قرب لوحاً زجاجياً بارداً فوق لهب الشمعة لاحظ أن الماء الناتج من الاحتراق قد تكاثف على اللوح . وهذا مصدره البخار الخارج مع هواء الزفير، ومعظم الدهن الذي يختزنه الجمل في سنامه يلجأ إليه الجمل حين يشح الغذاء أو ينعدم، فيحرقه شيئاً فشياً ويذوى معه السنام يوماً بعد يوم حتى يميل على جنبه، ثم يصبح كيساً متهدلاً خاوياً من الجلد إذا طال الجوع والعطش بالجمل المسافر المنهك .

    و من حكمة خلق الله في الإبل أن جعل احتياطي الدهون في الإبل كبيراً للغاية يفوق أي حيوان آخر ويكفي دليل على ذلك أن نقارن بين الجمل والخروف المشهور بإليته الضخمة المملوءة بالشحم . فعلى حين نجد الخروف يختزن زهاء 11كجم من الدهن في إليته، يجد أن الجمل يختزن ما يفوق ذلك المقدار بأكثر من عشرة أضعاف ( أي نحو 120 كجم)، وهي كمية كبيرة بلا شك يستفيد منها الجمل بتمثيلها وتحويلها إلى ماء وطاقة وثاني أكسيد الكربون . ولهذا يستطيع الجمل أن يقضي حوالي شهر ونصف بدون ماء يشربه .

    ولكن آثار العطش الشديد تصيبه بالهزال وتفقده الكثير من وزنه، وبالرغم من هذا فإنه يمضي في حياته صلدا لا تخور قواه إلى أن يجد الماء العذب أو المالح فيعب فيعب منه عباً حتى يطفئ ظمأه كما أن الدم يحتوى على أنزيم البومين بنسبة اكبر مما توجد عند بقية الكائنات وهذا الإنزيم يزيد في مقاومة الجمل للعطش وتعزى قدرة الجمل الخارقة على تجرع محاليل الأملاح المركزة إلى استعداد خاص في كليته لإخراج تلك الأملاح في بول شديد التركيز بعد أن تستعيد معظم ما فيه من ماء لترده إلى الدم .

    و هنالك أسرار أخرى عديدة لم يتوصل العلم بعد إلى معرفة حكمتها ولكنها تبين صوراً أخرى للإعجاز في خلق الإبل كما دل عليه البيان القرآني .


    حليب الإبل :
    أما لبن الإبل فهو أعجوبة من الأعاجيب التي خصها الله سبحانه للإبل حيث تحلب الناقة لمدة عام كامل في المتوسط بمعدل مرتين يومياً، ويبلغ متوسط الإنتاج اليومي لها من 5 ـ 10 كجم من اللبن، بينما يبلغ متوسط الإنتاج السنوي لها حوالي 230 ـ 260 كجم .

    و يختلف تركيب لبن الناقة بحسب سلالة الإبل التي تنتمي إليها كما يختلف من ناقة لأخرى، وكذلك تبعاً لنوعية الأعلاف التي تتناولها الناقة والنباتات الرعوية التي تقتاتها والمياه التي تشربها وكمياتها، ووفقا لفصول السنة التي تربى بها ودرجة حرارة الجو أو البيئة التي تعيش فيها والعمر الذي وصلت إليه هذه الناقة وفترة الإدرار وعدد المواليد والقدرات الوراثية التي يمتلكها الحيوان ذاته، وطرائق التحليل المستخدمة في ذلك.

    و على الرغم من أن معرفة العناصر التي يتكون منها لبن الناقة على جانب كبير من الأهمية، سواء لصغر الناقة أو للإنسان الذي يتناول هذا اللبن، فإنها من جانب آخر تشير وتدل دلالة واضحة على أهمية مثل هذا اللبن في تغذية الإنسان وصغار الإبل وبشكل عام يكون لبن الناقة أبيض مائلاً للحمرة، وهو عادة حلو المذاق لاذع، إلا أنه يكون في بعض الأحيان مالحاً، كما يكون مذاقه في بعض الأوقات مثل مذاق المياه، وترجع التغيرات في مذاق اللبن إلى نوع الأعلاف والنبات التي تأكلها الناقة والمياه التي تشربها . كذلك ترتفع قيمة الأس الهيدروجيني PH( وهو مقياس الحموضة ) في لبن الناقة الطازج، وعندما يترك لبعض الوقت تزداد درجة الحموضة فيه بسرعة .

    و يصل محتوى الماء في لبن الناقة بين 84 % و90% ولهذا أهمية كبيرة في الحفاظ على حياة صغرى الإبل والسكان الذين يقطنون المناطق القاحلة ( مناطق الجفاف ) .

    وقد تبين أن الناقة الحلوب تفقد أثناء فترة الإدرار ماءها في اللبن الذي يحلب في أوقات الجفاف، وهذا الأمر يمكن أن يكون تكيفاً طبيعياً، وذلك لكي توفر هذه النوق وتمد صغارها والناس الذين يشربون من حليبها ـ في الأوقات التي لا تجد فيها المياه ـ ليس فقط بالمواد الغذائية، ولكن أيضا بالسوائل الضرورية لمعيشتهم وبقائها على قيد الحياة، وهذا لطف وتدبير من الله سبحانه وتعالى .

    و كذلك فإنه مع زيادة محتوى الماء في اللبن الذي تنتجه الناقة العطشى ينخفض محتوى الدهون من 4،3 % إلى 1،1 %، وعموماً يتراوح متوسط النسبة المئوية للدهون في لبن الناقة بين 2،6 إلى 5،5%، ويرتبط دهن اللبن بالبروتين الموجود فيه.

    و بمقارنة دهون لبن الناقة مع دهون ألبان الأبقار والجاموس والغنم لوحظ أنها تحتوي على حموض دهنية قليلة، كما أنها تحتوي على حموض دهنية قصيرة التسلسل ويرى الباحثون أن قيمة لبن الناقة تكمن في التراكيز العالية للحموض الطيارة التي تعتبر من أهم العوامل المغذية للإنسان، وخصوصاً الأشخاص المصابين بأمراض القلب.

    ومن عجائب لبن الإبل أن محتوى اللاكتوز في لبن الناقة يظل دون تغيير منذ الشهر الأول لفترة الإدرار وحتى في كل من الناقة العطشى والنوق المرتوية من الماء . وهذا لطف من العلي القدير فيه رحمة وحفظ للإنسان والحيوان، إذ إن اللاكتوز ( سكر اللبن ) سكر هام يستخدم كمليّن وكمدّر للبول، وهو من السكاكر الضرورية التي تدخل في تركيب أغذية الرضع .

    و فضلاً عن القيمة الغذائية العالية لألبان الإبل، فإن لها استخدامات وفوائد طبية عديدة تجعله جديراً بأن يكون الغذاء الوحيد الذي يعيش عليه الرعاة في بعض المناطق، وهذا من فضل الله العظيم وفيضه العميم .


    أهمية الإبل في الأمن الغذائي :
    ففي عامي 1984 و1985، حين أصيبت أفريقيا بالجفاف هلكت ـ أو كادت تهلك ـ في كينيا القبائل التي كانت تعيش على الأبقار التي كفت عن إفراز اللبن ثم مات معظمها، بينما نجت القبائل التي كانت تعيش على الإبل، لأن النوق استمرت في الجود بألبانها في موسم الجفاف .

    ومن هنا أصبح للاهتمام بالإبل أيضاً دوافع اقتصادية ومستقبلية مهمة ودعا أهل الاختصاص إلى التعمق في دراسة هذا الحيوان في عالم تستنفد سريعاً موارده من الغذاء والطاقة .

    و لقد سبق أن أوضحنا أن النظرة المتأملة في الإبل أقنعت الناس منذ عهد نزول الوحي بصورة ظاهرة فيها من إعجاز الخلق ما يدل على قدرة الخالق، كما أن العلماء والباحثين المتعمقين لا يزالون حتى اليوم يجدون آيات خفية جديدة في ذلك الحيوان العجيب تعمق الإيمان بقدرة الخالق، وتحقق التوافق والانسجام بين حقائق العلم الموضوعية التي يكشف عنها العلماء وبين ما أخبر به الله في قرآنه الكريم .


    مقارنة بين قدرات الإبل والإنسان :
    ولعل في المقارنة بين بعض قدرات الإبل والإنسان ما يزيد الأمر إيضاحاً بالنسبة لنموذج الإبل الفريد في الإعجاز . فقد أكدت تجارب العلماء أن الإبل التي تتناول غذاءً جافاً يابساً يمكنها أن تتحمل قسوة الظمأ في هجير الصيف لمدة أسبوعين أو أكثر، ولكن آثار هذا العطش الشديد سوف تصيبها بالهزال لدرجة أنها قد تفقد ربع وزنها تقريباً في خلال هذه الفترة الزمنية .

    ولكي ندرك مدى هذه المقدرة الخارقة نقارنها بمقدرة الإنسان الذي لا يمكنه أن يحيا في مثل تلك الظروف أكثر من يوم واحد أو يومين . فالإنسان إذا فقد نحو 5% من وزنه ماء فقد صوابه حكمه على الأمور، وإذا زادت هذه النسبة إلى 10% صُمَّت أذناه وخلط وهذى وفقد أساسه بالألم ( وهذا من رحمة الله به ولطفه في قضائه ) . أما إذا تجاوز الفقد 12% من وزنه ماء فإنه يفقد قدرته على البلع وتستحيل عليه النجاة حتى إذا وجد الماء إلا بمساعدة منقذيه .

    وعند إنقاذ إنسان أشرف على الهلاك من الظمأ ينبغي على منقذيه أن سقوه الماء ببطء شديد تجنباً لآثار التغير المفاجئ في نسبة الماء بالدم . أما الجمل الظمآن إذا ما وجد الماء يستطيع أن يعب منه عباً دون مساعدة أحد ليستعيد في دقائق معدودات ما فقد من وزنه في أيام الظمأ .

    وثمة ميزة أخرى للإبل على الإنسان، فإن الجمل الظمآن يستطيع أن يطفئ ظمأه من أي نوع وجد من الماء، حتى وإن كان ماء البحر أو ماء في مستنقع شديد الملوحة أو المرارة، وذلك بفضل استعداد خاص في كليتيه لإخراج تلك الأملاح في بول شديد التركيز بعد أن تستعيد معظم ما فيه من ماء لترده على الدم .

    أما الإنسان الظمآن فإنه أية محاولة لإنقاذه بشرب الماء المالح تكون أقرب إلى تعجيل نهايته .

    وأعجب من هذا كله أن الجمل إذا وضع في ظروف بالغة القسوة من هجير الصحراء اللافح فإنه سوف يستهلك ماء كثيراً في صورة عرق وبول وبخار ماء، مع هواء الزفير حتى يفقد نحو ربع وزنه دون ضجر أو شكوى .

    والعجيب في هذا أن معظم هذا الماء الذي فقده استمده من أنسجة جسمه ولم يستنفذ من ماء دمه إلا الجزء الأقل، وبذلك يستمر الدم سائلاً جارياً موزعاً للحرارة ومبددا لها من سطح جسمه، ومن ثم ترتفع درجة حرارته ارتفاعاً فجائياً لا تتحملها أجهزته ـ وخاصة دماغه ـ وفي هذا يكون حتفه .

    و هكذا نجد أن الآية الكريمة ( أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت ) تمثل نموذجاً لما يمكن أن يؤدي إليه العلم بكافة مستوياته الفطرية والعلمية، وليس في نصّها شيء من حقائق العلوم ونظرياتها وإنما فيها ما هو أعظم من هذا فيها مفتاح الوصول إلى تلك الحقائق بذلك التوجيه الجميل من الله العليم الخبير بأسرار خلقه .

    هذه بعض أوجه الإعجاز في خلق الإبل من ناحية الشكل والبنيان الخارجي، وهي خصائص يمكن إدراكها بفطرة المتأمل الذي يقنع البدوي منذ الوهلة الأولى بإعجاز الخلق الذي يدل على قدرة الخالق .


    المراجع :
    كتاب رحيق العلم والإيمان الدكتور أحمد فؤاد باشا .
    مقالة للكاتب التركي هارون يحيى .



    الجزء الرابع : نظـرات فـي الإبـل

    قال تعالى في كتابه الكريم((أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت ، وإلى السماء كيف رفعت وإلى الجبال كيف نصبت وإلى الأرض كيف سطحت )). (صدق الله العظيم.)

    الإبل من شعائر الله , وإن الإنسان الذي حُرِمَ من رؤية الإبل بعينيه , عليه أن لا يحرم نفسه من القراءة عنها, كما عليه أن ينظر إلى صورتها , ويتفحص كل عضو من أعضاء جسمها بدقة وعنايه , فيرى العجائب في هذا المخلوق .

    والآية الكريمه …تدعو الناس جميعاً إلى النظر بإمعان , والتفكير بعمق في كل من الإبل والسماء والجبال والأرض . فالنظر إليها بحد ذاته , من دوافع الإيمان بالله .

    وعليه إذا نظر الإنسان إلى الإبل امتثالاً للآية الكريمة , سيشاهد في ذلك المخلوق العجيب مناظر غريبة ، ويتعرّف على أسرار فريده ، وحقائق علمية مدهشه .ذلك لأن الإبل في حقيقتها مجمع العجائب ومعرض الغرائب , وحتى أسهِّل لك الأمر تعال معي وانظر إلى البعير .

    - أنظر إلى السنام:
    الذي يحمله على ظهره وهو من الدهن يبنيه , وكيف يبقى على حالِهِ صلباً قاسياً , دون أن يتحول بحرارة الشمس المحرقة إلى دهن طري سائل لا يساعد على حمل المتاع والسير فيه , و السنام مخزن للطاقة , يتحول عند العطش الشديد إلى ماءٍ يسّدُ به رمق البعير ويرويه ، ليرسله إلى الدم ويحفظ سيولته ومن الكثافة والتجلط يحميه

    - أنظر إلى الخف الطري :
    المغطى بطبقة رقيقة من الجلد (11) ملم , فيه من القوة والمتانة ما يكفيه , عمره طويل ملازم لعمر البعير دون تغيير أو حذاء يحميه , يحمل فوقه الوزن الثقيل حوالي (600) كغ (البعير والمتاع ) دون أن ينفجر فيرديه ، ويمشي فوق الرمال المحرقة التي تصل حرارتها إلى أكثر من (65) درجة مئوية دون أن تحرقه أو تشويه .

    - أنظر إلى ضرع الناقة :
    والمميز في حجمه الكبير , وفي تركيبه ومواصفاته التشريحيه ، واشرب من الحليب الذي يخرج من حلماته الأربعة ، والنافع في جميع مكوناته ومحتوياته وحالاته

    - أنظر إلى الناقة أثناء الولادة :
    ترى العجب العجاب , عند خروج أكبر مولود من أصغر باب , يخرج بكل سهولة وانتظام ، وبدون مساعدة أو معونة أو عذاب، وكأن يد اً غيبيّة في منتهى العلم والخبرة , تساعده على الخروج أولاً , ثم تعينه على الوقوف بعد دقائق معدودة , وتدلّه على الضرع , ليرضع لبن السرسوب بكل إتقان ونشاط وحيويه .

    - أنظر إلى الناقة أثناء الحلابة أو أثناء الرضاعة :
    وكيف يغشاها السكون والإطمئنان ، وقد تدمع عيناها أحياناً من شدة العطف والحنان , على ولدها الصغير الجوعان ، وقد باعدت بين أرجلها الخلفية , وهي في هدوء غريب ليرضع ولدها بكل راحة وأمان .

    - أنظر إلى رأس البعير :
    وأمعن النظر فيما يحويه , ترى أذنيه الصغيرتين في أعلى الرأس ولا ترى قروناً , ثم ترى عينين صغيرتين صافيتين , كل عين لها صفين من الرموش للحماية من أشعة الشمس القوية وحرارتها أولاً , ومن رمال العواصف والرياح الشديدة ثانياً ، وفوق كل عين حاجب سميك عليه شعر طويل وكثيف للحمايه من كل مكروه يلاقيه أثناء الرعي للنباتات الشوكية على وجه الخصوص ،ثم ترى فتحتي الأنف العجيبتين , والتي تغلقان تماماً (في الإبل فقط )عند هبوب الرياح ،حتى لا تدخل الرمال إليه وتوذيه .ثم ترى الفم وما فيه , وتتعجب كيف يتناول البعير الشوك القاسي بشفتيه اللحميتين , دون وخز أو جرح تدميه .ثم ترى مقدمة الفك العلوي ملساء وبدون أسنان تغطيه .

    - أنظر إلى الرقبة الطويلة المنحنيه :
    والتي يستطيع البعير بواسطتها النهوض من الأرض بالحمل الثقيل, ولولا هذا الطول وهذا الإنحناء لما استطاع الوقوف على أرجله والحمل الثقيل فوقه يضنيه , تلك الرقبة العجيبه ذات العضلات القويه والفقرات الضخمة القويه تتحرك للأعلى والأسفل وتعمل كالعتله بكل خفة ومرونه , بشكل تجعل البعير مرتاح عند سيره الطويل ,وترى البعير يمشي بكل اتزان وأمان دون تعب يلاقيه , وتعد الرقبة كشراع السفينه في حركتها ووظيفتها ,ولهذا سميت الإبل بسفينة الصحراء .

    أنظر إلى مشية البعير الغريبة المميزه عن مشية جميع الحيوانات وحتى الإنسان :
    ترى الرجل الأمامية اليمنى و الرجل الخلفية اليمنى تتحركان في وقت واحد , ثم الرجل الأمامية اليسرى مع الرجل الخلفية اليسرى أيضاً تتحركان في وقت واحد . ولهذا تراه يتمايل تارة إلى اليمين وتارة إلى الشمال , ويسير بكل راحة واطمئنان في غاية الهيبة والإتزان رغم ضخامة الجسم وطول القوائم .

    أنظر إلى البعير وهو يتناول الشوك القاسي :
    بشفتيه اللحميتين ويدخله إلى فمه المبطن بغشاء رقيق ليمضغه بفكيه ويسويه . وكأنه يمضغ قطعة من الحلوى , يجد فيها لذّته ومناه , وهذا الطعام في سنوات الجفاف غالباً يرضيه ومن الجوع يحميه

    أنظر إلى البعير عندما يجتر الطعام :-
    ترى كتلة من الطعام تخرج من الكرش بقوة وانتظام , عبر الرقبة الطويلة المنحنية , لتستقر في الفم , فيمضغها بكل هدوء وارتياح , ثم يبلعها , ويعيدها إلى الكرش بنفس الطريق الطويل المنحني حتى تستقر في معدته وتغذيه

    أنظر إلى الإبل وهي تشرب الماء بعد العطش الشديد :
    حيث ينزلق الماء إلى جوفها بقوة تثير الدهشة , فتشرب ما يساوي ربع حجمها من الماء أي حواي (120) ليتراً من الماء في عشر دقائق فقط دفعة أولى , أي بمعدل (12) ليتر ماء في الدقيقة الواحده .( سبحان الله العظيم ).


    أنظر إلى الحِمْلِ الثقيل :-
    الذي يحمله البعير , كَمْ هو ثقيل , ويمشي به مسافات طويلة دون صخب أو تزمر يبديه ، ودون تعب يوقفه أويثنيه .

    أنظر إلى أضخم حيوان يركبه أو يجرّه الطفل الصغير :-
    ويسير أمامه ويجره بكل أمان , دون أن يزعجه أو يخيفه أو يؤذيه , أو يركب على ظهره دون أن يرميه .قال تعالى / وذللناها لهم فمنها ركوبهم . صدق الله العظيم .


    - هذا وإذا أردت أيها الإنسان العاقل الناظر السائح , أن تعرف أكثر عن هذا المخلوق العجيب , إستمع إلى دقات قلبه الرصينه , وحركات نَفَسِه الرزينه . وإذا أردت المزيد فخذ من جسمه ما تريد (من الدم أو من البول أو من الحليب أومن دمع العين أومن اللعاب الخ ..) وافحصها بالمختبر , لترى من العجائب , ما غاب عن ذهنك , واختفى من الحقائق المدهشة الدفينه .


    - وإذا أردت أيها الإنسان أن تستريح , فانظر إلى الجثة بعد الذبح والتشريح , لترى بعينك ما يدّل على قدرة الخالق العليم الحكيم , الذي أحسن كل شيء خلقه , سبحانه وتعالى رب العرش العظيم .

    أمّا إذا أردت المزيد أكثر , فاقرأ بعض الحقائق العلميه عن فسيولوجيا الهضم وفسيولوجيا التناسل وفسييولوجيا الدم , وفسيولوجيا الجهاز البولي الخ..فهي متميزة تثير الدهشة والإستغراب


    - هذا ولأهمية الإبل وعظمتها ورد إسمها في الكتب السماوية كلها / التورات ، والإنجيل، والقرآن /ففي القرآن الكريم , ذكر اسم الإبل في أكثر من ثلاثين آيه , كما ورد اسمها في أكثر من خمسين حديثٍ نبويٍ صحيح . منها قول الرسول الكريم : الإبل عز لأهلها (وكلمة عز تجمع الخير والشرف والفضل ) . وقوله أيضاً / لا تسبوا الإبل فإنها من َنفَسِ الله . هذا إضافة إلى العديد من القصائد الشعريه , تغنّى بها مئات , بل الآلاف من الشعراء في كل زمان ومكان , والمعلّقات السبعه تشهد على ذلك . وهناك الروايات والقصص التاريخيه الرائعه , والأقوال والحكم المشهورة والأمثال البليغة عن الإبل ما لا حصر له .


    - وأخيراً نقول : الإبل بعجائبها التي أشار إليها القرآن والدين الحنيف , وبحقائقها التي أشارت إليها العلوم العصرية تستحق النظر إليها بإمعان , كما تستحق البحث عن أسرارها بإتقان .

    - ومما لا شك فيه أن العلوم الدينية صفاء للقلب . والعلوم العصرية الحديثة نور للعقل , وبالتقاء تلك العلوم الدينية , والعلوم العصريه تتجلى الحقيقة للإنسان , ومن خلال تلك الحقيقه يعرف الإنسان ربه حقَّ المعرفه , ويشهد أنه الواحد الأحد الفرد الصمد القادر على كل شيء , وهو اللطيف الخبير .

    - وعندما يصل الإنسان إلى هذه المرحلة من الإيمان , يصبح من المعنيين بقوله جلّ جلاله (( إنما يخشى الله من عباده العلماء)) صدق الله العظيم .

    د / محمد مصطفى مراد الحموي
    خبير ومستشار الثروة الحيوانية



    الجزء الخامس : الوسائل التي تحافظ على الماء في جسم الجمل

    يستطيع الجمل أن يقاوم ويبقى على قيد الحياة بإذن الله حتى ولو فقد (40%) من ماء جسمه ويرجع ذلك إلى عدة وسائل أهمها:-

    أ‌- درجة حرارة الجسم:
    يستطيع الجمل أن يغير درجة حرارة جسمه تبعاً لتغير درجة حرارة الجو، لذلك فهو يختلف عن معظم الحيوانات ذات الحرارة الثابتة التي لا تستطيع تغيير درجة حرارة أجسامها مع تغير درجة حرارة الجو.

    ففي الصباح الباكر تنخفض درجة حرارة الجو وتبعاً لذلك تنخفض درجة حرارة جسم الجمل لتصل إلى حوالي(34درجة مئوية)،وأثناء ساعات النهار ترتفع درجة حرارة جسم الجمل لتصل إلى حوالي (41درجة مئوية ).والجمل يحاول أن يجعل الفرق بين درجة حرارة جسمه ودرجة حرارة الجو أقل ما يمكن،وهذا يؤدي إلى امتصاص الجسم لأقل كمية ممكنة من الحرارة عن طريق الإشعاع ،وبالتالي استعمال أقل كمية من الماء لغرض التبريد بواسطة التبخير،ففي هذه الحالة يقوم الجمل بتخزين كمية من الحرارة داخل جسمه وفي المساء تبدأ درجة حرارة الجو في الانخفاض ،ويبدأ الجمل بالتخلص من الحرارة الزائدة والمخزنة في جسمه عن طريق الإشعاع من جسمه إلى الهواء المحيط به.

    ب – الـوبــر:-
    يغطي جسم الجمل نوع من الوبر الكثيف والقصير،و له وظيفتان هما:

    1 – يحمي الجسم من البرد القارس في فصل الشتاء حيث ينمو ويصبح كثيفاً طويلاً وفي فصل الصيف يتم التخلص منه.

    2- يقي جسم الجمل من حرارة أشعة الشمس حيث أنه يسمح بحدوث عملية التبخير عن طريق سطح الجلد، ويعتبر التبريد بالبخر عن طريق الجلد أفضل للجمل وأعلى كفاءة في استهلاك الماء نظراً لوجود الوبر.

    ج – الكلية :
    يعتبر تركيب الكلية والوظائف التي تؤديها من أهم وسائل المحافظة على الماء داخل جسم الجمل،ولها أسرار إعجازية عظيمة،حيث تقوم الكلية بتنظيم المحافظة على الماء بطريقتين هما:-

    1 – تركيز البول :
    حيث أن الكلية في الجمل تفرز بول عالي التركيز،يصل إلى حوالي ضعف تركيز الأملاح في ماء البحر.

    وتعتبر قدرة الكلية على تركيز البول من أهم الأسباب التي تمكن الجمل من تناول النباتات المالحة ،وكذلك شرب المياه التي يفوق تركيزها مياه البحر (شديدة الملوحة).

    2 – إنقاص معدل تكوين البول:
    فأن الكلية تقوم بإفراز كميات من (اليوريا) الناتجة عن عملية هدم البر وتينات،ويرتفع تركيزها في البول كلما انخفضت كمية البول الناتجة ،وفي حالات نقص البروتين في غذاء الإبل، وكذلك في الإبل الصغيرة والنوق الحلوب والحوامل تنخفض معدلات (اليوريا) في البول ،لأن الكلية تنقص من معدلات إفرازها في البول،ويعاد امتصاص (اليوريا) من بلازما الدم عبر اللعاب أو جدار الكرش حيث يتم بواسطة أنزيم (يـوريـز) الذي تفرزه البكتيريا الموجودة في أجزاء الكرش بتكوين (أمونيا) من البول والتي تستخدم في تصنيع البر وتينات ،وتمر هذه البروتينات إلى الأمعاء حيث تمتص وتعود إلى الدورة الدموية للاستفادة منها.

    د – تركيب الدم:
    أن كمية الماء الموجودة في بلازما دم الإنسان والإبل حوالي(16%) من كمية الماء الكلية الموجودة فيهما،وتنخفض هذه الكمية بنسبة العشر عندما يفقد الجمل حوالي (23%) من كمية الماء الموجودة بجسمه وبنسبة الثلث في الإنسان ،وهذا ما يجعل دم الإنسان سميك وغير قادر على الدوران في الأوعية الدموية وغير قادر أيضاً على التخلص من الحرارة الزائدة في الجسم .أما الجمل فيستطيع فقدان ما حدوده(40%) من وزنه ماء دون أن يتأثر أو يعاني من الجفاف والسبب يرجع إلى الشعيرات الدموية القريبة من سطح الجلد حيث تتميز بجدار سميك وقطر ضيق جداً بحيث يسمح بمرور كرية دم حمراء واحدة فقط، كما أن! الجدار السميك للشعيرات الدموية يساعد في المحافظة على عدم تسرب الماء إلى المسافات البينية داخل الجسم وخاصة خلال الفترات التي يتعرض الجمل فيها إلى الجفاف.

    كريات الدم الحمراء :
    أن خصائص كريات الدم الحمراء وطبيعة تركيبها تساعد الجمل على تحمل ظروف البيئة الصحراوية الحارة ،فشكلها البيضاوي، و صغر حجمها،وزيادة عددها(12.5مليون لكل مليلتر مكعب واحد)، يمكنها من القدرة على الدوران في الدم حتى عند ارتفاع لزوجته نتيجة عمليات الجفاف، كما أن ارتفاع درجة تركيز خضاب الدم(الهيموجلوبين) داخل كريات الدم الحمراء، تمكن الجمل من الحصول على أكبر كمية ممكنة من الأ وكسجين ، مما يؤدي إلى عدم ملاحظة الإعياء التنفسي عليه بالرغم من تعرضه لأشعة الشمس المباشرة ودر! جات الحرارة العالية في فصل الصيف .

    ودم الإبل يحتوي على نسبة عالية من بروتين (الألبيو مين) المقاوم لشدة الجفاف.

    و هناك اعتقاد بأن الماء الزائد يخزن في أكياس ملحقة بمعدة الجمل، وأثبتت التجارب العلمية أن هذا الاعتقاد لا صحة له لأن هذه الأكياس لا تحتوي إلا على مادة غذائية مهضومة لدى الإبل التي عطشت فترة طويلة وسمح لها بشرب الماء ، والجمل العطشان لا يقوم بشرب كميات إضافية من الماء تفوق احتياجاته ليقوم بتخزينها في هذه الأكياس.

    ولقد كان هناك اعتقاد بأن الماء يتم تخزينه في سنام الجمل .

    وهذا اعتقاد لا صحة له لأن كمية الماء الناتجة من أكسدة الدهون قليلة إذا قورنت بالاحتياجات اليومية للجمل.

    ترقبـــــــوا التـتــمـــــــــه

  2. #2
    الصورة الرمزية كنت هنا...ومضيت
    Title
    نبض جديــد
    تاريخ التسجيل
    05- 2007
    العمر
    36
    المشاركات
    210
    المحور الثالث : الإبل في الأدب العربي


    أسماء الناقة بعد الولاده (الرضاعة والطاقة لإنتاج الحليب )


    ويكمننا تصنيف الطاقة الإنتاجية للناقة بما يلي :

    أولاً - أسماء الناقة غزيرة الإنتاج
    صفي – غريرة – خوارة – مجمعة – مري – ذخور – جلد – درور – حلوب – حرشاء – دروس .... إلخ

    ثانياً – أسماء الناقة ضعيفة الإنتاج
    بكيه (بكيء )- ضهول - دهين- صرماء – يبس - شخص ....إلخ.

    ثالثاً - أسماء الناقة التي لا تحلب
    غارز - جماد – جذاء – خفوت - شعوص – حافة ....إلخ


    المحور الرابع : لماذا أغفلنا حليب الابل؟!

    يعتبر حليب الابل من النعم العظيمة التي أنعم الله بها سبحانه وتعالى على أهالي الصحراء. فهو الغذاء المتكامل لأصحاب الابل في الحضر والسفر فلو ألقينا نظرة إلى محتوياته فإننا نجد انه يحتوي على 2,9 بروتينات سكريات (اللاكتوز) 4,45 فيتامينات أ، ب1، ب2، ب12 وفيتامين ج، أملاح ماء 88,54 وطاقة 592، وهو مفيد للمواليد الصغيرة ولإنسان الصحراء معاً وفقاً لظروف الصحراء القاسية إضافة إلى أنه متغير في نسبة التركيب على حسب الأجواء فنجد في حالة ارتفاع حرارة الجو تصل نسبة الماء إلى نسبة 91٪ وفي حالة انخفاض درجة الحرارة فإن نسبة الماء تتراوح إلى 80٪ كذلك نسبة الدهن متغيرة حيث ينخفض من حوالي 3,4٪ إلى حوالي 1,2٪ في ارتفاع حرارة الجو في الصحراء حيث ان الدهن يعطي طاقة عالية والتي تكون غير مرغوبة في جو الصحراء الحار الذي يحتاج إلى شراب منعش ومرطب.

    وفي الماضي على زمن الآباء والأجداد في المملكة العربية السعودية كانوا يتناولون الحليب مع التمر. وفي الوقت الحاضر وبعد انتشار تربية النحل في أنحاء متفرقة من المملكة العربية السعودية،وبعد توفر أنواع من العسل أمثال - عسل السدر والطلح والسمر والبرسيم في المنطقة الوسطى والشمالية والأعسال الصيفية والشتوية على امتداد جبال السروات ابتداء من منطقة محافظة الطائف وحتى منطقة أبها. فإنني أنصح مربي الابل وعشاق حليب النوق أثناء شربهم للحليب ان يضعوا في الكأس أو الكوب ملعقة واحدة من العسل الطبيعي وخلطه بالحليب بتحريك الملعقة حتى يصل إلى الطعم المرغوب.

    وفي حالة تناول الحليب بالغضارة أو الطاسة أو القدح فيوضع 2 ملعقة من العسل وتحريكه حتى يتجانس بالحليب وبالصحة والعافية إن شاء الله.

    ويمكن ان نستخلص من هذا المزيج حليب النوق المخلوط بالعسل بالفوائد التالية:

    1- مفيد شربه بعد الأكل للهضم المريح ويقضي على الأرق ويجلب النوم المريح عند المساء.

    2- مفيد شربه للجهاز التنفسي والمشاكل الصدرية من ربو وكحة.. وخلافه.

    3- مخفض للسكر إذا ما خلص مع عسل القيصوم أو الطلح أو السمر.

    4- من المعتقد ان حليب الابل له أهمية علاجية لبعض الأمراض وقد يكون السبب في ذلك إلى كون الابل غالباً ما تتغذى على أعشاب ونباتات طبية في المراعي البرية إضافة لاحتواء الحليب على نسبة عالية من بعض المركبات التي تمنع نمو البكتيريا. ومن العجيب انه في آسيا الوسطى والهند ان حليب الابل يستعمل لمعالجة داء اليرقان.. والاستسقاء وأمراض الطحال والسل والربو والأنيميا (فقر الدم) والبواسير ومرض السكر والسرطان.

    ومن المعروف أنه في بعض دول الشرق الأوسط علاج كثير من الأمراض بحليب الابل المضاف إليه بعض الأعشاب والنباتات أمثال: مقلي نبات الشيح وأزهار البابونج وأزهار القيصوم والمرامية وحكيم الصحراء واليانسون والحلبة.. والأعشاب الرعوية المعروفة بصفاتها العلاجية وذلك كأحد وسائل العلاج الشعبي، وكذلك العسل الذي قال الله سبحانه وتعالى فيه: {فيه شفاء للناس} سورة النحل آية (67).

    وفي الختام يقول الله سبحانه وتعالى: {افلا ينظرون إلى الابل كيف خلقت} سورة الغاشية آية (16/17).

    ناصر إبراهيم الغصن
    باحث تربية النحل ونباتات العسل


    المحور الخامس : الغربيون والإبل

    - يقول الغربيون / إن الإبل رمز التخلُّف , وبالمقابل نحن نقول / الإبل رمز الحضارة والتقدم , و رمز الخير والعطاء .كيف لا وهي مخزون احتياطي غذائي كبير (مخزون احتياطي من البروتين الحيواني عالي الجودة –الحليب واللحم – في مستقبل تزداد فيه أزمة الغذاء العالمية بسبب الإنفجار السكاني العالمي ) .

    - ويقول الغربيون أيضاً / إن الإبل ضارة في البيئة, وبالمقابل نحن نقول /الإبل مفيدة للبيئة بشكل عام وللصحراء بشكل خاص ( تأكل النباتات التي لا تأكلها الحيوانات الأخرى , وتأكل الأعشاب اليابسة والنباتات الشوكية (أي تحسِّن البيئة الرعوية لكل الحيوانات .


    - والإبل لا ترعى رعياً جائراً , وأقدامها طرية (الخف طري مرن ) لا تضر في جذور النباتات , كل ذلك لتترك للحيوانات الأخرى مراعي مفيدة , مراعي خالية من النباتات الغريبة والأشواك إلخ وأكبر دليل على أنها مفيدة للبيئة , أن خبراء اللبيئة يوصون بتربية الإبل وبحمايتها وتنميتها بعد أن تأكَّد لهم أن الإبل هي الحيوان المثالي الوحيد القادر على التكيف مع البيئة القاسية في الصحراء الواسعة وتحسين المراعي .


    - ويقولون / الإبل ليست اقتصادية , ونحن بالقابل نقول / إنها اقتصادية بكل معنى الكلمة / اقتصادية في طعامها (طعامها رخيص تأكله مجاناً من الصحراء الواسعة ) , إقتصادية في أمراضها (مناعتها قوية وهي أقل الحيوانات تعرضاً للأمراض ) إقتصادية في تربيتها ( لا تحتاج إلى مباني وحظائر وتكاليف إدارية , ومستلزمات إنتاج إلخ )


    - إقتصادية في انتاجها (إنتاجها من الحليب واللحم أكثر كمية و أقل كلفة من جميع أنواع الحيوانات المنتجة للحليب واللحم ) فالناقة الحلوب يمكن أن تعطي أكثر من (30) كيلو غرام حليب في اليوم إذا أعطيت العناية الكافية من غذاء ورعاية صحية , وذلك بفضل ما أعطاها الله من سعة في الجهاز الهضمي وكبر في الضرع , فالإبل مخزن استراتيجي للغذاء . والرسول الأعظم يقول (( الإبل عز لأهلها )) وهو الذي عاش مع الإبل وعرف أهميتها الإقتصادية , وشرب من حليبها , وأكل من لحمها .


    - والغربيون يصفون الإبل بأوصاف ذميمة فيقولون / إنها غدَّارة – عصبية – عنيدة- شرسة- عدوانية – إلخ من أسماء هي منها براء , وربما يضيفون عليها اسم ارهابية. ونحن بالقابل نقول / إن الإبل أليفة بطبعها , مطيعة لأصحابها , عصيَّة على من يظلمها ويضربها ويؤذيها , وقد وصفها الرسول الأعظم محمَّد صلى الله عليه وسلَّم ((المؤمنون هيِّنون ليِّون كالجمل الأليف , إذا سقته انساق وإذا أنخته استناخ )) صدق رسول الله .


    - ويقولون /إن شكلها بشع , أي لايعجبهم منظرها وشكلها ,والله يقول في كتابه الكريم (( أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت , وكان أحد الصالحين يقول خذوني إلى الإبل لأتمتع بمنظرها .
    يقولون هذا كله وأكثر للأسباب التالية :

    - أولاً –
    إنهم بصراحة يحبون أنفسهم , و لا يحبُّون (أهل الإبل ) ومن كَرِه شيئاً , كَرِه كل ما يتعلق به , وعلى سبيل المثال , إذا اشترى رجلاً سيارة حديثة جميلة , لونها أحمر أو أسود أو أصفر ومهما كان اللون جميلاً , ورأى تلك السيارة شخص يكره صاحب السيارة , يقول له , ما هذا اللون ؟ إنه لون بشع , لون غريب غير مناسب وغير مألوف , وهذا الشخص , لا يقصد في الحقيقة اللون بذاته , ولكن يحب أن يهين صاحب السيارة ويسيء إليه , من خلال أنه غشيم لا يحسن الإختيار , وأن ذوقه غير سليم إلخ .

    - وثانياً –
    إن الإبل لا توجد في بلادهم , فهم لم يعيشوا معها , ولم يتعرفوا على صفاتها الحسنة وطباعها الجيدة , ولم يأكلوا من لحمها , ولم يشربوا من حليبها ويتذوقوه , ونحن من عرف الإبل وطباعها وشرب حليبها وأكل لحمها , والمثل يقول / من ذاق عرف .


    د/ محمد مصطفى مراد
    خبير بيطري ومستشار الثروة الحيوانية
    صنعاءDrmm_mur@hotmail.com



    المحور السادس : العرب والإبل إسمان متلازمان

    - الجمل رمز العرب بكل معنى الكلمة ونحن نفتخر بذلك , وعندما يشاهد الجمل في الصحراء واقفاً أو نائماً أو في أي مكان في العالم , يقال على الفور الجمل العربي , وصورة الجمل في أي مكان وجدت / في مجلة أو صحيفة أو في فلم سينمائي أو على البضائع , أو الملصقات في أي بلد من العالم , وفي أي زمان , تربط الصورة بالعرب , ولا يستطيع أحد إنكار ذلك .

    - وكثير من الصفات التي تطلق على الجمل وخاصة / القوة والشجاعة والحرية والذكاء والغيرة على الإناث إلخ هي نفسها التي تطلق على العرب عامة , وعلى العربي الحر الأبي خاصة , فما أمتن هذا الإرتباط وأقرب هذا التلازم .

    - هذا ولا يوجد في العالم كله شخص واحد ينسب الجمل وحيد السنام إلى غير العرب .
    كل هذا دليل على التلازم والترابط الوثيق والأبدي إلى يوم القيامة , وعبَّر أحد الفنانين عن هذا التلازم أحسن تعبير , عندما صمم هذه الصورة الرائعة .

    بقلم د/ محمد مصطفى مراد



    المحور السابع : ما هي أوجه الشبه بين الجمل والسفينة ؟


    هناك تشابه كبير بين الجمل والسفينة ، وتجدر الإشارة إلى القول أن الجمل يتمييز على السفينة , بأن الجمل / بر مائي / أي أنه يسير على اليابسة (أراضي رملية أو ترابية أو جبلية إلخ ) وله قدرة عظيمة على السباحة في الماء .
    أما السفينة فهي /مائية فقط / أي لا تستطيع الحركة إلا في الماء , وإذا خرجت إلى اليابسة لاتتحرك بل تتلف وتفنى . فسبحان الله ما أعظم الإبل ؟
    وهناك مقارنة توضح التشابه الكبير بينهما فإلى الجدول:



    د/ محمد مصطفى مراد الحموي
    خبير بيطري ومستشار الثروة الحيوانية
    صنعاء / ص.ب (13467) مكتب بريد معين
    Drmm_mur@hotmail.com


    المحور الثامن : وسم الإبل

    الوسم :
    عبارة عن وضع علامة مميزة على الإبل بطريقة الكي غالباً أو القطع أو الحز.
    يقول النووي:(إن وسم الآدمي حرام،وأما غير الآدمي فالوسم في وجهه منهي عنه،وأما غير الوجه فمستحب في نعم الزكاة والجزية وجائز في غيرها،وإذا وسم فيستحب أن يسم الغنم في آذانها والإبل في أصول أفخاذها لأنه موضع صلب يقل فيه الألم،وتكمن فائدة الوسم في تمييز الحيوان بعضه من بعض)أ.هـ.

    والوسم تقليد عربي قديم أقره الإسلام،والعمل به سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكان العرب يتوارثونه جيلاً بعد جيل، ويحرصون عليه وعلى معرفته ،كحرصهم على معرفة الأنساب.

    والغرض من وسم الإبل هو تحديد صاحبها ومعرفتها من قبل الآخرين ،لأن الإبل تذهب بعيداً عن أصحابها ومواطنها بحثاً عن الكلأ(العشب) والماء،وكذلك التمييز بين إبل القبائل وعشائرها بعضها عن بعض ومعرفتها إذا حدث خلاف حول ملكيتها أو اختلطت في المرعى مع غيرها من الإبل أو نٌهبت في الغزو لذلك يتم وسمها.

    ويتم وضع الو سم على عدة أماكن بارزة من الجسم كالرقبة أو الخد أو إحدى اليدين أو إحدى الفخذين.

    ولكل قبيلة وسم معين ، ولكل فخذ من القبيلة وسم مختلف أيضاً يسمى (شاهد) يشهد بأن هذه إبل آل فلان من القبيلة الفلانية.

    و للوسم أشكال عديدة،سهلة الفهم، استنبطها الراعي من بيئته الرعوية متفق عليها بين أهلها وسميت بمسميات دارجة مثل: المغزل ،المشط، الباكورة ، الحلقة، الهلال ، المشعاب ،الدامع،العمود..... وغيرها .

    وهذه الأشكال والرموز يعرفها العام والخاص من أبناء كل قبيلة رجالاً ونساءً.

    يتم وسم الإبل بإحماء حديدة بالنار في الوقت الذي يتم فيه تعقيل البعير وشد وثاقه ثم يرسمون وسم القبيلة في الموضع المناسب من أعضاء الإبل البارزة كأن يوضع على أحد جوانب رقبتها اليمنى أو اليسرى حسب عرف وسم القبيلة.

    وقد تضع بعض القبائل الوسم في أكثر من موقع، وغالباً يقوم صاحب الإبل أو من يتولى إدارة رعايتها وشؤونها بعملية الوسم.

    يقول الشاعر:

    الرابح الرابح خذا منها قسوم والإبل تاسمها القبائل بالوسوم

    بقلم / ســـــــــند السبيعي


    ترقــــبوا التـتـمـــــــــــــــــــــــــه

  3. #3
    الصورة الرمزية عاشق السمراء
    Title
    "رجل عادي جدا"
    تاريخ التسجيل
    05- 2002
    المشاركات
    21,307
    مساااااااااء جميل!!

    كنت هنا ..

    فعلا يحتاح لنا وقت لنقرأ ونستفيد
    موضوع قيم .. بصراحة !!

    شكرا لك !!

  4. #4
    الصورة الرمزية خلود
    Title
    نبض متألـق
    تاريخ التسجيل
    04- 2003
    المشاركات
    3,905
    مشكوووووره أختي كنت هنا ومضت
    و يزاج الله خيرا

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML