المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بكم تشتري هذه الحكمة .. جميل جدا‎



هيام الحب
22 - 01 - 2012, 16:21
بكم تشتري هذه الحكمة .. جميل جدا‎



بَسْ دقيقة





كنت أقف منتظراً دوري أمام شباك التذاكر لأشتري بطاقة سفر بالحافلة إلى مدينة تبعد حوالي 330كم



وكانت أمامي سيدة ستينية تحول بيني وبين شباك التذاكر وطال حديثها مع الموظفة التي قالت لها في لنهاية: الناس ينتظرون،أرجوكِ تنحّي جانباً


فابتعدت المرأة خطوةواحدة لتفسح لي المجال، وقبل أن أشتري بطاقتي سألت الموظفة عن المشكلة، فقالت ليبأن هذه المرأة معها ثمن بطاقة السفر وليس معها يورو واحد قيمة بطاقة دخول المحطة،وتريد أن تنتظر الحافلة خارج المحطة وهذا ممنوع.



قلتُ لها: هذا يورو وأعطها البطاقة. وتراجعتُ قليلاً وأعطيتُ السيدة مجالاً لتعود إلى دورها بعد أن نادتها الموظفةمجدداً


اشترت السيدة بطاقتها ووقفت جانباً وكأنها تنتظرني، فتوقعت أنها تريد أن تشكرني، إلا أنها لم تفعل، بل انتظرتْلتطمئن إلى أنني اشتريت بطاقتي وسأتوجه إلى ساحة الانطلاق، فقالت لي بصيغة الأمر: احمل هذه... وأشارت إلى حقيبتها


كان الأمرغريباً جداً بالنسبة لهؤلاء الناس الذين يتعاملون بلباقة ليس لها مثيل. بدون تفكيرحملت لها حقيبتها واتجهنا سوية إلى الحافلة،


ومن الطبيعي أن يكون مقعدي بجانبها لأنها كانت قبلي تماماً في الدور


حاولت أن أجلس من جهة النافذة لأستمتع بمنظر تساقط الثلج الذي بدأ منذ ساعة إلا أنه بدأ يمحو جميع ألوان الطبيعة معلناًبصمته الشديد: أنا الذي آتي لكم بالخير وأنا من يحق له السيادةالآن


لكن السيدة منعتني وجلستْ هي من جهةالنافذة دون أن تنطق بحرف


فرحتُ أنظر أمامي ولا أعيرها اهتماماً، إلى أن التفتتْ إلي تنظر في وجهي وتحدق فيه، وطالت التفاتتها دون أن تنطق ببنت شفة وأنا أنظر أمامي، حتى إنني بدأت أتضايق من نظراتها التي لاأراها لكنني أشعر بها فالتفتُ إليها. عندها تبسمتْ قائلة: كنت أختبر مدى صبرك وتحملك


صبري على ماذا؟


على قلة ذوقي،أعرفُ تماماً بماذا كنتَ تفكر


لا أظنك تعرفين، وليس مهماً أن تعرفي


حسناً، سأقول لك لاحقاً، لكن بالي مشغول كيف سأرد لك الدين


الأمر لا يستحق، لا تشغلي بالك


عندي حاجة سأبيعها الآن وسأرد لك اليورو، فهل تشتريها أم أعرضها على غيرك؟


هل تريدين أن أشتريها قبل أن أعرف ماهي؟


- إنها حكمة. أعطني يورو واحداً لأعطيك الحكمة


وهل ستعيدين لي اليورو إن لم تعجبني الحكمة؟


لا فالكلام بعد أن تسمعه لا أستطيع استرجاعه، ثم إن اليورو الواحد يلزمني لأنني أريد أن أرد به دَيني


أخرجتُ اليورو من جيبي ووضعته في يديهاوأنا أنظر إلى تضاريس وجهها


لا زالت عيناهاتلمعان كبريق عيني شابة في مقتبل العمر، وأنفها الدقيق مع عينيها يخبرون عن ذكاءثعلبي، مظهرها يدل على أنها سيدة متعلمة، لكنني لن أسألها عن شيء، أنا على يقين أنها ستحدثني عن نفسها فرحلتنا لا زالت في بدايتها، أغلقت أصابعها على هذه القطعةالنقدية التي فرحت بها كما يفرح الأطفال عندما نعطيهم بعض النقود وقالت: أنا الآن متقاعدة، كنت أعمل مدرّسة لمادةالفلسفة، جئت من مدينتي لأرافق إحدى صديقاتي إلى المطار. أنفقتُ كل ما كان معي وتركتُ ما يكفي لأعود إلى بيتي، إلا أن سائق التكسي أحرجني وأخذ مني يورو واحدزيادة، فقلت في نفسي سأنتظر الحافلة خارج المحطة، ولم أكن أدري أنه ممنوع


أحببتُ أن أشكرك بطريقة أخرى بعدمارأيت شهامتك، حيث دفعت عني دون أن أطلب منك. الموضوع ليس مادياً. ستقول لي بأن المبلغ بسيط، سأقول لك أنت سارعت بفعل الخير ودونما تفكير.


قاطعتُ المرأة مبتسماً: أتوقع بأنك ستحكي لي قصة حياتك، لكن أين البضاعة التي اشتريتُها منكِ؟ أين الحكمة؟


- "بَسْ دقيقة"


سأنتظردقيقة


لا، لا، لا تنتظر. "بَسْ دقيقة"... هذه هي الحكمة


ما فهمت شيئاً


لعلك تعتقد أنك تعرضتَ لعمليةاحتيال


ربما


سأشرح لك: "بس دقيقة"، لا تنسَ هذه الكلمة. في كل أمر تريد أن تتخذ فيه قرارا


عندما تفكر به وعندما تصل إلى لحظةاتخاذ القرار أعطِ نفسك دقيقة إضافية، ستين ثانية


هل تعلم كم من المعلومات يستطيع دماغك أن يعالج خلال ستين ثانية في هذه الدقيقة التي ستمنحها لنفسك قبل إصدار قرارك قد تتغير أموركثيرة


ولكن بشرط


وما هو الشرط


أن تتجرد عن نفسك، وتُفرغ في دماغك وفي قلبك جميع القيم الإنسانية والمثل الأخلاقية دفعة واحدةوتعالجها معالجة موضوعية ودون تحيز، فمثلاً: إن كنت قد قررت بأنك صاحب حق وأن الآخرقد ظلمك


فخلال هذه الدقيقة وعندما تتجرد عن نفسك ربما تكتشف بأن الطرف الآخر لديه حق أيضاً، أو جزء منه، وعندها قد تغير قرارك تجاهه


إن كنت نويت أن تعاقب شخصاً ما فإنك خلال هذه الدقيقة بإمكانك أن تجد له عذراً فتخفف عنه العقوبة أو تمتنع عن معاقبته وتسامحه نهائياً


دقيقة واحدة بإمكانها أنتجعلك تعدل عن اتخاذ خطوة مصيرية في حياتك لطالما اعتقدت أنها هي الخطوة السليمة،في حين أنها قد تكون كارثية


دقيقة واحدة ربماتجعلك أكثر تمسكاً بإنسانيتك وأكثر بعداً عن هواك


دقيقة واحدة قد تغير مجرى حياتك وحياة غيرك، وإن كنت من المسؤولين فإنها قد تغير مجرى حياة قوم بأكملهم


هل تعلم أن كل ما شرحته لك عن الدقيقة الواحدة لم يستغرق أكثر من دقيقةواحدة


- صحيح، وأنا قبلتُ برحابة صدر هذه الصفقة وحلال عليكِ اليورو


تفضل، أنا الآن أردُّ لك الدين وأعيد لك ما دفعته عني عند شباك التذاكر


والآن أشكرك كل الشكر على ما فعلته لأجلي


أعطتني اليورو. تبسمتُ في وجهها واستغرقت ابتسامتي أكثر من دقيقة


لأنتبهه إلى نفسي وهي تأخذ رأسي بيدهاوتقبل جبيني قائلة: هل تعلم أنه كان بالإمكان أن أنتظر ساعات دون حل لمشكلتي


فالآخرون لم يكونوا ليدروا ما هي مشكلتي، وأنا ما كنتُ لأستطيع أن أطلب اليورو من أحد


حسناً، وماذا ستبيعيني لو أعطيتك مئةيورو


سأعتبره مهراً وسأقبل بك زوجاً


علتْ ضحكتُنا في الحافلة وأناأُمثـِّلُ بأنني أريد النهوض ومغادرة مقعدي هربا وهي تمسك بيدي قائلة: اجلس فزوجي متمسك بي وليس له مزاج أن يموت قريباً


وأنا أقول لها: "بس دقيقة"، "بس دقيقة"


لم أتوقع بأن الزمن سيمضي بسرعة. حتى إنني شعرت بنوع من الحزن عندما غادرتْ الحافلة عندما وصلنا إلى مدينتها في منتصف الطريق تقريباً، وقبل ربع ساعة من وصولها حاولتْ أن تتصل من جوالها بابنها كي يأتي إلى المحطة ليأخذها،


ثم التفتتْ إليّ قائلة: على ما يبدو أنه ليس عندي رصيد. فأعطيتها جوالي لتتصل، المفاجأة أنني بعد مغادرتها للحافلة بربع ساعة تقريباً استلمتُ رسالتين على الجوال، الأولى تفيد بأن هناك من دفع لي رصيداً بمبلغ يزيد عن 10 يورو


والثانية منها تقول فيها: كان عندي رصيد في هاتفي لكنني احتلتُ عليك لأعرف رقم هاتفك فأجزيكَ على حسن فعلتك


إنشئت احتفظ برقمي، وإن زرت مدينتي فاعلم بأن لك فيها أمّاً ستقبلك


فرددتُ عليها برسالة قلت فيها: عندمانظرتُ إلى عينيك خطر ببالي أنها عيون ثعلبية لكنني لم أجرؤ أن أقوله الك


أتمنى أن تجمعنا الأيام ثانية، أشكركِ على الحكمة واعلمي بأنني سأبيعها بمبلغ أكبر بكثير."بس دقيقة


حكمة أهديها لك، فمن يقبلها مني في زمن نهدر فيه الكثير من الساعات دون فائدة؟




ارجو لكم المتعة

الأدميـــرال
23 - 01 - 2012, 14:10
ألف شكر على القصـــة هيام الحب ..

أستمتعت بقراءتها ...

يعطيكي العافيـــة ،،،،

هيام الحب
23 - 01 - 2012, 23:12
جدا سعدت بمرورك العطر
ادميرال دمت بحفظ الرحمن

ورد المنى
24 - 01 - 2012, 20:46
قصة رائعة غاليتي

تسلمين

هيام الحب
26 - 01 - 2012, 13:17
هلا وغلا ورد

الله يسلمك
منورة

حنين الماضي
26 - 01 - 2012, 14:01
رووووووعه هيام


قصه رائعه وتشمل حكم وعبرات كثيره


يعطيك الف عافيه حبيبتي

هيام الحب
27 - 01 - 2012, 00:51
الروعة حضورك المميز حنين

هلا بك دوم

نورالدين.توميرت
22 - 02 - 2012, 02:18
بس ديقيقة
يمكن أغيير رأي وما برد عليك
بس دقيقة
ممكن ما وجدت شو بكتب هنا
بس دقيقة
يمكن أكون مش مميز مثلك
لأن لك فيها دقيقة بس أنا ما عندي
واذا كان رح بتروح هباءا

هيام الحب
شكرا الك ع القصة
بجد معبرة وهي كمان عبرة
سأشتريها يألف يورو شو رأيك هيام
لأننا في زمن لا تعطى في النصائح ولا تشترى
تحياتي الك

هيام الحب
22 - 02 - 2012, 02:27
بس دقيقة هههههههههههه
مو عارفة شو ارد عليك
بس الي اعرفه انه في دقيقة تستطيع ان تعمل الكثير الكثير

مثلا بدقيقة تستطيع ان تقرا 3 مرات سورة الاخلاص
وهي تعدل القران كامل
وان تستغفر 33 مرة
وتسبح 33 مرة وتحمد الله 33 مرة
وتكبر 33 مرة
ان تعطي فقير صدقة
ان تقرا ورد الصباح
والكثير الكثير من لااعمال التي تسجل في ميزان حسناتك
وبذلك تكون كسبت العمر لا دقيقة بس
لا تتصور كم انا سعيدة بوجودك بصفحاتي
هلا وغلا بك دائما

نورالدين.توميرت
22 - 02 - 2012, 02:38
هيام الحب شكرا لك على اطرائك

- هذا شرفي لي أن أكون هنا بين صفحاتك

تحياتي لك
ودمت متمييزة

* البـــــاشـــق *
22 - 02 - 2012, 11:01
طرح رائع
وقصة معبره
احتراماتي
طن

هيام الحب
02 - 03 - 2012, 16:24
نور الدين توميرت

حياك الله
الشرف لي بوجودك المستمر
هلا وغلا

هيام الحب
02 - 03 - 2012, 16:26
اممممممممممممممممم
الباشق
بس دقيقة
رغم ان مرورك لدقيقة فقط
لكنه رائع مدى عمر
شكرا لحضورك المتالق
تحيتي لك