صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 11

الموضوع: من هو مالك بن نبي ؟؟؟

  1. #1
    الصورة الرمزية البوسعيدي,,,
    Title
    نبض جديــد
    تاريخ التسجيل
    04- 2005
    المشاركات
    127

    Exclamation من هو مالك بن نبي ؟؟؟


    بسم الله الرحمن الرحيم ...

    في البداية أود أن أهنئ جميع القائمين على هذا المنتدى الرائع
    وجميع الأعضاء والزوار الكرام على هذا االتحديث الفوق الممتاز.
    (اللهم صل على محمد) ...

    ومشاركتي الأولى (بعد التطوير) هي :

    **من هو مالك بن نبي ؟؟؟

    نرجو لمن يمتلك معلومات عن هذا المفكر الجزائري أن يفيدنا

    بمشاركته في هذا المنتدى الثقافي ...

    ودمتم ,,,

  2. #2
    الصورة الرمزية همسات حائرة
    Title
    نبض نشيـط
    تاريخ التسجيل
    05- 2005
    المشاركات
    730

    مالك بن نبي ..فلسفة حضارية وفكرية رائدة

    موضوع جيد اخي (البوسعيدي) وانا سأبدا بالكتابه واتمنى الاستفاده

    مالك بن نبي ..فلسفة حضارية وفكرية رائدة

    مالك بن نبي هو أحد أعلام الفكر المعاصر في الجزائر وفي منطقة شمال إفريقيا والعالم العربي. وباستثناء بعض الأكاديميين والمفكرين وطلبة الجامعات فإنه من المؤسف أن الكثير من أفراد الشعب الجزائري ناهيك عن المجتمع العربي لا يعرف هذه الشخصية. ولعل الباحث في سبب هذا الجهل يجد عدة عوامل متشابكة منها ما هو ذاتي يتعلق بالدائرة الجغرافية والتاريخية والإيديولوجية التي كان يعيش فيها هذا المفكر، ومنها ما هو موضوعي يرتبط بطبيعة الفكر الذي يطرحه.

    فمن الصنف الأول استعماله اللغة الفرنسية في بداية حياته، بحكم هيمنة الإحتلال الفرنسي وتكوينه الجامعي في باريس مما جعل جمهوره يقتصر على عدد ضئيل من المثقفين بالفرنسية. هذا مع العلم أنه أصبح آخر حياته يكتب باللغة العربية. كما أن جميع كتبه السابقة قد تُرجمت من الفرنسية بمساعدة زملاء له ونشر معظمها بدار الفكر بدمشق تحت سلسلة ندوة مالك بن نبي. ومع وفرة إنتاجه الأدبي بعد وفاته سنة 1973 حيث زادت الكتب التي تركها عن العشرين كتابا، فإننا لا نجد تفسيرا لغياب أعماله في الحياة الثقافية العامة بالجزائر إلا ذلك التعتيم الإعلامي والثقافي والسياسي الذي مارسته عليه النخبة الإشتراكية الشيوعية والفرنكفونية بعد الإستقلال.
    أما العوامل الموضوعية لعدم شهرته فتعود إلى طبيعة خطابه الموجه خصيصا إلى طبقة النخبة وابتعاده عن المهرجانات الكلامية والسياسية طيلة حياته، ثم هدوء أسلوبه المرتكز في الغالب على العقل والمنطق.
    وقد جاء في تمهيد لأحد كتب مالك بن نبي قول الدكتور محمد المبارك (عميد كلية دمشق سابقا): “أنا لا أقول إنه (نبي) لكني أقول أنه ينهل من نفحات النبوة، ويتابع الحقيقة الخالدة”. ولذلك فلن نكون مغالين في تشبيه مالك بن نبي بالعلاّمة ابن خلدون في عمق تفكيره وإسهامه في تقعيد الفكر الإسلامي. ومن الطريف أن يمتد هذا التشابه كذلك إلى الظلم الاجتماعي الذي تعرض له كل من المفكرين الذي طوى النسيان إسميهما ودثرت الأيام والسنون أعمالهما. وإذا أدركت المجتمعات العربية والإسلامية ونخبتها أهمية كتابات ابن خلدون بفضل المستشرقين الأوروبيين فإن أعمال مالك لا تزال قابعة في الرفوف تنتظر من يفتحها وينمي ما فيها باستثناء بعض الملتقيات المحتشمة التي تنعقد هنا وهناك للثناء والترحم عليه.
    مدرسة فكرية متميزة . ولا يقتصر الشبه بين ابن خلدون ومالك بن نبي في ظُلم المجتمعات لهما، وإنما يمتد إلى اشتراك جذورهما الجغرافية وسيرتهما العلمية وطريقة طرحهما للأفكار. فطروحاتهما الفكرية تكاد تؤسس مدرسة فكرية إسلامية متميزة قد يكون للعامل الجغرافي أثر في نحتها. ولعل أبرز نقاط الشبه بين فكريهما اشتراكهما في الكثير من المصطلحات الأدبية والعلمية التي تهيكل خطابيهما والتي تختلف لفظا وتشترك في المعنى ألا وهي: العمران البشري ومشكلات الحضارة ودورة التاريخ والتقنين للصيرورة البشرية، والتداول الحضاري. ولذلك فلن نكون مبالغين إذا قلنا إن مالك بن نبي هو ابن خلدون عصرنا أو على الأقل استمرارية لفكر ابن خلدون في زماننا وصورة حديثة وتطويرية له.
    ويعتبر مالك بن نبي ومدرسته من أكثر المدارس الفكرية التي كان لها أثر واضح في تحديد وصنع ملامح الفكر الإسلامي الحديث، خاصة أن هذه المدرسة اهتمت أكثر من غيرها من المدارس الأخرى بدراسة مشكلات الأمة الإسلامية؛ انطلاقا من رؤية حضارية شاملة ومتكاملة. فقد كانت جهوده لبناء الفكر الإسلامي الحديث وفي دراسة المشكلات الحضارية عموما متميزة؛ سواء من حيث المواضيع التي تناولها أو المناهج التي اعتمدها في ذلك التناول.
    “وكان بذلك أول باحث حاول أن يحدد أبعاد المشكلة، ويحدد العناصر الأساسية في الإصلاح، ويبعد في البحث عن العوارض، وكان كذلك أول من أودع منهجا محددا في بحث مشكلة المسلمين على أساس من علم النفس والاجتماع وسنة التاريخ”.
    ولم يكن ابن نبي مفكرا إصلاحيا بالمعنى المتعارف عليه عند معظم من تناول مؤلفاته، بل كان في جوهره “شخص الفكرة”، كان بالأساس تعبيرا عن رؤية منهجية واضحة، ومفكرا معرفيا، أدرك أزمة الأمة الفكرية، ووضع مبضعه على أُس الداء، وهو بنيتها المعرفية والمنهجية، إنه -من دون شك- واحد من أهم رواد مدرسة “إسلامية المعرفة” وإصلاح مناهج الفكر، وإن مفاتيح مالك لا تزال تملك قدرة توليدية في مجال المفاهيم والمنابع والعمارة الحضارية بكل امتداداتها وتنوعاتها.
    ولا غرابة في أن نجد من الدارسين للفكر الإسلامي الحديث من يعتبر مالك بن نبي بمثابة ابن خلدون العصر الحديث، وأبرز مفكر عربي عني بالفكر الحضاري منذ ابن خلدون، ومع أنه قد تمثل فلسفات الحضارة الحديثة تمثلا عميقا، واستلهم في أحايين كثيرة أعمال بعض الفلاسفة الغربيين فإن ابن خلدون بالذات يظل أستاذه الأول وملهمه الأكبر.
    ومالك نفسه لا يخفي تأثره بفكر ابن خلدون ونظرياته حول العمران البشري، بل أشار إلى ذلك في مواضع شتى من كتبه، كما ذكر ذلك في مذكرات حياته “شاهد القرن”.
    وهكذا ظهر “مالك بن نبي” وكأنه صدى لعلم ابن خلدون، يهمس في وعي الأمة بلغة القرن العشرين، فأظهر أمراض الأمة مع وصف أسباب نهضة المجتمعات، ووضع الاستعمار تحت المجهر؛ فحلل نفسيته، ورصد أساليبه الخبيثة في السيطرة على الأمم المستضعفة، خاصة المسلمين، ووضع لهم معادلات وقوانين “الإقلاع الحضاري”.
    ولكن الأمة لم تقلع حضاريا؛ وذلك إما لثقل حجم التخلف بين أفرادها ومؤسساتها، أو لضعف المحرك المقرر أن يقلع بها، أو لاجتماع السببين معا. ومع ذلك فقد بقيت هذه المعادلات والقوانين “نظريات” مفيدة للمحركين الذي يهتمون بانطلاق “المشروع الحضاري” للأمة.
    مفهوم الحضارة


    وينبني مفهوم الحضارة عند ابن نبي على اعتقاده الراسخ بأن “مشكلة كل شعب هي في جوهرها مشكلة حضارية، ولا يمكن لشعب أن يفهم أو يحل مشكلته ما لم يرتفع بفكرته إلى الأحداث الإنسانية، وما لم يتعمق في فهم العوامل التي تبني الحضارات أو تهدمها”.
    وانطلاقا من هذا الاعتقاد الراسخ بأهمية الحضارة وضرورة “فقه” حركتها منذ انطلاقتها الأولى إلى أفولها يحاول ابن نبي إعطاء تعريف واسع للحضارة، يتحدد عنده في ضرورة “توفر مجموع الشروط الأخلاقية والمادية التي تتيح لمجتمع معين أن يقسم لكل فرد من أفراده في كل طور من أطوار وجوده منذ الطفولة إلى الشيخوخة المساعدة الضرورية له في هذا الطور أو ذاك من أطوار نموه”.
    وعلى هذا فكل ما يوفره المجتمع لأبنائه من وسائل تثقيفية وضمانات أمنية، وحقوق ضرورية تمثل جميعها أشكالا مختلفة للمساعدة التي يريد ويقدر المجتمع المتحضر على تقديمها للفرد الذي ينتمي إليه.
    ويتبين من خلال هذا أن مفهوم الحضارة عند ابن نبي شديد الارتباط بحركة المجتمع وفاعلية أبنائه؛ سواء في صعوده في مدارج الرقي والازدهار، أو في انحطاطه وتخلفه، وبالتالي فلا بد من فهم عميق، و”فقه حضاري” نافذ لكل من يريد دراسة المجتمعات دراسة واعية وشاملة؛ لأن حركة المجتمعات الحضارية ظاهرة تخضع كغيرها من الظواهر الإنسانية “لسنن” و”قوانين” اجتماعية وتاريخية ثابتة، لا بد من الإحاطة بها، وإدراك كنهها لكل من يريد أن يعيد لأمته مجدها الحضاري، ويحقق لها ازدهارها المنشود. وهذا ما أكده بقوله: “إن أول ما يجب علينا أن نفكر فيه حينما نريد أن نبني حضارة أن نفكر في عناصرها تفكير الكيماوي في عناصر الماء إذا ما أراد تكوينه؛ فهو يحلل الماء تحليلا علميا، ويجد أنه يتكون من عنصرين (الهيدروجين والأوكسجين)، ثم بعد ذلك يدرس القانون الذي يتركب به هذان العنصران ليعطينا الماء، وهذا بناء ليس بتكديس”
    والعناصر الضرورية التي تتشكل منها كل الحضارات -حسب مالك- هي ثلاثة: الإنسان والتراب والوقت.
    ويدعو مالك بن نبي في جل كتاباته إلى ضرورة إبداع بدائل فكرية ومناهج علمية مستقلة تتناسب مع البيئة الإسلامية بدل استيرادها كما هي من الغرب الأوربي. ويلح على ضرورة الاستقلال الفكري في دراسة مشكلاتنا الحضارية والاجتماعية؛ لأنه يعتقد -كغيره من الدارسين للحضارات الإنسانية- أن هناك خصوصيات كثيرة تتميز بها كل حضارة عن غيرها. “فلكل حضارة نمطها وأسلوبها وخيارها، وخيار العالم الغربي ذي الأصول الرومانية الوثنية قد جنح بصره إلى ما حوله مما يحيط به نحو الأشياء، بينما الحضارة الإسلامية عقيدة التوحيد المتصل بالرسل قبلها، سبح خيارها نحو التطلع الغيبي وما وراء الطبيعة.. نحو الأفكار”
    ومن أهم الخصوصيات التي ميزت نشوء الحضارة الإسلامية أن نشوءها سببه الوحي الرباني؛ مما جعلها حضارة خالدة خلود المبادئ والتعاليم التي تحملها وتدعو إليها، “فجزيرة العرب.. لم يكن بها قبل نزول القرآن إلا شعب بدوي يعيش في صحراء مجدبة يذهب وقته هباء لا ينتفع به؛ لذلك فقد كانت العوامل الثلاثة: الإنسان، التراب، والوقت راكدة خامدة، وبعبارة أصح: مكدسة لا تؤدي دورا ما في التاريخ؛ حتى إذا ما تجلت الروح بغار حراء -كما تجلت من قبل بالوادي المقدس، أو بمياه الأردن- نشأت بين هذه العناصر الثلاثة (الإنسان + التراب + الوقت) المكدسة حضارة جديدة؛ فكأنها ولدتها كلمة “اقرأ” التي أدهشت النبي الأمي، وأثارت معه وعليه العالم”.
    ولهذا “فالحضارة” لا يمكن استيرادها من بلد إلى آخر رغم استيراد كل منتجاتها ومصنوعاتها؛ لأن “الحضارة” إبداع، وليست تقليدا أو استسلاما وتبعية كما يظن الذين يكتفون باستيراد الأشياء التي أنتجتها حضارات أخرى؛ “فبعض القيم لا تباع ولا تشترى، ولا تكون في حوزة من يتمتع بها كثمرة جهد متواصل أو هبة تهبها السماء، كما يهب الخلد للأرواح الطاهرة، ويضع الخير في قلوب الأبرار. فالحضارة من بين هذه القيم التي لا تباع ولا تشترى.. ولا يمكن لأحد من باعة المخلفات أن يبيع لنا منها مثقالا واحدا، ولا يستطيع زائر يدق على بابنا أن يعطينا من حقيبته الدبلوماسية ذرة واحدة منها”.





  3. #3
    الصورة الرمزية همسات حائرة
    Title
    نبض نشيـط
    تاريخ التسجيل
    05- 2005
    المشاركات
    730

    مالك بن نبي وقضية المرأة


    (مالك بن نبي) سبق المؤتمرات الدولية ودعا
    إلى عقد مؤتمر للمرأة المسلمة




    بقلم: إدريس الكنبوري


    يعتبر المفكر الإسلامي الجزائري مالك بن نبي واحدا من رجالات القرن العشرين الذين شغلوا أنفسهم بقضايا أمتهم، وسعوا إلى بلورة الحلول والاقتراحات الكفيلة بإخراج الأمة المسلمة من تخلفها الشامل المركب، ودفعها إلى معانقة العصر بفاعلية.


    فقد قدم - رحمه الله - مشروعا فكريا متكاملا في وقت كان فيه العالم الإسلامي يعارك فلول الاستعمار، أو يعيش مخلفاته التي كبلت حركته، وسممت أجواءه الثقافية والفكرية بإفراز نخبة منه حاولت إفهام الرأي العام المسلم بأن القوة في اتباع سبل الغرب وتقليد أنموذجه الحضاري. وقد وقف مالك بن نبي ضد هذه الدعوات اليائسة والمضللة، وصاغ مفهوم "القابلية للاستعمار"، مقتنعا بأن الهزيمة الحقيقية للجيل المسلم الذي جايله، وكل جيل استوفى شروطه نفسها، هي هزيمة نفسية لا تزول إلا بتغيير ما بالنفس مصداقا لقوله تعالى: ﴿إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم﴾ (الرعد: 11).




    وفي إطار مشروعه الفكري العام وتحديد نوعية وطبيعة المشكلات التي يواجهها المجتمع الإسلامي، وقف مالك بن نبي عند قضية المرأة التي تعرضت لكثير من التشويه، خصوصا مع اتساع دائرة التأثر بالنموذج الحضاري الغربي وموقع المرأة الأوربية فيه.




    تحديد طبيعة المشكلة




    ينبغي القول بادئ ذي بدء: إن قضية المرأة عند مالك بن نبي تندرج ضمن منظومته الفكرية العامة التي حددها في مشكلة الحضارة، بأبعادها الشاملة، السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية. فمشكلة الحضارة عنده قضية لا تتجزأ، وأي تجزيء لها يقود حتمًا إلى طرح المشكلات طرحا خاطئًا، ومن ثم تحديد وسائل خاطئة للعلاج. إن مالكًا يعتبر أن العالم الإسلامي أضاع وقتا طويلا، وجهدا كبيرا بسبب عدم التحديد المنهجي الصحيح للمرض الذي يتألم منه منذ قرون عدة، وذلك عائد إلى التجزيئية التي عزلت القضايا عن بعضها ونظرت إلى كل واحدة على حدة.

    من هنا وقف مالك من قضية المرأة موقفه من القضايا الأخرى، وقد أطلق على هذه القضية تسمية "مشكلة المرأة" في كتابه "شروط النهضة"، وذلك انسجامًا مع منظومته الفكرية التي تدور حول مشكلة الحضارة عموما من ناحية، وللتدليل على مقدار التضخيم الذي كان من نصيب موضوع المرأة في العالم الإسلامي من ناحية ثانية، سواء من أنصار التحرر الذي يصل بالمرأة إلى درجة التحلل، أو من أنصار التزمت الذي يغلق بصره أمام حقائق الإسلام.
    اعتبر مالك بن نبي أن ليس هناك مشكلة للمرأة معزولة عن مشكلة الرجل، فالمشكلة واحدة، هي مشكلة الفرد في المجتمع. لقد حاول الكثيرون ـ بوحي من الفكر العربي التجزيئي ـ النظر إلى قضية المرأة كقضية مستقلة، ومن ثم خلقوا معركة مفتعلة بين أفراد المجتمع الواحد، ووضعوا المرأة في مواجهة الرجل، وهذه قمة التجزيئية وتشويه حقيقة الصراع الحضاري، لأن طرح المشكلة بهذه الصيغة يضع الزوجة في مواجهة الزوج والبنت في مواجهة الأب والأخت في مواجهة الأخ وهلم جرا، فيتحول الصراع من صراع المجتمع ضد التخلف الحضاري والاغتراب إلى صراع داخل المجتمع نفسه، مما يلهيه عن التصدي للتحديات في بناء متماسك.
    وتقود هذه الصيغة في تشخيص المشكلات وتحديد معالمها إلى منظور كمي، ذلك أن وضع جدار فاصل بين المرأة والرجل يؤدي ضرورة إلى البحث عما يفرق أويجمع بينهما، وبعد ذلك إلى إيجاد ما ينقص المرأة إزاء الرجل، وهل هي أكبر أو أصغر منه، أو تساويه في القيمة، ويعتبر مالك أن هذه الأحكام ما هي إلا افتئات على حقيقة الأمر ومحض افتراء(1).


    موقفان ودافع واحد


    ميز مالك بن نبي بين موقفين متقابلين من قضية المرأة:

    موقف المتمسكين



    المرأة عن المجتمع وإبقائها في وضعها التقليدي الذي كرسته التقاليد.
    وموقف الداعين إلى أن تخرج المرأة في صورة تلفت إليها الغرائز.
    ورأى أن موقفي هذين الفريقين يصدران عن دافع واحد هو الغريزة. وهذان الموقفان لا يساهمان في حل المشكلة، بل ربما زادا الطين بلة. وإذا كان موقف الداعين إلى التحرر على النمط الغربي واضح الأخطار على المجتمع الإسلامي بسبب ما يؤدي إليه من ترسيخ للتبعية وتبليد للحس الإسلامي وضرب الهوية الخاصة للأمة، فإن الموقف الثاني قد يكون أشد خطرا لأنه يعطي لأعداء الأمة المبررات للخوض في سمعة الإسلام والتشكيك فيه، يجعل المرأة حين تفكر في الحرية لا تجد أمامها إلا النموذج الغربي الحاضر أمامها.
    من أجل ذلك يستبعد مالك هذين الموقفين لأنه "لا أمل لنا أن نجد في آرائهما حلا لمشكلة المرأة"(2) ويقول: "إن إعطاء حقوق المرأة على حساب المجتمع معناه تدهور المجتمع وبالتالي تدهورها، أليست هي عضوا فيه؟ فالقضية ليست قضية فرد، وإنما هي قضية مجتمع"(3).

    موقفه من تقليد المرأة الأوربية




    إن تقليد المرأة الشرقية المسلمة للمرأة الأوربية لا يحل المشكلة عند مالك، وإنما يزيد من تعقيدها بعد أن كانت بسيطة، لأن انتقال المرأة من امرأة محجبة إلى امرأة سافرة لا يحل المشكلة، لأنها تظل قائمة، "وكل الذي فعلناه أننا نقلنا المرأة من حالة إلى حالة، وسنرى عما قريب أن انتقالها هذا عقد المشكلة بعد أن كانت بسيطة"(4)، فحال المرأة الأوربية ليست بالحال الذي تحسد عليها، فقد رتب خروجها في صورة تخاطب غريزة الفرد الحيوانية أخطاء جديدة، حيث وصلت مشكلة النسل إلى حالة تدعو إلى الرثاء، وفقد المجتمع نظامه الاجتماعي الصلب، وانمحت المعاني الحقيقية التي تحترم العلاقات الجنسية، وأصبحت هذه العلاقات تسلية للنفوس المتعطلة، وبذلك فقدت هذه العلاقات وظيفتها من حيث هي وسيلة لحفظ الأسرة وبقاء المجتمع المتماسك.
    فالمطلوب إذن عند مالك هو التخلص من نظرة الإعجاب التي ينظر بها أنصار تحرر المرأة في العالم الإسلامي إلى المرأة الأوربية، لأن هذه هي الخطوة الأولى نحو التشخيص الصحيح للمشكلة ومكامن الخلل. ومالك لا يضع أيضا أزمة المرأة الأوربية في معزل عن أزمة الحضارة الغربية عامة، لأن المنظور الحضاري عنده هو "إطار كلي للتفسير" يتم رد جميع المستويات والجزئيات إليه في سياق كلي شامل، تأتي بعدها الخطوة الثالية وهي ضرورة التخلص من النظرة الجامدة إلى التقاليد التي
    علقت بالممارسة والوعي الديني لدى الفرد المسلم.
    وإذا كانت التغيرات الاجتماعية والاقتصادية قد دفعت بالمرأة إلى عالم الشغل والمصنع والخروج من البيت، فينبغي في رأي مالك بن نبي أن توضع أزمة العاملة الأوربية في نظر الاعتبار. فقد كانت المرأة في أوربا ضحية هذا الخروج لأن المجتمع الذي حررها قذف بها إلى المصنع وإلى المكتب وقال: "عليك أن تأكلي من عرق جبينك" في بيئة مليئة بالأخطار على أخلاقها، وتركها في حرية مشؤومة، ليس لها ولا للمجتمع فيها نفع، ففقدت - وهي مخزن العواطف الإنسانية - الشعور بالعاطفة نحو الأسرة، وأصبحت بما ألقي عليها من متاعب العمل صورة مشوهة للرجل دون أن تبقى امرأة".
    وعلى هذا الأساس يدعو مالك بن نبي إلى أن توضع قضية تحرر المرأة المسلمة في إطارها الحضاري الإسلامي الطبيعي، وفي إطار الخصوصيات الحضارية والثقافية للأمة: "ينبغي أن نطبع حركتنا النسائية بطابعنا لا بطابع ما يصنع في الخارج"(5).

    مشكلة الزي

    من اللافت للانتباه أن يخصص مالك بن نبي- رحمه الله- فصلا خاصا في كتابه "شروط النهضة" لقضية الزي بعد الفصل الذي خصصه لقضية المرأة، وقد جعل عنوان هذا الفصل في صيغة إشكالية تحت عنوان "مشكلة الزي" وبعد الفصل الخاص بالمرأة مباشرة، ليدلل على الترابط بين القضيتين.
    لقد ركزت الدعوات الأولى لتحرير المرأة أهدافها على الحجاب الشرعي للمرأة المسلمة قبل أي جانب آخر، مما يدل على أن مسألة الزي أو اللباس ليست مسألة جانبية أو شكلية كما يريد الكثيرون تصويرها، بل مسألة لصيقة بالنموذج الحضاري والاختيار الثقافي للفرد والمجتمع.
    إورأى مالك أن الزي أحد عوامل التوازن الأخلاقي الرئيسية، بل أكثر من ذلك يعتبره ذا روح خاصة: "ليس اللباس من العوامل المادية التي تقر التوازن الأخلاقي في المجتمع فحسب، بل إن له روحه الخاصة به، وإذا كانوا يقولون: "القميص لا يصنع القسيس" فإني أرى العكس من ذلك فإن القميص يسهم في تكوين القسيس إلى حد ما، لأن اللباس يضفي على صاحبه روحه"(6)، فلم يكن مصطفى كمال الذي قضى على الخلافة العثمانية حين نزع الطربوش واستعاض عنه بالقبعة يريد فقط تغييرا شكليا واستبدال زي بآخر، وإنما أراد اعتماد حضارة وسلوك اجتماعي مع
    لذلك جاءت القبعة بمثابة القنبلة التي انفجرت في ذلك المجتمع.
    فالزي ليس مجرد ديكور خارجي خال من المعاني والمضامين الكبرى في حياة الأمة، بل تعبير عن هوية، فهو يسهم في تمييز المجتمعات عن بعضها ويعطيها خصوصيتها المتفردة، ويجعل الفرد يشعر بانتمائه إلى ثقافته وحضارته الخاصة، ويعطيه الشعور بالتكاليف الاجتماعية التي يضعها عليه لباسه المميز والشكل الإجتماعي الذي يختاره.
    أما بالنسبة للمرأة فإن الزي يمثل حقيقة نساء المجتمعات، ويضفي عليها معاني الحضارة التي تعيش في قوالبها وأشكالها وطقوسها، فلباس المرأة الأوربية مثلاً الذي كشفها وفضح جسدها يدل على تسخير المرأة لأغراض هي غير الأغراض الحقيقية المعلن عنها، أغراض التحرر والاختيار والحضور الفاعل في المجتمع، وهو يعبر عن طبيعة الحضارة الغربية المادية وثقافتها الساعية إلى تقديس مبدأ اللذة، يقول مالك بن نبي: "غير أنها أصبحت اليوم-أي المرأة الأوربية- تلبس اللباس الفتان المثير، الذي لا يكشف عن معنى الأنثى، فهو يؤكد المعنى الجسدي الذي يتمسك به مجتمع ساده الغرام باللذة العاجلة".
    يسوق مالك أنموذجًا حيًّا لتكييف المرأة مع الاختيار الثقافي والحضاري والسياسي عن طريق الزي، وهو أنموذج المرأة اليهودية في الجزائر إبان الاحتلال الفرنسي لهذا البلد، والتي كانت تتهيأ للهجرة من الجزائر نحو فلسطين لتندمج في حياة دولة "الصهاينة" الجديدة. فقد كانت هذه المرأة تأتي من أطراف الواحات الصحراوية الجزائرية بأزيائها البلدية لتتحول إلى "مواطنة يهودية" منذ أن تصعد الباخرة، حيث تترك المفلحة والكحل وترتدي الأزياء التي تناسب طبيعة المجتمع الجديد. ويرى مالك أن هذا التغيير الشكلي في حقيقته هو مجرد خطوة أولى في سلسلة "تطورية" تصل إلى حد التغيير النفسي والفكري بعد أن تكون المرأة اليهودية قد ألقت عن جسدها اللباس القديم الذي كان يربطها بالمجتمع منذ قرون، واستعدت لإعادة بناء شخصيتها وتشكيل وعيها في المحيط الجديد(7).

    دور المرأة في إعادة البناء الحضاري

    إن دور المرأة المسلمة عند مالك بن نبي يكتسي أهمية خاصة في إعادة البناء الحضاري للأمة من جديد، فهي عماد الأسرة التي تقوم بتشكيل الأفراد وتنشئتهم على معاني الحضارة وإعداد الأجيال لحمل الرسالة، ولذلك يضع مالك علاقة متينة بين شخصية المرأة التي يريدها المجتمع وبين قضية بناء حضارة المجتمع. يقول
    نبي: "الواجب أن توضع المرأة هنا وهناك حيث تؤدي دورها خادمة للحضارة، وملهمة لذوق الجمال وروح الأخلاق، ذلك الدور الذي بعثها الله فيه أمًّا وزوجة للرجل".
    ونظرا لخطورة المهمة الحضارية وتشعب مسالكها وتعدد المداخل إليها وتوزع الاختصاصات، فإن حل مشكلة المرأة هو الآخر كجزء من هذه المهمة لا يمكن أن ينهض به- في نظر مالك- قلم كاتب في مقال أو كتاب لأن "هذه المشكلة متعددة الجوانب ولها في كل ناحية من نواحي المجتمع نصيب"، لذلك يقترح عقد مؤتمر عام تحدد فيه مهمة المرأة بالنسبة لصالح المجتمع، يشارك فيه إلى جانب علماء الشريعة الأطباء وعلماء النفس والاجتماع وعلماء التربية، حينئذ يمكن القول- بحسب مالك- إننا وضعنا المنهج الأسلم لحياة المرأة "ولسوف يكون هذا التخطيط حتما في صالح المجتمع، لأن علماءه والمفكرين فيه هم الذين وضعوه"، وينبغي أن تكون مقررات المؤتمر العام "دستورا لتطور المرأة في العالم الإسلامي".
    وإذا كان اقتراح مالك بن نبي بعقد مثل هذا المؤتمر يبدو بمقياس الفترة التي كتب فيها غريبا رغم الحاجة إليه، فإنه يظهر اليوم ضرورة منطقية بعد أن أصبحت المؤتمرات الدولية الساعية إلى عولمة النموذج الغربي للمرأة الأوربية وهدم الأسرة في العالم الإسلامي تعقد باستمرار، ويقوم الإعلام الغربي والعلماني التابع له في ديارنا بالنفخ في قراراتها، وتقوم المؤسسات الدولية النافذة بالضغط على الشعوب المسلمة لتنفيذ تلك المقررات وتطبيقها في تشريعاتها الداخلية، إذ لا شك أن أضواعنا الداخلية قد بلغت شأوا بعيدا وخطيرا عما كانت عليه في مرحلة إبن نبي التي نادى فيها بتلك الدعوة.
    وما يملي عقد مؤتمر للمرأة المسلمة عند مالك بن نبي هو أن المرأة في العالم الإسلامي تتطور أوضاعها بطريقة غير مرسومة الأهداف ودون غاية محددة، أي بعيدا عن أهداف البناء الحضاري للأمة، مما يقتضي ضرورة التخطيط لهذا التطور لتحديد الأهداف المتوخاة منه، بشكل لا تتعارض فيه مع الأهداف العليا للأمة الإسلامية.
    وبسبب هذا الوعي الحضاري لدى مالك بن نبي، فإنه لا يتحدث عن تحرر المرأة أو عن حريتها، ربما لكي لا يقلب المفاهيم ويسقط في شراك المصطلح الغربي، بل يتحدث عن "الحضور"، ليربط قضية المرأة بالقضية الشاملة للأمة، وهذا الحضور- المشتق من معاني الحضارة، والذي يعني الفاعلية- يرتبط في مدلوله العام بمصطلح الشهود الحضاري للأمة، حتى تظل الأمة المسلمة خير أمة أخرجت للناس، شاهدة عليهم، وهو شهود باق إلى يوم القيامة.

    اتمنى الاستفادة ....تحياتي...




  4. #4
    الصورة الرمزية همس الورد
    Title
    نبض نشيـط
    تاريخ التسجيل
    06- 2004
    المشاركات
    574
    شكر لهذه الملعومات


    بارك الله بالجميع

  5. #5
    مالك بن نبي
    ومعلومة جديده تضاف لرصيدنا المتواضع
    شكرا لك همسات حائرة
    لاعدمناك يا رب على هذه الجهد في جمع المعلومه
    وارجو الفائدة للجميع .

    دمت بسلام

  6. #6
    الصورة الرمزية همسات حائرة
    Title
    نبض نشيـط
    تاريخ التسجيل
    05- 2005
    المشاركات
    730
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رحــــــــــــال
    مالك بن نبي
    ومعلومة جديده تضاف لرصيدنا المتواضع
    شكرا لك همسات حائرة
    لاعدمناك يا رب على هذه الجهد في جمع المعلومه
    وارجو الفائدة للجميع .

    دمت بسلام

    لاشكر على واجب اخي (رحـــال)


    وهذا واجبنا نحو المنتدى باضافة معلومات جديده تنفعنا ...





    تحياتي

  7. #7
    بانتظار المزيد منك يا همسات حائره
    والثقافي منك واليك
    دمت بسلام

  8. #8
    الصورة الرمزية همسات حائرة
    Title
    نبض نشيـط
    تاريخ التسجيل
    05- 2005
    المشاركات
    730
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رحــــــــــــال
    بانتظار المزيد منك يا همسات حائره
    والثقافي منك واليك
    دمت بسلام

    اشكرك اخي (الرحال) على ردك وتواجدك الدائم ...


    فالتواصل الدائم بين المشرفين والاعضاء بالمنتدى جيد .. لانه يدل على اهتمام المشرفين بالمنتدى واهتمامهم باعضائهم وزوارهم ، وهذا ايضا يحبب الاعظاء ويعطيعهم دافع الحماس والتغيير والبحث عن الافضل للمنتدى ...



    تحياتي الصادقة

  9. #9
    الصورة الرمزية عاشق السمراء
    Title
    "رجل عادي جدا"
    تاريخ التسجيل
    05- 2002
    المشاركات
    21,307
    مسااااااااااء جميل ...

    (( البوسعيدي ))

    يعطيك الف عافية على هالمقال .. والشكر لك همسات على التوضيح الاعمق عن هذا الشخص ................ !!

  10. #10
    الصورة الرمزية همسات حائرة
    Title
    نبض نشيـط
    تاريخ التسجيل
    05- 2005
    المشاركات
    730
    (عاشق السمراء)



    لاشكر على واجب هذا واجبنا ولك جزيل الشكر


    وانا بخدمتكم دووووووووم ان شاء الله

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML