النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: نزول الرحمن!!.. حقيقة ولو كره المؤولون

  1. #1
    الصورة الرمزية يونايتد كوم
    Title
    نبض جديــد
    تاريخ التسجيل
    02- 2012
    المشاركات
    17

    نزول الرحمن!!.. حقيقة ولو كره المؤولون

    بقلم: الأستاذ هيثم بن عبد العزيز الحمري (البحرين)

    نزول الرحمن!!.. حقيقة ولو كره المؤولون!
    عندما يخيم الليل بظلامه، ويذهب ثلثاه، ويبقى ثلثه الأخير، يحدث أمر جليل عظيم، وحدث كبير جسيم؛ ففي تلك الساعات ينزل رب الأرض والسماوات إلى السماء الدنيا – نزولًا يليق بجلاله وعظمته سبحانه – وينادي: «من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟».


    نعم... يقرب رب العزة من عباده ليغفر للتائبين النادمين، ويعطي السائلين المحتاجين، ويستجيب لعباده المؤمنين.


    نعم... إنه الرحمن الرحيم الذي وسعت رحمته كل شيء، فهو أرحم بعباده من أهليهم ووالديهم، بل وحتى من أنفسهم. يتفقد عباده، ويقرب منهم، ليجيب دعائهم، ويكشف كربتهم، ويفرج همهم، ويقبل توبتهم.


    يقول نبينا : «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول: من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له» (أخرجه البخاري في كتاب التهجد باب الدعاء والصلاة من آخر الليل (1145)، ومسلم في كتاب الدعوات باب الدعاء نصف الليل ح168 (1/125))

    في هذا الحديث العظيم، يبين لنا النبي الكريم صفة عظيمة من صفات الله -عز وجل- وكل صفاته عظيمة كريمة – ألا وهي: (صفة النزول).


    ولنقف أيه الأحبة مع هذا الحديث الشريف، ومع هذه الصفة الكريمة لنعرف معناها وأدلتها وأقوال سلف الأمة فيها، ونكشف خطأ وضلال من أولها، أو حرفها، فضلا عمن أنكرها، أو جحدها، من أهل الزيغ والضلال.


    معناهــــا:
    اعلم أخي الحبيب أن النزول في اللغة كما يعرفه أهل العلم واللغة: هو حقيقة في إتيان الشيء ومجيئه من علو إلى سفل، ولا تعرف العرب غير هذا المعنى من لفظ النزول (انظر الصحاح (5/ 1829) وتهذيب اللغة (13/ 210) ولسان العرب (14 / 111))

    والقرآن والسنة إنما جاءا بلسان العرب ولغتهم، فلم يأتي النزول فيهما إلا بهذا المعنى، وهذا المعنى هو الذي يعرفه الناس بفطرتهم، ويرتكز في نفوسهم، وهو أول ما يتبادر إلى أذهانهم عند إطلاق هذا اللفظ.

    إذا علمت هذا؛ فاعلم أن نزول الله عز وجل الذي جاء في القرآن والسنة إنما هو نزول حقيقي يليق بجلالته وعظمته، وهو صفة من الصفات الفعلية التي يتصف الله عز وجل بها، ويفعلها كيف شاء، ومتى شاء، فهو سبحانه فعال لما يريد، وهو على كل شيء قدير.


    ثبوتها:

    أخي المسلم قد ثبتت صفة النزول في الأخبار النبوية المتواترة القطعية التي لا يبقى معها أي مجال للشك أو التردد، وقد جاءت في أصح كتابين بعد كتاب الله -عز وجل-، ألا وهما صحيح البخاري ومسلم اللذان أجمعت الأمة على قبولهما. وقد روى أحاديث النزول نحو ثمان وعشرين صحابيا (كما في مختصر الصواعق ص: ( 3 / 1108 ))، قال الإمام أبو بكر بن أبي داود –رحمه الله -:

    روى ذاك قوم لا يرد حديثهم *** ألا خاب قوم كذبوهم وقبحوا
    وقد أجمعت الأمة على إثبات هذه الصفة، وقد نقل الإجماع عليها أكثر من تسعة عشر إماما منهم: الأوزاعي، والترمذي، والدارمي، وابن سريج، والكرماني، ومحمد بن الحسن الشيباني، والصابوني، وابن عبد البر، وأبو نعيم وغيرهم الكثير.



