مواليد جيل ما بعد الحرب العالمية الثانية يبلغون سن الـ60
الجيل الذي شكل السمات الثقافية للشباب الأميركي يوشك على التقاعد
من إليزابث كيلليهر، المحررة في نشرة واشنطن
واشنطن، 19 أيار/مايو، 2006- يبلغ عدد الذين ولدوا خلال الفترة من سنة 1946 إلى سنة 1964 في الولايات المتحدة، 78 مليون نسمة. وأبناء هذا الجيل يطلق عليهم بالانجليزية اسم (بيبي بومارز) أي جيل فترة النمو المتسارع للمواليد بعد الحرب العالمية الثانية. وأبناء هذا الجيل هم الذين ازدحمت بهم المدارس الأميركية حينما كانوا في سن الطفولة، وتحدوا السلطات حينما كانت أعمارهم دون العشرين، وأغرقوا سوق العمالة حينما بلغوا مرحلة الشباب، أبناء هذا الجيل أصبحوا الآن من المتقدمين في العمر.
والقيادات البارزة من أبناء هذا الجيل تضم الرئيسين بيل كلينتون وجورج دبليو بوش، والسيدة الأولى لورا بوش، ورجل الأعمال الشهير دونالد ترامب، والمخرج المعروف ستيفن سبيلبرغ، ونجمة الأغاني الإباحية لموسيقى الروك باتي سميث، وجميعهم يبلغون سن الـ60 في العام الحالي 2006.
وحسبما قال وليام فراي، خبير علم السكان بمعهد بروكنغز، فإن "جيل النمو المتسارع للمواليد خالفوا كل القواعد المألوفة في جميع مناحي الحياة." وإنهم سيتقدمون في العمر بأسلوب مختلف أيضا.
وفي الحقيقة، فإنهم سيتهربون منه – من التقدم في السن. ففي استطلاع للرأي أجرته شركة يانكيلوفيتش، كان هناك سؤال موجه إلى أبناء ذلك الجيل يقول: "في أي سن يبدأ التقدم في العمر؟" وكانت إجاباتهم: بعد ثلاث سنوات من متوسط العمر الذي يموت عنده الأميركي العادي.
ومثل هذا التفاؤل هو بالضبط ما اتسم به الطابع الثقافي الذي نشره هذا الجيل بين الشباب في الولايات المتحدة، حسبما يقول خبراء علم السكان. وقالت شيريل راسيل، المتخصصة في علم السكان ومديرة (مطبوعات الاستراتيجي الجديد)، "إن حجم الجيل في حد ذاته دفعهم للتمرد ضد السلطة." فحينما كانوا صغاراً خلال فترة الستينات، إحتج عدد كبير منهم على الحرب في فيتنام وشاركوا في حركة المطالبة بالحقوق المدنية، التي دفعت إلى الأمام بحقوق الأميركيين الأفارقة.
وبالنسبة للبعض كان الاحتجاج على القواعد الثابتة يتضمن العيش على الطريقة الهيبية – بما فيها من ارتداء بنطلونات الجبنز واستخدام الخرز الملون والعيش في جماعات والموسيقى الشعبية – والأشياء الغريبة التي صدمت الجيل الأكبر سنا في صيف العام 1969 بكل ما حدث في مهرجان وودستوك بولاية نيويورك. وحسبما يقول جاي ووكر سميث، رئيس شركة يانكيلوفيتش، فإن جيل النمو المتسارع للمواليد – كمجموعة – نزعوا إلى التعامل مع الحياة بروح من الشعور بالمغامرة. "لقد خالفوا القواعد وتحدوا السلطات."
وتقول ستيفاني كونتز مؤلفة كتاب بعنوان "الزواج: تاريخ،" فإن النساء من جيل النمو المتسارع للمواليد دخلن قوة العمل بمجموعات كبيرة خلال السبعينات. وأن التغيرات التي طرأت على دور المرأة والموافقة السريعة على القوانين المتعلقة باتفاق الزوجين على الطلاق في الولايات المتحدة خلال السبعينات، تضافرا في إحداث زيادة كبيرة في معدلات الطلاق. وحالياً يخطو ثلث أبناء جيل النمو المتسارع للمواليد نحو التقدم في العمر وهم يعيشون كل بمفرده نظرا لحدوث طلاق، أو لوفاة شريك الحياة، أو لعدم إقدامهم على الزواج على الإطلاق.
وطبقاً لما قاله راسل، فإن اغتيال الرئيس جون إف كنيدي في العام 1963 وشقيقه روبرت إف كنيدي في العام 1968 وزعيم حركة الحقوق المدنية مارتن لوثر كينغ جونيور، شكلا رغبة جيل النمو المتسارع للمواليد في وجود زعماء مثاليين.
وينقسم أبناء هذا الجيل إلى مجموعتين مميزتين حسبما يقول راسل. فالأكبر سناً منهم (الذين تتراوح أعمارهم بين 51 إلى 60) أحوالهم المادية أفضل. فقد اشتروا منازل في سن مبكرة عما حدث بالنسبة للأصغر سنا منهم (الذين تتراوح أعمارهم بين 42 و50)، وتراكمت لديهم الثروة وحصلوا على فرص عمل أفضل. ويقول راسل "إن الأصغر سناً يتسمون بالشعور بالقلق."
* وجود هوة بين الأجيال في أماكن العمل
لقد ظهر جيل طفرة المواليد بعد الحرب العالمية الثانية نتيجة ارتفاع في عدد المواليد بعد عودة الجنود المشاركين في الحرب العالمية الثانية. واتسمت تلك الفترة بالازدهار الاقتصادي في الولايات المتحدة، حينما اتجهت الأسر إلى الاستقرار في ضواحي المدن التي كانت تشهد حركة عمران وإنشاءات حديثة. وظل متوسط عدد المواليد يصل إلى 4 ملايين نسمة سنوياً لمدة تقارب الـ18 عاما.
وتبع ذلك ظهور جيل في فترة اتسمت بـ"انخفاض عدد المواليد"، من سنة 1965 إلى سنة 1979، وهم عبارة عن مجموعة صغيرة، أطلق عليها اسم "الجيل إكس" الذين هم الآن في الثلاثينات أو أوائل الأربعينات من أعمارهم، أي فترة الذروة بالنسبة لسن العمل.
ويرى خبراء العمل والتوظيف أنه قد حدثت "فجوة بين الأجيال" فيما بين جيل النمو المتسارع للمواليد والجيل إكس. وطبقا لما تقوله إليزابيث ماك غيليفراي من منظمة هيئة مستشاري الموارد، فإن العاملين الأصغر سناً يتصلون فيما بينهم عن طريق الرسائل الالكترونية الفورية أو بالهواتف المحمولة، وهم يستخدمون الأجهزة الالكترونية المتنقلة في ما يؤدونه من مهام حتى ولو كانت شخصية، بينما "يكون بعض رؤسائهم أو مديريهم غير راغبين في تلقى أي رسائل إلكترونية."
وقالت المحامية نانسي ديلوغو بشركة ليتلر منديلسون للتوظيف في مدينة سان فرانسيسكو، إن "وجود قضية يمكن أن توصف بأنها حالة تفرقة بسبب السن حينما يصف شخص ما أحد العاملين الأكبر سنا بـ "أنه ديناصور بالنسبة لمعرفة التكنولوجيا."
وأظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة رانستات يو إس إيه خلال شهر نيسان/إبريل أن العاملين الأصغر سناً "لا يقدمون على طلب النصح والإرشاد من العاملين معهم الذين تتجاوز أعمارهم الـ50 عاما."
وفي الوقت نفسه، وفقاً لما تقول ديلوغو، فإن الرؤساء من كبار السن الذين يتشاكسون مع العاملين تحت رئاستهم ممن هم في العشرينات أو الثلاثينات، يرددون سؤالا يقول "لماذا لا يحضرون إلى المكتب؟" فالعاملون الأصغر سناً الذين يقدرون قيمة المرونة والتكنولوجيا، يريدون العمل من المنزل أو حتى من المقهى.
* هل سيتقاعدون في وقت من الأوقات؟
إن أبناء جيل طفرة مواليد ما بعد الحرب العالمية الثانية تربطهم علاقة بقوة العمل أقوى من أي جيل سبقهم، ويعود ذلك إلى حد كبير إلى تدفق النساء على سوق العمل خلال السبعينات والثمانينات. ونظراً لأن وجود قوة عمل كبيرة يعد مهماً بالنسبة للازدهار الاقتصادي، فإن الاقتصاديين قلقون من التقاعد الوشيك لأبناء جيل النمو المتسارع للمواليد. وتتوقع وزارة العمل الأميركية أن نمو قوة العمل خلال العشرينات من القرن الحالي، القرن الـ21، (حينما يترك أبناء جيل النمو المتسارع للمواليد قوة العمل) لن يتجاوز ربع نسبة النمو المتوقع خلال السنوات العشر الأولى من القرن الحادي والعشرين.
وسيتضاعف عدد من يحصلون على مرتبات من حساب الضمان الاجتماعي خلال الـ25 عاما القادمة. فنظام التقاعد المتبع في الحكومة الفدرالية يسير طبقاً لما يعرف بنظام "إدفع أثناء استمرارك في العمل" لتوفير دخل للمتقاعدين. وما يحدث حالياً هو أن كل ثلاثة من الموجودين بالفعل ضمن قوة العمل يسددون ضرائب تكفي لتغطية مرتب تقاعد لشخص واحد من المستفيدين من نظام الضمان الاجتماعي. لكن بحلول العام 2030 ستكون تلك النسبة 2 إلى 1 فقط.
ومما يمكن أن يؤدي إلى إجهاد النظام أيضاً، ارتفاع متوسط أعمار البقاء على قيد الحياة. وحسب التقديرات التي ذكرها كينيث مانتون المتخصص في علم السكان بجامعة ديوك، فإن أبناء جيل النمو المتسارع للمواليد سيبقون في حالة نشاط لمدة 16 عاماً بعد بلوغهم سن الـ65 . وهذا مقارنة بتسع سنوات فحسب حينما بدأ العمل بنظام الضمان الاجتماعي في العام 1935.
وتقول مادي ديتفالد من شركة إيدج ويف وهي شركة للاستشارات المالية، فإن العاملين يجب أن يدخروا أموالا لسن التقاعد لتكملة تغطية احتياجاتهم بالإضافة إلى ما سيحصلون عليه من الضمان الاجتماعي، لكن "من الناحية المالية فإن أبناء جيل النمو المتسارع للمواليد يعتبرون أميين تقريبا."
وأصحاب الأعمال تحولوا من توفير الحصول على رواتب محددة لسن التقاعد للعاملين لديهم إلى نظام للاستثمار في حسابات يودع فيها العاملون مبالغ تُستقطع من مرتباتهم على أن يودع صاحب العمل مبلغا مساويا في المقابل في معظم الأحيان. وتقول مؤسسة (زملاء هيوويت) في تقاريرها إن ربع العاملين من أبناء جيل النمو المتسارع للمواليد لا يودعون أي شيء في تلك الحسابات. لذلك فإن بعض الشركات تعتزم أن يتم الإيداع في تلك الحسابات بطريقة آلية من مرتبات العاملين لكي تدفع العاملين لديها إلى الادخار.
وتضافر الأحوال الصحية الجيدة لأبناء جيل النمو المتسارع للمواليد، مع انخفاض ادخاراتهم لحساب التقاعد قد يؤدي في نهاية المطاف إلى دعم سوق العمل. فهذا الجيل سيظل يعمل حتى السبعينات من عمره – بعضهم سيفعل ذلك بإرادته، والبعض الآخر سيفعله مضطرا.
والتغيرات التي أجريت مؤخراً على نظام الضمان الاجتماعي ستشجع على ذلك. فالسن المحدد لبدء الحصول على مرتبات من الضمان الاجتماعي ارتفع إلى سن الـ67 عاما، والحكومة خاضت معارك من أجل تطبيق سياسة لتخفيض المزايا لمن يحصلون على دخول كبيرة بعد هذا السن.
وفي الوقت نفسه، فإن الشركات التي تريد الحيلولة دون "استنزاف العقول" توحد قواها. فشركة بروكتال آند غامبل وشركة إيلي ليلي وضعتا برنامجا يسمى "استعادتك مرة ثانية" يتيح لعلماء الشركة ممن يتقاعدون العمل لفترات قصيرة مع الشركات الأعضاء في البرنامج التي تختارهم من بين قائمة جماعية تضم أسماء مجموعة من العلماء.
وطبقاً لما قالته ماك غيليفراي، فإن الإبقاء على أبناء جيل النمو المتسارع للمواليد ضمن قوة العمل خلال السنوات القادمة "سيكون ضرورة تقتضيها ممارسة النشاط التجاري."
للحصول على مزيد من المعلومات عن
الحياة في الولايات المتحدة يمكن زيارة الموقع المخصص للموضوع، على موقع يو إس إنفو، باللغة الإنجليزية.