المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مبادىء الحرب في الاسلام



لؤلؤه الشرق
20 - 03 - 2003, 23:57
لم يفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم الدنيا الا وقد بين للمسلمين شرائعهم وما فرض الله لهم وما حرم عليهم في كل شؤون دينهم ودنياهم ومنها ما يتصل بالحرب والقتال. ولم يكن بيانه وتشريعه في هذا الامر مجرد نظريات واماني بل وضع تلك المبادىء موضع التنفيذ والاختبار بينما وقعت معظم النظم السياسيه والاجتماعيه التي عرفتها الامم من قبل في كثير من التناقضات بين ما تعلن من غايات واهداف وما تمارسه من وسائل. وضمن هذا الاطار يمكننا ان نتبين المبادىء التاليه التي اقرها الاسلام في مجال الحرب وما يتصل بها :


الاسلام دين السلام:

ان الاسلام يدعو بادىء ذي بدء الى السلام بين الناس ويعتبر ان اثاره الحروب واشاعه القتل بين الناس مخالف لهدايه الله واختياره لعباده المؤمنين قال تعالى : ((قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ ، يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيم)) سوره المائده 15-16.
وقد دعا الله سبحانه الامه الاسلاميه الى سلوك طريق السلام مع الامم التي تقبل السلام وتكف عن العدوان : ((وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ )) سوره الانفال 61.
واعتبر ايقاد الحروب من الفساد في الارض الذي يكرهه الله قال تعالى عن بني اسرائيل الذين يفعلون ذلك : ((كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ )) سوره المائده 64 .


هدف الحرب في الاسلام:

اذا اضطرت الامه الاسلاميه لخوض الحرب باعتبار انها الحل الوحيد الذي لا مفر منه فلا بد ان يكون الهدف من الحرب احقاق الحق وابطال الباطل وايصال المستضعفين الى حقوقهم ورفع الظلم عن المظلومين. والمقياس الذي يعرف به الحق والباطل والعدل والظلم هو شرع الله ودين الله . اما ما تشنه الامم من الحروب في سبيل السيطره او الاستعلاء او استعباد الناس والسيطره على مقدرات الشعوب ونهب خيراتها فان ذلك كله من عمل الشيطان وطغيان وتجاوز لا يرضى الله عنه قال تعالى : ((الَّذِينَ آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا)) سوره النساء 76 .
كما شرع قتال المعتدين لرد عدوانهم ودفع ظلمهم قال تعالى : ((أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِير )) سوره الحج 39. والقتال من اجل تحرير المستعبدين وانصاف المظلومين والمستضعفين في قوله تعالى : ((وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا)) سوره النساء 75 . وقد كان قتال رسول الله ضمن هذه الدوائر حمايه للدين وارساء لقواعد وحده الامه ودفاعا عن حدودها من قوى كانت تتربص بها وتحاول القضاء عليها وكانت الحروب الاسلاميه التي خاضتها جيوش المسلمين من بعده في عهد الخلفاء الراشدين اتماما للمهمه التي بدأها الرسول صلى الله عليه وسلم . وقد تمكنت جيوش المسلمين في فتره وجيزه من القضاء على الزعامات القبليه والوثنيه في جزيره العرب كما قضت على ارهاب دولتي فارس وروم وحررت شعوب هذه المناطق جميعها من ظلم الحكام وجور الاديان واصبحت لها حريه اختيار كامله . وهذا هو المقصود بالقتال لنشر الدين الاسلامي فالمقصود بذلك ازاله القوى التي تفرض على الشعوب دينا او عقيده ما وتمنع اطلاع الناس على اي دين اخر او اختيار العقيده التي يريدونها . اما اكراه الافراد على الدخول في الاسلام فلم يمارس قط عبر التاريخ الاسلامي بل ان ذلك مناقض لامر الله الصريح في عدم اكراه احد على الدين بل في ضروره بيان الرشد من الغي والحق من الباطل . قال تعالى : (( لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )) سوره البقره 256.


اخلاقيات الحرب في الاسلام:

ان منزله الجهاد في سبيل الله لا تعادلها منزله اي عمل اخر فهو ذروه سنام الاسلام والتخلف عنه نفاق. ومع ذلك فقد وضع الاسلام قيودا اخلاقيه تحد مما يصاحب الحروب والمعارك غالبا من مبالغه في القسوه واسراف في القتل وابرز هذه القيود هي :
1- المحافظه على النفس الانسانيه: ان المحافظه على النفس الانسانيه وعدم اهدارها هو الاصل في الاسلام وان الله حرم الاعتداء على الحياه (( وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ )) سوره الانعام 151. والقتل هو الاستثناء ولا يكون الا بالحق وهو ارتكاب الجرائم التي تعادل اهدار النفس كالقتل والفساد في الارض سواء من الافراد فتكون العقوبه الفرديه ام من الدول والجماعات فتكون الحرب والجهاد في سبيل اعاده الحق وازهاق الباطل ((مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا )) سوره المائده 32 . ان المسلم مطالب بان يستحضر هذا المبدأ حتى وهو يصطلي نار المعارك وعليه ان يوقن ان عدوه الذي يحرص على قتله لا يعاديه على اساس شخصي او عائلي او عنصر او قومي وانه قد ينقلب في اي لحظه حتى وسط المعركه من عدو مستباح الدم الى اخ مساو له في جميع حقوقه اذا اعلن توقفه عن الاعتداء على الدين ومخاصمه الحق ويكون ذلك بواحد من امرين: اما الاقلاع عن الكفر والدخول في الاسلام او الاستسلام والخضوع للدوله والنظام : ((فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ))سوره التوبه5. قالى تعالى: ((فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا )) سوره محمد 4 . فلا قتل ولا قتال بعد الاسلام او بعد الاستسلام .
2- لا يجوز قتل غير المقاتلين : فقد منع رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل النساء والصبيان ( مختصر صحيح مسلم للمنذري ج2 ص60 ) كما لا يجوز قتل الاسرى او الاجهاز على الجرحى. بل ان الانفاق على الاسير ومساعدته مما يثاب عليه المسلم وذلك لضعفه وانقطاعه عن اهله وقومه وشده حاجته للمساعده. وقد قرن القران الكريم بره ببر اليتامى والمساكين فقال سبحانه في وصف المؤمنين: ((وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا،إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا )) سوره الانسان 8- 9 . وممن منع في الاسلام قتلهم المنقطعون للعباده من رجال الدين اذا لم يقاتلوا وكذلك الخدم وكبار السن ( وردت احاديث عديده في ذلك في نيل الاوطار ج7 246 - 247 .
3- منع المثله والتشويه: فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوصي قاده الحملات بان لا يمثلوا بالرغم من ان ذلك شائع عند معظم الامم حتى وقتنا هذا . بل ان رسول اللهصلى الله عليه وسلم وهو في سوره غضبه عاب على قريش لتمثيلها بقتلى احد وبخاصه عمه حمزه توعدهم بان يمثل بهم ان ظفر بهم يوما فنهاه الله عن ذلك وهذا نابع من احترام الاسلام للانسان ولو كان كافرا ومن الرحمه بكل المخلوقات حتى الحيوان .
4- عدم الاساءه الى البيئه: وذلك بالمحافظه على مصادر المياه والطعام لجماهير الناس من الاعداء الا في حاله الاضطرار. وينسجم ذلك مع هدف الحرب في الاسلام فانها وسيله لاصلاح الناس وارشادهم وازاله العوائق التي تحول دون اطلاعهم على الدين الصحيح ولا يجوز في دين الاسلام ان يقاتل المسلمون رغبه في التدمير او اذلالا للناس او تعذيبا لهم كما كانت تفعل جيوش الامم الاخرى كاليهود الذين كانوا يدمرون كل شيء لاعدائهم : مدنهم ومزرعاتهم وحيواناتهم كما يقتلون كل حي فيهم من طفل او امرأه او شيخ فان. تعتبر وصيه ابي بكر لقاده الجيوش التي فتحت بلاد الشام وفارس نموذجا للخلق الاسلاي في الحرب. فقد كان يقول: لا تقتل امرأه ولا صبيا ولا كبيرا هرما ولا تقطع شجرا ولا تخرب عامرا ولا تعقرن شاه ولا بعيرا الا لمأكله ولا تعقرن نخلا ولا تحرقه ولا تغلل ولا تخبن اي لا تخن ولا تكذب .
5-الوفاء بالمعاهدات والمواثيق: فاذا كان بين المسلمين وغيرهم معاهدات هدنه او عدم اعتداء ولم يبدر من الطرف الاخر خيانه او اخلال بالعهد فانه لا يجوز للمسلمين ان يبدءوا بنقض عهد ابرموه بمباغته الخصم الذي يكون مطمئنا لهم واثقا من انه لا يأتيه شر من جانبهم قال تعالى : ((إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُواْ عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّواْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ))التوبه 4. اما اذا خشى المسلمين الغدر من اعدائهم المتعاهدين معهم فيجوز لهم ان يلغوا اتفاقيتهم معهم ويعلموهم بذلك.وبعد ذلك يجوز للمسلمين ان يقاتلوا اولئك الاعداء.اما مباغته العدو الذي بينه وبين المسلمين عهد وميثاق فلا تجوز بأيه حال مهما كانت المكاسب التي يمكن تحقيقها من مباغته اذ لا شيء يعدل مبدأ العداله والوفاء بالعهد في خلق المسلمين قال تعالى : ((وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاء إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ )) سوره الانفال 58

الاستعداد الدائم للجهاد:
الجهاد فريضه لا يجوز ان تتوقف: بالرغم من القيود المفروضه على الحرب في الاسلام وبالرغم من الدعوه المخلصه للسلام بين الناس فان الاسلام اوجب على الامه الاسلاميه اليقظه الدائمه والاستعداد المستمر للدفاع عن وطن الاسلام وعن جماهير المسلمين سواء أكان لهم اعداء يعلمونهم ام لم يكن اذ قد يظهر الاعتداء في اي اي وقت ومن اي جهه. ولتحقيق هذا الهدف اوجب القران الكريم على الامه الاسلاميه ان تعد نفسها دائما وان لا تدخر وسعا في تطوير وتنميه قدراتها القتاليه كامله حتى لا تسمح لاي قوه ان تفكر في الاعتداء عليها قال تعالى : ((وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ )) سوره الانفال 60 .
اما بالنسبه للافراد فقد دعاهم الى التدرب المستمر على فنون القتال واعتبر الجهاد افضل عمل يمكن ان يؤديه المسلم وان اقرب الطرق واضمنها الى الجنه هو طريق الاستشهاد في سبيل الله. وسئل النبي عليه السلام عن الرجل يقاتل شجاعه ويقاتل حميه ويقاتل رياء ايهم في سبيل الله؟ فقال : ( من قاتل لتكون كلمه الله هي العليا فهو في سبيل الله ) نيل الاوطار ج7، ص214 . والايات الكريمه والاحاديث الشريفه تزخر بذلك: كقوله صلى الله عليه وسلم : ( لغدوه او روحه في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها) . اما التخلي عن واجب الجهاد فأقل ما يقال فيه : انه نفاق يؤدي بصاحبه الى النار والفرار من المعركه موجب لغضب الله وعذاب النار يوم القيامه. وتأكيدا لحرص النبي صلى الله عليه وسلم على استمرار الجهاد اوجبه حتى مع الحاكم الجائر ففي الحديث : ( الجهاد ماض الى يوم القيامه لا يبطله عدل عادل ولا جور جائر) .

المصدر: www.althemar.com

تحياتي للجميع

* البـــــاشـــق *
24 - 03 - 2003, 19:54
العزيزة الفاضلة/ لؤلؤة النبض (الشرق)

ما شاء الله

فعلا انها

معلومات اشرحتي بها صدورنا

اثابكي الله على مجهودك وجزاكي عليها خير الجزاء

مجهود تشكري عليه

تسلمي

ارق تحيه مني

تحيــــ(الباشق)ــــاتي

لؤلؤه الشرق
24 - 03 - 2003, 21:47
اسعدني اخي الباشق تواجدك بالموضوع...............
وهذي الجهود ما هي الا قليله من اجل هذا المنتدى الرائع

تحياتي

سهد الليل
26 - 03 - 2003, 00:09
لؤلؤه الشرق

تشكرى على الموضوع

سهد الليل

لؤلؤه الشرق
26 - 03 - 2003, 00:34
العفو اختى..................وسرني تواجدكي بالموضوع