غزوة الخندق:




غزوة الأحزاب أو غزوة الخندق هي معركة وقعت في السنة الخامسة للهجرة بين المسلمين وقريش وأنصارها من كنانة وغطفان وأنتهت بنصر المسلمين


الأسباب:

بعد أن أجلى الرسول بني النضير وهم قسم من يهود المدينة وساروا إلى خيبر أخذو على تغليب قريش وكنانة وغطفان على حرب الرسول محمد بن عبد الله () فخرج لذلك رئيسهم حيي ابن أخطب إلى قريش بمكة وعاهدهم على حرب النبي وقال لهم: إنه قد بقي من قومه سبعمائة نفر في المدينة وهم بنو قريظة وبينهم وبين محمد عهد وميثاق وأنه يحملهم على نقض العهد ليكونوا معهم، فسار معه أبو سفيان وغيره من رؤساء قريش في قبائل العرب حتى اجتمع على قتال النبي قدر عشرة آلاف مقاتل من قريش كنانة يقودهم أبو سفيان بن حرب، وعباس بن مرداس في بني سليم، وغطفان.
وهكذا انطلق جيش قوامه عشرة آلاف مقاتل وذلك في السنة الخامسة من الهجرة من شهر شوال.

حفر الخندق:

لما علم الرسول بالأمر، استشار أصحابه وقادته في الحرب وأشارالصحابة بالبقاء في المدينة، فأشار عليه سلمان الفارسي بحفر خندق * في مشارف المدينة، فاستحسن الرسول والصحــابة رأيه، وعملوا به. كما أن يهود بني قريظة مدوا لهم يد المساعدة من معاول ومكاتل بموجب العهد المكتوب بين الطرفين. واستطاع المسلمون إنهاء حفر الخندق بعد مدة دامت خمس عشر يوماً.

المعركة:-
بدت طلائع جيوش المشركين مقبلة على المدينة من جهة جبل أحد، ولكنهم فوجئوا بوجود الخندق فتفاجؤا به وقاموا إزاء المدينة شهرا

نقض العهد من بني قريظة:

لم تجد قريش سبيلا للدخول إلى المدينة، وبقوا ينتظرون أياما وليالي يقابلون المسلمين من غير تحرك، حتى جاء حيي بن أخطب الذي تسلل إلى بني قريظة، وأقنعهم بفسخ الاتفاقية مع المسلمين، ولما علم محمد(صلى الله عليه وسلم) بالأمر أرسل بعض أصحابه ليتأكد من صحة ما قيل منهم عمر بن الخطاب، فوجده صحيحا. وهكذا أحيط بالمسلمين من كل حدب وصوب.

النصر:-
فمن ذلك أن رجلا من غطفان - يقال له نعيم بن مسعود - جاء إلى رسول الله . فقال قد أسلمت، فمر بي بما شئت. فقال " إنما أنت رجل واحد. فخذل عنا ما استطعت. فإن الحرب خدعة ". فذهب إلى بني قريظة - وكان عشيرا لهم - فدخل عليهم وهم لا يعلمون بإسلامه. فقال إنكم قد حاربتم محمدا. وإن قريشا إن أصابوا فرصة انتهزوها، وإلا انشمروا قالوا : فما العمل ؟ قال لا تقاتلوا معهم حتى يعطوكم رهائن. فقالوا : قد أشرت بالرأي. ثم مضى إلى قريش فقال هل تعلمون ودي لكم ونصحي ؟ قالوا : نعم. قال إن اليهود قد ندموا على ما كان منهم وإنهم قد أرسلوا إلى محمد أنهم يأخذون منكم رهائن يدفعونها إليه ثم يمالئونه عليكم فإن سألوكم فلا تعطوهم. ثم ذهب إلى غطفان. فقال لهم مثل ذلك.
فلما كانت ليلة السبت من شوال بعثوا إلى يهود إنا لسنا معكم بأرض مقام وقد هلك الكراع والخف. فاغدوا بنا إلى محمد حتى نناجزه فأرسلوا إليهم إن اليوم يوم السبت وقد علمتم ما أصاب من قبلنا حين أحدثوا فيه. ومع هذا فلا نقاتل معكم حتى تبعثوا لنا رهائن.
فلما جاءهم رسلهم قالوا : قد صدقكم والله نعيم. فبعثوا إليهم إنا والله لا نبعث إليكم أحدا. فقالت قريظة قد صدقكم والله نعيم. فتخاذل الفريقان.
استطاع عكرمة بن أبي جهل.. وعمرو بن عبد ود العامري _المعروف بفارس الجزيره أو فارس العرب _ أن يحمسا جيش قريش وذلك أن مرو على معسكر كنانة وقالوا : ((تهيئوا يا بني كنانة للحرب فستلعمون من الفرسان اليوم)) ثم اتجهوا نحو الخندف ودعا أن يخرج له أحد من المسلمين يبارزه فبرز له علي بن أبي طالب وقد كان صغير السن إلا إن شجاعته لاتخفى على أحد وحين برز علي بن أبي طالب. قال الرسول صلى الله عليه وآله وصحبه:(برز الايمان كله للشرك كله) يقصد بها علياً.خذر عمرو بن ود علي ابن ابي طالب ليرجع ولكن علي اصر على قتاله.و قد قطع عمرو ارجل فرسه فجائه علي وقطع ارجل عمرو لانه عذب الفرس بقطع ارجله فما كان من عمرو بن ود الا بصق بوجه علي بن ابي طالب فغضب علي ودار حوله ولم يقتله فقال له عمرو بصقت بوجهك لتعجل علي بقتلي قال علي عندما بصقت في وجهي غضبت فان قتلتك كان قتلي لك لغضبي فلما هدأت اقتلك لله. وقتل علي عمرو..واستطاع عدد من المشركين عبور خندقالمدينة واقتتلوا مع المسلمين، فقُتل من قُتل، وهرب من هرب، وكان من جملة الهاربين عكرمة.
بعد مقتل عمر بن عبد ود العامري بادر علي بن ابي طالب إلى سد الثغرة التي عبر منها عمرو بن ود العامري ورجاله ورابط عندها مزمعا القضاء على كل من تسول له نفسه التسلل من المشركين.
و لما طال مقام قريش وكنانة تفككت روابط جيش أعداء محمد، وانعدمت الثقة بين أطراف القبائل، كما تسببت ريحا شديدة قلعت خيامهم، وجرفت مؤنهم، وأطفأت نيرانهم، فرجعوا إلى مكة ورجعت غطفان إلى بواديها.

معجزات الرسول:


كانت للنبي في غزوة الخندق العديد من المعجزات منها:صخرة الخندق:عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: عرضت لنا ونحن نقوم بحفر الخندق صخرة لا تأخذ فيها المعاول, فاشتكينا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء وأخذ المعل من سلمان الفارسي رضي الله عنه, وقال:{ بسم الله} ثم ضربها فنثر ثلثها. وخرج نور أضاء بين لابتي المدينة. فقال:" الله أكبر أعطيت مفاتيح الشام, والله اني لأبصر قصورها الحمر من مكاني الساعة".
ثم ضرب الثانية فقطع ثلثا آخر. فبرقت برقة من جهة فارس أضاءت ما بين لابيتها فقال:" الله أكبر.. أعطيت مفاتيح فارس, والله اني لأبصر قصر المدائن الأبيض من مكاني هذا, أي مدائن كسرى, وأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليهم فأبشروا بالنصر".
ثم ضرب الثالثة, وقال:" بسم الله" قطعت بقية الصخرة وخرح نور من جهة اليمن أضاء ما بين لابتي المدينة حتى كأنه مصباح في جوف ليل مظلم فقال:" الله أكبر.. أعطيت مفاتيح اليمن, والله اني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني الساعة".


غزوة الخندق:


فبلغ ذلك رسول الله فاستشار أصحابه وكانوا سبعمائة رجل فأجمع رأيهم على المقام في المدينة وحرب القوم إذا جاءوا إليهم فقبل منهم النبي ذلك، فقال سلمان: يا رسول الله إن القليل لا يقاوم الكثير، قال: ماذا نصنع؟ قال: نحفر خندقاً يكون بينك وبينهم حجاباً فيمكنك منعهم المطاولة ولا يمكنهم أن يأتونا من كل وجه فإنا كنا معاشر العجم في بلاد فارس إذا دهمتنا دهماء من عدونا نحفر الخنادق فتكون الحرب من مواضع معروفة فنزل جبريل على رسول الله فقال: أشار سلمان بالصواب فأمر الرسول بمسحه من ناحية أحد إلى رانج وجعل على كل عشرين خطوة وثلاثين خطوة قوماً من المهاجرين والأنصار يحفرونه فأمر وحملت المساحي والمعاول وبدأ رسول الله بنفسه وأخذ معولاً فحفر في موضع المهاجرين وأمير المؤمنين ينقل التراب من الحفرة حتى عرق رسول الله وعي وقال: لا عيش إلاَّ عيش الآخرة، اللهم اغفر للأنصار والمهاجرين.
فلمّا نظر الناس إلى رسول الله يحفر اجتهدوا في الحفر ونقل التراب فلما كمل الخندق أقبلت قريش ومعهم اليهود، فلما نزلوا العقيق جاء حي بن أخطب إلى بني قريظة في جوف الليل وكان موضعهم من المدينة على قدر ميلين وهو الموضع الذي يسمى ببئر بني المطلب، وكان لهم حصن قد أغلقوه وتمسكوا بعهد رسول الله فدق باب الحصن فسمع كعب بن أسيد فقال له: من أنت؟ قال: حي بن أخطب قد جئتك بعز الدهر، فقال كعب: بل جئتني بذل الدهر، فقال: يا كعب هذه قريش في قادتها وسادتها قد نزلت الرعاية وهذه سليم وغيرهم قد نزلوا حصن بني ذبيان ولا يفلت محمد وأصحابه من هذا الجمع أبداً فافتح الباب وانقض العهد بينك وبين محمد فطال بينهما الجدال حتى أمر كعب بفتح باب الحصن فدخل حي بن أخطب، فقال: ويلك يا كعب انقض العهد الذي بينك وبين محمد ولا ترد رأيي فإن محمداً لا يفلت من هذا الجمع أبداً فإن فاتك هذا الوقت لم تدرك مثله أبداً، واجتمع كل من كان في الحصن من رؤساء اليهود فقال لهم كعب: ما ترون؟ قالوا: أنت والمطاع فينا وصاحب عهدنا وعقدنا فإن نقضت نقضنا معك، وإن أقمت أقمنا معك وإن خرجت خرجنا معك.
وقال زهير بن ناطا ـ وكان شيخاً كبيراً مجرباً قد ذهب بصره ـ: قرأت في التوراة التي أنزلها الله: يبعث نبي في آخر الزمان يكون مخرجه بمكة ومهجره إلى المدينة يركب الحمار العري ويلبس الشملة ويجتزئ بالكسيرات والتميرات وهو الضحوك القتال في عينيه حمرة وبين كتفيه النبوة يضع سيفه على عاتقه لا يبالي بمن لاقى يبلغ سلطانه منقطع الخف والحافر فإن كان هذا هو فلا يهولنه هؤلاء وجمعهم ولو نرى على هذه الجبال الرواسي لغلبها، فقال حي: ليس هذا ذاك. ذلك النبي من بني إسرائيل وهذا من العرب من وُلد إسماعيل ولا يكون بنو إسرائيل أتباعاً لولد إسماعيل أبداً لأن الله قد فضلهم على الناس جميعاً وجعل منهم النبوة والملك، وقد عهد إلينا موسى أن لا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار وليس مع محمد آية وإنما جمعهم جمعاً وسحرهم ويريد أن يغلبهم بذلك فلم يزل حي يقلبهم عن رأيهم حتى أجابوه وأخرجوا له كتاب العهد الذي كان بينهم وبين رسول الله فمزقه وقال: تجهزوا للقتال، ورجع إلى قريش وأخبرهم بنقض بني قريظة العهد ففرحوا بذلك وجاء نعيم بن مسعود إلى رسول الله وكان قد أسلم قبل قدوم قريش واليهود فأذن له فجاء إلى أبي سفيان وقال: بلغني أن محمداً قد وافق اليهود أن يدخلوا بين عسكركم ويميلوا عليكم ووعدهم أن يرد عليهم جناحهم الذي قطعه بنو النظير وقينقاع فلا يدخلوا عسكركم حتى تأخذوا منهم رهناً من الرجال لتأمنوا مكرهم وغدرهم، فقبل منه أبو سفيان ذلك وأخبر قريشاً فصمموا على أخذ الرهن من اليهود، وجاء نعيم إلى بني قريظة فقال لكعب: تعلم مودتي لكم وقد بلغني أن أبا سفيان قال نخرج هؤلاء اليهود ونضعهم في نحر محمد فإن ظفروا كان الذكر لنا دونهم وإن كانت علينا كانوا هؤلاء مقاديم الحرب فخذوا منهم رهناً عشرة من أشرافهم يكونون في حصنكم إن لم يظفروا بمحمد يردوا عليكم بين محمد وبينكم لئلا يغزوكم محمد ويقتلكم إن ولت قريش فقالوا: أحسنت وأبلغت في النصيحة لا نخرج حتى نأخذ منهم رهناً ولم يخرجوا.
الخندق في القرأن الكريم:

سورة الأحزاب (إِذْ جَاءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ القُلُوبُ الحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا هُنَالِكَ ابْتُلِيَ المُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً وَإِذْ يَقُولُ المُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً). منقول من موقع الموسوعة المعرفية