    أنواع النزول الواردة:

    ثبت نزول الله -عز وجل- بأنواع مختلفة، منها النزول للسماء الدنيا كل ليلة في الثلث الأخير من الليل، والنزول للسماء الدنيا عشية عرفة، وليلة النصف من شعبان، والنزول لفصل القضاء وغيرها من الأنواع الثابتة في الكتاب والسنة.


    أوقات النزول : جاء في وقت النزول ست روايات وهي كالآتي:

    1) حين يبقى ثلث الليل الأخير، وهو الذي عليه أكثر الروايات.

    2) إذا ذهب ثلث الليل الأول. (رواه مسلم في ]صلاة المسافرين ح ( 172)[)

    3) إذا مضى ثلث الليل الأول أو نصف الليل. (رواه أحمد في ]مسنده ح ( 9591 )[)

    4) إذا مضى شطر الليل (أخرجه النسائي في ]عمل اليوم والليلة ح ( 482 )[) – أي نصفه-.

    5) النصف أو الثلث الأخير(أخرجه مسلم في ]صلاة المسافرين باب الترغيب في الذكر والدعاء في آخر الليل ح ( 170)[)

    6) الإطلاق بدون تقييد بزمن معين. (أخرجه ابن منده في ]الرد على الجهمية ص: (80)[من طريق محفوظ بن أبي توبة، ومحفوظ ذكره العقيلي في ]الضعفاء ( 4/ 267)[. وضعفه أحمد. انظر ]الميزان ( 3/ 444)[)


    وأما عن توجيه هذه الروايات فإننا نقول: أن المطلق منها يحمل على المقيد، وأما الروايات التي جاءت بـصيغة «أو» التي هي للشك فالمجزوم به مقدم على المشكوك فيه.


    وأما بقيه الروايات فقد اُختلف في الجمع بينها اختلافا كثيرا وأولى ما قيل فيها هو أن تسمية النزول في الثلث الأول نزولًا إنما هو من باب تسمية الشيء بمقدماته، فسمي نزولا لأنه من مقدمات النزول، ولأنه متصل به، كما أطلق سبحانه على وقت الزلزلة والرجفة المتصلة بيوم القيامة أنها يوم القيامة، فمقدمات الشيء ومبادئه كثيرا ما يسمى الشيء بها ، قال ابن القيم -رحمه الله- بعد ذكره هذا القول: «وهذا الوجه أقوى الوجوه». (مختصر الصواعق ص (3/ 1135))


    النبي يقول: «ينزل ربنا!!». وهم يقولون: لا ينزل ربنا.


    إن من العجيب أخي المؤمن أن يوجد هناك كثير ممن ينتسبون للإسلام ويتسمون باسم الإيمان، وهم مع ذلك ينكرون كثيرًا مما أثبته الله لنفسه، ويعطلونه عن معناه.



    نعم لقد قدم أهل الكلام عقولهم على كلام ربهم، وقدموا أهواءهم على سنة نبيهم، فجعلوا عقولهم القاصرة حكما على كلام من خلقهم، وخلق عقولهم، فلم تتصور عقولهم تلك الأسماء الحسنى، والصفات العلى، ولم يستطيعوا إدراكها لنقص في عقولهم، وضعف في إدراكهم مع تلبيس الشيطان عليهم، وإغوائه لهم، فقاموا بتأويل النصوص وتحريفها، وتعطيلها وتفويضها كما قال شاعرهم:

    وأي نص أوهم التشبيها *** أوله أو فوضه رم تنزيها


    وإن من أعظم الصفات التي أغاظت القوم، وضجت مضاجعهم صفة النزول، ورحم الله الإمام الدارمي عندما قال عن حديث النزول أنه: «أغيظ حديث للجهمية، وأنقض شيء لدعواهم» (نقض الدارمي على بشر المريسي ( 1/ 500)[)


    وذلك لأن إثبات هذه الصفة يعني هدم كل أصول الجهمية، وقواعدهم الفاسدة، وبراهينهم المتهاوية.

    وقد أنكر القوم هذه الصفة بشبهات زائفة، وأدلة متهاوية، وحجج داحضة، وسأذكر بإذن الله أبرز هذه الحجج التي يحتج بها القوم وأبين فسادها باختصار:-


    مجمل الشبهات والرد عليها:


    الشبهة الأولى: أن إثبات النزول لله -عز وجل- يلزم منه إثبات الحركة، وهي من صفات الأجسام.
    وهذه شبهة باطلة لأن ليس كل ما يتحرك فهو جسم، فالهواء يتحرك وليس بجسم، والأرواح تتحرك وليست بأجسام، والملائكة تتحرك والجن يتحركون وليسوا بأجسام، فبطل قولهم هذا.
    ثم إن الحركة لفظ مجمل يحتمل حقا وباطلا، وهم يريدون من نفيها معنى باطل، وهو نفي الفعل عن الله -عز وجل-، وفي الحقيقة أنهم هربوا بزعمهم من تشبيهه بالأجسام، فشبهوه والعياذ بالله بالجمادات التي لا تفعل ولا تتحرك.


    الشبهة الثانية: أن حديث النزول من أخبار الآحاد.
    وهذا باطل لما تقدم أنه من الأحاديث المتواترة بلا نزاع، ولو كان من الآحاد لما جاز لهم رده بهذه الحجة، فإنما هي حجة أهل البدع كما قال ابن العربي :: «ومن الناس من رد حديث النزول لأنه خبر واحد وهم المبتدعة» (عارضة الأحوذي (1/443))


    الشبهة الثالثة: أن القرآن قد ثبت أنه يجئ يوم القيامة ومجيئه كما هو معلوم مجيء ثوابه، فكما جاز تأويل مجيء القرآن، يجوز تأويل مجيء الرب ونزوله كذلك.

    وهذا أيضا ظاهر البطلان؛ لأن القرآن كلام والكلام لا يقوم بنفسه، ولا يجئ، ولا يتحرك بنفسه إلا أن يؤتى به، والله تعالى قائم بنفسه يفعل ما يشاء، وهو على كل شيء قدير.



    الشبهة الرابعة: أن النزول قد جاء في القرآن لغير معنى الإتيان من علو إلى سفل.

    وهذا باطل لأن القرآن قد جاء بلغة العرب، والعرب لم تستخدم لفظ النزول إلا بهذا المعنى، ولو احتمل لفظ النزول المجاز فماذا نفعل بالألفاظ الأخرى الثابتة التي جاءت في روايات مختلفة للحديث، كالهبوط، والتدلي، والدنو؟ وهذه الروايات لا تحتمل معنى آخر، وهي تدل دلالة واضحة على أن النزول في الحديث إنما هو على حقيقته، وأيضا ماذا نصنع بما جاء في بعض الروايات «ثم يصعد» وفي بعضها «ثم يرتفع» وفي بعضها «ثم يعلو»؟ أليست تدل أيضا على أن النزول على حقيقته؟ فكل هذه حجج دامغة، على رؤوس الجهمية الفارغة.

    وأما ما استدلوا به من أن النزول قد يأتي مجازا لغير معناه الحقيقي، فكلها استدلالات غير صحيحة، بل النزول باق على معناه الحقيقي فيها جميعا.

    فنزول الأنعام على ظاهره وهو نزولها من بطون أمهاتها، ومن أصلاب آبائها، وهذا نزول من علو إلى سفل، وذكر بعض أهل العلم أنه كما أنزل أصل الإنسان وهو آدم من السماء للأرض، فما المانع أن يكون أصل الأنعام أنزل مع أصل الأنام كذلك.

    وأما نزول السكينة والإيمان فهو أيضًا على حقيقته، فإن الله ينزلها من عنده إلى خلقه، وتنزل بها الملائكة على قلوب بني آدم.

    وأما نزول القرآن فهو أيضا على حقيقته فإن جبريل نزل به على النبي .

    وأما نزول الحديد فهو كذلك على ظاهره، لأنه ينزل من رؤوس الجبال كما هو معلوم، وقد أثبتت الحقائق العلمية اليوم أن أصل معدن الحديد ليس من كوكب الأرض بل من الفضاء الخارجي، وأنه من مُخلّفات الشهب والنيازك.

    وأما إنزال اللباس والريش فإنه ينزل من ظهور الأنعام، والأنعام أيضًا منزلة من البطون والأصلاب، فهو منزل من علو إلى سفل من الجهتين، وقيل: هو ما نزل من اللباس مع آدم وحواء ليكون مثالا لغيره.


    الشبهة الخامسة: أن الليل يختلف باختلاف البلدان والفصول فقد يكون عند قوم أول الليل، وعند آخرين نصفه، وعند آخرين ثلثه الآخر، وعند قوم لا زال النهار طالعا، فكيف ينزل عند هؤلاء وعند هؤلاء؟.


    وهذه الشبهة هي أكبر شبه القوم التي يدندنون عليها، ويحومون حواليها، والقوم إنما جاءتهم هذه الشبهة، لأنهم تخيلوا أن نزول الله -عز وجل- من جنس نزول خلقه، فكما أنك لو نزلت من على السطح إلى الأرض فإن السطح يصير فوقك، ويصبح السطح خاليا، فكذلك ظنوا أنه يلزم من نزول الله -عز وجل- للسماء الدنيا أن يكون العرش خاليا، وكما أنه لا يستطيع الإنسان أن يكون في البيت وفي السوق وفي المسجد وفي العمل في وقت واحد، ظنوا أن الله -عز وجل- لا يمكنه أن ينزل عند هؤلاء وهؤلاء وهؤلاء، كل في ثلث ليلهم الآخر، وهو مع ذلك فوق عرشه في وقت واحد.


    وإن عجبت أخي الفاضل فحق لك أن تعجب... كيف ساغ لهؤلاء القوم أن يقيسوا ربهم العلي القدير بالمخلوق الضعيف الحقير؟! كيف جوزت لهم عقولهم أن يقيسوا الخالق بالمخلوق؟ وأن يقيسوا رب الأرباب بالتراب؟ وأن يقيسوا خالق الأرض والسماوات بغيره من المخلوقات؟! إن هذا لشيء عجاب.


    لقد نسي هؤلاء القوم أو تناسوا أنه الله الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.

    لقد نسوا أو تناسوا أنه على كل شيء قدير.

    لقد نسوا أو تناسوا أنه تعالى «ليس كمثله شيء وهو السميع البصير».


    • وأما عن جواب هذه الشبهة مفصلا فأوجزه لك في هذه النقاط:


    أولًا: اعلم أخي وفقك الله أن الله -عز وجل- هو الذي خلق هذا الكون، وهو الذي خلق الأزمنة والأمكنة والقوانين المنظمة التي تحكم البشر وتسيرهم، أما هو -عز وجل- فلا تحكمه هذه الأزمنة والأمكنة، ولا تحكمه هذه النظريات والأنظمة فهو خالقها وواضعها ومنشئها -عز وجل-، فهو يحكم عليها ولا تحكمه فتبارك الله أحسن الحاكمين.


    ثانيا: أن الله عز وجل لا يشبه خلقه في شيء من صفاته، ولا يعلم أحد كنه ذاته، ولا كيفية صفاته، فهو سبحانه ينزل ولا نعلم كيف ينزل، ولكننا نعلم أن نزوله ليس كنزول البشر، كما أن سمعه ليس كسمعهم، وبصره ليس كبصرهم، وحياته ليست كحياتهم، وقدرته ليست كقدرتهم، وإنما تتأتى هذه الشبه إذا علمنا أن نزوله عز وجل كنزول المخلوقين، أما ونحن لا نعلم كيفيه نزوله، ونعلم أن نزوله غير نزول المخلوقين لأنه ليس كمثله شيء، فلا يمكننا أن نقول مثل هذه الأقوال، ولا أن نورد مثل هذا الإشكال.


    ثالثا: أن نزول الله عز وجل ليس من جنس نزول عباده، ولا يعلم كيفيته إلا هو، فهو ينزل للسماء الدنيا وهو فوق عرشه، ولا يمتنع في حق الله -عز وجل- وعظيم قدرته أن ينزل في وقت واحد لخلق كثير فينزل لهؤلاء وهؤلاء وأولئك، أليس الله على كل شيء قدير؟!.


    ولتتضح لك الصورة أخي الموفق فهذه أمثله أضعها بين يديك توضح لك الصورة:


    • أليس الله -عز وجل- يحاسب الخلق كلهم في ساعة واحدة، وكل منهم يخلو به ويكلمه في ساعة واحدة، لا يشغله حساب هذا عن ذاك ولا ذاك عن هذا؟.



    • أليس الله -عز وجل- يرزق الناس في كل وقت وكل حين، فيرزق في الساعة الواحدة خلقا كثيرا لا يشغله رزق هذا عن رزق ذاك ولا رزق ذاك عن رزق هذا؟.



    • أليس الله -عز وجل- يسمع ويرى كل شيء حتى دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء، فهو في الساعة الواحدة يرى جميع خلقه في السماوات والأرض، ويسمع كلام الخلق كلهم على اختلاف لغاتهم في آن واحد، لا يشغله سمع عن سمع، ولا نظر عن نظر؟.


    فكما يفعل الله -عز وجل- ذلك كله، فهو كذلك ينزل إلى سماء أهل كل بلد في ثلث ليلهم الآخر، لا يشغله شأن عن شأن، ولا حال عن حال، سبحانه هو العظيم المتعال، وكما قال الفضيل بن عياض :: «إذا قال لك الجهمي: أنا كفرت برب ينزل. فقل له: أنا أؤمن برب يفعل ما يشاء» (رواه البخاري في خلق أفعال العباد (46) وابن بطه في الإبانة الكبرى (3/205). واللالكائي في شرح الاعتقاد (3/502))


    رابعًا: ونضرب هنا بعض الأمثلة مما خلقه الله -عز وجل- من مخلوقاته يتضح بها المقال، ويزول بإذن الله الإشكال:

    المثال الأول: الروح لا تزال في بدن العبد ليلًا ونهارًا، ولا تخرج من جسد الإنسان إلا بعد موته، ومع ذلك فهي في وقت النوم تعرج إلى السماء وهي في الوقت نفسه لم تفارق البدن لأنها لو فارقته لمات فهي في السماء وفي البدن في وقت واحد، وكذلك فهي أيضًا تصعد من الساجد في وقت سجوده، وتقرب من الله -عز وجل- مع بقاءها في جسده.

    المثال الثاني: أرواح الشهداء تسرح في الجنة حيث شاءت، وهي مع ذلك تسمع سلام المسلم عليها عند قبرها، وتدنو حتى ترد عليه السلام.

    المثال الثالث: النبي يقول: «ما من مسلم يسلم علي إلا رد الله علي روحي فأرد عليه» (رواه أبو داود في سننه (2043)) ففي هذا الحديث أن الله يرد عليه روحه كل ما سلم عليه مسلم، ويرد النبي على كل من سلم عليه، ولك أن تتخيل كم هم الذين يصلون على النبي في الوقت الواحد، والساعة الواحدة، بل وفي الدقيقة الواحدة، ومع هذا فهو يرد على الجميع لا يشغله الرد على هذا عن الرد على غيره.


    المثال الرابع: كل إنسان يجد نفسه تقرب من نفوس كثير من الناس وتميل إليها في الوقت نفسه من غير أن يصرفها قربها لهذا عن قربها لهذا.


    المثال الخامس: الشمس جسم واحد متحرك بحركة واحدة متناسبة لا تختلف، وبهذه الحركة الواحدة تكون طالعة على قوم، وغاربة عند آخرين، وقريبة من قوم، وبعيده عن آخرين، ويكون عند قوم منها ليل وعند قوم نهار، وعند قوم شتاء، وعند قوم صيف، وعند قوم حر، وعند قوم برد، فهذه حركة واحدة من مخلوق واحد يكون عنها ليل ونهار في وقت واحد وشتاء وصيف وحر وبرد في وقت واحد.


    فإذا كانت هذه المخلوقات قادرة على فعل مثل هذه الأمور المذكورة في وقت واحد، فكيف يمتنع على خالق كل شيء الواحد القهار أن ينزل على قوم في ثلث ليلهم الأخير، وينزل على آخرين في ثلثهم الأخير، ولا يشغله شأن عن شأن، سبحانه هو الواحد القهار؟!.

    ولكن صدق الله عز وجل عندما قال: «وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سبحانه وَتعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ» [ الزمر:67 ].


    خامسًا: إنما زين الشيطان لهؤلاء القوم هذه الشبهة لأنهم أقحموا عقولهم القاصرة في الغيبيات، وكان الواجب على المؤمن أن يصدق بما جاء به الله ورسوله من أمور الغيب، ويسلم لها سواء أدركها العقل القاصر أم لم يدركها، وهذا هو موجب الإيمان بالله -عز وجل-، وتصديق أخباره، وهذا هو الفارق بين المؤمن والكافر، فالكافر لم يصدق الله -عز وجل- فيما أخبر به من الأمور الغيبية، ولم يؤمن بها، لأن عقله لم يتصورها، فلم ينكر كفار قريش البعث والنشور إلا لأن عقولهم لم تتصوره، فإذا رد المؤمن قول الله ورسوله لأن عقله لم يتصوره، فما الفرق بينه وبين هؤلاء؟! قال حماد بن أبي حنيفة :: «أرأيتم من أنكر أن الملك – أي الملائكة- لا يجيء صفا صفا، ما هو عندكم؟ قالوا: كافر مكذب.

    قلنا: فكذلك من أنكر أن الله -سبحانه- لا يجيء فهو كافر مكذب». (رواه الصابوني في]عقيده السلف أصحاب الحديث ص: (64)[)


    الشبهة السادسة: لقد تكلف القوم في رد حديث النزول وأولوه بتأويلات لا تستقيما شرعًا ولا عقلًا:


    فقالوا المراد بالنزول نزول رحمته أو المراد نزول ملك من الملائكة وهذه التأويلات باطلة ومن وجوه عديدة أكتفي بذكر بعضها في هذا المقام:


    1. قوله : «ينزل ربنا»، فنسب النبي r النزول إلى لله -عز وجل- ولم يقل ينزل الملك، ولم يقل تنزل رحمته، وهو أفصح الخلق وأعلمهم بالله -عز وجل-.
    2. أن ألفاظ الحديث ترفض هذا التأويل بتاتًا ولا تحتمله، ومنها ما جاء من قوله: ((أنا الملك أنا الملك من ذا الذي يدعوني فاستجيب له...)) فهل الملائكة تقول هذا؟ وهل الرحمة تقول مثل هذا؟؟.

    وقوله: «من ذا الذي يدعوني فاستجيب له». وقوله: «لا اسأل عن عبادي أحدا غيري» فهل يستطيع الملك أن يقول هذا أم أن الرحمة هي التي قالت هذا؟!.

    1. أن رحمه الله -عز وجل- وملائكته لا يزالان ينزلان ليلًا ونهارًا، ولا يختص نزولهما بالثلث الأخير من الليل فقط كما هو في الحديث.
    2. أن الحديث جاء مخصصًا للنزول بأنه للسماء الدنيا فقط، فإذا كانت الملائكة، وكانت الرحمة لا تنزل إلا إلى السماء الدنيا، ثم تصعد ولا تنزل إلى الأرض، فما الفائدة منها ومن نزولها إذا؟.

    أخيرًا أخي المسلم

    كريم هو ربنا، ينزل إلى السماء الدنيا لأجل مستغفر يغفر له، أو سائل يعطيه، أو داع يستجيب له، فهنيئا لمن قام بين يدي ربه عند نزوله في الثلث الأخير، مشتاقا لمخاطبته، ومناجته، ودعاءه، ولقاءه قال النبي : «مَن أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ» والمحروم من حرم هذا والله المستعان.

    تنبيه: تم تلخيص الموضوع من الكتب التالية، فمن أراد التوسع في المسألة فعليه بكتاب]الرد على الجهمية للإمام الدارمي[، وشرح]حديث النزول[ و]بيان تلبيس الجهمية[لشيخ الإسلام ابن تيميه، و]مختصر الصواعق المرسلة[ لابن القيم، وكتاب ]صفة النزول الإلهي ورد الشبهات حولها[ لعبد القادر الجعيدي وهو أفضل وأوسع كتاب في بابه، ومعظم البحث مستفاد من هذه الكتب فلتراجع. منقول من الصحيفة الصادقة



    وصلى الله على محمد وعلى اله وصحبه وسلم.

  2. #2

    رد: نزول الرحمن!!.. حقيقة ولو كره المؤولون

    نزل الله جل جلاله اخي الكريم ليس المقصود نزوله كما ذكر
    وانما هي نزول رحماته تعالى وعفوه وبركاته ومغفرته
    فان نحن كنا بليل فعند الاخرين نهار
    فمن يدير الكون ان تنزل تعالى من علاه
    والله سبحانه محيط بكل شيء
    ( لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار وهو اللطيف الخبير )

  3. #3
    الصورة الرمزية هيام الحب
    Title
    مشرفة منتدى
    تاريخ التسجيل
    12- 2010
    المشاركات
    8,392

    رد: نزول الرحمن!!.. حقيقة ولو كره المؤولون

    على رسول الله افضل الصلاة واتم التسليم

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML