المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ما هو الزمن ؟؟



* البـــــاشـــق *
02 - 05 - 2011, 13:14
https://fbcdn-photos-a.akamaihd.net/hphotos-ak-ash4/225307_10150172344314630_13698599629_6669265_16705 32_s.jpg (https://www.facebook.com/photo.php?fbid=10150172344314630&set=a.10150115823989630.293032.13698599629&type=1&ref=nf)





و لكن ما هو الزمن ؟

هل هو دقات ساعة الجامعة .. و النتيجة المعلقة بالحائط والتقويم الفلكي بالفصول و الأيام ..
...

إننا ما زلنا نذكر كلمات المراقب و نحن نؤدي الامتحان في آخر كل سنة .. باقي على الزمن نصف ساعة ..

نذكر الرجفة التي كنا نحس بها و نحن ننظر إلى ورقة الإجابة وعلى ورقة الأسئلة .. وإلى الساعة في يد المراقب .. و إلى شفتيه و هما تنطقان : باقي على الزمـــــــــن نصف ســـــاعة ...
كأنه ينطق حكماً بالإعدام .. أو حكماً بالإفراج ..

كانت النصف ساعة عند بعضنا قصيرة جداً .. أقصر من نصف دقيقة .. لأن ورقة الإجابة ما زالت بيضاء أمامه ..

ولأنه مازال يبحث .. ويهرش في رأسه ..

وكانت عند بعضنا الآخر طويلة مملة .. أطول من نصف يوم .. لأنه قد انتهى من الإجابة ..

كانت الساعة في يد المراقب تشير إلى زمن واحد .. و لكن كل منا كان له زمن خاص به ..

كان معيار الدقائق عند كل منا يختلف عن الآخر .. وهذا هو مفتاح اللغز ...

إن الزمن ليس شيئاً منعزلاً عنا مثل الشجرة و المحبرة و الكتاب.. ليس زمبلكاً تحتويه ساعة اليد و لكنه شيء يلابسنا

لكل منا زمن خاص به

عواطفنا واهتماماتنا هي الساعة الحقيقية التي تضبط الزمن وتطيله أو تقصره


أفراحنا تجعل ساعاتنا لحظات .. و آلامنا تجعل لحظاتنا طويلة مريرة ثقيلة مثل السنين وأطول ..

إحساسنا بالسرعة والبطء ليس مصدره ساعة الحائط ولكن مصدره الحقيقي الشعور في داخلنا ..

إن ساعة الحائط تقدم لنا زمناً مزيفاً .. و مثلها التقويم الفلكي الذي يقسم حياتنا إلى أيام و شهور وفصول ..

والتاريخ الذي يقسم أعمارنا إلى ماض وحاضر ومستقبل .. لأن حياتنا غير قابلة للقسمة ..

ولأن الزمن في داخلنا غير قابل للقسمة أيضاً ..

إن حياتنا لحظة طويلة مستمرة يصاحبها إحساس مستمر بالحضور ..

ونحن نتعرف على الماضي من خلال الحاضر .. فحينما نعيش في إحساس بالتذكر نسميه ماضياً ..

وحينما نعيش في إحساس بالتوقع نسميه مستقبلاً .. ولكن كل هذه الإحساسات هي حاضر ..

والفواصل بين الماضي والحاضر والمستقبل فواصل وهمية لأن اللحظات الثلاث تتداخل بعضها في بعض
كما يتداخل الليل والنهار عن الأفق

والذي يقوم بتعيين اللحظة في الشعور هو الانتباه

الانتباه هو الذي يضع خطاً تحت بعض مشاعرنا و إحساساتنا فيخيل لنا أننا وقفنا لحظة والحقيقة أنه لا وقوف أبداً ..

وإنما نحن نعيش في حالة تدفق داخلي مستمر أبداً و دائماً ..

والزمن الخارجي .. زمن الساعات و المنبهات زمن كاذب خدّاع لأنه يساوي بين اللحظات ويجعلها مجرد أرقام على ميناء ..

الساعة واحدة .. الساعة اثنين .. الساعة ثلاثة .. مجرد حركة من العقرب .. وانتقال بضعة سنتيمترات على الميناء ..

إنه ليس زماناً و لكنه أوضاع مختلفة في المكان .. أما الزمن الحقيقي فهو في داخلنا ..

وهو اضطراب دائم لا تتساوى فيه لحظة بأخرى .. لحظة صغيرة .. ولحظة كبيرة .. ولحظة تافهة ..

وهو غير قابل للتكرار .. لأن كل لحظة تحتوي على الماضي كله ومعه علاوة من الحاضر ..

وفي كل لحظة تضاف علاوة جديدة من التجربة والحياة فلا تعود الحياة قابلة لأي تكرار ..

وإنما هي تعلو على الدوام مثل نهر جارٍ يزداد في الماء بين لحظة و أخرى .. ولا يتشابه فيه الماء في لحظتين متتاليتين ..

إن العالم داخلنا يختلف كثيراً عن العالم خارجنا ..

إن العالم خارجنا متعدد منقسم إلى أجزاء منفصلة متجاورة في المكان .. يمكن أن نشاهد فيه وحدات متكررة ..

والعالم داخلنا شيء آخر بالمرة

إنه تدفق لا تتشابه فيه لحظة بأخرى ولا يتكرر فيه إحساس واحد مرتين ..

ولا تتجاور لحظاته وإنما تتابع .. وتتلاحق .. وتتداخل في وحدة غير قابلة للقسمة هي حياتنا ..

وبهذا يكون هناك زمانان .. زمن نراه من الخارج على هيئة شروق وغروب وعصر وظهر ..

وساعات ودقائق .. وزمن آخر نشعر به من الداخل على شكل تدفق يتصف بالدوام والاستمرار والاتصال ..

ونحن نرى الزمن الخارجي بالعقل وندركه بالتحليل ولقياس و الحساب ونعبر عنه بواسطة الأرقام ..

وندرك الزمن الداخلي مباشرة وبدون واسطة .. على شكل مكاشفة داخلية لكياننا ..

لذلك نقول عن الزمن الداخلي أنه الزمن الحقيقي لأن الحقيقة تطالعنا فيه عارية بدون وساطة وبدون رموز ..

وهذا النوع من الإحساس يشبه إحساسنا بالحركة ..

حينما نحرك ذراعنا فنحس أننا نحركه إلى فوق بدون حاجة إلى أن نراه ..

لأننا نحس بهذه الحركة من الداخل مباشرة بدون وساطة الرؤية ..

بينما يحتاج الذي يشاهدنا من الخارج أن يرى حركات ذراعنا بعينه ويتبعها ويحللها بعقله

ليقول أننا نحرك ذراعنا إلى فوق ومعرفتنا نحن أرقى من معرفته لأننا نعاين الحقيقة مباشرة

وبهذه المعرفة اكتشفنا الزمن .. زمننا الحقيقي

ولكننا لا نعيش حياتنا كلها في الزمن الحقيقي لأننا لا نعيش في نفوسنا كل الوقت ..

وإنما نعيش في مجتمع .. نخرج ونختلط بالناس ونتبادل المنفعة ونتعامل ونتكلم ونأخذ ونعطي ..

ولهذا لا نجد مفراً من الخضوع للزمن الآخر .. زمن الساعات .. فنتقيد بالمواعيد ونرتبط بالأمكنة ..

ونبحث عن الأشياء المشتركة بيننا لنتفاهم .. وفي أثناء بحثنا عن الأشياء المشتركة تضيع منا الأشياء الأصلية ..

العرف والتقاليد والأفكار الجاهزة تطمس الأشياء المبتكرة فينا وتطمس الذات العميقة التي تحتوي على سرنا وحقيقتنا ..

ونمضي في زحام الناس وقد لبسنا لهم نفساً مستعارة من التقاليد والعادات .. لنعجبهم

وتتكون عندنا بمضي الزمن ذات اجتماعية تعيش بأفكار جاهزة وعادات وراثية ورغبات عامة لا شخصية ..

وهذه الذات سطحية ثرثارة تقضي وقتها في التعازي والتهاني والمجاملات والمعايدات والسخافات

وتنفق حياتها في علاقات سطحية تشبه المواصلات المادية التي توصل من الباب إلى الباب ولا توصل من القلب إلى القلب

وهذه الذات التافهة هي غير الذات العميقة التي نغوص إليها في ساعات وحدتنا ونكتشف فيها أنفسنا ونتعرف على وجوهنا الحقيقية ..

إنها ذات جامدة مثل الجسد تحكمها الغرائز والضرورات الاجتماعية ..

وهي تشبه المرحاض النفساني نفرز فيه كسلنا وضيقنا ومللنا ونقتل فيه وقتنا بانشغالات رخيصة تافهة

مثل قزقزة اللب و لعب الطاولة .. ونحن نتأرجح في حياتنا بين هذه الذات السطحية وبين الذات العميقة ..

نهبط مرة ونعلو مرة .. نعيش في زمن الساعات لفترة طويلة من يومنا في وظائف وأعمال آلية روتينية ..

ونعيش في لحظات قليلة متألقة في داخلنا في زمننا الحقيقي الجياش فنهتز بالنشوة ونشرق بالسعادة

ونرتجف بالقلق ونمتلئ بالفضول واللذة ونعرف نفوسنا على حقيقتها وبكارتها ..

ونحن نكتشف هذه النفوس البكر في مغامرات قليلة ..

نكتشفها لأول مرة في مغامرة الحب حينما نعثر على المرأة التي تهز وجودنا ..

وتخترقنا وتخترق عادتنا وتفكيرنا وحياتنا وتقلبها رأساً على عقب .. فتبدو كأنها حياة جديدة عجيبة ..

ونكتشفها لثاني مرة في مغامرة الفن .. في لحظة الإلهام التي ينفتح فيها شعورنا على إدراك جديد

وتصوير جديد للدنيا .. فنكتب أو نغني أو نرسم أو نقول شعراً

ونكتشفها لثالث مرة في مغامرة التأمل وفي الشعور العميق بالتدين .. في لحظة الجلاء الفكري

التي نضع فيها على حقيقة جديدة فينا أو في الناس حولنا أو في الدنيا ..

ونكتشفها لرابع مرة في المعمل .. وفي لحظة الاختراع التي نعثر فيها على سر من أسرار الطبيعة يبهرنا ويدهشنا ... ويصدمنا

كل هذه الاكتشافات تخرجنا من الزمن المبتذل و المتكرر .. زمن الساعات ..

وتنزل بنا إلى أعماقنا ..

إلى زمننا الحقيقي حيث كل شيء جديد و مبتكر .. مدهش .. جميل .. باعث لأقصى اللذة والفضول ...


" إن دقات ساعة الحائط تقدم لك زمناً مزيفاً ..

ابحث عن زمنك الحقيقي في دقات قلبك .. و نبض احساسك "


اتمنى ان ينال الموضوع اعجابكم

منقول من كتاب : لغز الموت
لدكتور/ مصطفـى محمـــود

حنين الماضي
03 - 05 - 2011, 10:20
" إن دقات ساعة الحائط تقدم لك زمناً مزيفاً ..

ابحث عن زمنك الحقيقي في دقات قلبك .. و نبض احساسك "







البااااااااااااااااااشق

اسعدني موضوعك الراقي والمتميز


فالزمن مهم لكي تسير مركبه الحياه بصوره رائعه

ومتناسقه جميل جدا بل يفوق الجمال

ما طرحته لنا

اشكرك على موضوعك الراقي

وننتظر منك المزيد

* البـــــاشـــق *
03 - 05 - 2011, 11:12
كلنا نحسب العمر بلحظاته واحداثه ولكن نسينا انه ينقص من عمرنا

اتحفتينا بردك الرائع سيدتي حنين
اطيب التحايا لك

هيام الحب
03 - 05 - 2011, 13:35
الزمن لا يعود للوراء

يجب ان نعيش زمننا بما فيه

بشخصينا وكياننا وان تبقى بصمتنا فيه جميلة وواضحة

ولو كان ايقاع ايامنا سريع يجب ان نخطو ولكن بخطواتنا الخاصة

لكي نعكس صورتنا الجميلة على العالم من حولنا

الباشق يا لها من كلمات راقية كلماتك

ثبتنا الله على دين الحق في زمنن القابض فيه على دينه كانه قابض على الجمر

واياك ان شاء الله

تقديري

صدى الروح
04 - 05 - 2011, 12:23
يعطيك الف عافية ع آلمجهــود آلرآئع....
دمت ودام تميزك وتألقك دائما...
تحيتي لك....