النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: أوَهامٌ فوقَ صُخُورِ الزمن

  1. #1
    الصورة الرمزية أنثى الحرف
    Title
    نبض جديــد
    تاريخ التسجيل
    07- 2004
    المشاركات
    101

    أوَهامٌ فوقَ صُخُورِ الزمن

    أوَهامٌ فوقَ صُخُورِ الزمن



    قصة قصيرة من الواقع





    بقلم: إيمان







    لملمت سعاد أطرافَ عبائتها التي تناثرت كخيوط الليل الأسود على جنبات تلك الصخرة الصغيرة النائمةِ على أحضان الشاطئ.. تتأمل في موجات البحر الهادئة و هي تداعب الصخرة الصغيرة كحبيبين يتناغيان بأشواق الحب المجنون.. رمت بنظرات الحيرة و التساؤل و التفكر و كأنها تستلهم من قطرات البحر و عمقه كل أسرار الكون و ألغازه.. فراحت في نشوةٍ بريئةٍ ترسم أحلامها الوردية بريشة الأوهام و الخيال المجنون..



    تخرج من بين حناياها تنهيدة بعمق أحزانها.. متعثرةَ الخطا و كأنها في صلاة عشقٍ أبدي.. ترتمي بأحزانها في أحضان البحر الذي بلل قدميها الحافيتين و هي تجلس فوق تلك الصخرة الصغيرة..



    في غمرة الأحلام الوردية و الضياع في أزقة المستقبل المجهول و آهات الماضي الدفين.. ترتعش ذرات جسدها الناعم فتصحو من حلمٍ طفوليٍ على همساتٍ حنونة دافئةٍ تنسكب بين خلايا أذنيها و شرايين قلبها:



    - يبدو أن الأخت تحب البحر كثيراً!!.. هل الأخت شاعرة؟!! عفواً للتطفل و الفضول .. و لكن شدني هذا المنظر الطفولي الحالم..

    - من أنت؟!! و ماذا تريد؟!! لقد أفزعتني!!..

    - هل تعلمين أنك تشبهين حوريات البحر و أنتِ تجلسين على هذه الصخرة الصغيرة.. هل أتيتي من أعماق البحر .. سيدتي؟!! تتدفق أمواج الحزن بين عينيكِ فتكاد تغرق وجهكِ الطفولي..

    - يبدو أنك أنت الشاعر و الفيلسوف!! أتركني يا أخي لأحزاني.. فهذا البحر يحمل كل آهاتي و أسراري و معاناتي.. إني أشكو له همومي كلما ضاق صدري.. شكراً لكلماتك الدافئة يا.....

    - إسمي خالد.. و أرجوا أن لا أكون قد سببت لك إزعاجاً.. هل لي أن أعرف إسمك لو لم يكن هناك مانع؟

    - سعاد.. و أتشرف بمعرفتك و لم تزعجني بل خففت عني وحدتي و أحزاني..

    - سعاد إسم جميل و متفائل.. هل أزعجك إن أعطيتك رقم هاتفي و يسعدني أن أسمع صوتك.. لا لشئ و إنما فقط أطمئن عليكِ.. و هذا هو رقمي..



    تتمتم سعاد في خجل و هي تمد بيدها لتتناول قصاصة ورقٍ تضم رقم هاتف خالد الذي أعجبت بوسامته و دفء كلامه و ابتسامته العريضة التي لا تكاد تفارق محياه..



    بعد ساعاتٍ قليلةٍ متلظية بنفحات الشوق و لهفة الإنتظار.. يرن هاتف خالد فترتسم على وجنتيه إبتسامته المعهودة و هو يسمع صوت سعاد الناعم كلحنٍ يتغنى به العصافير:



    - أهلا سعاد.. كيف الحال؟!! لا تتصوري كم أنا سعيد بسماع صوتك..

    - أهلا خالد.. الحمد لله.. أتمنى أن تكون بخير.. صراحة ترددت في الإتصال و أشعر أن شيئاً غريباً يجذبني نحوك.. لا أعرف ما هو.. فقط أحببت أن أشكرك على لطفك و أدبك و دفئك معي بالأمس فقد رسمت على شفاهي البسمة التي افتقدتها منذ زمن..



    مشاعر غريبة و أحاسيس متدفقة تتلاطم في أعماق سعاد نحو خالد الشاب الوسيم الذي دخل حياتها منذ أسابيع فلم تعد تفكر إلا به و بسماع صوته كل يومٍ .. فنما في أعماقهما حبٍ متبادلٍ تخلله بعض لقاءات تطفئ نار الشوق بينهما و تؤجج العشق الذي غمر قلبيهما.. تنتحر على شفاههما قبلاتٌ محمومة بنار الشوق.. فتتصارع في خيال خالد خيوط الأفكار و الأوهام الوردية فتتناثر على شفتيه همسات تلامس أذني حبيبته سعاد:



    - سعاد حبيبتي.. أود أن أخبركِ بسرٍ أخفيته عليكِ فلا تنفعلي..

    - سر؟!! تكلم يا خالد.. تكلم.. أي سر؟ّ!!

    - سعاد أنا أحبك أكثر مما تتصورين.. لكن.. لكني يا سعاد..متزوج.. و لا أحب خداعك يا حبيبتي..

    - لا تقلق يا حبيبي فأنا أريدك أنت.. أنت فقط.. ثم أني.....

    - سعاد أكملي أنتِ ماذا؟!! أقلقتيني..

    - متزوجة أيضاً.. و ترددت أن أخبرك .. فتتركني و أنا أحبك و لا أتخيل أن أعيش بدون وجودك الى جانبي..

    - يا إلهي!! هذا ما لم يكن بالحسبان.. لماذا لم تخبريني يا سعاد؟!! مالعمل الآن؟!!

    - عندي فكرة و ليس هناك بديلٌ لها.. لا بد أن نتزوج يا سعاد بأي شكلٍ و بأي طريقة.. لابد أن تطلبي من زوجك الطلاق و نتزوج.. فكري في الأمر يا سعاد فأنتِ لي وحدي..

    - الطلاق؟!! صحيح أنني لا أشعر بنحوه بأي حبٍ ولكن.. طلاق مرة واحدة؟!!

    - - نعم أنتِ لي وحدي يا حبيبتي و هذا هو الحل الوحيد الذي يضمن لنا حياةً سعيدة .. أنا و أنتِ.. فقط؟!



    بين صراع الأفكار التي تراكمت في حناياها .. و تحت ضغط و عناد و أنانية خالد .. تطلب سعاد العاشقة من زوجها أحمد أن يطلقها مدعيةً أنها لم تشعر بطعم الحب و السعادة معه .. منذ أن تزوجا قبل أربع سنوات.. مفتعلةً بعض الصرخات في وجهه بأنها لا تحبه و أنه ليس الإنسان الذي تحلم به و ترسم معه دروب المستقبل الحالم.. صعق أحمد بهذا الطلب الغريب و المفاجئ فقد أحبها و أخلص لها بكل ما يملك و لم يتوانَ في تكريمها و عدم جرح مشاعرها الرقيقة رغم أنها لم تلبي رغبته الفطرية في الأبوة و تعطشه لطفلٍ أو طفلةٍ يداعبها بيد حنانه المتدفق..



    راح أحمد يخوض في أفكار سعاد المجنونة و يتسائل عن سر إصرارها على الطلاق بأي شكلٍ و بأي ثمن.. و علامات الدهشة و خيبة الأمل ترتسم على وجهه دون جدوى.. تدخل بعض الأقارب من أهله و أهلها وسط إصرارها الغريب على الطلاق..



    تلبيةً لرغبة سعاد.. تم طلاقها من أحمد .. فلملمت كل ما تملك و توجهت لمنزل أهلها تجر أذيال الحزن و الخيبة في أكوام الأوهام و الأحلام الخيالية التي صنعها خالد .. قطراتٌ من دموع التماسيح تبلل خديها الناعمين.. تمسك بهاتفها النقال .. تزف هذا الخبر السعيد لخالد.. فقد تحقق الأمل المنشود و هاهو فارس الأحلام على حصانه الأبيض في إنتظار المعشوقة..



    - خالد.. حبيبي.. لقد طلقني أحمد.. و أنا الآن حرة و ملك نفسي.. لك أنت فقط يا خالد.. ستخطبني يا حبيبي و نتزوج بعد خروجي من عدة الطلاق.. أليس كذلك يا خالد؟!!

    - ماذا.. أخطبك؟!!.. نتزوج؟!! لا تتعجلي يا سعاد.. إنه زواج و تكاليف و بيت و أطفال.. و لابد أن نفكر جيداً..



    و يلتقي العاشقان وسط فرحةٍ مخنوقةٍ على شفاههما و عيونهما .. يقبل يدها العابثة بالخيانة و الغدر فتحتضنه في شوقٍ و ترتمي في أحضان غدره.. يبعدها عن صدره بلينٍ و رفقٍ و كأنه ينعى سوء حالها و حظها العاثر بغرورها و عشقها المجنون.. يتفوه بكلمات تقع كالبركان الثائر على مسامع قلبها الملتهب بحبه:



    - سعاد.. إفهميني يا حبيبتي.. ربما لا نستطيع الزواج الآن!! فثمة أمورٍ كثيرة طرأت.. أرجوكِ أن تقدري ظروفي.. نحن لن نتزوج.. لقد فكرت كثيراً بذلك.. و قررت أن نبتعد يا سعاد.. نعم نبتعد.. أشعر بالندم لأننا تسرعنا في إتخاذ قرار ربما يكون خاطئاً..

    - خالد !! ماذا تقول؟!! نبتعد؟!! و أنا ألم تفكر بي.. لقد أنهيت حياتي الزوجية و تقول نبتعد!! لا لا.. أنت تمزح يا خالد.. مؤكد أنت تمزح.. أين حبك و أين الأحلام أقصد الأوهام التي عشنا فيها؟!!.. ألم نتفق على الزواج بعد أن يطلقني أحمد؟!! ..

    - نعم يا سعاد و لكن الأمر يختلف الآن.. و هذا قرارٌ حاسمٌ لا رجعة فيه.. وداعاً يا سعاد.. وداعاً..



    وسط موجات الدموع و الحسرة المتناثرة على صفحات وجهها.. تعود سعاد المخدوعة إلى غرفتها الصغيرة في منزل أبيها.. تجرجر أذيال الخيبة و الألم و الحسرة .. تلعن الغدر و الأوهام و الأنانية و حظها العاثر .. و تنعى بيتها الذي هدمته بمعول غرورها و كبريائها المجنون.. تتمتم بكلماتٍ ترمي بها نحو السماء متوسلةً أن يغفر لها الله ذنوبها و غفلتها و كل الجراح التي أدمت قلب زوجها أحمد الذي أحبها و أخلص لها..


  2. #2
    الصورة الرمزية عاشق السمراء
    Title
    "رجل عادي جدا"
    تاريخ التسجيل
    05- 2002
    المشاركات
    21,307

    رد : أوَهامٌ فوقَ صُخُورِ الزمن

    مسااااااااااااء جميل ...
    ما شاء الله عليك يا انثى الحرف .. فعلا اخذتنا للبعيد .. وقد شعرنا اننا معهم نعيش القصة .. رغم ان النهاية مأساوية بالنسبة لسعاد .. !!
    شكرا لقصتك ..... انثى الحرف !!

  3. #3
    الصورة الرمزية أسعد
    Title
    نبض نشيـط
    تاريخ التسجيل
    07- 2004
    العمر
    37
    المشاركات
    348

    رد : أوَهامٌ فوقَ صُخُورِ الزمن

    لماذا


    لماذا

    لماذا





















    لماذا؟؟
    أنت تعلمين فهل سبب ما
    هو ذاك

  4. #4

    رد : أوَهامٌ فوقَ صُخُورِ الزمن

    أنثى الحرف ، هذه الحروف بدأت تثور وبدأت تتسابق مع نفسها حتى احتوت هذه الرائعه بحق .. ولكن يطيب لي ان اسألك سؤال هل القصة من من مكنونات العقل بتوقيع من القلم ...

    سعدت بمشاركتك معنا , ويا مرحب فيك ...

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML