المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العراق... أزمات ووساطات وتدخلات



جعفر الخابوري
07 - 05 - 2012, 11:26
العراق... أزمات ووساطات وتدخلات



شبكة النبأ: لاتزال الازمات والخلافات السياسية قائمة بين الكتل والاحزاب العراقية والتي باتت تؤثر بشكل مباشر على حياة المواطن العراقي، ويرى بعض المراقبين ان الاهتمامات والمصالح الحزبية الضيقة قد اسهمت بشكل كبير بتجاهل معاناة الشارع العراقي الذي تأثر كثيرا من تلك الخلافات التي لا يبدو ان لها نهاية لكونها خلافات تسقيط وسيطرة والتي باتت معروفة لدى ابسط مواطن عراقي الذي بدأ يعي ان شعارات الامس لم تكن سوى كلمات كاذبة استخدمت لخداعة، لكنه وبرغم مما تقدم لايزال يتأمل ان يكون في اولويات قوائم ساسته المنتخبين.

وفي هذا الشأن دعا كبار قادة العراق عقب اجتماع مطول في اربيل ، غاب عنه رئيس الوزراء نوري المالكي ، الى تفعيل "آليات الديموقراطية" في ادارة شؤون البلاد. واجتمع الرئيس العراقي جلال طالباني والزعيم الشيعي مقتدى الصدر ورئيس اقليم كردستان العراق مسعود بارزاني ورئيس البرلمان اسامة النجيفي وزعيم قائمة "العراقية" اياد علاوي لمدة ثلاث ساعات ونصف الساعة. وانعقد اللقاء المفاجئ في مقر حزب الاتحاد الوطني الكردستاني في اربيل (320 كلم شمال بغداد). واعلن فؤاد حسين رئيس ديوان رئاسة اقليم كردستان للصحافيين ان اللقاء دعا الى "تعزيز العملية الديموقراطية وتفعيل آليات الديموقراطية في ادارة شؤون البلاد وتجنيبها المخاطر التي تستهدفها".

واكد اللقاء على "ضرورة البحث في السبل الكفيلة في تفكيك الازمة التي بات استمرارها يشكل خطرا داهما على المصالح الوطنية العليا". وجاء الاجتماع الموسع الذي انعقد بغياب المالكي، في وقت يشهد العراق منذ انسحاب القوات الاميركية نهاية العام الماضي ازمة سياسية على خلفية اتهامات يوجهها خصوم المالكي له بالتفرد بالسلطة.

واتسعت مؤخرا حدة الجدل بين المالكي وبارزاني، ووصلت العلاقات بينهما للمرة الاولى الى مستوى شديد التوتر. واتهم بارزاني المالكي الذي يتولى رئاسة الوزراء منذ ايار/مايو 2006، في مناسبات عدة ب"الديكتاتورية" والتفرد بالسلطة، فيما اتهمت بغداد اربيل بتهريب النفط من حقولها في الاقليم الى ايران وافغانستان. وكان مسؤولون في التيار الصدري اعلنوا ان مقتدى الصدر، الذي يزور اربيل ، بحث في اقليم كردستان مسالة عدم التجديد لولاية ثالثة للمالكي، واكد في الوقت ذاته معارضته اسقاط الحكومة الحالية.

الصدر وسيط لحل الخلاف

ويذكر ان مسؤولون في التيار الصدري قد اعلن ان الزعيم الشيعي مقتدى الصدر بحث في اقليم كردستان مسالة عدم التجديد لولاية ثالثة لنوري المالكي، واكد في الوقت ذاته معارضته اسقاط الحكومة الحالية. وقال ضياء الاسدي الامين العام لكتلة الاحرار (40 نائبا من بين 325) ان الصدر بحث اثناء زيارته الى الاقليم الكردي حيث التقى الرئيس العراقي جلال طالباني ورئيس الاقليم مسعود بارزاني "عدم التجديد لولاية ثالثة لرئيس الوزراء نوري المالكي".

واضاف وزير الدولة السابق والقيادي في تيار الصدر انه تم بحث هذه المسالة "باعتبار ان رئيس الوزراء هو من دعا الى ذلك وهو من دعا رئاسة الوزراء الى اصدار قانون يصب في هذا الاتجاه". وتابع ان "سماحة السيد اكد في خلال الزيارة على ان التيار الصدري يقف على مساحة واحدة من جميع الاطراف وهو يدعو الى دعم الحكومة الحالية وعدم اسقاطها شريطة ان يشارك فيها جميع العراقيين".

من جهته اكد مصدر رفيع المستوى في التيار الصدري انه "لم يكن هناك اتفاق حول مسالة عدم التجديد خلال الزيارة الى كردستان، لان هذه المسالة تحتاج الى سن قانون يشرع في البرلمان العراقي". وذكر ان "رئيس الوزراء كان قد اعلن في اكثر من مناسبة عن نيته لعدم الترشح لولاية ثالثة داعيا الى تحديد ولاية رئاسة الوزراء بدورتين".

وقد قدم مقتدى الصدر الذي يعد تياره جزءا من تحالف نيابي يضم كتلة المالكي، نفسه اثناء الزيارة كوسيط في الخلاف المستفحل بين المالكي وبارزاني، وهو خلاف ناقشه الصدر مع المسؤولين الاكراد، وقال الصدر "جئت حتى اسمع اراء القيادات الكردية وتوجهاتها لانني في الحقيقة من دعاة التقرب الى الشعب"، مشيرا الى انه التقى في وقت سابق المالكي في ايران. واضاف "يجب على الجميع ان ينظروا الى المصلحة العامة ووحدة الشعب العراقي وارجو من الجميع ان يكونوا على قدر من المسؤولية"، داعيا الى "تقديم مصالح العراق على المصالح الطائفية والعرقية والحزبية".

وكان الصدر دعا المالكي في منتصف نيسان/ابريل الماضي الى "العمل لصالح العراق وليس لصالح حزب او شخص"، معتبرا ان توليه لعدة مسؤوليات امر "يدعو للقلق"، علما ان الزعيم الشيعي سبق وان اتهم رئيس الحكومة بالدكتاتورية في شباط/فبراير. وقرا الصدر امام الصحافيين ورقة تحتوي على 18 نقطة تهدف الى حلحلة الازمة السياسية، ابرزها "الغاء سياسة التهميش والاقصاء"، معتبرا ان "الاقلية جزء مهم في الساحة العراقية ويتوجب اشراكهم في بناء العراق سياسيا واقتصاديا وامنيا". واكد الصدر على ان "نفط العراق لشعب العراق ولا يحق لاحد التصرف به دون الاخر"، في اشارة محتملة الى الاتهامات الموجهة للاكراد بتهريب النفط، معتبرا انه "من الضروري تخفيف اللهجة الاعلامية التصعيدية". وطالب كذلك "بالسعي لانهاء المناصب الامنية والوزارات والهيئات الشاغرة"، في اشارة خصوصا الى وزارتي الدفاع والداخلية اللتين يسيطر عليهما المالكي وسط عجز قادة البلاد عن اختيار وزيرين لهما بسبب الازمة السياسية.

وشدد الصدر على ان العراق يجب ان "يحظى بعلاقات طيبة مع دول الجوار ونرفض التدخل الخارجي من اي دولة كانت"، وذلك بعد ايام من قول رئيس الوزراء التركي رجب اردوغان عقب لقائه بارزاني ان في العراق تمييز بحق السنة. كما تضمنت النقاط التي عددها الصدر مطالبة للسلطات العراقية بالوقوف "مع الشعوب العربية المظلومة لا سيما في البحرين وسوريا".

وكان المتحدث باسم التيار الصدري صلاح العبيدي قال في مؤتمر صحافي في بغداد ردا على سؤال حول زيارة الصدر الى اربيل "وجهت الى السيد (الصدر) دعوة لهذه الزيارة واستجاب لها".

وذكر العبيدي ان "الازمة تدعو الى تحرك من هذا القبيل من اجل حلحلة الاوضاع"، مشيرا الى ان "السيد (الصدر) يحاول ان تكون كتلة الاحرار (النيابية) وهو شخصيا في الوسط والا تحسب على طرف". وتابع "لا يوجد ملف محدد يحمله" مقتدى الصدر، مشيرا الى ان "احد اهداف الزيارة حلحلة الازمة". بحسب فرانس برس.

وذكر بيان نشر على موقع الرئاسة العراقية ان الرئيس جلال طالباني استقبل الصدر في اربيل بحضور بارزاني وقياديين اكراد آخرين بينهم رئيس حكومة الاقليم نيجيرفان بارزاني. واوضح البيان ان طالباني رحب بالصدر "ترحيبا حارا بمناسبة زيارته التاريخية لاقليم كردستان، متمنيا ان تسهم هذه الزيارة في اتجاه ايجاد مخرج للازمة الراهنة التي تواجه البلاد". وقد نوقشت خلال اللقاء "السبل الكفيلة بتذليل العقبات وحل المشاكل العالقة بين الكتل السياسية". وبحسب البيان، اكد المجتمعون على "ضرورة وضع برنامج وطني شامل تتغلب فيه المصالح العليا للشعب العراقي على كل الاعتبارات الحزبية والطائفية".

طائرات اف 16

على صعيد متصل وبرغم من التغير السياسي المهم الذي شهدة العراق لايزال الاكراد متخوفون من تسليح الجيش العراقي الجديد فقد اعلن رئيس اقليم كردستان العراق مسعود بارزاني انه يعارض بيع الولايات المتحدة طائرات اف 16 الى بغداد في الوقت الذي لايزال رئيس الوزراء نوري المالكي في السلطة، وذلك خشية ان يستخدمها ضد الاكراد. وقال بارزاني في لقاء مع عدد من الصحافيين لاطلاعهم على نتائج زيارته الى واشنطن وانقرة "يجب الا تصل طائرات اف 16 الى يد هذا الشخص (المالكي)".

واضاف "اما العمل على منع وصولها اليه لينفذ ما يجول في ذهنه ضد الكرد، او يجب ان يكون خارج السلطة حال وصولها". والتقى بارزاني بالرئيس الاميركي باراك اوباما خلال زيارته التي قام بها الى واشنطن. وكانت واشنطن وافقت على بيع 36 مقاتلة 16 في عقد شراء يكلف عدة ملايين الدولارات.

واتسعت حدة الجدل بين اقوى زعيمين في العراق، ووصلت العلاقات بينهما للمرة الاولى الى مستوى شديد التوتر. واتهم بارزاني المالكي في عدة مناسبات ب"الدكتاتورية" والتفرد بالسلطة فيما اتهمت بغداد اربيل بتهريب النفط من حقولها في الاقليم، الى ايران وافغانستان. ويقول بارزاني ان خشيته مبنية على اساس لقاء جمع المالكي بعدد من قياداته الامنية تناول الخلافات بين بغداد والاقليم "وطلب خلاله عدد من الضباط الضوء الاخضر لطرد الاكراد خارج اربيل ومصيف صلاح الدين (مقر اقامة بارزاني)، واجابهم المالكي +انتظروا لحين وصول طائرات اف 16+" بحسب قوله.

المالكي يدافع

في السياق ذاته دافع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي عن اسلوب حكمه امام الاتهامات الموجهة له بالتفرد بالسلطة، وقال المالكي في مؤتمر عشائري في بغداد ان "العراق لا يتحمل حكم الشخص الواحد والديكتاتور الواحد والطاغية الواحد والحزب الواحد والقومية الواحدة شاهدتم كيف تنتقل السلطة". واضاف "اذا كانت بقايا النظام السابق لا تؤمن بهذا الانتقال من منطلقات مبادئ والتزامات ورؤى يريدون فرضها على الناس، انا اقول انتهى هذا لا يمكن ان يفرض على الناس الا ما تفرضه صناديق الانتخابات ويمليه الدستور". وبدا المالكي وكانه يرد على اتهامات خصومه السياسيين له بالتفرد بالسلطة، خصوصا على خلفية قضية توقيف رئيس مفوضية الانتخابات فرج الحيدري التي تشكل فصلا جديدا في الازمة السياسية التي تعيشها البلاد منذ نهاية العام الماضي.

من جهة اخرى اعلن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في مقابلة صحافية انه حاول "منع تهريب النفط" من اقليم كردستان، لكن "معركة كادت تحصل" مع قوات كردية. وقال المالكي في المقابلة مع صحيفة "اوينة" الكردية المستقلة "عرضت على احد المسؤولين الكرد صورا لصهاريج النفط التي تهرب من حقول". واضاف "لما اردنا منعه (التهريب) بأرسال فوج لحماية الابار من التهريب كادت تحصل معركة مع قوات قدمت من الاقليم". وكان نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني اتهم في وقت سابق اقليم كردستان بتهريب النفط الى ايران والى افغانستان بدلا من تسليمه الى الحكومة الاتحادية لتصديره. من جهة اخرى، نفى المالكي اتهامات مسؤولين في اقليم كردستان، الذي يتمتع بحكم ذاتي، له بالسيطرة على القوات الامنية وتهميش الاكراد فيها. بحسب فرنس برس.

وقال "هل تعلمون ان قائد القوة الجوية ورئيس الاركان ومدير الاستخبارات والامن في الدفاع ومعاون رئيس الاركان للتدريب ووكيل وزير الداخلية للاستخبارات وقيادة الفرقة الثالثة والرابعة وقيادة عمليات بغداد الرصافة كلهم من الاخوة الكرد؟". وتابع "هذا الواقع يقابله العكس تماما حيث لا تملك الحكومة الاتحادية اي معلومة او دخل او اشراف على اي رجل امن ولا على السياسة الامنية، اليس (اقليم) كردستان جزء من العراق ومشمول بالدستور؟". يذكر ان العراق يشهد منذ نهاية العام الماضي ازمة سياسية بين رئيس الوزراء ومعارضيه وقوى سياسية اخرى يتهمونه بالتفرد بالسلطة.

تركيا وسط الخلاف

على صعيد متصل رفض رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان اتهامات بانه يسعى لإشعال الخلافات الطائفية في العراق بانتقاد حكومته في الآونة الاخيرة واتهم نظيره العراقي بمحاولة كسب "نفوذ" في حرب كلامية متصاعدة بين البلدين الجارين. وزادت سخونة الخلاف عندما اتهم اردوغان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بالتصرف "بأنانية" وبإثارة التوترات بين الشيعة والسنة والاكراد في العراق وسط ازمة دستورية في بغداد.

ووصف المالكي بدوره تركيا بانها "دولة معادية" وقال في بيان على موقعه على الانترنت ان تصريحات اردوغان تمثل عودة اخرى الى التدخل الصارخ في الشؤون الداخلية للعراق. وقال اردوغان للصحفيين في تصريحات بثتها قناة (ان تي في) الاخبارية التلفزيونية "اننا لا نفرق بين السنة او الشيعة او العرب او الاكراد او التركمان انهم جميعا اشقاؤنا. "اذا كنا نرد على السيد المالكي فأننا نعطيه الفرصة للاستعراض. لا يوجد ما يدعو للسماح له بكسب نفوذ."

وتعد تركيا التي تقطنها اغلبية سنية حليفا رئيسيا بل ونموذج يحتذى به بالنسبة للعراق بسبب دستورها العلماني وعلاقاتها الوثيقة مع الغرب بما في ذلك عضويتها في حلف شمال الاطلسي.

والعراق ثاني اكبر شريك تجاري لتركيا بعد المانيا حيث وصل حجم التجارة العام الماضي الى 12 مليار دولار اكثر من نصفها كان مع منطقة كردستان شبه المستقلة.

وتتهم بغداد انقرة بين الحين والاخر بالتدخل في شؤونها منذ الغزو الذي قادته امريكا عام 2003. ووجهت ايضا اتهامات للسعودية وايران وسوريا بزعزعة استقرار جارهم العراق. وجاء تبادل التصريحات اللاذعة بين المالكي وأروغان بعد ان التقى اردوغان مع مسعود البرزاني رئيس المنطقة الكردية الذي يقيم علاقات وثيقة مع الحكومة التركية.

والتقى اردوغان ايضا مع طارق الهاشمي نائب الرئيس العراقي السني الذي فر من العراق في ديسمبر كانون الاول بعد اصدار امر باعتقاله مما اثار الازمة السياسية الحالية في بغداد. والهاشمي مطلوب بتهمة ادارة فرق اعدام. وتدخلت وزارة الخارجية التركية في النزاع واصدرت بيانا قال ان تركيا ليس لديها نية التدخل في العراق او الشؤون الداخلية لأي دولة مجاورة. واضافت في بيان ان "اساس الازمة السياسية التي يجد العراق نفسه فيها هي ان الساسة العراقيين يسعون لتعزيز السلطة واستبعاد الاخرين وليس (اتباع) سياسات تقوم على اساس المبادئ الديمقراطية والشاملة. بحسب رويترز.

"انها لحقيقة انه يمكن ايجاد هذا المفهوم الخاطئ للسياسات وراء المفاهيم الخاطئة التي ادت الى توجيه اتهامات ضد تركيا بالتحريض على الازمة في العراق من قبل رئيس الوزراء المالكي وقال البيان ايضا ان تركيا تسعى لإقامة علاقات ودية مع جيرانها ما داموا لا يشكلون عقبات . وحذر اردوغان من قبل ان تركيا لن تبقى صامتة اذا اندلع صراع طائفي في العراق.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 2/آيار/2012 - 10/جمادى الآخر/1433