بينما كنت أتجول في بحر الإنترنت زرت أحد المنتديات على أساس أن أفيد و أستفيد, وإذ بي يلفت انتباهي احد العناوين يقول"مبروك على أهل المغرب طلوع ولدهم الأكحل", لم أفهم في البداية إلى ما يرمي هدا العنوان , لكن بعد أن دخلت الصفحة بدأت الأمور تتضح,و بدأت الصورة تظهر بجلاء, فالموضوع يتعلق ببرنامج في منتهى التفاهة و الانحطاط, و هو لا يخفى عليكم , انه برنامج "ستار أكاد مي", يشد إليه مجموعة من التافهين و دوي العقول الرديئة , تقليد صارخ للغرب, و تنصل تام من الهوية العربية الإسلامية,حيث يتم جمع شرذمة من الفتيان و البنات من مختلف البلدان العربية, في بيت واحد, و الكمرات تراقبهم 24س على 24 س , و كل أسبوع يتم إقصاء فرد منهم إلى أن تتم التصفيات حتى يبقى فرد واحد يكون هو ستار السنة الذي ينجح في أكادميه الزفت هده.
أما عن العنوان الذي أثارني , فقد كان صاحبه سعيدا جدا لان شابا من المغرب العربي هو الذي أقصي دلك الأسبوع, و بعد تعبيره عن فرحته الكبرى انهال على المغاربة بكم هائل من السب و الشتم و الكلام ألشوارعي , بلغة كلها حقارة و انحطاط, و كأنه لم يصدق أن الفرصة قد سمحت له بإخراج مكنون صدره, و التفاني في أنواع الإهانات و الكلام الجارح عن المغاربة.
لم اكتف بقراءة موضوعه بل قرأت الردود عليه كذلك, و وجدت أن أناسا آخرين يردون عليه شتائمه بنفس الأسلوب و نفس الطريقة, في الحقيقة التمست لهم العذر, ليس فقط لأني مغربية و لكن لأنهم كانوا في موقع المدافعين عن أنفسهم,و قد اختاروا نفس الأسلوب الذي هوجموا به, و لا أنكر كداك أنني شعرت بغضب حارق و تمنيت لو أن هدا الشخص كان أمامي لاقتص منه , و اثأر لكرامتي و حرمة وطني.
لكن بعد أن وقفت مع نفسي لبرهة, وجدت أن الأمر سيتحول إلى حرب باردة, ليست كالتي كانت تدور بين القطبين قبل انهيار الاتحاد السوفيتي, و إنما هي حرب بللا سلكي, حرب بين الشعوب أو بالأحرى حرب بين أفراد شعب واحد, شعب جمعه الله بدين واحد و لغة واحدة و لواء واحد, لكنه تفرق بالتخلي عن كل دلك, و الوقوف بعيدا و هو يتكبد الهزائم, في الوقت الذي نحن في أمس الحاجة إلى التوحد و التكاثف, تطلع علينا مثل هده البرامج لتزرع التفرقة في أذهاننا و عقولنا, و كأن التفرقة السياسية لا تكفيهم, يريدون جعلها متأصلة فينا,و تجري منا مجرى الدم, في الوقت الذي نحن في أمس الحاجة إلى أن نختزل كل الهويات و نجعلها هوية واحدة و هي "أنا عربي أنا مسلم" تفرقنا تفا هات لا تعدو أن تكون تصويتا لهدا المغني أو داك.
لقد أبدع ابن المقفع في قصصه "كليله و دمنه" ,التي تعلمنا فيها حكمة بسيطة لكنها تحمل في طياتها عبرا كثيرة,"أكلت يوم أكل الثور الأبيض" و "فرق تسد" , هدا بالضبط ما يحصل لنا نحن العرب, و رغم أن التاريخ العربي يحمل عبرا كثيرة و تجارب كثيرة, لكن عيبنا يكمن في أننا لا نتعلم من الماضي, و نعاود الخطأ مرات و مرات.
البلاد العربية تتمزق, و الكلاب الجائعة تنهش في لحمها, و معظم الشباب أقصى ما يهمهم, هل سيفوز المصري أو الاماراتي أو اللبناني….في برنامج المنحطين هدا, الدم العربي صار أرخص من السجائر أمام العالم, و شبابنا ضائع بين الممثلة الفلانية أجرت عملية تجميل , و الممثل الفلاني طلق زوجته, إسلامنا يسب و رسولنا يهان و نحن نتبادل الشتائم عبر الانترنت و نقذف بعضنا بالكلام الجارح.
اليوم فلسطين و العراق تتخبطان في شباك الاستعمار, و لم تسلم لبنان من ويلات الحرب و الدمار, و اللئام تسيل لعابهم للإيقاع بإيران و سوريا, و العالم العربي في سبات و غفلة بليدة, كل فعله انه يتفرج, و يسير في طريق يملأه الضباب و لا ندري ما يحاك وراء أظهرنا, متي نصحوا من هدا الكابوس ؟ منى ندرك أننا قد صرنا كالدمى يحركها الكنترول الغربي, متى نفهم الحياة؟ و متى نستخلص العبر من التاريخ ؟ متى نتعلم أن التوحد فيه قوة؟ و أن التفرقة سلاح أقوى من اليورانيوم المنضب؟
قال الشاعر أسمعت لو ناديت حيا و لكن لا حياة لمن تنادي
بالأمس نادت امرأة وا معتصما ه, فهبت الجيوش لنصرتها, اليوم نساءنا تقتل و أطفالنا يشردون, وصمت فظيع يخيم على الأجواء.
مهما قلنا و مهما قيل عن حالنا , فالجرح اكبر و أعمق , و إن لم نبدأ التغيير من أنفسنا فلن نتغير , بالله عليكم يا شباب افتحوا أعينكم و اكشفوا ما يطبخ لكم من السم الزعاف, شبابنا العربي فيه همة و فيه شجاعة ينقصها فقط أن تظهر , لأننا إن لم نفعل دلك فسنسقط واحدا تلوى الآخر, و سنجد أنفسنا في احد الأيام متوحدين, لكن هده المرة ليس تحت هوية واحدة و لكن سيكون توحدنا في كوننا خدم للغرب و طوع أمرهم, الكرة في شباكنا و نحن من يقرر…
اللهم قد بلغت اللهم فاشهد…اللهم قد بلغت اللهم فاشهد…..