النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: الأحداث المعاصرة في ضوء السنن الربانية

  1. #1
    الصورة الرمزية كلمة حق
    Title
    نبض كاتـــب
    تاريخ التسجيل
    12- 2004
    المشاركات
    1,331

    الأحداث المعاصرة في ضوء السنن الربانية

    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا

    ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له

    ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له

    وأن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا أما بعد:

    فعملاً بواجب النصح لله عز وجل ولكتابه ولرسوله صلى الله عليه وسلم

    ولأئمة المسلمين وعامتهم، أتوجه ببعض الوصايا إلى المسلمين في كل مكان.

    والدافع إلى توجيهها ما تمر به الأمة الإسلامية اليوم من محنة عصيبة وخطر داهم

    من قبل أعداء الملة والمسلمين بقيادة طاغوت العصر المتغطرس أمريكا وحلفائها

    والذين رموا الأمة المسلمة عن قوس واحدة يريدون بها الشر ومزيداً من التفتت

    والتفرق والنيل من دينها ودعاتها وثرواتها وتغريبها وإقصاء ما بقي

    فيها من شرائع الدين وشعائره..

    وهذا تأويل قوله صلى الله عليه وسلم: «يوشك أن تداعى الأمم عليكم كما تداعى

    الأكلة إلى قصعتها قالوا: أمن قلة نحن يومئذ قال: بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم

    غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن في

    قلوبكم الوهن، قالوا: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت».

    معاشر المسلمين: لقد اقتضت حكمة الله عز وجل أن يوجد الصراع بين الحق والباطل

    على هذه الأرض منذ أن أُهبط آدم عليه السلام وإبليس اللعين إلى الأرض إلى أن تقوم الساعة.

    وقد جعل الله ـ عز وجل ـ لهذا الصراع والمدافعة سنناً ثابتة لا تتغير ولا تتبدل

    "فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً" (فاطر: من الآية43).

    ولا تظهر هذه السنن إلا لمن تدبر كتاب الله عز وجل واهتدى بنوره وهداه

    "كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ" (صّ: 29)

    ومن سنن الله عز وجل في إهلاكه للأمم أو نجاتهم في هذا الصراع

    ما قصه الله تعالى علينا في كتابه الكريم من إهلاكه للأمم الكافرة وإنجائه

    لأنبيائه وأوليائه الصالحين حيث يلفت الله عز وجل أنظار المؤمنين إلى

    سننه عز وجل في الإهلاك والإنجاء، بقوله تعالى:

    "قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ"
    (آل عمران: 137).


    ومن ذلك قوله تعالى بعد أن قص علينا قصص بعض أنبيائه في سورة هود

    "فَلَوْلا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا
    قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ وَمَا
    كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ" (هود: 116، 117)

    وقوله عز وجل: "ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى
    يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ" (الأنفال: 53).


    يقول الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى: (يخبر تعالى عن تمام عدله وقسطه في

    حكمه بأنه تعالى لا يغير نعمة أنعمها على أحد إلا بسبب ذنب ارتكبه) ا.هـ.

    ويقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى أيضا عند هذه الآية:

    (فأخبر الله تعالى أنه لا يغير النعمة التي أنعم بها على أحد حتى يكون هو

    الذي يغير ما بنفسه فيغير طاعة الله بمعصيته، وشكره بكفره وأسباب رضاه

    بأسباب سخطه، فإذا غَيّر غُّير عليه جزاءً وفاقاً، وما ربك بظلام للعبيد، فإن

    غيّر المعصية بالطاعة غيّر الله العقوبة بالعافية، والذل بالعز وقال تعالى:

    "إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ
    سُوءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ" (الرعد: من الآية11).


    ... فما زالت عن العبد نعمة إلا بذنب، وما حلت به نقمة إلا بذنب، كما قال

    علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة).

    وقد قال تعالى: "وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ"
    [الشورى: 30]) ا.هـ الجواب الكافي ص 105.

    وقال في موطن آخر: ( ومن عقوباتها – أي المعاصي – أنها تزيل النعم الحاضرة

    وتقطع النعم الواصلة، فتزيل الحاصل وتمنع الواصل، فإن نعم الله ما حفظ

    موجودها بمثل طاعته، ولا استجلب مفقدوها بمثل طاعته، فإن ما عنده لا ينال

    إلا بطاعته، وقد جعل الله سبحانه لكل شيء سبباً وآفة، سبباً يجلبه، وآفة تبطله

    فجعل أسباب نعمه الجالبة لها طاعته، وآفتها المانعة منها معصيته، فإذا

    أراد حفظ نعمته على عبده ألهمه رعايتها بطاعته فيها، وإذا أراد

    زوالها عنه خذله حتى عصاه بها.

    ومن العجيب علم العبد بذلك مشاهدة في نفسه وغيره، وسماعاً لما غاب عنه

    من أخبار من أزيلت نعم الله عنهم بمعاصيه، وهو مقيم على معصية الله، كأنه

    مستثنى من هذه الجملة أو مخصوص من هذا العموم، وكأن هذا الأمر جار على

    الناس لا عليه، وواصل إلى الخلق لا إليه. فأي جهل أبلغ من هذا؟

    وأي ظلم للنفس فوق هذا فالحكم لله العلي الكبير) ا.هـ الجواب الكافي ص:145

    أيها المسلمون: إن الله ـ سبحانه وتعالى ـ ليس بينه وبين أحد من خلقه نسب

    إلا طاعته، وسننه سبحانه في المعرضين عن طاعته معروفة ومطردة

    قال تعالى: "وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ" (القمر:51)

    وقال سبحانه: "أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ" (القمر:43)

    فما أهون الخلق على الله عز وجل إذا بارزوه بالمعصية.

    عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه قال: لما فتحت قبرص فٌرق بين

    أهلها، فبكى بعضهم إلى بعض. فرأيت أبا الدرداء جالساً وحده يبكي، فقلت:

    يا أبا الدرداء ما يبكيك في يوم أعز الله فيه الإسلام وأهله؟

    فقال: ويحك يا جبير، ما أهون الخلق على الله عز وجل إذا أضاعوا أمره:

    بينما هي أمة قاهرة ظاهرة لهم الملك، تركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترى.

    أيها المسلمون: إن الأمة تمر بنازلة عظيمة وأيام عصيبة، فهي على ضعفها

    وذلها ومهانتها، قد سلط الله سبحانه عليها أعداءها من اليهود والصليبيين

    والمنافقين وأجلبوا عليها بخيلهم ورجلهم وطائراتهم وأساطيلهم.

    فهم من كل حدب ينسلون، وأحاطوا بها إحاطة السوار بالمعصم

    يريدونها في دينها وثرواتها وتمزيق ما بقي من وحدتها

    "وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ" (يوسف: من الآية21)

    "وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ" (آل عمران: من الآية117).

    وإن الناظر إلى هذه الأحداث الجسيمة والنوازل العظيمة التي أحاطت

    بالمسلمين اليوم لا يستغرب حدوثها ولا يفاجأ بها حينما يعتصم

    بكتاب الله عز وجل وينطلق من توجيهاته في ضوء سنن الله عز وجل التي لا تتبدل

    والتي أشرنا إلى بعضها فيما سبق.

    ويكفي أن ننظر إلى أحوالنا ومدى قربها وبعدها عن الله عز وجل لندرك أن

    سنة الله عز وجل في من أعرض عن طاعته وأمره قد انعقدت أسبابها علينا، إلا

    أن يرحمنا الله عز وجل، ويرزقنا التوبة والإنابة والاستكانة والتضرع إليه سبحانه.

    يا معشر المسلمين: إن الخطب جد خطير، وإن عقاب الله عز وجل لا يستدفع إلا بتوبة

    وإنابة، فالبدار البدار، فإن أسباب العقوبة قد انعقدت، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

    ولقد رفع الله عز وجل العذاب عن أمة رأت بوادره بتوبتها وإيمانها

    ورجوعها إلى طاعة الله عز وجل قال الله تعالى:

    (فَلَوْلا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا
    عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ" (يونس: 98).

    إن أحوال الأمة وما حل فيه من معاصي الله تعالى ومساخطه لتنذر بالخطر.

    فلقد ضل كثير من الناس عن أصل هذا الدين وأساسه المتين ألا وهو

    التوحيد والموالاة والمعاداة حيث جاء في الحديث القدسي

    «من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب»

    وضرب الشرك الأكبر من دعاء الأموات والسحر والشعوذة بأطنابه

    في أكثر بلاد المسلمين، وأبعد شرع الله تعالى وحكمت قوانين البشر، وتساهل

    كثير من الناس بشأن الصلاة والزكاة وهما أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين

    ووقع بعض المسلمين في عقوق الوالدين وقطيعة الأرحام، وظلم العباد وفشى

    الربا الخبيث في معاملات كثيرة بين المسلمين..

    ووقع بعض المسلمين في تعاطي المسكرات والمخدرات، وكثر الغش في المعاملات

    ووجد بين المسؤولين من يبخس الناس حقوقهم ويأكل أموالهم بالباطل و يتعاطى

    الرشوة والتي لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الساعي فيها ودافعها وآخذها

    وكثر الفجور في الخصومات والزور في الشهادات، وبعض النساء يتساهلن بالحجاب

    ويتبرجن بزينة الثياب، وانتشر الزنا والخبث وكثرة وسائله الخبيثة الماكرة من

    قنوات ومجلات خليعة تدعوا إلى الفاحشة وتحببها في النفوس وتزينها، وامتلأت

    بيوت المسلمين من الفضائيات التي تنشر العفن والفساد، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

    ولما سألت أم المؤمنين زينب بنت جحش رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم

    فقالت: أنهلك وفينا الصالحون؟ قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:

    (نعم إذا كثر الخبث ) رواه البخاري

    وما أصدق ما قاله ابن القيم رحمه الله تعالى على واقعنا اليوم

    وهو يصف زمانه، فكيف لو رأى زماننا؟!!.

    قال رحمه الله تعالى: (لما أعرض الناس عن تحكيم الكتاب والسنة والمحاكمة

    إليهما، واعتقدوا عدم الاكتفاء بهما، عرض لهم من ذلك فساد في فطرهم، وظلمة

    في قلوبهم، وكدر في أفهامهم، ومحق في عقولهم، وعمتهم هذه الأمور وغلبت

    عليهم حتى ربى عليها الصغير، وهرم عليها الكبير. فلم يروها منكراً، فجاءتهم

    دولة أخرى قامت فيها البدع مقام السنن والهوى مقام الرشد، والضلال مقام الهدى

    والمنكر مقام المعروف والجهل مقام العلم، والرياء مقام الإخلاص، والباطل مقام الحق

    والكذب مقام الصدق، والمداهنة مقام النصيحة، والظلم مقام العدل، فصارت الغلبة لهذه الأمور.

    اقشعرت الأرض وأظلمت السماء وظهر الفساد في البر والبحر من ظلم الفجرة، وذهبت

    البركات وقلت الخيرات، وهزلت الوحوش وتكدرت الحياة من فسق الظلمة وبكى

    ضوء النهار وظلمة الليل من الأعمال الخبيثة والأفعال الفظيعة، وشكا الكرام الكاتبون

    والمعقبات إلى ربهم من كثرة الفواحش وغلبة المنكرات والقبائح.

    وهذا والله منذر بسيل عذاب قد انعقد غمامه، ومؤذن بليل بلاء قد ادلهم ظلامه

    فاعزلوا عن طريق هذا السبيل بتوبة نصوح ما دامت التوبة ممكنة وبابها مفتوح.

    وكأنكم بالباب وقد اغلق، وبالرهن وقد غلق، وبالجناح وقد علق

    (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) [الفوائد ص 49].

    أيها المسلمون: لقد ضرب الله عز وجل لنا في كتابه الكريم أمثالا عظيمة لنتدبرها

    ونعقلها. قال الله تعالى: "وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ" (العنكبوت: 43).

    ولنستمع إلى هذا المثل الذي ضربه الله عز وجل لمن كفر بأنعم الله عز وجل وعاقبة

    من وقع في معاصيه ولنتدبره حق التدبر، قال الله عز وجل:

    "وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ
    فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ" (النحل: 112).

    فهذا المثل وإن كان في أهل مكة الذين أشركوا بالله وكفروا نعمة الله تعالى

    إلا أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

    وهذا إنذار وتحذير للأمم التي تعيش في رغد من العيش وأمن وسكينة

    أنها إن كفرت بنعمة الله تعالى وقابلتها بالمعصية والإعراض فان الله عز وجل

    يسلبها نعمة الأمن والمعيشة، ويذيقها مكان ذلك الجوع والخوف، وخطر الابتلاء

    بالجوع والخوف ليس في ذاتهما فحسب، ولكن الخطر الحقيقي يكمن فيما يجرانه

    على الناس من تنازلات رهيبة في الدين والأعراض.

    فكم من تارك لدينه ومرخص لعرضه دافعه إلى ذلك الجوع والخوف عياذا بالله.

    وهذه سنة إلهية إذا انعقدت أسبابها وقعت بالناس ولات حين مناص.

    وإن في التاريخ لعبراً، ويكفي أن نتذكر ما حل بالمسلمين في بغداد سنة 656 هـ،

    حينما اجتاح المغول التتر عاصمة السلام في ذلك الوقت وما جرى في هذا الهجوم

    من حوادث مريعة يقشعر لها جلد القارئ بعد هذه القرون، فكيف بمن عاناها واصطلى بحرها!!.

    وقارنوا أحوالنا اليوم بحال المسلمين في ذلك الزمان، أعني زمن دخول التتر إلى بغداد

    فهل نحن اليوم أحسن حالا منهم، حتى ننجو من خطر الأعداء الذين أحاطوا بنا من كل جانب؟؟.

    والجواب البدهي: لا والله، لسنا بأحسن حالا منهم. فواقعنا المعاصر لا يقارن في سوئه

    بذلك العصر، ومع ذلك سلط الله عليهم الكفرة المتوحشون الذين سفكوا الدماء

    وهتكوا الأعراض، وافسدوا الحرث والنسل

    "وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ" (العنكبوت: من الآية40).

    نحن على خطر وشيك ولا ينقذنا منه إلا أن نفر من معصية الله إلى طاعته، ومن

    أسباب سخطه إلى أسباب رضاه فلا نجاة لنا منه إلا إليه سبحانه.

    إن الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر هم خير وبركة على الأمة، فبهم

    يفتح الله الخير والبركات على الناس وبهم يدفع الله الشرور عن الأمة، وبهم يرهب الله الأعداء.

    ألا ما أشرف مهنتهم وما أكثر خيرهم وأثرهم على الناس. فما أجدر الأمة

    أن تحبهم وتدعو لهم وتتعاون معهم على البر والتقوى وتكون معهم على أعدائهم وشانئيهم.

    معاشر المسلمين:

    إن أيام الفتن والنوازل مظنة لمزلة الأقدام وضلال الأفهام وتحير العقول، وإن من

    أعظم ما يتسلح به أمام هذه الفتن:

    1- دعاء الله عز وجل والتضرع إليه:

    قال الله تعالى: "فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا" (الأنعام: من الآية43).

    فالدعاء سلاح عظيم تسلح به الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وأتباعهم من الصالحين

    فلنجهد فيه للنفس للمسلمين وعلى الكافرين، وليحث الناس عليه وبخاصة

    كبار السن من الصالحين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

    «هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم» رواه البخاري.

    2- العلم بالشرع والبصيرة في الدين: فبالعلم تدفع الشبهات ويزول اللبس، ولا

    يتعرض العبد لخداع المضللين، فإن لم يكن لدى المسلم علم يكفي فالمتعين عليه

    سؤال العلماء الربانيين الذين يجمعون بين العلم والتقوى

    فبهم تدفع الشبهات ويميز الله بهم الحق من الباطل.

    3- الاجتهاد في العبادات: ففي ذلك تثبيت للعبد وتوفيق له إلى الصواب والحفظ

    من الفتن بخلاف الغافل المقصر فإنه يخشى عليه أن تزل قدمه.

    قال الله عز وجل: "وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً
    وَإِذاً لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْراً عَظِيماً وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً" النساء: 66-68).

    وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «احفظ الله يحفظك»، كما أن للعبادة وقت الفتن

    شأنا وفضلا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل

    المظلم يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا أو يمسي مؤمنا ويصبح كافرا

    يبيع دينه بعرض من الدنيا» رواه مسلم .

    وقال صلى الله عليه وسلم: «عبادة في الهرج كهجرة إلي» رواه مسلم وأحمد ولفظه

    عنده «العبادة في الفتنة كهجرة إلي» قال ابن رجب رحمه الله تعالى في شرحه

    لهذا الحديث في لطائف المعارف (وسبب ذلك أن الناس في زمن الفتنة يتبعون أهواءهم

    فلا يرجعون إلى دين، فيكون حالهم شبيها بحال الجاهلية، فإذا انفرد من بينهم من يتمسك

    بدينه ويعبد ربه ويتبع مراضيه ويجتنب مساخطه، كان بمنزلة من هاجر من بين

    أهل الجاهلية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم) ا هـ.

    4- الحذر الحذر من العجلة والتسرع أيام الفتن، ولزوم التؤدة في جميع الأمور، فالتؤدة

    خير كلها إلا في أمور الآخرة؛ وتتأكد في النوازل والفتن، فكم هم الذين أقروا بندمهم

    على تسرعهم وتعجلهم في أمر كان لهم فيه أناة ولكن حين لا ينفع الندم.

    ومما يعين على التؤدة والأناة كثرة المشاورة لأهل العلم الناصحين وأهل الوعي

    والتجربة، وعدم الانفراد بالرأي في اتخاذ الموقف.

    ومما له علاقة بالعجلة أيام الفتن تطبيق أحاديث الفتن الواردة في آخر الزمان على

    واقع قائم أو نازلة تحل بالمسلمين فإنه يحلو لبعض الناس المتعجلين مراجعة

    أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في الفتن وتنزيلها على واقع قائم وهذا خطأ

    وتعجل لا يحمد عقباه، كمثل ظن بعضهم أن المهدي هو رجل من هذا الزمان

    سموه وعينوه ورتبوا على ذلك أفعالا وأحكاما وكما فسر بعضهم

    قول النبي صلى الله عليه وسلم:

    «إن الفتنة في آخر الزمان تكون من تحت رجل من أهل بيتي»

    بأنه فلان بن فلان أو القول بأن تفسير حديث النبي صلى الله عليه وسلم

    «يكون بينكم وبين الروم صلح آمن...» إلى آخر ما جاء في الحديث من أخبار

    وأحداث هو ما يحصل في زماننا وهذا التطبيق لأحاديث الفتن على الواقع وبث ذلك

    في المسلمين قبل حصول موجبات القطع واليقين به ليس من منهج أهل السنة والجماعة

    فإن السلف علمونا أن أحاديث الفتن لا تنزل على واقع حاضر وإنما يظهر

    صدق النبي صلى الله عليه وسلم بما أخبر به من حدوث الفتن بعد حدوثها وانقضائها.

    وأهل السنة والجماعة يذكرون الفتن وأحاديثها محذرين منها مباعدين للمسلمين

    عن غشيانها أو الاقتراب منها.

    وشبيه بالعجلة في تفسير أحاديث الفتن العجلة في تأويل الرؤى والتعلق بها والانطلاق

    منها في اتخاذ المواقف والقيام بأعمال خطيرة بناء على الرؤى وهذا قد يكون

    من كيد الشيطان ومكره، فالصادق من الرؤى يستبشر به ولا يعول عليه.

    والحمد لله رب العالمين وصلى الله على خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى

    آله وصحبه ومن سار على هديه إلى يوم الدين.


    منقول

  2. #2
    بارك الله فيك يا كلمة حق
    وصدق فينا ما قاله الرسول صلى اله عليه وسلم
    باننا كغثاء السيل ولكن دب فينا الوهن دب فينا حب الدنيا
    وكراهية الموت فتداعت علينا الامم .
    ولازال هذا حالنا فمتى نفيق يا امة الاسلام
    ومتى تكن لنا كلمة امام سائر الامم .

    مره ثانيه شكرا لك على النقل

  3. #3
    الصورة الرمزية كلمة حق
    Title
    نبض كاتـــب
    تاريخ التسجيل
    12- 2004
    المشاركات
    1,331
    أخي الفاضل رحال

    طرحت سؤال في منتهى الاهميه

    متى نفيق يا امة الاسلام؟

    فقد طال السبات فعلا.......الله المستعان

    جزاك المولى عزوجل خير الجزاء على تواصلك الكريم.

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML