كظم الغيظ
قال الله تعالى
وَالْكَاظِمِيْنَ الْغَيْظَ
سورة آل عمران الآية رقم 134
وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
من كظم غيظاً وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله على رؤوس الخلائق حتى يخيره من أى الحور شاء .
وروى عن عمر رضى الله عنه أنه قال
من اتقي الله لم يشف غيظه ومن خاف الله لم يفعل ما يريد ولولا يوم القيامة لكان غير ما ترون
إن الشخص الغضوب كثيراً ما يذهب به غضبه مذاهب حمقاء فقد يسب الباب إذا استعصى عليه
فتحه وقد يكسر آلة تضطرب فى يده وقد يلعن دابة جمحت به وقد حدث أن رجل نازعته الريح رداءه فلعنها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تلعنها فإنها مأمورة مسخرة وإنه من لعن شيئاً ليس له بأهل رجعت اللعنة عليه .
رواه الترمذى
وسيئات الغضب كثيرة ونتائجه الوخيمة أكثر ولذلك كان ضبط النفس عند الثورة دليل قدرة محمودة وتماسك كريم .
عن ابن مسعود : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
ما تعدون الصرُّعة فيكم ؟ قالوا : الذى لا تصرعه الرجال . قال: ولكنه الذى يملك نفسه عند الغضب .
رواه مسلم
وقال رجل للنبى صلى الله عليه وسلم : أوصنى ولا تكثر على لعلى لا أنسى. قال : لا تغضب.
رواه مالك
وهذه الإجابة خير ما يرد به على سؤال يصاغ فى هذه العبارة.
ومن الناس من لا يسكت عند الغضب فهو فى ثورة دائمة وتغيظ يطبع على وجهه العبوس إذا مسه أحد ارتعش كالمحموم وأنشأ يرغى ويزبد ويلعن ويطعن والإسلام برىء من هذه الخلال الكدرة
ويجب عليك أخى المسلم أن تغلب الحلم على الغضب والعفو على العقاب ولا شك أن الإنسان يحزنه أى تهجم على شخصه أو على من يحب وإذا واتته أسباب الثأر سارع إلى مجازاة السيئة بمثلها ولا يقر له قرار إلا إذا أدخل من الضيق على غريمه بقدر ما يشعر به هو نفسه من ألم ولكن هناك مسلكاً أنبل من ذلك وأرضى لله وأدل على العظمة والمروءة أن يبتلع غضبه فلا تفجر وأن يقبض يده فلا يقتصوأن يجعل عفوه عن المسىء نوعاً من شكر الله الذى أقدره على أن يأخذ بحقه إذا شاء .
عن ابن عباس قال :
لما قدم عيينة بن حصن نزل على ابن زخيه الحر بن قيس وكان من النفر الذين يدنيهم عمر إذ كان القراء أصحاب مجلس أمير المؤمنين عمر ومشاورته كهولاً كانوا أو شباناً
فقال عيينة : يا ابن أخى استأذن لى أمير المؤمنين فاستأذن له فلما دخل
قال : هيه يا ابن الخطاب فوالله ما تعطينا الجزل ولا تحكم بيننا بالعدل فغضب عمر حتى هم أن يوقع به
فقال الحر : يا أمير المؤمنين إن الله يقول لنبيه :
"خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين"
وإن هذا من الجاهلين فوالله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه وكان وقافاً عند كتاب الله وإنما غضب عمر لتطاول الأعرابى عليه وهم بردعه لأنه لم يدخل عليه ناصحاً بخير أو طالباً لحق وإنما دخل علي حاكم فى سلطانه ليشتمه دون مبرر وليسأله عطاءً جزلاً على غير عمل فلما ذكر بأن الرجل من الجهال أعرض عنه وتركه ينصرف سالماً .
وفى الحديث : من كظم غيظاً وهو يستطيع أن ينفذه دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق حتى يخيره فى أى الحور شاء
رواه أبو داوود
وعن عبادة بن الصامت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
ألا أنبئكم بما يشرف الله به البنيان ويرفع الدرجات ؟
قالوا : نعم يا رسول الله
قال : تحلم علي من جهل عليك وتعفو عمن ظلمك وتعطى من حرمك وتصل من قطعك
رواه الطبرانى
وقد عد القرآن الكريم هذه الشمائل الرقيقة طريق الفلاح التى تسرع بصاحبها إلى الجنات العلا .
قال الله تعالى فى كتابه الكريم
وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَواتُ وَ الأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِيْنَ يُنْفِقُونَ فِى السَّرَّاءِ وَالْضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِيْنَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ الْنَّاسِ وَاللَّه يُحِبُ الْمُحْسِنِيْنَ
سورة آل عمران الآيتين 133، 134