أخــي الوحش
أظنني لا أريد أن أبرح صفحتك هذه
و لا داعي للاعتذار هي أحاسيس نستشعر بها انسانيتنا
جئتكم اليوم لأسترجع من ومضات طفولتي
في ربوع المدرسة الابتدائية مع رفيقاتي
حيث تكثر الأحاديث و الحكايا
محطتي في الاستراحة, أو كما يسميها البعض الفسحة
عشر دقائق ضئيلة في زمنها, لكنها كبيرة المعنى لدينا
نلهو و نلعب و نتبادل المزاح بيننا
و نحن في نعومة الطفولة
البريئة
و بين صخب الساحة و أشجارها..شجرة غريبة عجيبة
أقل ما قلنا عنها أنها شجرة مسحورة..نعم مسحورة....
انتابني خوف غريب..بل قل أن الخوف قد سكن ثنايا ضلوعي
ولكن في عناد أقول ** عادي **
و عظامي ترتجف من الخوف,فعادتي ألا أظهر هلعي بل أكتمه و أتصنع الشجاعة,علها تأتي حقا...
يقولون ** اذا وضعت أذنك عليها فستسمع أصواتا غريبة
صراخ ... و ضحكات مخيفة.. بل ستسمع وقع أقدامهم...**
ماذا..؟؟ يمشون...!!!
من هم؟؟ و كيف يمشون؟؟؟
ان الشجرة لا تحتوي مساحة تسمح بأن يمشوا عليها!!
و من هؤلاء الذين يمشون؟؟انهم الأشباح...
لا لا ...تقول صديقتي
ان داخل الشجرة عالم غريب..ليس كعالمنا الذي نعرفه
ان من يدخل هناك يختفي و لا يعود
يلتهمه الضباب,و تقضمه الوحوش بين أنيابها...
أصدقك يا صديقتي..أنت تجيبين على أسئلة المعلمة ببراعة
قد يكون جوابك صحيح...لكنني لم أقتنع رغم خوفي...
في خريفي السابع...أفكر..و لا جواب لسؤالي...
أسبوعين و الأفكار تجول و تصول بذهني...و لم أقتنع بعد
أريد اجابة واضحة و مقنعة...
انتهكت الأفكار حرمة نومي...و صرت أرى الكوابيس..
كوابيس الشجرة المسحورة...
و لكن بعد أن أضناني التعب قررت.. و لا رجعة لقراري..
سأجعل عنادي يستسلم...و سألجأ الى أمي..
تلعثمت الأفكار في فكري..
و بتوق للمعرفة سألتها بكلمات مقطعة..
الشجرة...يمشون...مسحورة...أشباح....
ضحكت أمي من عمق قلبها.., عيناي شاخصتان نحوها...
لماذا تضحك؟؟؟...؟؟؟
قالت بكل ود و حنان
** حان الوقت كي ألقنك درسا حول الأجسام المجوفة **
كيف؟؟؟
أجسام مجوفة...!!!
يا ابنتي عندما يكون الجسم مجوفا من الداخل فانه يلتقط الأصوات, فيظن من يقترب منه أنها نابعة منه
و للتوضيح أحضرت اناءا و وضعته على الأرض, و طلبت مني أن ألصق أذني به, و هي تمشي...
ضحكت ضحكة من وجد مصباح علاء الدين....
معك حق يا أمي
...مجوفة...
عدت في اليوم التالي الى المدرسة و كلي ثقة
بعدما تصنعت الشجاعة, أنا الان أشعر بها حقا...
و أقترب من الشجرة و ألامسها
الان أعرف ما لا تعرفه الفتيات الأخريات
و انتهى الأمر بدرس في النشاط العلمي
ههههههههههههههههههههههههههههههههههه
و عرفت أن أصوات الأشباح و مشيتهم,لم تكن سوى أصواتنا نحن و مشيتنا في الساحة
لا وجود للأشباح سوانا!!!
أشكرك يا الوحش على هذه الفسحة
ولي عودة ان لم تمانعوا
تقديري و احترامي
أريج.......